بعد هجوم برشلونة.. الرفض المثير للإسلاموفوبيا
برشلونة(معراج) – لم تكد الدماء التي نزفت جراء الهجوم الذي ضرب مدينة برشلونة الإسبانية قبل أيام تجف، حتى باتت برشلونة والمنطقة المحيطة بها في إقليم كتالونيا أمام اختبار واجهته سابقًا عدة مدن أوروبية كبرى في العامين الماضيين، حيث تتجمع أكبر جالية مسلمة في إسبانيا.
وحتى الآن، يبدو أن برشلونة تستجيب بطريقة مختلفة عن جيرانها، الذين اتسمت ردود أفعال بعضهم بصعود المشاعر المعادية الشرسة للمهاجرين والمسلمين، وفي بعض الحالات تُرجمت إلى مشاكل سياسية، وفق السوسنة.
وعلى الرغم من أن هناك تقارير متفرقة عن التطرف العنيف ضد المسلمين في المدينة، يبدو أن برشلونة تقاوم الانجرار إلى ثقافة الصراع والنزاع، حيث تميل المدينة التقليدية إلى اليساريين، حيث عاش المسلمون لعدة قرون، بينما اختار المسؤولون والمواطنون التحدث علنًا ضد احتمال حدوث هذا النوع من ردود الفعل للإسلام، كما يُنظر إليه في أماكن أخرى بأوروبا.
الاندماج وبذور التطرف
ويوم الأحد، سار آلاف المسلمين المحليين في الشارع الذي وقعت فيه أول الهجمات “الإرهابية” المنسقة، وتجمع رجال ونساء، الكثير منهن كن من المحجبات، وهتف المتظاهرون “أنا مسلم، ولست إرهابيًا”، واصطف غير المسلمين على الأرصفة، يصفقون ويصرخون. البعض منهم تقدم لعناق المتظاهرين أثناء مرورهم.
وفي مؤتمر صحفي، الأحد، عن مجريات التحقيق، قال “كارليس بويجديمونت” الرئيس الإقليمي لكاتالونيا، الذي تحدث دفاعًا عن السكان المغاربة المحليين: ” المجتمع المغربي مندمج في كاتالونيا، وقدم إسهامات هامة للمجتمع”.
وتُظهر الإحصائيات أن ربع الذين ألقي القبض عليهم للاشتباه بنزعاتهم المتطرفة في الفترة بين عام 2013 وحتى عام 2016 اعتقلوا في برشلونة وضواحيها، وفقًا للبيانات الصادرة عن “معهد الكانو” وهو مركز فكري مقره العاصمة مدريد.
وقال كارولا غارسيا-كالفو، كبير محللي “الإرهاب” في “الكانو”، بأن جزءًا من السبب في أن برشلونة كانت مركزًا لاستقبال المهاجرين، وواحدة من الأماكن القليلة في إسبانيا حيث ترعرعت مجموعة ضعيفة من شباب الجيل الثاني من المهاجرين.
ويوم الجمعة، وبعد أقل من 24 ساعة على هجوم “لاس رامبلاس”، تظاهرت مجموعة صغيرة من حركة الكتائب اليمينية التابعة لمجموعة فاشية نشطة في إسبانيا في الثلاثينيات، احتجاجًا على ما أسموه “أسلمة أوروبا”.
بيد أن هذا كان أبعد ما يكون عن وجود هذا الشعور على نطاق واسع، حيث قام الآلاف من المناهضين لهذه المظاهرة بالاستجابة الفورية وقاموا بإجبار المجموعة المحدودة من اليمينيين في نهاية المسيرة على التفرق.
وفي الأيام الأخيرة، قال عدد من المواطنين المسلمين في برشلونة إنهم لم يتعرضوا للتمييز الكبير قبل أو بعد الهجمات التي وقعت الأسبوع الماضي، على الرغم من أن الكثيرين أكدوا بأن تجاربهم لا تعني أنه ليس هناك أي كراهية للإسلام في إسبانيا.
الحياة الطبيعية
تعيش المغربية شيماء جليلي (23 عامًا )، في نفس الحلقة الديمغرافية من المشتبه فيهم، وقالت إنها جاءت إلى برشلونة قبل ثلاث سنوات لدراسة التصميم.
وتقول جليلي: “في الواقع، برشلونة كانت كبيرة بالنسبة لي، لقد عشت في فرنسا وألمانيا، ولكني لم أشعر بالأمان أبدًا”.
وفي كل صباح تضع على رأسها الوشاح قبل الخروج وتقول: “لم أكن خائفة أبدًا”، وردًا على سؤال عن الخوف من الإسلام، قالت: “أنا لم أتعرض أبدً لأي شيء من ذلك”.
أما نوفل، وهو مغربي يبلغ من العمر 22 عامًا، ويعمل نادلًا في مقهى عصري في حي “نادال”، فقال بأنه شعر بتغيير دقيق في الطريقة التي ينظر إليه بها بعد الهجوم، وشعر بأنه يتعرض للتدقيق الشديد بسبب الطريقة التي يبدو عليها.
ويقول: “إنهم يرونني كرجل مغربي في سيارة، والشرطة تأمرني بالوقوف”، وبالأمس عند مغادرتي العمل، أوقفوني أربع مرات في الطريق من هنا إلى بيتي”. مؤكدًا بأنه يقيم على بعد مسافة قصيرة.
بينما قال سناء الله جوندال، وهو من أصل باكستاني (51 عامًا): “هناك البعض في حالة سكر أو ممن يتعاطون المخدرات يتكلمون في بعض الأحيان بكلام سيىء ولكن الناس العاديين لا يقولون أي شيء”.
بينما يقول فاهانجير سيجوم (52 عامًا): “لقد كان لي فقط بعض المشاكل مع اللصوص، وأخبرت الشرطة، أنا أعيش هنا أفضل من بلدي، إسبانيا هادئة جدًا”.
وأضاف: “أنا أذهب إلى منزلي، وأصلي في المسجد، وأعيش حياة طبيعية. هذا المتجر عمره ما يزيد على 15 عامًا، والحي كله تقريبًا يعرفني، وأنا أعرفهم، إننا نعيش كأخوة، كأعضاء في أسرة واحدة”.
وفي مظاهرة المسلمين يوم الأحد، وقفت الإسبانية ميغيل لورديس البالغة من العمر 50 عامًا وتقيم في برشلونة طوال عمرها، مع ابنها لتراقب المظاهرة وقالت: “هذا يدل على أنها مسيرة من القلب، إنها ليست وهمية”.
وكالة معراج للأنباء الإسلامية
Comments: 0