الصلاة.. البرهان الصادق على صحة الإيمان
السبت 15 رجب 1434 الموافق 25مايو/آيار 2013 وكالة معراج للأنباء (مينا).
الحمد لله، إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ، وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.
أمَّا بعدُ: فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.
عبادَ الله، للصلاة في الإسلام منزلة عظيمة ومكانة شريفة وقد عظم الله شأن الصلاة في كتابه العزيز وعظمها رسوله صلى الله عليه وسلم.
أيها المسلم، هذه الصلوات الخمس عبادة قديمة فتعبد الله بها من قبلنا من أنبيائه ورسله وهي في ديننا الركن الثاني من أركان الإسلام فهي أهم فرائض الإسلام بعد التوحيد إنها مفتاح الجنة وإنها خير الأعمال وإنها أول ما يحاسب العبد به يوم القيامة من أعماله صلاته.
أيها المسلم، وإذا تدبرت كتاب الله وجدت لهذه الصلاة شأن عظيم اسمع الله جلَّ وعلا يذكرها من دعاء الخليل عليه السلام قوله: {ررَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: 40]، واسمعه يذكر إسماعيل الذبيح {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً } [مريم: 55]، واسمعه يأمر كليمه موسى عليه السلام في أول ساعات الوحي {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)} [طه: 13 – 14]، (ويوحي إليه وإلى أخيه هارون بقوله: {$وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (87)”} [يونس: 87]، وفي وصايا لقمان لأبنه {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } [لقمان: 17]، وينطق بها المسيح في المهد في قوله الله عنه أنه قال: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً } [مريم: 31]، ويأمر الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم: “اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ”، ويذكرها الله صفة أساسية من صفات المؤمنين المنتفعين بهداية القرآن {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (2)} [البقرة: 2 – 3]، ويذكرها )صفة للمؤمنين في قوله: {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ } [النمل: 1 – 3]، ويذكرها أيضًا للمستحقين رحمة الله {الم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [لقمان: 1 – 4]، ويبدؤوا الله بذكر صفات المسلمين بالصلاة ويختمها بها {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} [المؤمنون: 1 – 2]. إلى قوله: {$وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [المؤمنون: 9 – 11].
أيها المسلم، { أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) }.
أيها المسلم، ويبين صلى الله عليه وسلم أن الصلاة عنوان التزام الإيمان والفارقة بين المسلم والكافر فيقول صلى الله عليه وسلم: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر”، ويقول: “بين العبد وبين الكفر (أو قال الشرك) ترك الصلاة”.
أيها المسلم، لأجل هذا ذهب جمع من العلماء أن تارك الصلاة ولو كان مقرًا بوجوبها عندما يتركها عامدًا متعمداً أن ذلك كفر ينقل عن ملة الإسلام نسأل الله السلامة والعافية، إن الله جلَّ وعلا جعل الصلوات الخمس في اليوم والليلة خمس مرات أمر بها المسلمين حين يمسون وحين يصبحون وعشيا وحين يظهرون { أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } [الإسراء: 78]، تكررت هذه الصلوات الخمس لأنها البرهان الصادق على صحة الإيمان والدليل الواضح على أن في القلب إيمانًا فلا يحافظ عليها إلا من في قلبه إيمان وخوف من الله ولهذا توعد الله بالويل أقوامًا تكاسلوا عنها حتى أخرجوها عن وقتها {( فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} [الماعون: 4 – 5]، ويدمغ بالوعيد خلف سوء أخروها عن وقتها وأضاعوها { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً } [مريم: 59].
أيها المسلم، هذه الصلوات المعتبرة هي الصلاة التي يؤديها المسلم بتدبر عقلي وفي تدبر وتفكر واعتبار يؤديها بخشوع وخشية يؤديها بتأمل لمعانيها والغاية منها فيخرج منها بتوفيق من الله وقد غفر الله له ذنبه ووفقه لكل خير.
