ماذا تعرف عن قانون “جاستا” الأمريكي؟

إعداد مجلة البيان

الجمعة 6 محرم 1438 الموافق  7 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”

قانون “جاستا” أو ما أطلق عليه “قانون العدالة ضد الإرهاب” هو القانون الجديد الذي أثير حوله الجدل بعد أن تم إقراره من قبل الكونجرس الأمريكي ومجلس النواب رغم اعتراض الرئيس الأمريكي باراك أوباما وتقديمه حق “الفيتو” في مجلس الشيوخ إلا أن المجلس رفض هذا الاعتراض وأقر القانون وأصبح نافذاً بعد التصويت.

ويجهل البعض حول ماهية هذا القانون وتفاصيله، وبالإمكان التعريف بهذا القانون وتفاصيله حسب ما ورد في النص الذي وزعته وسائل إعلام أمريكية، حيث تم تسمية القانون عبر مادته الأولى بـ”قانون العدالة ضد الإرهاب”، وتوضح المادة الأولى أن “الإرهاب الدولي” يعتبر مشكلة خطيرة تهدد المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية.

فيما اعتبرت المادة الثانية، أن الإرهاب الدولي يؤثر سلباً على حركة التجارة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، باعتباره يلحق ضرراً بالتجارة الخارجية وينسف استقرار السوق ويضيق على حركة سفر المواطنين الأمريكيين إلى خارج البلاد، وعلى قدوم الزائرين الأجانب إلى الولايات المتحدة.

أما المادة الثالثة، فاعتبرت بعض المنظمات الإرهابية الأجنبية (دون أن تسميها) تنشط من خلال أفراد أو مجموعات تابعة لها في جمع مبالغ ضخمة خارج الولايات المتحدة وتوظيفها لاستهداف الولايات المتحدة.

المادة الرابعة، أوضحت، أن من الضروري معرفة الأسباب الموضوعية وأبعاد المسؤولية القانونية حول الأفعال التي تحض على تقديم المساعدة وتدعو للتحريض والتآمر تحت الفصل “113 ب” من الباب “18” من القانون الأمريكي.

المادة الخامسة قالت إن الأشخاص أو الجهات أو الدول التي تساهم أو تشارك في تقديم دعم أو موارد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لأشخاص أو منظمات تشكل خطراً داهماً وارتكاب أعمال إرهابية تهدد سلامة مواطني الولايات الأمريكية أو أمنها القومي أو سياستها الخارجية أو اقتصادها، يتوقع جلبها للمثول أمام المحاكم الأمريكية للرد على أسئلة حول تلك الأنشطة.

اقرأ أيضا  العلماء ومنح الحكام

واعتبرت المادة السادسة، أن لدى الولايات المتحدة الأمريكية مصلحة حقيقية في توفير الأشخاص أو الجهات التي تتعرض للإصابة جراء هجمات إرهابية داخل الولايات المتحدة بالمثول أمام النظام القضائي من أجل رفع قضايا مدنية ضد أولئك الأشخاص أو الجهات أو الدول التي قامت بتقديم دعم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر إلى أشخاص أو منظمات تعتبر مسؤولة عن الإصابات التي لحقت بهم.

ومن خلال نص القانون أوضح أن الغرض منه هو: توفير أوسع نطاق ممكن للمتقاضين المدنيين تماشياً مع دستور الولايات المتحدة للحصول على تعويض من الأشخاص والجهات والدول الأجنبية التي قامت بتقديم دعم جوهري سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لأفراد أو منظمات تعتبر مسؤولة في أنشطة إرهابية ضد الولايات المتحدة.

وفي مادة أخرى وهي المادة التي يمكن أن تستخدمها الولايات المتحدة كوسيلة ابتزاز ضد الدول الأخرى، حيث أطلقت عليها: مسؤولية الدول الأجنبية عن الإرهاب ونصها كالتالي ” لن تكون هناك دولة أجنبية محصنة أمام السلطات القضائية الأمريكية في أي قضية يتم فيها المطالبة بتعويضات مالية من دولة أجنبية نظير إصابات مادية تلحق بأفراد أو ممتلكات أو نتيجة لحالات وفاة تحدث داخل أمريكا وتنجم عن فعل إرهابي أو عمليات تقصيرية أو أفعال تصدر من الدول الأجنبية أو من أي مسؤول أو موظف أو وكيل بتلك الدولة أثناء فترة توليه منصبه بغض النظر إذا كانت العمليات الإرهابية تمت أم لا”.

