أمريكا:3 أميركيات انتقلن من الإلحاد إلى الإسلام قدَّمن الترجمة الأكثر انتشاراً للقرآن

السبت 4 رجب 1438 الموافق 1 أبريل/ نيسان  2017 وكالة معراج للأنباء الإسلامية

كُتِبَت واحدةٌ من أكثر الترجمات الإنكليزية للقرآن الكريم تأثيراً وأوسعها انتشاراً بيدِ ثلاث نساء أميركيات اعتنقن الإسلام في الثمانينات، ويعشن ويعملن الآن في المملكة العربية السعودية.

لكن ما يجعل ترجمة “صحيح إنترناشيونال” للقرآن مختلفةً جداً عن غيرها من الترجمات النسائية للقرآن هو أنها لا تحمل تأويلاً نسوياً لبعض آيات القرآن، بحسب  وكالة السبيل.

فعلى العكس، تتمتع نسخة “صحيح إنترناشيونال” بشعبيةٍ واسعةٍ تشمل بعض الإسلاميين الأكثر تحفظاً. ومؤخراً، أصبحت الترجمة التي يبلغ عمرها عقداً من الزمن، النسخة الرئيسية المستخدمة في دعاية تنظيم (داعش) باللغة الإنكليزية، حسب تقرير لموقع الديلي بيست الأميركي.

ويظل منتجو هذه الترجمة مجهولين إلى حدٍّ كبير، بناءً على رغبتهم الشخصية بصفةٍ رئيسية. وفيما يلي نروي لكم قصة تحول ثلاث سيداتٍ من الولايات المتحدة، ليصبحن من أكثر ناشري القرآن تأثيراً في العالم.

بينما كانت قريناتها منشغلات بالانتشاء من المخدرات ومتابعة الموضة، قضت إيميلي عصامي فترة السبعينات في دراسة اللغة العربية بدمشق في سوريا، حيث انتقلت المرأة المولودة في كاليفورنيا للعيش مع زوجها العربي.

وصلت إيميلي إلى سوريا وهي ملحدة. ولم يمضِ وقتٌ طويل قبل أن تُعجَب بمعاني القرآن، وتبدأ في دراسة اللغة العربية بجامعة دمشق، لتعتنق بعدها الدين الإسلامي وتنتقل إلى المملكة العربية السعودية. أما الآن، فهي تُعرف باسم أم محمد لمتابعيها، أو اسم آمنة الذي اختارته لنفسها.

ونصت السيرة الذاتية لإيميلي التي وردت في كتاب “Why Women Are Accepting Islam” على التالي: “كانت دائماً تسعى للوصول إلى الحقيقة، لكنَّ والدها كان عالماً لم يؤمن بوجود إله. وكانت دائماً تتمنى أن يكون لها إلهٌ يتحدث إليها ويرشدها مثل الأنبياء“.

ووفقاً لهذه السيرة الذاتية، فقد نشأت إيميلي في أسرةٍ من الملحدين، لكن اهتمامها بالإسلام ظهر لأول مرةٍ بعد حضورها لدرس مقارنةٍ دينية متحيز يلقيه أستاذ تاريخ.

ويُضيف الكتاب: “أرادت أن تعرف عن النبي محمد وما قاله عن الله، وكانت ترى أنَّه في حال وجدت كلامه غير عقلاني، ستتوقف عن التفكير في المسألة إلى الأبد“.

بعدها طلبت إيميلي من والدها أن يساعدها في إيجاد كتابٍ عن النبي محمد. لكنَّه أخبرها بأنَّ جميع الكتب في المكتبة حول هذا الموضوع لم يكتبها مسلمون، وهو الأمر الذي كان يزعجه بشدة.

ولكن، بمجرد أن حصلت إيميلي على نسخةٍ من القرآن، تغيَّر شيءٌ ما في داخلها. وجذبتها أوجه الشبه بينه وبين الكتب المقدسة التي تعرفها.

وكتبت إيميلي: “بدأتُ في قراءة ترجمة القرآن منذ البداية. وجدتُ الكثير من الأشياء التي لم أفهمها، وأشياء أُخرى أبهرتني. قررتُ متابعة القراءة لعدم قدرتي على النوم في جميع الأحوال، واستمررتُ في القراءة رغم عدم رغبتي فيها أحياناً حتى أمتنع عن المبالغة في التفكير، وفجأةً وجدتُ هذه الكلمات أمامي: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ). وشعرتُ بتحسنٍ كبيرٍ بعدها“.

