سوريا : بوتين يواصل قطع الكوبونات
إعداد مجلة البيان
الإثنين 7 جمادى الأولى 1437//15 فبراير/شباط 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”
إن الشهر الأخير حمل معه الكثير من الراحة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وحلفائه، الرئيس السوري بشار الأسد، وحزب الله وإيران. حرب الابادة التي تديرها هذه المجموعة ضد الثوار السوريين وأنصارهم تحقق نجاحا حتى الآن. لقد تمكنت ميليشيات الأسد ومحاربي الحرس الثوري الايراني من اختراق خطوط المتمردين والسيطرة على سلسلة من المواقع الاستراتيجية في شمال سورية، حول مدينة حلب، وفي الجنوب، على مشارف درعا.
سكان سورية يدفعون ثمن نجاحات بوتين وبشار الأسد. عدد القتلى يقدر حاليا بحوالي نصف مليون، وهو يضاعف مرتين ما تم التكهن به حتى اليوم. وينضم الى هؤلاء حوالي ثمانية ملايين لاجئ، يشكلون ثلث سكان الدولة، والذين وجدوا ملاذا خارج حدودها. الهجمات الروسية – الإيرانية في سورية، والتي بدأت في أيلول الاخير، صدت تقدم المتمردين الذين وقفوا قبل عدة اشهر فقط، على أبواب دمشق. لقد سمح هذا التدخل للنظام السوري بتعزيز سيطرته على “سورية الصغرى” التي تبقت تحت سيطرته، وهي قطاع ضيق يمتد من دمشق شمالا حتى حلب والى الساحل العلوي، حصن النظام، وجنوبا حتى المدينة الحدودية درعا.
الآن تفرغت هذه المجموعة الروسية – الإيرانية للمرحلة القادمة – تصفية وجود الثوار في غرب سورية، كي لا يتمكنوا من العودة لتهديد نظام بشار. من هنا تكمن اهمية مدينة حلب، المدينة الثانية من حيث حجمها في سوريا، والواقعة بالقرب من الحدود التركية. في السنوات الأخيرة، كانت هذه المدينة مقسمة بين المتمردين والنظام، والان تمكن النظام من محاصرتها من جميع جوانبها، وفصل بين الثوار المتواجدين فيها وحليفتهم تركيا، ويستعد الان للسيطرة عليها ومنها سيتوجه الى الغرب، الى محافظة ادلب التي لا يزال يسيطر عليها الثوار وتشكل بالنسبة لهم قاعدة لشن الهجمات على الشاطئ العلوي. في هذه الأثناء، يوسع النظام السوري سيطرته في الجنوب، بإتجاه مدينة درعا الحدودية. ويستهدف أيضا، الوصول إلى هضبة الجولان التي سيطر عليها الثوار قبل حوالي عامين.
إذا تواصل تقدم النظام السوري فانه قد يتمكن من استعادة السيطرة على كل المنطقة الغربية من سورية، ومن هناك سيتوجه شرقا في محاولة لاستعادة المناطق السورية التي سيطر عليها داعش قبل سنة. هذا سيناريو متفائل جدا بالنسبة لبشار وحلفائه، والطريق لتحقيقه لا تزال طويلة. لكن بشار الأسد، الذي رثيناه قبل فترة ليست بعيدة، يتضح الآن انه مصارع كبير من أجل البقاء، طبعا بمساعدة بوتين وإيران.
نجاح بوتين يعني الفشل الصارم لأوباما. الوهن الذي أظهرته الولايات المتحدة في سورية وفي مناطق أخرى في الشرق الاوسط، هو الذي سمح لبوتين بالتصرف كما يشاء ومحاولة اعادة هندسة سورية. ولكن ليس كدولة تواصل فيها الأقلية العلوية (التي تشكل حوالي 20% من السكان) السيطرة على الغالبية السنية الكبيرة. سورية الجديدة هي سورية التي تحول حوالي نصف سكانها الى لاجئين، ومن تبقى منهم مصاب بالصدمة ومستعد للتسليم بالتوازن الديموغرافي الجديد، الذي تتحول فيه الاقلية العلوية وأقليات أخرى الى نصف سكان سورية الجديدة.
لقد عرفت الحرب في سورية تقلبات حادة، وخاصة تنبؤات وتكهنات ثبت انها زائفة، ولكن من دون علاقة بالدمار في سوريا، وربما بالذات بسبب ذلك، يعتبر بوتين حاليا هو المنتصر الأكبر.
المصدر : موقع مجلة “البيان”