عامٌ على محرقة آل دوابشة وحروق طفلها لم تلتئم بعد!!

الاثنين 27 شوال 1437/ 1 أغسطس 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”

فلسطين – نابلس

عام مر على محرقة آل دوابشة والجرح لم يلتئم بعد، ولا يزال مصير القتلة الإسرائيليين الذين أحرقوا منزل عائلة الشهيد سعد دوابشة، غير معروف حتى الآن، ولا تزال العائلة تتساءل عن مصير الملف الذي رفعته السلطة الفلسطينية إلى محكمة الجنايات الدولية قبل عام لمعاقبة القتلة.

وبعد مرور عام كامل على هذه الجريمة، لا تزال عمليات احراق منازل المواطنين الفلسطينيين مستمرة، لتكون رسالة من قطعان المستوطنين للعالم أجمع بأن هذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي سنحاول فيها قتل كل فلسطيني يدافع عن أرضه.

ونهاية تموز/ يوليو من العام الماضي، نفذت مجموعة من المستوطنين المتطرفين جريمة حرق عائلة سعد دوابشة المكونة من 4 أفراد في قرية دوما جنوبي نابلس شمال الضفة الغربية، ما أدى لاستشهاد الأب والأم والابن الرضيع علي، فيما أصيب الطفل أحمد بجروح بالغة ولا يزال يتلقى العلاج على إثرها حتى اليوم.

محاكمة هزلية

“في هذا العام لم يتغير شيء على أرض الواقع، سوى أن محكمة الاحتلال تطالب بالجلوس مع المتهمين للتحدث معهم”، بهذه الكلمات بدأ المسن حسين دوابشة والد الشهيد سعد دوابشة حديثه لصحيفة “فلسطين”، عن قضية إحراق المستوطنين لعائلة نجله.

وقال دوابشة:” كنت أتوقع أن تكون محاكمة المجرمين قوية، لكنها للأسف محاكمة هزلية لم تكن بالمستوى المطلوب، المحامون كانوا يتلاعبون في طلباتهم من المحكمة، وأنه يجب أن نجلس مع القتلة من خلف حائط زجاجي، وكل ما سمعناه من المحامين هو دليل على المماطلة فقط لكسب الوقت ولننسى هذه القضية ولتضيع بين المحاكم”.

وكانت محكمة الاحتلال قد أجلت عدة مرات محاكمة المتطرف مئير إيتنجر، وعلى مدار الجلسات التي عقدت في محكمة الاحتلال باللد، تواجد مستوطنون أمام مقر المحكمة واعتدوا عدة مرات على أفراد عائلة دوابشة.

اقرأ أيضا  مستوطنات الغلاف تحذر من كارثة بيئية جراء تقليص كهرباء القطاع

عام كامل ولم يتغير شيء بالنسبة لهذه العائلة سوى بخروج الناجي الوحيد من هذه المحرقة وهو أحمد من مستشفيات الاحتلال، لكنه سيعود كل أسبوع مرة واحدة إلى نفس المشفى ليكمل علاجه، فهو لا يزال يحتاج إلى الكثير من العمليات الجراحية والتجميلية كي تتحسن صحته.

وأضاف جد الطفل أحمد: “منذ الحادثة وحتى الآن لا يستطيع أحمد النوم وحده، وهناك مشكلة تواجهه بشكل دائم وهي أن جسده لا يجب أن يتعرض لأشعة الشمس لأنه يتأثر بسرعة كبيرة، وهو بحاجة دائمة لتناول نوع خاص من الأدوية الخاصة بالحروق”.

وأشار إلى ارتداء الطفل أحمد بدلة خاصة مصنوعة من الجلد يمنع من خلعها إلا عند دخول دورة المياه فقط.

تفاصيل المحرقة

وتابع دوابشة: “أحمد دائماً يتذكر تفاصيل المحرقة وما حدث معه في تلك الليلة، يذكر كيف كان نائما بجانب والده، وكيف اشتعلت النار في جميع أنحاء المنزل، ويقول إن والده حمله وحاول إخراجه من المنزل، كما رأى القتلة عندما أمسكوا والده وضربوه وألقوه على الأرض”.

واستكمل المسن دوابشة رواية الأحداث: “اختبأ أحمد خلف الأريكة كي لا يراه المجرمون، وبعدها جاء شخص اسمه إبراهيم دوابشة هو من ساعده وأخرجه من المنزل، يتذكر كل شيء، دائماً يقول لي أشتاق لأن أذهب للجنة عند والديّ أريد أن أذهب للجنة كي أراهم”.

دائمًا يسير الطفل أحمد بجانب منزل عائلته المحروق والذي لا يبعد سوى 50 مترًا عن منزل جده، ينظر إليه باستغراب ويحاول الدخول إليه، لكنه يتذكر ما حدث معه، ويهرب إلى بيت جده باكيًا على اشتياقه لوالده ووالدته.

وبين أن أحمد لا يمل من الجلوس في سيارة والده ووالدته ويبقى فيها ساعات طويلة، ويفرح كثيراً عندما يخبره بأنه سيأخذه نزهة فيها، فهو يعتبرها الكنز الباقي من أثر عائلته.

