ثورةٌ على الله وذبحٌ لعباده .. على أرضه السورية

الأربعاء5 رجب 1434 الموافق 15مايو/آيار 2013 وكالة معراج للأنباء –مينا-
 
 بقلم : نمير سعد
لست ضليعاً في شؤون الدين ولا متبحراً في علومه ولا حافظاً لآياته ولا جامعاً في مكتبتي لأحاديث نبيه وصحابته ، لكن صداقةً حميمةً تجمعني مع المنطق وصحبة طويلة مع العقل وبعض نزهاتٍ مع التاريخ ، من هذا المنطلق سوف أقوم بالولوج من بوابة العقل باحثاً في ساحات أرضه عن منطقٍ أحاوره . سأخوض اليوم في محيطٍ تحارب سفن المنطق الراسخ فيه كما رسوخ قاسيون قوافل تسونامي اللامنطق الأعرابي والإسلامي ، ويتصارع فيه زبد العقل النقي الصافي مع قيح اللاعقل النجس التكفيري .. هو توصيفٌ قد لا يروق لبعضكم ،لكن التوصيف لن يتغير لأنه مسندٌ بوثائق التاريخ وحقائق المنطق ورحلة الصراع الأبدي بين غزو جحافل اللاعقل لقلاع العقل وحصونه .. .

في سوريا على الأرض .. ومقابل حلف العدوان على سوريا وأزلامه من كتائب المجاهدين التكفيرين على الأرض السورية من سوريين وغير سوريين ، هذا الفريق الضائع التائه نفسياً وروحياً ودينياً وأخلاقياً وإنتماءً ، هناك فريقٌ آخر له غير قول وغير كلام وغير موقف وغير رأي ، وهو فريق واسع الطيف وسوري بإمتياز ونحن عندما نصفه بأنه سوري بإمتياز فنحن لا نفعل ذلك لأن الفريق الآخر ليس سوري المولد أو الجنسية ولكن لأن الواقع على الأرض أثبت أن ممارسات بعض هذا الفريق تدل أن سوريا كانت دوماً في سلم أولويات انتمائه في المرتبة الثانية في أفضل الأحوال ، فنراه حيناً ذاك السوري الذي كفرنا “”” جميعاً ” بفتح وتشديد الفاء ” و اختار أن يكون تكفيرياً سورياً .. وآخر إختار طريق ” السلف الطالح ” للتعبير عن سوريته فكان سلفياً ذباحاً سورياً ، وثالث ارتأى العودة بالزمن قروناً ليرتمي في احضان جده محمد بن عبد الوهاب ، فكان وهابياً قبل كونه سورياً ، ورابع فضل إخوانيتة واخوانه على باقي السوريين فكان إخونجياً قبل كونه سوري ، وخامسٌ إختار طواعيةً وعن سابق إصرار وعلم ومعرفة ورغبة وترصد ” بحكم علمانيته وليبراليته وثقافته العالية وشهاداته الجامعية وما بعد الجامعية ” إختار أن يتعمشق بدناديش الطربوش العثماني أملاً بمنصب والي الشام القادم أو في أسوأ الأحوال قائم مقام دمشق أو حلب ، أو مارس هواية مسح بلاط هذا الأمير أو ذاك الملك أو جعل من نفسه غباراً يغطي حذاء راعي البقر الذي لا بد له أن يمسح حذاءه بعد حين ويزيل عنه غباره ، أو من فضل توقيع معاهدة جديدة مع قوى الإستعمار القديم .. معاهدة إستعمار الوطن السوري بأقل الأثمان والتكاليف والخسائر عبر تشريعه ساحة قتال يقضي بها الطالح ويأخذ معه الصالح ، أو من إختار أن يكون “بكلةً أو حبكة ” لتثبيت أحد طرفي قلنسوة تتربع رأس أحد قادة العدو الصهيوني ، أو مسماراً في نعش ذاك النسيج الإجتماعي الذي لطالما تغنى به السوريون وكان مثار فخرهم واعتزازهم ، يحق لنا دون أدنى شك و بعد هذا الوصف أن نضع على صدر من لا ينتمي لهذا الفريق ..وسام الشرف السوري ..