أما زميلتاها اللتان يصغرانها بعقدين من العمر، فقد انضمتا إليها فيما بعد.

أولهما ماري كينيدي، التي كانت تَدرُس اللغة الإنكليزية، وهي من مواليد أورلاندو وتعمل محررة في دار نشر، ونشأت وسط أسرةٍ مسيحيةٍ في فلوريدا. صرّحت ماري لصحيفة عرب نيوز بأنَّها كانت فضولية، لكنَّها “لم تكن تشعر بأي شيء تجاه الكثير من الأمور”. واختلفت الأمور عندما بدأت في قراءة النصوص الإسلامية.

وقالت إنَّ اعتناق أخيها الإسلام أسهم في تسهيل طريقها، كما أنَّ عائلتها قدمت لها دعماً كبيراً.

وأضافت ماري: “لم تكن صدمةً بالنسبة لأسرتي أن يروا أحداً يسلك طريقاً مختلفاً. وساعد في تقبلهم للأمر أنَّهم شاهدوا مدى جديتي بشأن الإسلام، واستقراري وسط أسرةٍ مسلمةٍ، وتعايشي مع قواعد الإسلام“.

أما الثالثة، أمة الله بانتلي، فهي تماماً مثل إيميلي، بدأت رحلتها إلى المملكة العربية السعودية مبكراً. فمنذ طفولتها، لم تكن تجد الكاثوليكية التي نشأت عليها مُرضيةً بما فيه الكفاية. وكل مرة تذهب للاعتراف، أياً كانت خطيئتها، لم تنجح في التخلص من الشعور بالندم.

وتذكرت أمة الله ذلك قائلةً: “رددي السلام الملائكي عشر مرات، وتعهدي ألا تفعلي ما فعلتي مرةً أخرى“.

لا يمكن أن أعيش كالمسلمات

سعت أمة الله للتحرر من كاثوليكية عائلتها من خلال فقدان الإيمان، لكنَّها ظلت تتوق إلى قوةٍ عليا، قوة تؤمن بأنَّها خلقت الكون. وأضافت: “في عقلي، كنت متمسكةً بفكرة (الطبيعة الأم)”.

والتقت بعدها بالطلاب الدوليين المسلمين في الجامعة، ورغم عدم التزامهم دينياً، لكنَّهم نجحوا في جذب اهتمامها. وبدأوا في النقاش حول الأديان، رغم تردد أمة الله في البداية.

وتذكرت رأيها في البداية قائلةً: “أتذكر أنَّني كنتُ أقول لنفسي: (من المستحيل أن أعيش بهذه الطريقة أبداً). ومن الواضح أنَّني كنت واقعة في فخ الفكرة الشائعة الخاطئة أنَّ النساء يمتلكن حقوقاً أقل في الإسلام“.

لكن أمة الله حافظت على فضولها. وتعلمت المزيد عن الإسلام، وأدركت أنَّ النساء يتعرضن لسوء المعاملة في الدول الإسلامية نتيجة الثقافات المحلية وفكر البشر هناك، وليس بسبب الإسلام.

وأضافت: “رأيتُ جمال الإسلام وأدركتُ أنَّه دين الله. واعتنقتُ الإسلام عام 1986، وانتقلتُ إلى المملكة العربية السعودية في العام التالي“.

صدفة

وعام 1989، تعرفت على دار أبو القاسم عندما طلبت منها صديقة أرملة أن تعرض مخطوطات زوجها الراحل على دار نشر. وسألتها أمة الله عما إذا كان بإمكانها قراءة المخطوطات قبل تسليمها، وعادت ببعض المقترحات ونصحت الأرملة بتعديلها.

ثم استعانت أمةُ الله بماري لتعمل كمُراجعةٍ إضافيةٍ على نسخة اللغة الإنكليزية، بينما ساعدتهما إيميلي، التي كانت تجيد اللغة العربية إجادةً تامةً وقتها، في العودة إلى النصوص العربية التي لم تكن ترجمتها واضحةً في الكتاب.

وتقول أمة الله: “باختصار، قمنا بتنقية وإعادة تنظيم النص وإعداده للنشر. وأُعجِبَ الناشر بتعديلاتنا، لذلك استمر ثلاثتنا في تحرير أعمال المؤلف الأخرى، قبل أن نشرع في كتابة عناويننا الخاصة فيما بعد“.

