وجوب متابعة الإمام وتحريم مسابقته
الخميس 8 ربيع الأول1438 الموافق 8 ديسمبر/ كانون الأول 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”
الشيخ عبدالرحمن بن فهد الودعان الدوسري
وجوب متابعة الإمام
وتحريم مسابقته
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبَّر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد، وإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا أجمعون))؛ رواه أبو داود، وأصله في الصحيحين[1].
يتعلق بهذا الحديث فوائد، نجملها في بيان أحوال المأموم مع إمامه في انتقالات الصلاة، وهي أربعة أحوال، حالٌ منها مشروعةٌ، وثلاث ممنوعة[2]:
فالحال الأولى المشروعة هي: المتابعة، ومعناها: أن يكون دخول المأموم في الصلاة وانتقاله من ركن إلى آخر عقب إمامه مباشرة، وهذه هي الصفة المشروعة التي ينبغي للمصلي أن يحرص عليها، ويلاحظ نفسه في صلاته حتى يتعود متابعة إمامه؛ فلا يكبر للتحريم حتى يكبر الإمام، ولا يشرع في الركوع حتى يتم الإمام ركوعه، ولا يشرع في الانتقال إلى السجود حتى يتم الإمام سجوده، وهكذا في جميع صلاته.
الحال الثانية: المسابقة، ومعناها: التقدم على الإمام في انتقالات الصلاة، وحكمها: أنها محرمةٌ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار))؛ متفق عليه[3].
الحال الثالثة: الموافقة، ومعناها: موافقة المأموم للإمام في الانتقال بين الأركان، وحكمها: أنها مكروهةٌ، وقال بعض العلماء: هي محرمةٌ؛ للحديث السابق، حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمتابعة الإمام بقوله: ((فإذا كبَّر فكبروا))، ونهى عن موافقته بقوله: ((ولا تكبروا حتى يكبر))، وهكذا قال في الركوع والسجود، وكثيرٌ من المصلين أو أكثرهم يقع في هذه الحالة المنهيِّ عنها، فتجدهم يركعون ويرفعون ويسجدون مع الإمام، فينبغي على المصلي أن يلاحظ نفسه ويعوِّدها على الانتظار حتى يتم الإمام حركة الانتقال، ثم يشرع في الانتقال بعده، وهكذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعلون؛ فقد وصف البراء بن عازب – رضي الله عنهما – حال الصحابة رضي الله عنهم في متابعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا قال: ((سمع الله لمن حمده))، لم يحنِ أحد منا ظهره حتى يضع النبي صلى الله عليه وسلم جبهته على الأرض)؛ متفق عليه[4].
الحال الرابعة: المخالفة، ومعناها: التأخر عن الإمام في الدخول إلى الصلاة، أو في الانتقال بين الأركان، وحكمها: أنها مكروهة، وقال بعض العلماء: هي محرمة؛ للحديث السابق؛ حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمتابعة الإمام بقوله: ((فإذا كبر فكبروا))، والفاء في الحديث تفيد التعقيب، فتضمن ذلك النهيَ عن مخالفته، ومعناها: التأخر عنه.
[1] رواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الإمام يصلي من قعود 1/ 164 (6033)، وأصله في صحيح البخاري في كتاب الجماعة والإمامة، باب إقامة الصف من تمام الصلاة 1/ 253 (689)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام 1/ 309 (414).
[2] يذكرها أكثر الفقهاء أثناء كلامهم، وأحسن من رأيته ساقها بسياق حسن مرتب الإمام النووي في روضة الطالبين 1/ 3699، وأصله للرافعي في شرح الوجيز 2/ 190 – 197 في شرائط القدوة.
[3] رواه البخاري في كتاب الجماعة والإمامة، باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام 1/ 245 (6599)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما 1/ 320 (427)، وهذا لفظه.
[4] رواه البخاري في كتاب صفة الصلاة، باب السجود على سبعة أعظُم 1/ 280 (7788)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب متابعة الإمام والعمل بعده 1/ 345 (474)، وقال عمرو بن حريث رضي الله عنه: (صليتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم الفجر، فسمعته يقرأ: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ ﴾ [التكوير: 15، 166]، وكان لا يحني رجلٌ منا ظهره حتى يستتم ساجدًا)؛ رواه مسلم في كتاب الصلاة، باب متابعة الإمام والعمل بعده 11/ 346 (475).
الألوكة