أسباب النزول – القول في آخر ما نزل من القرآن
الإثنين 08 شعبان 1434 الموافق 17 حزيران/ يونيو2013. وكالة معراج للأنباء (مينا).
أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ قال: حدثنا محمد قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال: أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب يقول: آخر آية نزلت {يَستَفتونَكَ قُلِ اللهُ يُفتيكُم في الكَلالَةِ}.
وآخر سورة أنزلت: براءة. رواه البخاري في التفسير عن سليمان بن حرب عن شعبة. ورواه في موضع آخر عن أبي الوليد. ورواه مسلم عن بندار عن غندر عن شعبة.
أخبرنا أبو بكر التميمي قال: أخبرنا أبو محمد الجياني قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا ابن المبارك عن جبير عن الضحاك عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت {وَاِتَّقوا يَوماً تُرجَعونَ فيهِ إِلى اللهِ}.
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن النحوي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن سنان المقري قال: أخبرنا أحمد بن علي الموصلي قال: حدثنا أحمد بن الأحمش قال: حدثنا محمد بن فضيلة قال: حدثنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله {وَاِتَّقوا يَوماً تُرجَعونَ فيهِ إِلى اللهِ} قال: ذكروا هذه الآية وآخر آية من سورة النساء نزلت آخر القرآن.
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الصوفي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا الحسن بن عبد الله العبدي قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا شعبة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس عن أبي بن كعب أنه قال: آخر آية نزلت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم {لَقَد جاءَكُم رَسولُ مِّن أَنفُسِكُم} وقرأها إلى آخر السورة رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه.
عن الأصم عن بكار بن قتيبة عن أبي عامر العقدي عن شعبة. أخبرني أبو عمرو محمد بن العزيز في كتابه أن محمد بن الحسين الحدادي أخبرهم عن محمد بن يزيد قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا وكيع عن شعبة عن علي بن يزيد عن يونس بن ماهك عن أبي بن كعب قال: أحدث القرآن بالله عهداً {لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِّن أَنفُسِكُم} الآية وأول يوم أنزل فيه يوم الاثنين.
أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا الشيباني قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: حدثنا بن أبي خثيم قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا مهدي بن ميمون قال: حدثنا غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة أن رجلاً قال: يا رسول الله أرأيت صوم يوم الاثنين قال فيه أنزل القرآن وأول شهر أنزل فيه القرآن شهر رمضان قال الله تعالى ذكره {شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ}.
أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان النضروي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن مياسر قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن جابر بن الهيثم الغداني قال: حدثنا عمران عن قتادة عن أبي المليح عن واثلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان وأنزل التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان).
القول في آية البسملة وبيان نزولها
أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الجرجاني قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن الجوهري قال: حدثنا محمد بن يحيى بن منده قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا بشر بن عمار عن أبي رزق عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال: أول ما نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا محمد استعذ ثم قل بسم الله الرحمن الرحيم.
أخبرنا أبو عبد الله بن إسحاق قال: حدثنا إسماعيل بن أحمد الخلال قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن زيدان البجلي قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف ختم السورة حتى ينزل عليه {بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ}
أخبرنا عبد القادر بن طاهر البغدادي قال: أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر قال: أخبرنا إبراهيم بن علي الرملي قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا عمرو بن الحجاج العبدي عن عبد الله بن أبي حسين ذكر عن عبد الله بن مسعود قال: كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى نزل {بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ}
أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد الجرشي قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن عيسى بن أبي فديك عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال: نزلت {بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ} في كل سورة اختلفوا فيها فعند الأكثرين هي مكية من أوائل ما نزل من القرآن.
القواعد الأصولية المتعلقة بأسباب النزول (الصحيح المسند)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، محمد بن عبدالله (عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم)
فهذه سلسلة من الموضوعات المتعلقة بأسباب النزول أنقلها لكم من كتاب (الصحيح المسند من أسباب النزول) لفضيلة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي (حفظه الله تعالى)، والذي يتضمن الأخبار الصحيحة التي وردت في أسباب نزول آيات القرآن الكريم، أنقلها لكم سبباً سبباً؛ حتى نستفيد بها جميعاً، ويكون كل مسلم ومسلمةٍ على إحاطةٍ وإلمام بسبب نزول كل آية من آيات الكتاب العزيز، والذي يعد أمراً من الأهمية بمكان؛ ذلك أن أسباب النزول تساعد المسلم في فهم وقائع وملابسات الآيات، وتعينه كذلك على فهمها؛ لأن أسباب النزول من الأمور التي يستعين بها أهل العلم لفهم الآيات وتفسيرها، ومن ثم بناء الأحكام الفقهية المتعلقة بها.
ويسعدني تقبل ردودكم ومشاركاتكم الطيبة، والتي من شأنها نشر العلم النافع، وإثراء المادة العلمية، والاستفادة من المادة المطروحة بصورةٍ أكبر.