ومنذ حينها، استمرت النساء الثلاث في العمل كفريقٍ على مختلف النصوص تحت اسم (صحيح إنترناشيونال). ومع مرور الوقت، بدأ الناس يقترحون عليهم العمل على مشروعٍ أكبر: “القرآن“.

ضرب الزوجات

ولم تقتصر محاولة ترجمة القرآن على مترجِمات فريق صحيح، ولكن هناك امرأتين أخريين أعدت كل منهما نسخةً إنكليزية كاملة من القرآن. وهناك العديد من النساء الأخريات اللاتي عملن مع فِرق كبيرة ومشتركة لترجمة القرآن إلى الإنكليزية، بما فيها كتاب “The Study Qur’an”، الذي نُشر عام 2015 ولاقى إشادةً واسعة.

ولكن المترجمتين لاله بختيار وطاهرة صفار زاده انتهجتا أسلوباً مختلفاً في ترجمة القرآن. وأُشيد بالمترجمة الإيرانية طاهرة صفار زاده بعد موتها، لترجمة القرآن إلى “قصائد إنكليزية”. أمّا نسخة لاله بختيار، التي قد تكون أشهر مترجمة، فقد سعت إلى تفسير سورة النساء تفسيراً وصف بأنه أعمق، وتحديداً الآية 34 التي تفسر أنها توضح الحالات التي يتاح فيها للرجال ضرب زوجاتهم.

وتقول الآية: “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا“.

وكانت لاله بختيار الأميركية الإيرانية، التي نُشرت ترجمتها الإنكليزية للقرآن تحت اسم “The Sublim Quran” عام 2007، قد تربَّت تربيةً كاثوليكية في الولايات المتحدة، ولكنَّها انتقلت فيما بعد إلى إيران، حيث درست على يد الفيلسوف الإيراني سيد حسين نصر (أحد المشاركين في إعداد كتاب “The Study Qur’an”)، وانتهى بها المطاف إلى اعتناق دين والدها. ثم درست لاله اللغة العربية، وحملت على عاتقها مهمة ترجمة القرآن، واضطرت لاله، كما تقول الرواية الأصلية، لحل تناقضات الآية 34 من سورة النساء للمرة الأولى.

وتقول لاله في حديثها لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية: “قُلت في نفسي إنَّ هذه الآية لا بد أنَّها تحمل في طياتها معنىً آخر، وإلا فلن أستطيع مواصلة الترجمة. لا يمكنني تصديق أنَّ الله قد يُجيز إيذاء إنسانٍ آخر تحت أي ظرفٍ باستثناء الحرب”، حسبما نقله عنها التقرير.

ثم عكفت لاله عدة أشهر على استكشاف الفعل العربي “ضَرَب” الذي يُثير التساؤلات، قبل أن تعثر مُصادفةً على أحد معانيه وهو “ابتعد“.

وأضافت لاله في حديثها مع الصحيفة نفسها قائلةً: “قُلت لنفسي، يا إلهي، هذا ما قصده النبي، حين كانت تحدث مشكلةٌ بين النبي وزوجاته، ماذا كان يفعل؟ لم يكن يضربهن النبي، فلماذا قد يُقدم أي مسلم على فعل شيءٍ لم يفعله النبي؟“.

إذاً، في ترجمة لاله، يُقرأ الجزء الأخير المترجم بهذه الصيغة: “واللاتي تخافون عصيانهن (نشوزهن)، فعظوهن واهجروهن في المضاجع، ثم ابتعدوا عنهن“.

وهناك أيضاً كميل هيلمنسكي، التي ترجمت أجزاءً كبيرة من القرآن إلى الإنكليزية، وفقاً لأطروحةٍ نشرتها الباحثة ريم حسن. وتزعم كميل هيلمنسكي على موقعها الإلكتروني أنَّها أوّل مترجِمة إلى الإنكليزية.

وفي حقيقة الأمر، فإن الترجمة التي أعدها فريق صحيح إنترناشيونال قد سبقت كل هذه المحاولات، إذ نشر الفريق نسخته المترجمة من القرآن عام 1997.

