آداب الكلام والمحادثة

السبت 14 ذو القعدة 1436//29 أغسطس/آب 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
الموسوعات الثقافية المدرسية
الحمد لله رب العالمين، جعل المؤمنين إخوة في الدين متحابين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة الحق واليقين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
للكلام آداب، وللحديث مع الآخرين أيضًا اعتبار، ينبغي علينا احترامه والعناية بألفاظه.
ويسرنا في هذا اليوم (…………) الموافق (………..) من شهر (……..) لعام (……..)، أن نكون معًا في رحلة عن آداب الكلام.

نبدأ بالقرآن الكريم:
القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا * وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا * وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا * قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا * قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ [الأحزاب: 13، 17].

ونستنير بقبسٍ من نور النبوة:
الحديث
عن أبي ذر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتق الله حيثما كنت، وأَتْبِع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن». رواه الترمذي.

ونصل الآن إلى كلمتنا الصباحية:
التثبت من الأخبار
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة لجمع صدقات بني المصطلق، فلما سمع القوم، خرجوا للقائه تعظيمًا لأمر الله ولرسوله، فهابهم، فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله، فرجع من الطريق على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي.

اقرأ أيضا  استثمار رمضان في العبادة - خطبة

فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وهم أن يغزوهم، فأسرع وفد من القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصوا عليه الأمر، وبينوا أنهم تلقوه بالصدقة فرجع، وتعوذوا بالله من غضب الله ورسوله.

هذا الموقف يجمل دلالات نبوية هادية:
الأولى: أهمية التثبت من الأخبار ومصادر المعلومات، حتى لا نبني أحكامًا خاطئة على الأخبار غير الصحيحة، أو المعلومات المضللة، وكثيرة هي الأخبار عبر وسائل الإعلام المختلفة وشبكات الإنترنت.

وعلى المسلم أن يكون حذرًا من الشائعات والأخبار الكاذبة، وعليه أن يتثبت ويتأكد قبل أن يسهم – بحسن نية – في إشاعة الخبر الكاذب.

وهذا ما وجهنا القرآن الكريم عليه من خلال هذا الموقف، فحين رجع بنو المصطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضحوا له الأمر، بأنهم تلقوا الوليد بن عقبة بالصدقة، تعظيمًا لأمر الله ولرسوله، وتعوذوا بالله من غضب الله ورسوله. أنزل الله قوله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6].

الثانية: الأثر السيئ للأخبار الكاذبة، فنرى في الموقف أن الحرب كادت أن تقوم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهؤلاء القوم.

الثالثة: خطورة الانقياد وراء وسوسة الشيطان وحديث النفس.

ففي هذا الموقف نرى أن الوليد بن عقبة انقاد لوسوسة الشيطان، وبنى على الوسوسة والأوهام أحكامًا مضللة.

والمؤمن كيس فطن، ينبغي أن تقوم أحكامه على الحقائق والأدلة الصحيحة، وليس على حديث النفس أو وسوسة الشيطان، وليدفع المؤمن عن نفسه هذه الوسوسة بذكر الله تعالى، والاستعانة بالله من الشيطان الرجيم.

من آداب الكلام الإنصات؛ فهل تعلم فوائد الإنصات:
فوائد الإنصات في التربية والتعليم
1- يساعد على تعلم الدروس وفهمها جيدًا، واستيعابها بشكل طيب، وبالتالي سهولة حفظها واسترجاعها.

اقرأ أيضا  هل في الإسلام بدعة حسنة؟

2- يساعد على فهم المسائل الصعبة والمواقف التعليمية المختلفة، فدقيقة شرود من الطالب تكلفه دقائق، لمجاراة الآخرين، وفهم الدروس، واستيعاب ما فاته، ومما يجدر الإشارة إليه أن على المعلم – في غرفة الدرس – مسؤولية في جذب انتباه وتركيز التلاميذ، ويمكن استخدام فواصل منشطة، وبعض الوسائل التعليمية لطرد الملل، وزيادة جرعة الانتباه والإنصات، وهذا يحتاج جهدًا وتفكيرًا غير عادي من العاملين في حقل التربية والتعليم.

3- يساعد الإنصات المتعلمين على إعداد وطرح بعض الأسئلة الذكية، تزيد في فهم الدروس، وتساعد على المناقشة وبثقة عالية.

4- يساعد الإنصات المتعلم على الإجابة عن أي سؤال يطرح، وبعضها قد يكون مفاجئًا وغير متوقع، وهي طريقة يستخدمها بعض التربويين لقياس قدرة الآخرين على الإنصات.

5- عندما يطلب المعلم حل سؤال محدد بطريقة معينة، فإن غير المنصتين قد يقومون بحل هذا السؤال بطريقة غير مناسبة.

6- تزيد الحاجة للإنصات كلما ارتقى في سلم التعلم، فالتعليم الجامعي يعتمد غالبًا على الإنصات.

لا يقتصر الصدق مع البشر، بل حتى مع الحيوان:
الصدق حتى مع الحيوان
في ذات يوم من الأيام خرج رجل مسلم مسافرًا من بلده إلى بلد بعيد، يريد حفظ حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ هذا الحديث عند رجل من حفظة الحديث، فلما وصل إلى هذا الرجل – وبعد جهد جهيد – طلب من هذا الرجل إطلاعه على الحديث، وكان هذا الرجل الحافظ للحديث يريد الإمساك ببهيمة عنده، فأوحى إلى البهيمة أن رداءه يحوي طعامًا لتأتي، فقال له الطالب للحديث: هل في ردائك طعام؟ فقال له: لا، فرد عليه قائلاً: ما كنت لآخذ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل يكذب حتى ولو على بهيمة، وتركه، وعاد إلى بلده دون أن يأخذ الحديث الذي تعب في سفره من أجله.. إنه تحرى الصدق في كل شيء، ومع كل شيء، وفي كل موقف، دون حرج أو خوف أو عمل حساب للناس.

اقرأ أيضا  أهمية التدبر في القرآن العظيم

ونختم بفقرة الخمس المهلكات المتعلقة التي تخرج من اللسان:
الخمس المهلكات
هناك أقوال وأفعال تنهي الحوار قبل بدايته، وهو ما يطلق عليه مصطلح “مهلكات الحوار” وهي:
1- النقد الجارح: في أثناء الحوار إذا نقد أحد الزوجين الآخر، فالموجه إليه النقد لا يستطيع الاستمرار في الكلام بعد ذلك.

2- الحكم بالخطأ: كأن يقول المتحدث “أنت أخطأت في..” بدء الحوار بهذا يجعل المستمع يقطع أي نقاش سيدور.

3- ترك الأمور على عواهنها – دون حوار أو مناقشة – متذرعين، (بأن الأحوال ستتغير مع الأيام) ونتركها، فهذا خطأ يحدث في نفس الإنسان تكدسًا… يؤدي إلى الحوار النفسي السلبي.

4- اجترار السوابق: إذا حدث خلاف آني، وحين مناقشته، تسترجع المشاكل السابقة كلها، وتقال مرة واحدة.

5- التسبيق بمعرفة المشكلة: كأن ترغب زوجة في مناقشة زوجها في مشكلة حدثت بينهما، فيسبق الزوج حديثها قائلاً: أنا أعرف ما تودين الحديث عنه، وبهذا يكون قد أغلق باب الحوار، وقد يحدث العكس في الحوار.

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى آخر فقراتنا، فإن تقيدنا بآداب الكلام، فالحمد لله، وإن حصل زلل أم نسيان، فالعفو عما جرى وكان؛ وتذكروا أن جروح اللسان أشد من جروح السنان.

“والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.