حديث: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله…
الثلاثاء 28 محرم 1437//10 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
فريق (جناح دعوة ممتد)
حديث: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله…
شرح مائة حديث (54)
٥٤ – عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن يعصني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني))؛ رواه مسلم.
لقد ﺩﺃﺏ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﺷﺮﺃﺑﺖ ﺍﻟﻔﺘﻦ، ﻭﺑﺪﺃﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻬﻮﺭ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ الإﺳﻼﻣﻴﺔ الأﻭﻟﻰ ﺑﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﺑﺪﻟﻴﻠﻪ ﺣﻴﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﻊ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ؛ ﺳﻮﺍﺀ ﻋﺪﻝ ﻓﻲ ﺳﻴﺮﺗﻪ أم ﺟﺎﺭ ﻭﻇﻠﻢ ﻭﺗﻌﺪﻯ، ﻭﻗﻴﺎﻣﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺍﻟﺠﻠﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﺳﺘﺸﻌﺎﺭﻫﻢ ﺑﺎﻟﻤﻴﺜﺎﻕ ﻭالأﻣﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻠﻘﺎﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﻢ ﺑﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻋﺪﻡ ﻛﺘﻤﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﻟﻢ ﻳﺤﻤﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺗﺰﻟﻒ لأﺣﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺨﻠﻊ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ؛ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺩﻳﻦ ﻳﺪﻳﻨﻮﻥ ﺑﻪ، ﻭﻃﺎﻋﺔ ﻟﻠﻮﺣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺒﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ، ﻭﺑﺒﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻬﻢ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺮﺁﻥ ﻭﺳﻨﺔ ﺍﺗﻀﺢ ﻋﺒﺮ ﺗﺎﺭﻳﺦ الأﻣﺔ ﺃﻥ ﻣﻨﻬﺞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺃﺻﺢ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﻭﺃﺣﻤﺪﻫﺎ ﻋﺎﻗﺒﺔ، ﺑﺨﻼﻑ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺒﺪﻋﻴﺔ الأﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺿﻠﺖ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ، ﻓﺄﺧﺬﺕ ﺗﺘﺨﺒﻂ ﺧﺒﻂ ﻋﺸﻮﺍﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺩﻭﺍﺋﺮ ﺍﻟﺴﻮﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ.
ﻭﻟﻌﻈﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺃﺩﺭﺟﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﻨﻔﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﻭﺟﻮﺍﻣﻊ ﺍﻟﺴﻨﺔ؛ ﻟﻤﺴﻴﺲ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ، فقلَّ ﺃﻥ ﺗﺠﺪ مؤلَّفًا لأﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺇلا ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﺪﺭﺟﺔ ﺑﻴﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺘﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺃﻭ ﺑﺘﺄﺻﻴﻠﻬﺎ.
وقد ﺩﻝ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﻃﺎﻋﺔ ﺃﻭﻟﻲ الأﻣﺮ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺄﻣﺮﻭﺍ ﺑﻤﻌﺼﻴﺔ، ﻓﺘﺄﻣﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59].ﻛﻴﻒ ﻗﺎﻝ: ﻭﺃﻃﻴﻌﻮﺍ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ: ﻭﺃﻃﻴﻌﻮﺍ ﺃﻭﻟﻲ الأﻣﺮ ﻣﻨﻜﻢ؟ لأﻥ ﺃﻭﻟﻲ الأﻣﺮ لا ﻳﻔﺮﺩﻭﻥ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ، ﺑﻞ ﻳﻄﺎﻋﻮﻥ ﻓﻴﻤﺎ ليس بمعصية، ﻭﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ؛ لأﻥ ﻣﻦ ﻳﻄﻊ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻓﻘﺪ ﺃﻃﺎﻉ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ لا ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻐﻴﺮ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻌﺼﻮﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻭﺃﻣﺎ ﻭﻟﻲ الأﻣﺮ ﻓﻘﺪ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻐﻴﺮ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻼ ﻳﻄﺎﻉ ﺇلا ﻓﻴﻤﺎ ليس بمعصية، ﻭﺃﻣﺎ ﻟﺰﻭﻡ ﻃﺎﻋﺘﻬﻢ ﻭﺇﻥ ﺟﺎﺭﻭﺍ، ﻓﻸﻧﻪ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﻃﺎﻋﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﺳﺪ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﻦ ﺟﻮﺭﻫﻢ، ﺑﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺭﻫﻢ ﺗﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ ﻭﻣﻀﺎﻋﻔﺔ الأﺟﻮﺭ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﻠﻄﻬﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇلا ﻟﻔﺴﺎﺩ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ، ﻭﺍﻟﺠﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﻌﻤﻞ؛ ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ ﺍلاﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍلاﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﺇﺻﻼﺡ ﺍﻟﻌﻤﻞ؛ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير ﴾ [الشورى: 30]، ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ﴾ [آل عمران: 165].
ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأنعام: 129]، ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺮﻋﻴﺔ ﺃﻥ يتخلصوا ﻣﻦ ﻇﻠﻢ الأﻣﻴﺮ ﺍﻟﻈﺎﻟﻢ ﻓﻠﻴﺘﺮﻛﻮﺍ ﺍﻟﻈﻠﻢ، ويحرم ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻠﻰ ﻭﻟﻲ الأﻣﺮ؛ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻗﺮﺭﻩ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ الإﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻲ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ: “ولا ﻳﺮﻭﻥ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ ﻋﻠﻴﻬﻢ ولا ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ، ﻭﻳﺮﻭﻥ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﺒﺎﻏﻴﺔ ﻣﻊ الإﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﺪﻝ، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻭﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻃﻬﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ”، والله أعلم.
الألوكة