نبدأ بحمد الله وتوفيقه في الموضوع الأول:
*قواعد أصولية:
لأسباب النزول قواعد أصولية نشير إلى بعضها حسبما رسمه شيخنا محمود بن عبدالوهاب حفظه الله مقتصرين على المشهور منها وما لا بد منه رغبة في الاختصار.
* تعريف سبب النزول: سبب النزول يكون قاصرا على أمرين:
أحدهما: أن تحدث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها كما في سبب نزول {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} كما سيأتي إن شاء الله.
الثاني: أن يُسْأل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم فيه كما في سبب نزول آية اللعان كما سيأتي إن شاء الله.
* طريقة معرفته: أما طريقة معرفته فالعلماء يعتمدون في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو عن الصحابي فإن أخبار الصحابي عن مثل هذا له حكم الرفع قال ابن الصلاح رحمه الله في كتابه علوم الحديث.
الثالث: ما قبل إن تفسير الصحابي حديث مسند فإنما ذلك في تفسير يتعلق بسبب نزول الآية يخبر به الصحابي أو نحو ذلك كقول جابر رضي الله عنه: كانت اليهود تقول من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول.. فأنزل الله عز وجل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} الآية فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى رسول اله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمعدود في الموقوفات. والله أعلم أ. هـ. ص46.
أما قول التابعي نزلت في كذا فهو مرسل فإن تعددت طرقُه قُبِلَ وإلا فلا على الراجح عند المحدثين.
*العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والدليل على ذلك أن الأنصاري الذي قبل الأجنبية ونزلت فيه {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} الآية، قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ألِيَ هذا وحدي يا رسول الله؟ ومعنى هذا هل حكم هذه الآية يختص بي لأني سبب نزولها فأفتاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن العبرة بعموم اللفظ فقال “بل لأمتي كلهم”.
أما صورة السبب فجمهور أهل الأصول أنها قطعية الدخول في العام فلا يجوز إخراجها منه بمخصص وهو التحقيق وروي عن مالك أنها ظنية الدخول كغيرها من أفراد العام. أ. هـ. من مذكرة أصول الفقه للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله باختصار ص 206 و 210.
* قد تتعدد الأسباب والنازل وأحدكما في آية اللعان وغيرها من الآيات كما ستجده إن شاء الله في مواضعه وكذا قد تتعدد الآيات النازلة والسبب واحد كما في حديث المسيب رضي الله عنه في شأن وفاة أبي طالب وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم “لأستغفرن لك ما لم أنه عنه” فأنزل الله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}. ونزل في أبي طالب {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} والأمثلة على ذلك كثيرة ستمر بك إن شاء الله.
* صيغة سبب النزول إما أن تكون صريحة في السببية وإما أن تكون محتملة. فتكون نصا صريحا إذا قال الراوي سبب نزول هذه الآية كذا أو إذا أتى بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال كما إذا قال حدث كذا أو سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن كذا فنزلت الآية.
فهاتان صيغتان صريحتان في السببية وسيأتي لهما أمثلة إن شاء الله وتكون الآية محتملة للسببية ولما تضمنته الآية من الأحكام إذا قال الراوي نزلت هذه الآية في كذا فذلك يراد به تارة أنه سبب النزول وتارة أنه داخل في معنى الآية.
وكذا إذا قال أحسب هذه الآية نزلت في كذا أو ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا فإن الراوي بهذه الصيغة لا يقطع بالسبب فهاتان صيغتان تحتملان السببية وغيرها وسيأتي لها أمثلة إن شاء الله أ. هـ. مختصرا من كتاب مباحث في علوم القرآن لمناع القطان.
*فائدة:
من القرآن ما نزل لسبب ومنه ما نزل ابتداء بعقائد الإيمان وواجبات الإسلام وغير ذلك من التشريع وإنما ذكرت هذا لأن بعضهم طالبني في ذات مرة أن أذكر سببا آخر لقوله تعالى {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} الآية – عندما قلت له إن القصة التي وردت في ثعلبة ضعيفة. وكذا قوله تعالى {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} إلى آخر الآيات عندما قلت لبعضهم إن ما ورد أنها نزلت في علي وفاطمة ليس بصحيح وقد ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات ووافقه السيوطي فأحببت التنبيه على هذا لئلا يظن من لم يمارس سبب النزول أن لكل آية سببا.
هذا ما تيسر لي وإن كنت تريد المزيد فعليك بمراجعة الإتقان للحافظ السيوطي رحمه الله والله أسأل أن يثبت شيخنا المشرف على حسن توجيهه وتنبيهه على ما وقع مني من الأخطاء فإنه حفظه الله قد أتعب نفسه ولاحظ ملاحظة دقيقة فجزاه الله خيرا وبارك له في عمله وولده وماله آمين.
Comments: 0