كلام الله

حسب تقرير الديلي بيست ما يجعل الأمر أكثر تعقيداً هو أنَّ مشروع الترجمة بأسره يُعَدُ محفوفاً بالمخاطر، من منظور الدين الإسلامي. فالقرآن كلام الله الذي لا ينطق عن الهوى، وليس مجرّد “كتاب” عادي، ويُعَدُ حفظ القرآن علامةً على البراعة وعلو المكانة.

ويقول بروس لورانس، الباحث الأميركي في الدين الإسلامي بجامعة ديوك، في حديثه لموقع “دايلي بيست” الأميركي: “على مدار معظم تاريخ العالم الإسلامي، لم يُقدِّس المسلمون سوى النص العربي للقرآن، لأنَّه كلام الله الذي لا ينطق عن الهوى.
فالجمال الفاتن للتلاوة القرآنية العذبة التي تلمس القلب وتُشعِر المرء بتناغم الآيات وعظمتها لن يتأتى إلا عبر الصوت البشري، ولا يمكن أن يحدث كل ذلك بمجرد قراءة الآيات بالنظر“.

ولذلك تُشبه ترجمة القرآن من العربية إلى أي لغةٍ أُخرى تمرير كلمات الله عبر مُرشِّحٍ إنساني”، حسب تعبيره، ولهذا السبب لا يُشير معظم المسلمين إلى هذه الترجمات بعنوان “The Qur’an”، ولكنهم يفضلون العناوين التي تُشير إلى أنَّها نُسخٌ مُعدَّلة، وغالباً ما يظهر فيها النص العربي الأصلي جوار الترجمة.

ويضيف لورانس: “حتى يومنا هذا، إذا ذهبت إلى الأزهر (المركز البارز لتعليم الدين الإسلامي في مصر)، سيقولون لك إنَّ هناك جهوداً لتفسير القرآن باللغة الإنكليزية، ولكن لا يمكن أن توجد نسخةٌ إنكليزية من القرآن“.

وكان فريق صحيح إنترناشيونال قد اتبع الأسلوب نفسه في نسخته المنشورة تحت عنوان “The Qur’an: English Meanings & Notes”.

قد تؤجج هذه المحاولات النسائية لتفسير القرآن الغضب، وهذا أمرٌ مفهوم. ولكن المشكلة تتخطى مجرد الاعتراض على أحد النصوص، إذ يُزعَم في حالة أي خطأ في الترجمة أنَّ ملايين المسلمين قد يسيئون فهم كلام الله.

ووفقاً للمقابلة التي أجرتها صحيفة نيويورك تايمز مع لاله بختيار عام 2007، تعتقد لاله أنَّ “النساء يجب أن يعرفن أن هناك مقصداً آخر” لآية ضرب الزوجات“.

وقالت لاله: “سيعارض الرجال كذلك فكرة قيام شخصٍ أميركي، وخاصةً إذا كان امرأة، بإعادة تفسير الترجمة المنتشرة لهذه الآية”، وفقاً لما ذكره مقال الصحيفة حينذاك.

بيد أنَّ أمة الله قالت إنَّ مترجمات فريق صحيح لا تساورهن هذه المخاوف. إذ إنَّ غرضهن لم يكن إعادة التفسير.

استغرق مراسل الديلي بيست الذي كتب هذا التقرير عاماً كاملاً في محاولاته لإجراء مقابلة مع سيدات “صحيح إنترناشيونال“.

وتم رفض محاولاته الأولى بدعوى انشغالهن، أو تعرضهن للانتقاد من وسائل الإعلام مسبقاً. لكن آخر محاولاته نجحت في الحصول على رد، إذ استجابت أمة الله لطلبه.

قدرة لا مثيل لها

وتقول أمة الله إنَّ إيميلي، التي تُشير إليها بـ”أم محمد”، تقوم بالتدريس في مركزٍ إسلامي بمدينتها. وفي الواقع، تعلمت أمة الله على يديها أيضاً.

وأضافت أمة الله: “كتلميذةٍ لديها، أدركتُ أن قدرة أم محمد على شرح التعبيرات العربية باللغة الإنكليزية ليس لها مثيل لدى أي مدرسٍ شرح لي النصوص العربية من قبل. وكان هذا واضحاً على الأخص في ترجمتها لآيات القرآن“.

وبعد أن أخبرت أمة الله المالك السابق لدار أبو القاسم عن موهبة إيميلي، أمضى المالك سنواتٍ في محاولة إقناعها بالعمل على المشروع.