أيها المسلم، إن هذه الصلوات الخمس طهرة لك من الخطايا والسيئات من غفلات قلبك وخطأ جوارحك يقول صلى الله عليه وسلم: “أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهرًا جاريًا يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟”، قالوا: لا، قال: “فكذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا والسيئات”، قال سلمان الفارسي رضي الله عنه كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم تحت ظل شجرة فأخذ بغصن فهزه حتى تحات ورقه وقال: “ألا تسألني لما فعلت”، فقلت لما فعلت يا رسول الله قال: “إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أدى الصلاة تحاتت خطاياه كما يتحات هذا الورق من هذا الغصن”، كل ذلك لعظم شأن الصلاة وأهميتها.
أيها المسلم، إن هذه الصلاة أنس للمؤمن وفرح وقرة عين له وانشراح لصدره إنها الصلة القوية بينه وبين ربه حينما يقف بين يدي ربه ذليل مستكيناً متواضعاً لعظمته وجلاله حينما يقول الله أكبر فيعتقد حقاً أن الله أكبر من كل شيء وأنه الكبير المتعال حينما يقرأ فاتحة الكتاب { الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الفاتحة: 2]، فيستشعر بنعم الله عليه وعظيم فضله عليه عندما يقرأ { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } [الفاتحة: 4]، فيستشعر بعظمة الرب وكمال وعظمته وجلاله وإحاطته بكل شيء عندما يقرأ { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة: 5]، فهناك إخلاص العبادة لله وهناك الاستعانة بالله وعندما يقرأ { اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة: 6-7]. فإنه يسأل ربه الهداية لطريق الصواب والإبعاد عن طريق أهل الشقاء والضلال، يقول الله جلَّ وعلا: “قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال { الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }، قال الله حمدني عبدي وإذا قال: { الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }، أثنى علي عبدي وإذا قال: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }، قال الله مجدني عبدي وإذا قال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }، قال الله هذا بيني وبين عبدي وإذا قال: { اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ } [الفاتحة: 1 – 7]، قال الله هذا لعبدي ولعبدي ما سأل).
أيها المسلم، إنك تناجي ربك في هذه الصلوات الخمس تدعوه فتدعوا قريبًا مجيبا وتسأله فتسأل كريماً جواداً وتستعين به فتستعين بعزيز غير ذليل إنها فرصة لك في هذه الصلوات الخمس لتطهير قلبك من أدران الذنوب والمعاصي إنها البرهان الصادق على صحة الإيمان والعقيدة إنها مكفرة للسيئات يقول صلى الله عليه وسلم: “الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفِّرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر”، فحافظ أيها المسلم على هذه الصلوات في أوقاتها كلها ولازمها فإنها تمدك بكل خير إنها تمدك بالراحة والأنس وانشراح الصدر يقول صلى الله عليه وسلم: “ارحنا يا بلال بالصلاة”، ويقول: “جعلت قرة عيني في الصلاة”، فأحد يرتاح بالصلاة ويطمئن إليها وآخر يرتاح منها لثقلها عليه فأهل الإيمان الصادقين يحبون هذه الصلاة ويألفونها ويحافظون على أوقاتها ولا يخلّون بشيء منها طاعة لله وقربة يتقربون بها إلى الله.
أيها المسلم، حافظ عليها رحمك الله ولازمها في أوقاتها واجعلها من أهم أمورك فهي عون لك على كل ما أهمك في أمر دينك ودنياك يقول الله جلَّ وعلا: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [البقرة: 153]، ويقول: { وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ } [البقرة: 45]، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه تسليماً كثير.
أيها المسلم، إن هذه الصلاة عون لك على كل خير وعلامة الإيمان والعقيدة الصحيحة حافظ عليها حفظك الله يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الصلاة يوماً: “من حفظها وحافظ عليها كانت له نوراً ونجاة وبرهان يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نور ولا نجاة ولا برهان يوم القيامة وحشر مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف أئمة الكفر والضلال”، قال العلماء إن من شغله عن الصلاة ماله فهو شبيه بقارون ومن شغله عنها رئاسته وملكه فهو شبيه بفرعون ومن شغلها عنه وزارته فهو شبيه بهامان ومن شغله عن الصلاة تجارته فهو شبيه بأبي بن خلف أئمة الكفر والضلال.