هل يختلف عاقلان في الكون على كون الشهيد العلامة البوطي مؤمناً تقياً ورعاً زاهداً سمحاً ، وهل يختلف إثنان على توصيف الحالة والمشهد قبل الجرم ، أليس المؤمنون هم المقربون لله واتقيائهم هم أحبته وأئمتهم أئمته .. هل كان الجمع المحتشد من جنود النخبة لجيش الإحتلال الإسرائيلي ؟ .. هل كانوا من عناصر الشاباك أو الموساد ؟ ، هل اجتمعوا في حفلة قدحٍ وذم لرسول الله وصحابته ؟ ، ألم يكونوا في بيت الله وبين يدي الله يبتهلون له ويمجدون بإسمه ويسجدون لعظمته ويسبحون بحمده ويصلون على حبيبه ونبيه ؟ ، أية أمةٍ تلك التي تقتل مؤمنيها وأتقياءها وعلمائها ؟ ، أية أمةٍ تلك التي تنتقي من فتاوى مشايخها ما يناسب أعداء الأمة أو ما يناسب عفن عقول بعضها وحقد صدور بعضها ونذالة أخلاق بعضها ؟ ، أي دينٍ هذا الذي يحارب الله ويلون بالدم وجه الله وإسمه ويحرق كتبه وآياته ؟ ، ألم يكن الله حاضراً ساعة إستشهاد العلامة البوطي بين الجموع ؟ ، ألم تصب بعض الشظايا الكافرة وجه الله ووجه نبيه وصحابة نبيه ؟ ،، أي دينٍ هذا الذي يغتال علماء الله وعباد الله في بيوت الله ؟ أية أمةٍ تلك التي ترمي بالسهام وجه الله وتصوب رماحها إلى صدر نبيه ؟! ،، أليس جرماً أن يسرق أولئك الإسلام ويحجروا عليه في خزائن عقولهم العفنة وصدورهم المليئة بالحقد والخبث والنذالة وينسبوه لأنفسهم قبل أن ينتسبوا إليه ؟؟ ، أليست إهانةً لله ونبيه وضيماً لعباده أن يكون مثل أولئك شركاء لهم في ذات الدين ؟؟ أليس الإسلام من أولئك .. براء ؟ …. .

القاتل القرضاوي أفتى وبناءً على سؤالٍ متفقٍ عليه مع أحد أوغاد جزيرة حمد “وما أكثر الأوغاد في تلك الجزيرة “، سؤالٌ معدٌ بعناية وخبث ومع سبق الإصرار عن ” حكم الشرع ” في قتال أو قتل من يساند النظام في سوريا بمن فيهم العلماء ، وكان جوابه تصريحاً بالقتل وافتاءً به وتشريعاً له وأمراً لتنفيذه . القرضاوي والعريفي والعرعورو السديس مع رفاقهم في الغي من أصحاب فتاوى الكفر وتحليل الذبح والإغتصاب وتدمير الأوطان واستباحة المال العام والخاص وتسليم الأوطان لأعداء الأوطان .. هم عصابة من قطاع الطرق التي تحاول أن تقطع كل طرق التواصل مع الله وتحتل معابر العقل إلى حقيقة رسالته وتصادر كل المناصب القريبة من الله وتدعي الألقاب المتصلة بالذات الإلهية … فمنهم الناطق بإسم الله ، ومنهم المتصرف بأمر الله ، ومنهم المتحدث بالنيابه عن الله ، ومنهم الناقل لرسائل الله ، ومنهم العالم بما في صدر الله ، ومنهم المقرر لإرادة الله ، المحدد لمشيئة الله .. والعياذ بالله .. .

قتلوه وهو يعطي دروساً في العلم وتفسير القرآن ،، هكذا هي الثورات الجاهلة العاهرة الكافرة ،، تقتل علماء الأمة وأئمة الدين ، والبوطي كان عالماً جليلاً وداعيةً للإيمان ورسولاً للمحبه ومؤسساً لنهج الإعتدال الديني وزاهداً في دنياه ،،، متطلعاً إلى آخرته ، وأقوال البوطي كانت في السماحة والمغفرة والمحبة ،، تماماً كما أقوال الأنبياء ،، فيما كانت ولا زالت أقوال القرضاوي والعرعور ومن لف لفهما في القتل والتدمير والذبح ،، تماماً كما أقوال الشياطين ولا عجب ، فليسوا هم سوى أوغادٌ من نسل الشياطين .. .