وقالت إيميلي (أم محمد) لصحيفة عرب نيوز: “عندما بدأ في اقتراح العمل على ترجمةٍ لمعاني القرآن أفضل وأسهل من الترجمات المتاحة، رفضتُ على الفور، لم أكن مؤهلةً لذلك، ولم يكن من الممكن أن أفكر حتى في الموضوع“.

ولكنَّها وافقت في النهاية، وساعدتها ماري وأمة الله في “تحرير واقتراح الحواشي”، ونُشِرَت النسخة الأولى عام 1997.

وفي عام 2007، تقاعد مالك دار أبو القاسم. واشترت إيميلي المتجر ودار النشر.

ووصفت صحيفة عرب نيوز الثلاثي خلال زيارتها لمتجر الكتب الخاص بهن في جدة عام 2010 بـ”النساء الأميركيات اللاتي يرتدين النقاب وتملؤهن الثقة“.
وقام الثلاثي من قبل بطباعة وتوزيع كتيباتٍ ومنشوراتٍ عن الإسلام باللغة الإنكليزية. لكن ترجمة معاني القرآن الكريم كانت أمراً مختلفاً تماماً.

وتقول أمة الله: “اختلف الأمر عن مشاريعنا السابقة نظراً لكمية البحث التي قمنا بها لنقدم ترجماتٍ مقبولة لمعاني القرآن، مع الالتزام بقواعد اللغة الإنكليزية. فبعض الجمل القرآنية كانت تحتمل أكثر من معنى، لكن الترجمة عادةً ما تسمح لك بنقل تفسيرٍ واحدٍ فقط من المعاني المقصودة“.

كانت إيميلي قد بدأت دراستها للغة العربية قبل ثلاثة عقود. وتذكرت ذلك الوقت قائلةً: “لم يكن الناس يتمكنون من الإجابة عن أسئلتي، لذلك أدركتُ أنَّه يجب عليَّ دراسة اللغة العربية لفهم ما يقوله علماء الدين“.

لكنها لم تكن عالمة دين، لذلك واجهت بعض القيود في المشاريع التي يمكنها القيام بها. وتألمت النساء وهن يوضحن أنَّهن اضطررن للبدء من الصفر: فترجمات إيميلي تستمد قوتها من علماء الدين الموثوقين، الذين اعتمدت عليهم وقامت بالتنسيق معهم.

وتقول أمة الله: “اتضح فيما بعد أنَّ القليلين الذين حاولوا التشكيك بنا، رغم حسن نيتهم ورغبتهم في حماية معاني القرآن، كانت لديهم مخاوف بشأن صياغة بعض الجمل. وفي جميع الحالات، اتضح أن لغة الشخص الأصلية كانت العربية، لذلك أساؤوا فهم المصطلحات الإنكليزية“.

وتواصلت إيميلي مع بعض هؤلاء الأشخاص لتوضيح معانيها ولغتها. وتضيف أمة الله: “ساعدنا ذلك على تبسيط اللغة وإضافة هوامش مفيدة في الطبعات اللاحقة“.

الدقة وليس الجمال

والآن، يُنصَح الناطقون باللغة الإنكليزية باستخدام ترجمة صحيح إنترناشيونال على الإنترنت. وعادةً ما تكون هي الترجمة الافتراضية على المواقع الدينية، على الرغم من عدم شهرتها أو استخدامها على نطاقٍ واسعٍ في الدوائر الأكاديمية.

ووصف الدكتور لورانس المشروع بأنَّه جزءٌ من الجهود الأخيرة للحصول على “نسخةٍ إنكليزيةٍ من الدرجة الأولى” للقرآن، على الرغم من أنَّه يجده مفتقداً لبعض الصفات الموجودة في ترجماته المفضلة الأخرى.

اهتم مترجمو “صحيح إنترناشونال” بالدقة في المعاني، وتجاهلوا الجماليات اللغوية. وعادةً ما يتساءل المهتمون على الإنترنت عما إذا كانت هذه الترجمة موثوقة، وتأتي الردود إيجابيةً بشكلٍ عام. ومن آنٍ لآخر، يذكر المعلقون أنَّ المترجمين من النساء. وفي أوقاتٍ أخرى، يهاجم المسلمون الشيعة التفسيرات السنية الواضحة لصحيح إنترناشيونال.

