الفرق بين قواعد الفقه وأصول الفقه
الثلاثاء 18 صفر 1437//1 ديسمبر /كانون الأول 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
أبو الكلام شفيق القاسمي المظاهري
الفرق بين قواعد الفقه وأصول الفقه
أصول الفقه عبارة عن العلم الذي يبحث فيه عن إثبات الأدلة للأحكام، والذي يدل المجتهد إلى كيفية استنباط الأحكام الشرعية من الكتاب والسنَّة والإجماع والقياس وغيرها.
مثل: الأمر للوجوب.
والنهي للتحريم.
والأمر لا يقتضي التكرار.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية[1] – رحمه الله – (661 – 728هـ): إن أصول الفقه هي الأدلة العامة، والقواعد الفقهية عبارة عن الأحكام العامة.
مثل: الضرر يزال، درء المفاسد أولى من جلب المصالح، العادة محكمة.
فيستطيع أن يطبق هذا الحكم العام على جزءٍ آخرَ كلُّ من له علاقة بالفقه.
مثال ذلك: قاعدة: “القديم يترك على قدمه”، وجزئيته: إن طريق دار زيد قديمة، فيستخرج من القاعدة العمومية أنه ما دامت طريق دار زيد قديمة يجب أن تبقى لقدمها.
وألخص لكم[2] ما قال الشيخ علي الندوي المتخرج من جامعة أم القرى مكة المكرمة – زادها الله شرفًا وكرامة – في كتابه العظيم: “القواعد الفقهية” عن الفوارق بين المصطلحين.
1- إن أصول الفقه ميزان وضابط للاستنباط الصحيح، وقواعد هذا الفن هي وسط بين الأدلة والأحكام؛ فهي التي يستنبط منها الحكم من الدليل التفصيلي، وموضوعها دائمًا: أ- الدليل، ب- الحُكم.
وأما القواعد الفقهية: فهي قضية كلية أو أكثرية، جزئيتها بعض مسائل الفقه، وموضوعها دائمًا: هو فعل المكلف.
2- القواعد الأصولية: هي قواعد كلية، تنطبق على جميع جزئياتها وموضوعاتها.
أما القواعد الفقهية فإنها أغلبية، يكون الحكم فيها على أغلب الجزئيات، وتكون لها مستثنيات.
3- القواعد الأصولية ذريعة لاستنباط الأحكام الشرعية العملية، القواعد الفقهية: عبارة عن مجموعة الأحكام المتشابهة التي ترجع إلى علة واحدة تجمعها، أو ضابط فقهي يحيط بها؛ فالغرض منها تقريب المسائل الفقهية، وتسهيلها.
4- القواعد الفقهية متأخرة في وجودها الذهني والواقعي عن الفروع، أما أصول الفقه فالفرض يقتضي وجودها قبل الفروع؛ لأنها القيود التي أخذ الفقيه نفسه بها عند الاستنباط؛ ككون ما في القرآن مقدمًا على ما جاءت به السنة، إن نص القرآن أقوى من ظاهره.
كما أن المولود يدل على والده، والتمرة على شجرها، كذلك الفروع دلت على هذه الأصول، فليس معناه بأن الولد والتمر مقدمان على الوالد والشجر، فكذلك ليست الفروع مقدمة على الأصول، بل هي دالة كاشفة لها.
5- القواعد الفقهية تشبه أصول الفقه من ناحية، وتخالفها من ناحية أخرى، أما جهة المشابهة: فهي أن كلاًّ منهما قواعد تندرج تحتها جزئيات.
أما جهة الاختلاف: فهي أن قواعد الأصول: عبارة عن المسائل التي تشتملها أنواع من الأدلة التفصيلية، يمكن استنباط التشريع (الأحكام) منها.
وأما قواعد الفقه: فهي عبارة عن المسائل التي تندرج تحتها أحكام الفقه نفسها، يصل المجتهد إليها بناءً على تلك القضايا المذكورة في أصول الفقه، ثم إن الفقيه إن أوردها كأحكام جزئية، فليست قواعد، وإن ذكرها في صورة قضايا كلية تندرج تحتها الأحكام الجزئية، فهي القواعد الفقهية، وكل منها – أي: القواعد الكلية، والأحكام الجزئية – داخل في مدلول الفقه على وجه الحقيقة، وكل منها متوقف – عند المجتهد – على دراسة الأصول التي يُبنَى عليها كل ذلك.
6- إن معظم مسائل أصول الفقه لا ترجع إلى خدمة حكمة الشريعة ومقصدها، على عكس القواعد الفقهية؛ فإنها تمهد الطريق للوصول إلى أسرار الأحكام وحكمها، وتخدم المقاصد الشرعية العامة والخاصة[3].
7- القواعد الفقهية: مجموعة من الأحكام المتشابهة، التي ترجع إلى قياس واحد يجمعها، أو إلى ضابط فقهي يربطها؛ فهي ثمرة للأحكام الفقهية الجزئية المتفرقة، وإن الفقيه المستوعب للمسائل يربط بين هذه الجزئيات برباط، هو القاعدة.
________________________________________
[1] هو الإمام تقي الدين، أبو العباس، أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن عبدالله بن تيمية الحراني، ثم الدمشقي، المحدث، الحافظ، المفسر، ولد سنة إحدى وستين وستمائة بـ: “حران”، وقدِم به والده وبإخوانه إلى دمشق عند استيلاء التتر على البلاد، قرأ العربية على عبدالقوي الطوفي، ثم أقبل على تفسير القرآن الكريم، فبرز فيه، ودرس كل فن متداول في ذلك العصر فنبغ فيه، وشهرته تغني عن الإطناب في ذكره والتنويه به؛ “القواعد الفقهية” علي أحمد الندوي: 251.
[2] “القواعد الفقهية ” علي أحمد الندوي: 67 – 71.
[3] المقاصد الشرعية: الباعث على شرع الأحكام التكليفية؛ وذلك أنه ما من حكم شرعي إلا ويتضمن حكمة ربانية، قرر الحكم باعتبارها، وإلا لزم من عدم القول بذلك القول بأنه تعالى شرع الأحكام عبثًا؛ وذلك محال تنزَّه الباري – تعالى – عنه بتأكيد.
الألوكة