وفاة شمعون بيرس
أ.د. يوسف رزقة
الجمعة 28 ذو الحجة 1437/ 30 سبتمبر/ أيلول 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”
يقول روبرت فيسك مراسل الإندبندنت: “عندما سمع العالم خبر موت شمعون بيرس صرخوا: رجل السلام؟! لكن عندما سمعت أن بيرس مات، تخيلت المجازر وعمليات القتل والإعدام التي ارتكبها”.
هذا قول فيسك المراسل الأجنبي، أما نحن في فلسطين المحتلة فنقول: لقد هلك مجرم خطير كان من مؤسسي دولة العدو على الأرض الفلسطينية المحتلة.
صحيح أن بيرس نال جائزة نوبل للسلام، ولكن جائزة نوبل قد تعطى أيضًا للمجرمين، فالرئيس الأميركي أوباما الذي ارتكبت قواته مجازر قتل رهيبة في أفغانستان والعراق حاز على جائزة نوبل للسلام. الجائزة ليست دليلا على إيمان الأفراد بالسلام، أو العمل للسلام، على نحو جاد.
شمعون بيرس، كشارون، كلاهما ارتكب مجازر في حق المدنيين، الأول في قانا في لبنان، والثاني في صبرا وشاتيلا، وكلاهما يقول عنهما العالم المنافق إنهما رجلا سلام.
سجل حياة بيرس كمؤسس عمل سكرتيرًا لابن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي بعد النكبة الفلسطينية، مليء بأعمال القتل ضد الفلسطينيين، ويعرف في أوساط الخبراء في دولة العدو بأنه (أبو القنبلة النووية الإسرائيلية) وقد شهد كل حروب (إسرائيل) ضد الفلسطينيين والعرب، وشارك فيها من خلال مناصبه المختلفة، أو من خارج المنصب.
بيرس بدأ حياته في حزب العمل اليساري، ثم انتقل إلى حزب كاديما اليميني الذي أسسه شارون، وهو بين اليهود في دولة العدو نذير شؤم, لذا لا يحظى بشعبية كبيرة، ولم يمنحه الشعب ثقته في رئاسة الوزراء، وحاول هو أن يقدم نفسه كرجل سلام من خلال مركز بيرس للسلام، ومن خلال ما كان يسميه الشرق الأوسط الكبير.
في الوطن العربي من يتألم لوفاته، أو يبكي لوفاته، أو يترحم عليه كرجل سلام، وربما هناك زعماء عرب أو ممثلون عنهم سيحضرون جنازته، ويقدمون العزاء بوفاته، وهؤلاء ندعو الله أن يجمعهم معه يوم القيامة.
سيحظى شمعون بيرس في كلمات التأبين والتعزية على مديح وإطراء بأنه رجل السلام، ولكن روبرت فيسك على حق حين يقول: ولكني لا أتذكره إلا كقاتل، أو مرتكب مجزرة قانا، وقاتل للأطفال. ونحن في فلسطين أَولى بهذه الذاكرة من روبرت فيسك.
بيرس كان ثعلبًا على مستوى اللغة والسياسة، ولكنه كان من أشد قادة العدو تمسكًا بالأيديولوجيا الصهيونية، التي تؤمن بأن حرب عام ١٩٤٨م هي في نظره حرب استقلال وتحرير من الاحتلال العربي الفلسطيني، وقد مات وهو يؤمن بهذه الأسطورة التي جعلها استراتيجية ثابتة فيمن خلفه.
لقد هلك بيرس في التوقيت الذي قدره الله لهلاكه، وبهلاكه يكون الفلسطينيون قد تخلصوا من مجرم حرب خطير، شارك فعليًا في النكبة الفلسطينية وهو في فترة الشباب، وظل عدوًا للفلسطينيين إلى يوم هلاكه، وكل كلمات التأبين ووصفه برجل السلام لن يغير من الأمر شيئًا، حتى لو شارك عباس وقادة عرب في جنازته وتأبينه .
المصدر : فلسطين أون لاين