هل تركيا ستخرج عن الناتو قريبا ؟

الأربعاء 14 ذو القعدة 1437/ 17 أغسطس/ آب 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”.

بقلم : تيري ميسان

كان الاتفاق التركي-الروسي على إنشاء خط أنابيب يسمح لموسكو بالالتفاف على العقوبات الغربية، وتصدير الغاز إلى الاتحاد الأوروبي (كانون أول 2014)، بمثابة استفزاز تركي فظيع ضد الولايات المتحدة.

على الرغم من عدم صمود هذا الاتفاق، إلا أن رد فعل واشنطن تجسد بدعم المعارضة التركية، لاسيما “حزب الشعوب الديمقراطي”، بهدف القضاء، ديمقراطيا، على فاقد المصداقية، رجب طيب اردوغان، مما أرغم حزب العدالة والتنمية على اللجوء إلى تزوير الانتخابات في تشرين الثاني عام 2015.

واليوم، يحاول اردوغان الاستفادة من محاولة انقلاب، أقل ما يقال فيها أنها جبانه، ليدمر كل المعارضة، ويثبت دعائم حكمه الديكتاتوري.

منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، و”المفهوم الاستراتيجي” لعام 1999، تحولت منظمة حلف شمال الأطلسي إلى تحالف ديمقراطيات تسعى لتنظيم عالم أحادي القطب. ولم تعد المشكلة منذ ذلك الحين، تخص واشنطن بمفردها، بل جميع حكومات الحلف. لقد تغاضوا لفترة طويلة عن هذيان تشييد القصر الأبيض في اسطنبول، وكذلك عن قمع الحركات الكردية.

كان وزير الخارجية جون كيري، والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، في مقدمة من أثاروا مسألة استحالة بقاء تركيا عضوا في منظمة حلف شمال الأطلسي، في حال تحولت فعلاً إلى دكتاتورية.

شيدت واشنطن ولندن صرح حلف الناتو خلال الحرب الباردة، بناء على طلب الطبقات الأوروبية الحاكمة لحمايتها من احتمال وصول الأحزاب الشيوعية للسلطة، وخضوع أوروبا لسيطرة السوفييت، على غرار “انقلاب براغ” في شباط 1948.

كان الحلف يدافع، منذ ذلك الحين، عن النظام الرأسمالي، وليس عن الديمقراطية. لذلك لم يتردد بتدبير “انقلاب الجنرالات” في فرنسا عام 1961، أو “انقلاب الكولونيلات” في اليونان عام 1967.

كانت تركيا تملك قوات برية مقاتلة، هي الأكثر عددا في الحلف.

تركيا..هي التي أنقذت الولايات المتحدة من هزيمة حتمية في كوريا، حين انضمت للحلف في عام 1952.

غير أن تطور التكنولوجيا العسكرية حوًل حلف الناتو إلى منسق حربي لهذه التكنولوجيا المتطورة، ولم يعد بحاجة إلى ” حطب المعارك ” من الجنود الأتراك.

قام حلف شمال الأطلسي في السنوات الأخيرة الماضية بضم عدد من الدول في “الشرق الأوسط الكبير” سواء من خلال “الحوار المتوسطي” أو من خلال “مبادرة اسطنبول للتعاون”.

أما إسرائيل والمغرب، فقد شاركتا في عملية “المسعى النشط”.

المعلن رسميا، هو مكافحة الإرهاب ونقل أسلحة الدمار الشامل. أما في الواقع، فهو إحكام سيطرة الولايات المتحدة وبريطانيا على حوض البحر الأبيض المتوسط، من خلال حلفائهما.

فتحت كل من مملكة البحرين، إسرائيل، الأردن، قطر، والكويت في شهر أيار الماضي مكاتب دائمة لها في المقر الجديد لمنظمة حلف شمال الأطلسي.

أما مسألة اقصاء تركيا من الحلف، فسوف تتم مناقشتها في شهر تموز من العام القادم 2017. وسوف يترتب على ذلك فقدان الحلف لقاعدة انجرليك، وعدم تمكنه من تنسيق الحرب على سورية، انطلاقاً من قاعدة “لاند كوم” في أزمير.

نظريا، بوسع رجب طيب اردوغان الاستمرار في الإشراف على المنظمات الإرهابية، على غرار سلفه الأمير بندر بن سلطان سابقاً في المملكة العربية السعودية. لكن بلده سيلاقي في نهاية المطاف نفس مصير العراق، الذي لم تشفع له قدم عضويته في حلف بغداد، ولا كون رئيسه صدام حسين عميلا للسي آي. ايه، وخوضه حربا ضروسا ضد الثورة الخمينية، بناء على طلب الناتو.

ترسيخ نظام ديكتاتوري في تركيا من شأنه أن يستحوز على جهود جهازي الشرطة والمخابرات، اللذان سيصبحان أقل استعدادا للاشراف على تدريب الجهاديين، خصوصاً في سورية. الأمر الذي سوف يحتم انتقال هذه الأنشطة إلى يد لاعب جديد.

وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”

اقرأ أيضا  عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.