من نصائح الرسول

الأحد  4 ذو القعدة 1437/   7 أغسطس/ آب 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”.

د. علي العتوم
عن أبي جُرَيّ جابرِ بنِ سُلَيْمٍ رضي الله عنه، قال: (رأيتُ رجلاً يَصْدُرُ الناسُ عن رأيه، لا يقول شيئاً إلا صدروا عنه، قلتُ: من هذا؟ قالوا: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قلت: عليك السلامُ يا رسولَ الله – مرتيْنِ – قال: لا تقُلْ عليك السلام، عليك السلامُ تحيةُ الموتى، قلْ: السلام عليك. قال، قلتُ: أنتَ رسولُ الله ؟ قال: أنا رسولُ الله الذي إذا أصابك ضُرٌّ فدعوتَه، كشَفه عنك، وإذا أصابك عامُ سنةٍ فدعوتَه أنبتَها لكَ، وإذا كنت بأرضٍ قَفْرٍ أو فلاةٍ، فضلّتْ راحلتُكَ فدعوتَه، ردّها عليك، قال: قلتُ: اعهدْ إليَّ، قال لا تسبنَّ أحداً، قال: فما سببتُ بعده حُرّاً ولا عبداً، ولا بعيراً ولا شاةً. ولا تحقِرَنّ من المعروف شيئاً، وأنْ تُكلِّمَ أخاك وأنتَ منبسطٌ إليه وجهُك. إنّ ذلك من المعروف، وارفعْ إزارك إلى نصفِ السّاق، فإنْ أبيتَ فإلى الكعبين، وإياك وإسبالَ الإزار فإنّها من المَخَيلَة، واللهُ لا يحبُّ المخيلة، وإن امرؤٌ شتمك وعيَّرك بما يعلم فيك، فلا تُعيِّرْه بما تعلم فيه، فإنّما وبالُ ذلك عليه).

اقرأ أيضا  الواجب على من مرَّ على الميقات أن يحرم منه، سـواء مرَّ به برًّا أم جوًّا

رواه أبو داوود والترمذي بإسناد صحيح، وقال الترمذي حديث حسن صحيح، وانظر أسد الغابة لابن الأثير ج1، رقم (637). وفيه زيادة بعد: ولا تحقرن من المعروف شيئاً، قوله: (ولو أن تُفرغ من دلوك في إناء المستقي).
تعليقات:
1.
جابر بن سليم، ويقال سليم بن جابر، أبو جُرَي التميمي الهُجَيمي، من بَلْهُجَيْم بن عمرو بن تميم، قال البخاري أصحُّ شيء عندنا في اسم أبي جُري، جابر بن سليم. سكن البصرة، وروى عنه ابن سيرين وأبو تميمة الهجيميّ.
2.
يصدر الناس عن رأيه: يسألونه فيأخذون بجوابه. ضُرّ: أذى، مكروه، مصاب. كشفه عنك: أزاله. عام سنة: عام جدب وقحط، قفْر: بُور، صحراء. منبسط إليه: هاشٌّ بوجهه وباشّ. الكعبان: مثنى كعب، وهو العظم الناشز فوق القدم. المخيلة: الكِبْر والخُيَلاء. عيّرك: عابك. وبال: أذى، سوء.
3.
مايستفاد من الحديث:
أ- حبُّ الناس للرسول صلى الله عليه وسلم وثقتهم به، إذ لا يسألون غيره إن سألوه.
ب- تصحيح الرسول صلى الله عليه وسلم للأخطاء التي يقع فيها الناس، بعيداً عن التعاليم الصحيحة، إذ صحّح هنا أسلوب السلام وأنه السلام عليك وليس عليك السلام.
ج- وجوب أن ينصرف دُعاءُ العبد إذا أصابه مكروه إلى الله وحده، انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: (إذا سألت فاسأل الله).
د. وجوب التزام المسلم بالآداب الكريمة فلا يسبَّ أو يشتمْ ولا يستقلّ من المعروف شيئاً، وأن يبش في وجوه إخوانه، ولا يسبل إزاره كبراً أو خُيَلاء، ولا يقابل السيئة بمثلها، ويقدم المسامحة على المحاسبة.
ه. ومن الزيادة (في الحديث) استعمال الأسلوب الأمثل في الوعظ والنصيحة، وأن يكون ذلك مما هو من بيئة المنصوح. فجابر هذا أعرابي، ومن أهم أنواع الكرم عند الأعراب أن يتفضل الواحد منهم على الآخر بإعطائه شيئاً مما عنده، من ماء سَقْياً لأغنامه أو أنعامه.  

اقرأ أيضا  رحمة الله بالإنسان

-السبيل

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.