فوائد الحجاب

الخميس 8 ربيع الأول1438 الموافق 8 ديسمبر/ كانون الأول 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”

علي محمد مقبول الأهدل

فوائد الحجاب

تعبد الله نساء المؤمنين بفرض الحجاب عليهن، الساتر لجميع أبدانهن  وزينتهن، أمام الرجال الأجانب عنهن، تعبداً يثاب على فعله ويعاقب على تركه، ولهذا كان هتكه من الكبائر الموبقات، ويجر إلى الوقوع في كبائر أخرى، مثل: تعمد إبداء شيء من البدن، وتعمد إبداء شيء من الزينة المكتسبة، وفتنة الآخرين… إلى غير ذلك[1] من آفات عدم الالتزام  بالحجاب الشرعي.

وللحجاب فوائد عظيمة، ومصالح كبيرة منها:

أولاً: الحجاب طاعة لله ولرسوله:

لأن الله ورسوله أمرا بالحجاب، قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 366]

وقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 599].

إنه الاستسلام المطلق لشريعة الله سبحانه من المؤمنة، هذه الشريعة التي تقود المرأة المسلمة، وتصرف حركتها؛ والمؤمنة مطمئنة لهذه الشريعة التي تقودها، شاعرة معها بالأمن والثقة واليقين، سائرة معها في يسر وبساطة ولين.

ثانياً: الحجاب إيمان:

قال تعالى: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [النور: 31]، وقال: ﴿ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأحزاب: 59] فالخطاب بالحجاب للمؤمنات؛ وكأن الملتزمة بالحجاب هي  المؤمنة الحقة التي أطاعت ربها؛ لأنه وصفها بالمؤمنة، والمؤمنة طائعة لله مؤمنة به.

ثالثاً: الحجاب طهارة لقلب المرأة والرجل:

قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 533] ففي الآية أمر من الله للمؤمنين إذا  سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً أن يسألوهن من وراء حجاب، وعلل ذلك بأن سؤالهن بهذه الطريقة يؤدي إلى طهارة القلوب، وعفة النفوس، والبعد عن الريبة وخواطر السوء.

اقرأ أيضا  أنجح الزوجات أفضلهن تدبيرًا لمملكتها

وحكم نساء المؤمنين في ذلك كحكم أمهات المؤمنين؛ لأن قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ علة عامة تدل على تعميم الحكم، إذ جميع  الرجال والنساء في كل زمان ومكان في حاجة إلى ما هو أطهر للقلوب وأعف للنفوس… فالآية الكريمة فيها الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب حكم عام في جميع النساء، لا خاص بأمهات المؤمنين، وإن كان أصل اللفظ خاصاً بهن؛ لأن عموم علته دليل على عموم الحكم فيه[2].

رابعاً: الحجاب علامة على العفيفات:

فالحجاب علامة شرعية على الحرائر العفيفات، في عفتهن وشرفهن وبعدهن عن دنس الريبة والشك: ﴿ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 599] وصلاح الظاهر دليل على صلاح الباطن، وإن العفاف تاج المرأة، وما رفرفت العفة على دار إلا أكسبتها الهناء[3].

والآية الكريمة تدعو جميع النساء إلى التستر والعفاف؛ لأن التستر بالعفة لا يعرضها للأذى؛ بخلاف المتبرجة فإنها معرضة للأذى ومطموع فيها، خاصة من ضعاف الإيمان.

خامساً: الحجاب حياء:

والحياء مأخوذ من الحياة، فلا حياة بدونه، وهو خلق يودعه الله في النفوس التي أراد سبحانه تكريمها، فيبعث على الفضائل، ويدفع في وجوه الرذائل، وهو من خصائص الإنسان وخصال الفطرة، وخلق الإسلام، والحياء شعبة من شعبة الإيمان، وهو من محمود خصال العرب التي أقرها الإسلام ودعا إليها، قال عنترة العبسي:

اقرأ أيضا  بريطانيا: التحقيق مع الطالبات المسلمات عن سبب ارتداء الحجاب
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي

حتى يُواري جارتي مأواها

وما الحجاب إلا وسيلة فعالة لحفظ الحياء، وخلع الحجاب خلع للحياء[4]، وجرأة على المألوف، وباب إلى كل أسباب الفتنة والفوضى.

سادساً: الحجاب يناسب الغيرة:

إن الحجاب يتناسب مع الغيرة التي جبل عليها الإنسان السويُّ، والغيرة غريزة تستمد قوتها من الروح، والتحرر من القيود تستمد قوتها من الشهوة؛ فهذه تغري بالسفور، وتلك تبعث على الاحتجاب.

والغيرة من آثار تكريم الإسلام؛ لأنه غرس في نفوس المسلمين من الغيرة؛ ويقصد بالغيرة: تلك العاطفة التي تدفع الرجل لصيانة المرأة عن كل مُحرم وشين وعار، وهي من صميم أخلاق الإيمان[5].

والغيرة قد استقرت في نفوس العرب في الجاهلية؛ لأنهم يعتبرون ذلك من معاني فضائل الأخلاق، فهذا رجل جاهلي كان يمشي مع زوجته، فنظر إليها رجل ونظرت إليه، فأخذت زوجها الغيرة، وقال لها: أنتِ طالق؛ فلما سألته عن السبب تمثل هذين البيتين من الشعر:

إذا وقع الذباب على طعام

رفعت يدي ونفسي تشتهيه

وتجتنب الأسود ورود ماء

إذا كن الكلاب ولغن فيه

فهذا رجل جاهلي، ولكنه فُطر على الغيرة، فأخذته الحمية على زوجته، فالرجل يغار مرة واحدة إذا نظر رجل إلى زوجته، ولكنه يغار مائة مرة إذا نظرت زوجته إلى رجل آخر غيره.

ويذكر عن سعد بن معاذ ت أنه شديد الغيرة، فقد قيل: إنه تزوج امرأة من الأنصار فحملها على فرس له، فلما وصل إلى منزله نحر الفرس، أتدري لماذا؟! حتى لا يركب على الفرس رجل بعد زوجته[6].

سابعاً: الحجاب يدعو إلى مكارم الأخلاق:

الحجاب داعية إلى توفير مكارم الأخلاق من العفة والاحتشام والحياء والغيرة، والحجب لمساويها من التلوث بالشائنات كالتبذل والتهتك والسُّفالة والفساد.

ثامناً: الحجاب يقطع الأطماع والخواطر الشيطانية:

الحجاب وقاية اجتماعية من الأذى، وأمراض قلوب الرجال والنساء، فيقطع الأطماع الفاجرة، ويكف الأعين الخائنة، ويدفع أذى الرجل في عرضه، وأذى المرأة في عرضها ومحارمها، ووقاية رمي المحصنات بالفواحش، وإِدْبَاب قالة السوء، ودنس الريبة والشك، وغيرها من الخطرات الشيطانية[7].

[1] حراسة الفضيلة: بكر أبو زيد (ص:70).

[2] انظر: التفسير الوسيط للقرآن الكريم، د. سيد طنطاوي (11/239).

[3] حراسة الفضيلة، بكر أبو زيد (ص:71).

[4] حراسة الفضيلة، (ص:72).

[5] للتوسع في موضوع الغيرة راجع: عودة الحجاب، محمد إسماعيل المقدم (3/1133) وما بعدها.

[6] إليك يا ذات النقاب: عبدالرحمن الوهيبي (ص:63).

[7] حراسة الفضيلة: بكر أبو زيد (ص:71).

الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.