اقرأ أيضا  الفلسطينيون يحتفلون بـ"يوم الأسير"

أما نصر دوابشة عم الطفل أحمد، فيقول لصحيفة فلسطين: “إن المحكمة تمت في مدينة اللد المحتلة، كان فيها 17 متهمًا أطلق سراح 15 منهم ولم يتبق سوى متهمين اثنين بعملية الحرق”، مشيراً إلى إحراق هؤلاء المفرج عنهم ثلاثة منازل أخرى بعد إطلاق سراحهم.

وأضاف: “حضرنا 5 جلسات في المحكمة وفي الجلسة الأخيرة كان هناك مراوغة كبيرة من قبل المستوطنين من أجل تغيير الرأي العام في (إسرائيل) لصالحهم”، مشيرًا إلى التواصل مع السلطة الفلسطينية التي رفعت مذكرة للأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية، مطالباً السلطة بمتابعة هذا الملف والإصرار عليه للحصول على حقوق العائلة.

ويتابع: “في حال وجدنا عدم متابعة للأمر سنتوجه كعائلة إلى المحاكم الدولية لإدانة حكومة الاحتلال وعلى رأسها بنيامين نتنياهو، كما سنرفع قضايا على المحامين الذين يدافعون عن المجرمين”، مبينًا أن أحمد سيخضع لعمليات جراحية كبيرة بالليزر للتخلص من النتوءات التي يعاني منها.

ولا تزال العائلة تنتظر قرارًا من السلطة لإقرار متحف عائلة شهداء دوابشة، بعد أن سلمته العائلة لها كي يكون شاهدًا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي.

تحقيق شكلي

مدير مركز القدس للمساعدة القانونية، المحامي عصام عاروري، أكد أن سلطات الاحتلال أجرت تحقيقًا شكليًا وأطلقت سراح كافة المشتبه بهم بدعوة عدم كفاية الأدلة، مشيرًا إلى عدم استخدام وسائل كافية لإدانة المعتدين وهناك من تواطأ في إخفاء الأدلة والتلاعب بها.

وأوضح عاروري، لصحيفة “فلسطين”، أنه تلت جريمة الإحراق الأولى جريمتان إضافيتان بإحراق منزل الشاهد في هذه القضية وإحراق منزل آخر لعائلة دوابشة ما يشير إلى استمرار استباحة المستوطنين للدم الفلسطيني. وينوه إلى أن آفاق التحرك في هذه القضية ضعيف جداً من الناحية القانونية كون سلطات الاحتلال أجرت تحقيقًا وتعاملت بخبث ودهاء مع القضية وبالتالي تسقط عن نفسها المسئولية.

وأضاف: “كان هناك مبالغات فيما يمكن أن تفعله محاكم الحرب في الجرائم اليومية والمتكررة التي تنفذها سلطات الاحتلال ومستوطنوها خاصة في المناخ الدولي الحالي، وبدلاً من معاقبة (إسرائيل) يتم مكافأتها بانتخابها لرئاسة اللجنة السادسة في الأمم المتحدة بأغلبية كبيرة”.

اقرأ أيضا  فلسطين: إعتقال نشطاء سلام خلال مسيرة تضامنية ضد الإستيطان بالخليل

وشدد على أن هذا الأمر يتطلب جهودًا فلسطينية حثيثة من كافة مكونات الشعب الفلسطيني بإنهاء حالة الانقسام والاتفاق على برنامج وطني واحد بدراسة وتحليل مشترك للمناخ الإقليمي والدولي والعربي والخروج بخطة من شأنها مواجهة هذا التردي الذي بات يلاحق مصير القضية الفلسطينية.

وعن دور السلطة، قال العاروري: “لا أعتقد أن في يدها الكثير لتفعله ولا أعلم إذا كانت قد بذلت جهودًا سياسية كافية في هذا الأمر أم لا، ولكن هذا الأمر يتطلب مواجهة سياسية ودولية وحملات مناصرة”، مبينًا أن مستوى المواجهة حتى الآن لا يرقى للمستوى المطلوب لمواجهة مثل هذه الجرائم.

من جانبها، وصفت الجبهة العربية الفلسطينية ذكرى جريمة قطعان المستوطنين بحق عائلة دوابشة بـ “وصمة عار على جبين الاحتلال”، مؤكدة أنها “جريمة ضد الإنسانية التي لا يعرف الاحتلال معناها، ولا يقيم لها أي اعتبار”.

وقالت الجبهة في بيان مكتوب، أمس، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لارتكاب الجريمة، إن “حكومة الاحتلال هي المسؤولة عن هذه الجريمة، فالإرهابيون من المستوطنين ينفذون جرائمهم ليل نهار بحق شعبنا ومقدساتنا تحت حماية جنود الاحتلال وتواطؤ منهم، بل وتُوفَّر الحماية المطلقة لهم ليعيثوا خرابًا وعدوانًا ضد أبناء شعبنا”.

المصدر : فلسطين أون لاين

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.