 سنة وشيعة 

وكتب أحد المعلّقين (الذي كان سنيَّاً وأصبح شيعي المذهب) على الإنترنت: “استخدمتُ صحيح إنترناشيونال كسني وشيعي على حد سواء. كسني لم أجد فيه أي خطأ، لكنِّي عندما أصبحتُ شيعياً، وجدت فيه جميع عيوب الترجمات السنية الأخرى. وحالياً أحاول تجنب استخدام صحيح إنترناشيونال، لأنَّه يعتبر الترجمة السنية الأكثر تحيزاً التي قابلتها على الإطلاق“.

ويختلف القراء السنة والشيعة على ترجمة بعض الآيات إلى اللغة الإنكليزية. وبينما استنكر المعلق الشيعي رسائل ترجمة صحيح إنترناشيونال، كتب سامي الجعراني (يبلغ من العمر 24 عاماً ومن ولاية نيويورك) رسالة وداع لأخيه في حال تعرض للقتل أثناء قتاله في صفوف تنظيم داعش، وترك في رسالته وصيةً رئيسيةً واحدة. إذ قال سامي لأخيه طارق: “استمر في القراءة. اقرأ قرآن صحيح إنترناشيونال، فهو الترجمة الأفضل“.

اللافت أن كاتب هذا التقرير تعرَّف في البداية على “صحيح إنترناشيونال” أثناء بحثه عن الترجمة المستخدمة في وسائل الدعاية الرسمية لداعش، مثل مجلة دابق.
وتعتمد دابق ووسائل داعش الإعلامية الأخرى على ترجمة صحيح إنترناشيونال، وهو ما يعني وجود تفضيل متفق عليه لهذه الترجمة.

والغريب في الأمر هو اعتماد منظمة تقلل من دور المرأة مثل داعش على ترجمة نسائية لأُسسها الأيديولوجية الدينية. لكن لا مجال لتجاهل فكرة أنَّ ما يميز ترجمة “صحيح إنترناشيونال” هو مدى عدم استثنائيتها، إذ كان الهدف منها هو تسهيل الوصول للمعرفة الدينية التقليدية وليس الإبداع.

ولنأخذ على سبيل المثال الآية رقم 34 في سورة النساء، التي حاولت لاله بختيار تأويلها بشكلٍ نسوي. إذ ترجمها فريق صحيح إنترناشيونال بلغةٍ تحافظ على الكلمة التي سببت الكثير من الأزمات للمدافعات عن حقوق النساء، وهي كلمة “وَاضْرِبُوهُنَّ“.

لهذا حصل صحيح إنترناشيونال على ترخيص الحكومة السعودية بنشره، مثل كافة المطبوعات الدينية الصادرة في المملكة. وتقول أمة الله: “أعلم أن هذه الترجمة كانت في وقتٍ من الأوقات الترجمة الإنكليزية الرسمية المعتمدة في المملكة، لكنني لم أكن جزءاً من هذه العملية. وذكر المالك السابق لدار أبو القاسم، الذي كان يمتلك حقوق الملكية الفكرية لترجمتنا حينها، هذه الحقيقة“.

وأضافت أنَّ المالك قام ببيع حقوق النشر للمنتدى الإسلامي في لندن قبل وفاته، وأصبح المنتدى متحكماً في الطباعة والتوزيع.

وأسهمت أعمال ونجاح صحيح إنترناشيونال في مساعدة الثلاثي على حصد الأتباع وسط بعض فئات النساء المسلمين. ووصل الأمر بالبعض لتسميتهن “بالنسويات السلفيات”، في إشارةٍ إلى المذهب المحافظ من الإسلام المتبع في المملكة العربية السعودية.

لكن أمة الله استنكرت هذه التسمية في مراسلاتها مع الصحيفة.

إذ كتبت: “نحن لا نتفق مع هذه التسمية على الإطلاق. ونعارض المسميات لأن كلماتٍ مثل (سلفية) و(نسوية) تحمل معاني مختلفةً بالنسبة لكل شخص. فالبعض يراها مصطلحاتٍ إيجابيةً، والبعض الآخر يرى العكس تماماً. وإذا كنا سنطلق على أنفسنا اسماً، فيكفي وصفنا بـ(نساءٍ مسلمات)”.

وكالة معراج للأنباء الإسلامية

 

اقرأ أيضا  أدلة جديدة لـ"حظر الأسلحة الكيميائية" على استخدام الأسد لغاز السارين
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.