بدو الجزر الآسيوية.. «أسماك» من بشر
السبت 24جمادى الثانية 1437// 2 أبريل/نيسان 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
إندونيسيا
ترجمة – محمد عثمان
تعيش قبيلة موكين حياة شبه بدوية على ساحل وجزر بحر اندمان بغربي تايلند، ويتراوح عدد افرادها بين 2000 و3000 نسمة.
البادجاويون يدربون أطفالهم على كتم النفس والمشي في البحار وصيد السمك باليد
وتعتمد القبيلة في معيشتها وطعامها على التقاط واصطياد الكائنات أو النباتات البحرية باستخدام ادوات غاية في البساطة مثل الشباك والحراب.
القبائل البدوية الآسيوية بلا هوية وتعيش في مساكن من السعف والقوارب بالسواحل
واستقطبت القبيلة اهتمام العالم عندما تمكن معظم افرادها من تسونامي المحيط الهندي الذي تسبب في مقتل اكثر من 250 ألف شخص اعتمادا على معرفتهم الوثيقة بأسرار البحار.
واكتشف العلماء ان الاطفال الصغار في القبيلة يتمتعون بحدة بصر تزيد قوة بفارق المثلين عنها لدى نظرائهم من الاطفال الاوروبيين.
وبمقدور هؤلاء الاطفال رصد اشياء غاية في الصغر، مثل المحار، تحت الامواج وحتى عمق 25 مترا بلا مشقة، تماما كما هو حال الدلافين.
ويعتقد العلماء ان هذه المهارة ليست سمة وراثية، بل أمر يمكن تعلمه بالممارسة ، ويقولون ان بوسع أي طفل تعلم اكتساب هذه القدرة البصرية الاستثنائية.
وكانت الباحثة السويدية بجامعة لوند آنا غيزلين، قد اختبرت في عام 1999 ما اذا كانت الخصائص الفريدة لدى هؤلاء الاطفال مكتسبة وليست وراثية ثم قامت مؤخرا بزيارة قبيلة موكين ووجدت أن الاطفال انفسهم الذين قامت بإجراء ابحاثها عليهم من قبل يتمتعون بالقدرة ذاتها على الرؤية تحت الماء رغم انهم في اواخر سني المراهقة حاليا.
ولتحديد كيف يستطيع اطفال البحر رؤية الاشياء الصغيرة تحت الماء، قامت غيزلين بمقارنة قوة البصر لدى اطفال من الموكين وأطفال اوروبيين خلال عطلة قضتها في جنوب شرقي
وطلب فريقها الباحث من اطفال في عمر مابين 8 و13 سنة النظر الى عدة شباك مصنوعة من قضبان بيضاء وسوداء تتقاطع في شكل مربعات تتفاوت اتساعا وضيقا، موضوعة تحت الماء.
وطلب الفريق من الاطفال الغوص ثم الخروج من الماء والإفادة بما رأوه. فإذا تمكن الاطفال من وصف الشبكة تحت الماء بدقة فانه يطلب اليهم النظر الى شبكة مغايرة ذات قضبان اقل سمكا الى ان يرتكب الاطفال اخطاء، ما يشير الى انه لم يعد بمقدورهم تحديد نوعية الشبكة.
وتوصل الباحثون الى أن بإمكان اطفال الموكين الرؤية تحت الماء افضل بمرتين مقارنة بالأطفال الاوروبيين.وخلصت غيزلين الى أن هذه القدرة تعزى للممارسة ذلك لأن اطفال الموكين يكثرون من السباحة والغوص.
وقام الباحثون بفحص عيون جميع الاطفال على الشاطئ وتوصلوا الى انه لا توجد فوارق طبيعية بين المجموعتين. ولاحظت غيزلين ان اطفال الموكين يضيقون احداقهم اثناء الغوص في عملية تشبه تضييق بؤرة عدسة آلة التصوير.
ويعنى هذا أن العمق البؤري يتحسن عندما تضيق البؤرة.أما لدى الاطفال الاوروبيين فان الحدقة تتسع عند الغوص في عملة تشبه الاستجابة لقلة الضوء تحت الماء.كما أن الانسان يستطيع تضييق حدقتيه كلما ركز بصره على شيء بعينه.
ومن المثير ان اطفال الموكين يستطيعون ان يقوموا بكل ذلك اثناء الغوص.
غير أن غيزلين تقول إن هؤلاء الاطفال يفقدون القدرة الفذة على الرؤية تحت الماء بعد البلوغ ولذلك يتجه معظمهم الى مزاولة مهن جديدة.
وحتى اولئك الذين لا زالوا يعيشون في البحر فإنهم اصبحوا اكثر استقرارا في السنوات الاخيرة حيث اخذت العائلات تبني مساكن على طول سواحل الجزيرة. ويتخذ القبليون هذه المساكن كقواعد لصيد السمك.
وهناك قبيلة اخرى في جنوب شرقي اسيا تسمى “باجادو” ويتمتع افرادها ايضا بقدرات فريدة تحت الماء بحثا عن لقمة العيش.
وكانت هذه القبيلة في ما مضى تجوب البحار بين بورنيو واندونيسيا والفلبين في حرية تامة. غير ان أسلوب حياة هذه القبيلة بات مهددا بالانقراض حاليا.
وتعيش هذه القبيلة على السواحل الشمالية الشرقية لجزيرة بورنيو الاندونيسية منذ اكثر من قرنين معتمدة في معيشتها على البحر، وتقطن في منازل بسيطة للغاية مصنوعة من السعف وأغصان الشجر وتقوم على اعمدة من خشب في المياه الضحلة.
ويتميز افراد قبيلة باجادو بأنهم سباحون مهرة واكتسبوا طريقة فريدة في الصيد تتمثل في كتم النفس والمشي على القدمين في قاع البحر لصيد السمك بأيديهم وجمع الروبيان وخيار البحر، غير ان هذه الطريقة كادت تتلاشى حاليا.
وفي الوقت الراهن يتنفس الغواصون عبر أنبوب بلاستيكي رفيع متصل بضاغط هواء على سطح القارب. وهذه الطريقة في الصيد ممعنة في الخطورة اذ يرهن الصيادون حياتهم لضواغط هواء قديمة كثيرة الاعطال وعندها ينقطع الاكسجين عنهم ومن يصابون بالشلل والمرض وقد يختطفهم الموت في سن صغيرة.
ولا يحمل افراد القبيلة هوية وطنية ويعيشون في القوارب قبالة الساحل ولذلك لا تعترف بهم الحكومة الماليزية ومن ثم باتوا محرومين من التعليم والرعاية الصحية الأمر الذي يدفع بالأجيال الاصغر سنا إلى هجر اسلوب حياة القبيلة التقليدي في البحر والانتقال الى العيش في اليابسة ، بحسب الرياض.
وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.