أيها المسلم، كن حريصًا عليها كن محافظاً عليها كن محباً لها كن نشيطاً في أدائها احذر أن تكون كسلاناً في أدائها فذاك خلق المنافقين الذين قال الله في حقهم: { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } [التوبة: 54]. فالحذر الحذر من تضييعها والتهاون بها أسأل الله أن يوفقني وإياكم لحبها والمحافظة عليها إنه على كل شيء قدير.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه أنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، حمداً كثيراً، طيِّباً مباركاً فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّداً عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.
عِبادَ الله، يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } [طه: 132] ، فأمر الله نبيه أن يأمر أهله بالصلاة ويذكرهم بها ويرغبهم فيها ويصبر على ما يصيبه من ألم في عدم القيام بها وهكذا المسلم يربي أبناءه وبناته ومن في بيته على هذه الصلاة يرغبهم فيها يحثهم عليها يدعوهم لأدائها يرونه ينطلق لها كل وقت فعند ذلك يقتدون به في هذا العمل الصالح إن هذه الصلوات الخمس تبعث بالنفس النشاط وانتظام المواعيد والتزامها يقول صلى الله عليه وسلم: “يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إن هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فنم فإن قام وذكر الله انحلت عقدة وإن توضأ وصلى انحلت أخرى فإن قام وذكر الله عقدة وإن توضأ انحلت أخرى وإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح طيب النفس نشيطاً وإلا أصبح خبيث النفس كسلان”، فالصلوات الخمس عندما يفتتح بها المسلم يومه بصلاة الفجر فيقوم ذاكراً لله داعياً راجياً يؤدي هذه الصلاة فهو في ذمة الله وحفظ الله له يبتدئ يومه بعمل صالح وخير صالح وختم يومه بصلاة العشاء جاء في الحديث إن عند كل صلاة ملك ينادي يا من أوقدوا نيرانهم قوموا إلى نيرانكم فاطفئوها وجاء في حديث ابن مسعود تحترقون فإذا صليتم الفجر غسلتها تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها فهي مفتاح عملك ونهاية عمل يومك فاتق الله فيها وحافظ عليها ولازمها وإياك والتهاون بها وإياك والاستخفاف بها وإياك أن تجعلها من آخر أعمالك اجعلها رأس مالك فهي والله خير الأعمال وأفضل الأعمال لا يحافظ عليها إلا مؤمن يرجو الله ويخاف عقابه وإن من عطلها وضيعها فإن ذلك دليل على نقص إيمانه إن لم يكن والعياذ بالله خالي القلب من الإيمان نسأل الله الثبات على الحق والاستقامة عليه إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ؛ ومن شذَّ شذَّ في النار، وصَلُّوا رَحِمَكُم اللهُ على محمدِ بنِ عبدِ الله، كما أمَرَكُم بذلك ربُّكم، قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [الأحزاب: 56].
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم، وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين الأئمةِ المَهدِيِّين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانِكَ، يا أرحمَ الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، ودمِّرْ أعداءَ الدين، وانصُرْ عبادَك المُوَحِّدين، واجعلِ اللَّهُمَّ هذا البلدَ آمناً مُطمئِناً، وسائرَ بلاد المسلمين، يا ربَّ العالمين، اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلحْ أئمتََََّنا ووُلاةَ أمرِنا، اللهمَّ وفِّقْهُم لما فيه صلاح الإسلامِ والمُسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ، عبدَ الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير، اللَّهمَّ أمده بعونك وتوفيقك وتأييدك وكن له عونًا ونصيرًا في كل ما أهمه اللهم اِجمَعْ به كلمةَ الأُمَّةِ ووحد به صفوفها على الخير والتقوى، اللهم شد عضده بولي عهده سلطان بن عبدالعزيز ومتعه متاعاً حسنا وألبسهُ بالصِّحةِ والسَّلامةِ والعافِية، ووَفِّقْ النائبَ الثانيَ لكلِّ خير، اللهم اجعلهم أئمة هدى وقادة خير إنك على كل شيء قدير، { رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } [الحشر: 10] { قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [الأعراف: 23]، ربَّنا آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذابَ النار.
عبادَ الله، { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النحل: 90]، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
سماحة مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء
العلاَّمة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ
المصدر :الدعوة
Comments: 0