كم من مساجد الإيمان في سوريا انتهكت قداستها واغتيل أئمتها منذ بدء مشوار القتل الذي انتجه تزاوج رفض الآخر وتكفيره ،، دينياً وسياسياً ؟ إن مجزرة مسجد الإيمان التي ارتكبت في دمشق تفوقت على مجزرة الحرم الإبراهيمي التي قام بها الصهيوني باروخ غولدشتاين منذ نحو عقدين من الزمن لكنها تماثلها وتطابق معها في مفردة واحدة .. فالقاتل هناك كان إسرائيلياً يهودياً فيما القاتل هنا يفترض أنه ” مسلم ” ، بل إن عصابة القتل التي ارتكبت المجزرة فاعلاً ومشرعناً ومحرضاً ومتدخلاً وممولاً ومدرباً وملقناً ،، هي عصابة ” إسلامية ” ، لكن نقطة إلتقاء العصابتين انهما صهيونيتان . السؤال الذي يرفض إلا أن يكسر حواجز الصمت والرهاب والحيرة ويقتحم ساحات العقول .. ليصرخ في وجه الصمت ويسأل أصحاب العقول .. كم صبرا وشاتيلا سورية يلزم الوجدان العربي كي يستيقظ من سباته ؟ ، إلى كم دير ياسين سوري يحتاج الضمير العربي كي يصحو من غفلته ، وإلى كم قانا سورية يتطلب حس الإنتماء العربي كي ينتفض ،، حسناً هذا سؤال أتى ربما خارج الزمن والمنطق فالواضح اليوم أن جميع ما ذكرت في حالة ركودٍ كهفي وموتٍ سريري ، لكن السؤال يبقى مشروعاً ونسجله للتاريخ … .

سجلنا من قبل جرائم الكيان الصهيوني في دفاتر تاريخنا وعلمنا هذا التاريخ لأطفالنا وزرعناه في عقولهم كي يتجذر ويرسخ كالسنديان ويثبت في الأرض كما الجبال ، كتبنا في تلك المجازر القصائد والمراثي وأقمنا في ذكراها حفلات الرثاء والعزاء والنواح ، وكانت في مجموعها مجازر تعد على أصابع اليدين ،، اليوم في سوريا ترتكب كل يوم مجزرة لا تقل بشاعةً ووحشيةً ودمويةً وكفراً عن المجازر الصهيونية على الأرض العربية والتي نستطيع على الأقل حصرها وتعدادها فيما نحن عاجزون عن تعداد الجرائم التي إرتكبت على أرض الله السورية “بإسم الله وفي سبيل الله ” حتى بات لسان حال بعضنا يقول . ما أروعه ذاك الزمان الذي كانت المجازر قابلة للحصر والتعداد … . لن نتوجه بما سبق من الأسئلة ولا لآخر الأسئلة لمعاذ الخطيب الذي يفترض أن علاقةً ما قد جمعته يوماً بالعلامة الكبير ، والذي يعلن اليوم استقالته التي ستكشف قادمات الأيام ما تبطن وتخفى وإستتر من دوافعها وحوافزها وتداعياتها وما ورائياتها ، ولا لهيتو الذي لم يسمع به أحدٌ من السوريين قبلاً عدا أهل بيته ورفاق ائتلافه ، هيتو .. الوجه المستجد على الساحة الإعلامية والذي لا يفقه من أمر الوطن السوري أشياء كثيرة ولا أظن أن عشقه للوطن فاق يوماً عشقه للسيد الأميركي .. هيتو الذي تم إجلاسه أو ” إستجلاسه ” على كرسي رئاسة الحكومة إلى أن يحين أجله السياسي ، هيتو الذي ننتظر بكثير من الصبر .. إقالته .. أو استقالته ، ولن نسأل الغليون ولا سيدا فاؤلئك كما رفاق المجالس وائتلافات خيانة الأوطان ، قد فتحت لهم أرصدة مالية باليورو والدولار و تم ” إقعادهم ” حيث يريد أصحاب المال على أن تجمد ارصدتهم الحسية والأخلاقية و تسجن في صناديق فولاذية وتدفن في رمال صحراء حمد وأبو متعب إلى غير إكتشاف أو انتشال … سنسأل الشارع العربي والمواطن السوري البسيط وسنتوجه إلى الركن المظلم الذي يقبع فيه وجدانه المتقوقع وبقايا ضميره المنكمش .. ونصرخ في وجهه ونقول .. أيها السوري .. إنهض من كبوتك واستفيق ،، فالحريق الذي يراد له أن يحرق الآخر كما تظن لن يوفرك ،، لأنه يحرق الوطن بأسره فإن كنت جزءًا من الوطن السوري فلتخرج من دائرة الكفر الآتي مع فتاوى الفتنة التي تقول ،، إحرق إحرق … حتى تحترق .(R-024). المصدر: تحت المجهر

 
اقرأ أيضا  مظاهرات بابوا: مئات الأشخاص يرددون شعارات مناهضة للعنصرية في شوارع ميميكا
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.