اقرأ أيضا  "والله متم نوره ولو كره الكافرون" د. وليد أحمد فتيحي

هذه المادة أعطت للمواطن الأمريكية حق تقديم أي دعوى ضد أي دولة أجنبية، وهنا تصبح السيادة الدولية خالية على عروشها ويعد هذا انتهاك لحق الدول ذات السيادة ومؤشر خطير في علاقات الدول، إذ إن القانون يسمح للمواطن الأمريكي بمقاضاة أي دولة أجنبية حتى بمجرد الشبهة فقط، ومن خلال رفع الدعوى يمكن إيقاف استثمارات تلك الدولة وأموالها المودعة في البنوك إلى حين البت في القضية.

وأعطى هذا القانون الغريب من نوعه، المحاكم الأمريكية سلطة قضائية مطلقة وحصرية للبت في أي قضية تخضع بموجبها أي دولة أجنبية للقضاء الأمريكي، كما يحق للمدعي العام التدخل في أي قضية تخضع بموجبها دولة أجنبية للسلطة القضائية للمحاكم الأمريكية، وذلك بغرض السعي لوقف الدعوى المدنية كلياً أو جزئياً.

ومن أجل توسيع مجال الابتزاز فقد منح هذا القانون المحاكم الأمريكية حق وقف الدعوى ضد أي دولة أجنبية، في حالة واحدة وهي “إذا ما شهد وزير الخارجية الأمريكي بأن الولايات المتحدة تشارك بنية حسنة مع الدولة الأجنبية المدعي عليها بغية التواصل إلى حلول للدعاوى المرفوعة على الدولة الأجنبية أو أي جهات أخرى مطلوب إيقاف الدعاوى المرفوعة بشأنها”.

وبشكل عام فإن هذا القانون السيء قد أعطى المحاكم الأمريكية حق استقبال أي دعوى من المواطن الأمريكي ضد أي دولة أجنبية بتهم الإرهاب بمجرد الشك، وفتح المجال على مصراعيه لكل من يريد أن يقاضي دولاً بعينها في سابقة خطيرة قد تفتح المجال لدول أخرى كالسعودية وغيرها لاستصدار قوانين مماثلة، إذ باستطاعة هذه الدول اللجوء لمبدأ المعاملة بالمثل الذي يحكم العلاقات الدبلوماسية، من أجل الرد على هذا الإجراء.

ويبدو واضحاً أن هذا القانون صمم خصيصاً لابتزاز المملكة العربية السعودية حيث يتيح القانون لأسر ضحايا هجوم 11 سبتمبر مقاضاة السعودية، بالرغم من عدم وجود أدلة تدين السعودية أو تثبت تورط حكومتها وإعلان براءة المملكة في تقرير سري شهير للكونجرس مكون من 28 صفحة، بل والدور المشهود للمملكة في محاربة الإرهاب داخلياً وخارجياً، واعتبارها شريكة أساسية في محاربة الإرهاب مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على مصالح الولايات المتحدة مع السعودية بشكل كبير بعد أن هددت السعودية بسحب ملايين الدولارات في أمريكا.

اقرأ أيضا  أنور إبراهيم: تركيا وإندونيسيا قدمتا نموذجًا يحتذى به في التنمية

وفي حال تم تطبيق هذا القانون وتم رفع دعاوى ضد المملكة فإنه لن يضر بالعلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية فقط بل سيؤثر في علاقات الدول المتضامنة مع السعودية كدول مجلس التعاون الخليجي وتركيا ومصر ودول أخرى حليفه للسعودية.

كما أن تطبيق هذا القانون سيكون من شأنه تعريض أمريكا ومواطنيها، بل ودبلوماسييها لمحاكمات دولية وملاحقات قانونية من قبل الدول الأخرى، من باب المعاملة بالمثل، وقد أشار أوباما إلى هذه الفكرة في مقابلة سابقة مع شبكة “سي.بي.سي” إذا “أفسحنا المجال أمام أفراد أميركيين لمقاضاة الحكومات بشكل مستمر، فإننا سنفتح الباب أمام مقاضاة الولايات المتحدة من قبل الأفراد في بلدان أخرى”.

المصدر : موقع مجلة البيان السعودية

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.