SCROLL TO CONTINUE WITH CONTENT

السلام في فلسطين يعني السلام في العالم

ADVERTISEMENT

SCROLL TO CONTINUE WITH CONTENT

آيات كونية في غزة

3 hours منذ قليل

7 Views ㅤ

Dini Istiqomah - 3 hours منذ قليل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
بقلم الإمام يخشي الله منصور

قال الله سبحانه وتعالى:

يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (سورة الصف: ٨)

يوضّح الإمام القرطبي رحمه الله في الجامع لأحكام القرآن أن هذه الآية جاءت إنذارا لكفار قريش الذين اشتدّوا في معارضتهم للإسلام، كما حملت في الوقت نفسه رسالة تطمين لرسول الله ﷺ، بأن دعوته ماضية إلى الاكتمال، وأن نور الحق سيظهر رغم كراهية المكابرين.

قراءة المزيد: النبي سليمان عليه السلام: ملك حكيم وقوة إلهية على مر العصور

كان كفار قريش يومئذٍ لا يملّون من السعي لإطفاء نور الإسلام؛ ينسجون الشبهات، ويشيعون التهم المختلقة، ويقلبون الحقائق بألسنتهم في محاولة لحجب ضياء الرسالة. لكنّ الله تعالى يقرر أن نوره، أي دينه وشريعته، لا يمكن أن يخبو مهما اجتمع أهل الباطل على طمسه.

ويشير الإمام إلى أن معنى الآية لا يقف عند حدود مشركي زمن النبي ﷺ، بل يمتد ليشمل كل جماعة وكل عصر يحاول فيه الناس صدّ نور الإسلام أو الوقوف في وجه انتشاره على مرّ الدهور.

كل محاولة لحجب الحقيقة بالباطل مصيرها إلى الزوال، فالله سبحانه وتعالى قد تكفّل بأن يظل نوره ساطعا، لا تنطفئ له شعلة ولا يستطيع أحدٌ إخماده.

وهذه الآية تمثّل وعدا إلهيا جازما بأن أهل الحق سيحظون دائما بنصر الله وتأييده، ولو اجتمعت قوى الدنيا كلّها لصدّهم أو القضاء عليهم.

قراءة المزيد: حل الدولتين أم استدامة الاستعمار؟ قراءة في طريق العدالة الحقيقية

وتحمل عبارة ﴿لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ﴾ معنى محاولات الكفار المتواصلة لطمس الشريعة، وإخفاء معالم الدين، عبر الدعاية المضلِّلة والأكاذيب والافتراءات. غير أنّ الله تعالى يردّ عليهم بقوله ﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾؛ أي إن الله ماض في إتمام نوره، ورفع كلمة التوحيد، وإظهار حجّة أهل الحق، وتأييدهم ورفع شأنهم عنده سبحانه.

ويذكر ابن كثير رحمه الله أن من يسعى لإطفاء نور الله أشبه بمن يحاول إطفاء شعاع الشمس بنفَسه؛ ينفخ حتى يتعب، بينما تبقى الشمس مشرقة لا يطالها عبث العاجزين.

ويقول سيد قطب رحمه الله في في ظلال القرآن:

“إنّ الظلام لا يقدر أن يطغى على النور؛ بل يكشف حدّ الفصل بين العتمة والضياء، وبين الحق والباطل.”

قراءة المزيد: أسطول صمود العالمي : سفنٌ لم تصل… لكن رسالتها بلغت الأعماق

وهي معان حيّة لا تزال تتجدّد في كل عصر.

وأمّا الآيات الكونية فهي إشارات إلى عظمة الله مبثوثة في هذا الكون الواسع؛ نلمحها في ظواهر الطبيعة، وفي أحداث الناس، وفي تقلبات المجتمع ومسيرة التاريخ. وكلها شواهد تزيد آياته القَولية في القرآن يقينا ووضوحا، وتربط الإنسان بربه من خلال ما يرى وما يسمع وما يعيش

دلائل انتصار الشعب الفلسطيني في غزة

يواصل أهل غزة تقديم صورة مدهشة من الثبات والصبر في وجه العدوان الصهيوني. فعلى وقع الغارات والحصار وضغط الحياة اليومي، يبقى المقاومون مرابطين في خطوط المواجهة، يدافعون عن أرضهم بإيمان لا يتزحزح. وقد تحوّل صمودهم إلى رمز مقاومة يتجاوز الميدان، ليصل إلى بُعدٍ أخلاقي وروحي يلهم العالم.

قراءة المزيد: كفى: أوقفوا هذه الحرب

لا تقتصر تضحيات أهل غزة على إيقاظ روح المقاومة داخل فلسطين فحسب، بل تجاوزتها لتُلهِم موجةً واسعة من التضامن العالمي. فقد شهدت عواصم كثيرة مظاهرات حاشدة، وحملات جمع تبرعات، ومبادرات إغاثية من دولٍ تمتد من إندونيسيا ومصر وتركيا إلى بلدان أوروبا والولايات المتحدة.

ويمثّل هذا التضامن شهادة واضحة على أن مقاومة الشعب الفلسطيني قد حققت انتصارا أخلاقيا، تجلّى في اتّساع الأصوات الدولية المؤيدة لحقوقه، والمنددة بوحشية الاحتلال الصهيوني ضد أهل غزة.

إن هذا الصوت العالمي الموحّد الرافض للظلم يكشف أن صمود الشعب الفلسطيني استطاع أن يحرّك ضمائر البشر في كل مكان، وأن يفكّك آلة الدعاية التي طالما حاولت التغطية على جرائم الاحتلال.

وقد دفع ثباتُ أهل غزة بعض الشخصيات الدولية، ممن شهدوا صمودهم عن قرب، إلى اعتناق الإسلام. ومن بينهم الصحفي الفرنسي مارك دوبوا، الذي ألهمته شجاعة الأطفال والعائلات التي تواصل تعلّم القرآن وسط الركام خلال تغطيته الميدانية للعدوان.

قراءة المزيد: طبيعة نتنياهو المتوحشة

وكذلك آنا شميت من ألمانيا، وهي متطوّعة في مجال العمل الإنساني، تأثّرت بصلابة الشباب المقاومين وحيويّتهم، فكان ذلك دافعا لها لاعتناق الإسلام اعترافا منها بقوة إيمانهم وثباتهم أمام المحن.

ويظهر انتصار غزة كذلك في قدرة أهلها المدنيين على مواصلة حياتهم اليومية رغم أجواء الحرب. فالأطفال ما زالوا يتعلّمون، والمستشفيات الميدانية تواصل عملها، والأسواق المحلية لا تزال تنبض بالحياة. وهذا الصمود الاجتماعي يبرهن أن النصر لا يقاس بالسلاح وحده، بل بالقدرة على الحفاظ على الكرامة وحقّ العيش كشعب يتطلع إلى الحرية.

كما أن جرائم الاحتلال الصهيوني في غزة باتت مكشوفة على نطاقٍ واسع عبر وسائل الإعلام الدولية ومنصّات التواصل الاجتماعي. فقد انتشرت تقارير وأخبار ومشاهد مصوّرة عن قصف المدارس والمستشفيات والمراكز المجتمعية، إلى جانب شهادات حيّة من الميدان، وكلّها تؤكد أن ما يرتكبه الاحتلال من عدوان وإبادة في غزة جريمة لا يمكن تبريرها بأي وجه

ولا يقتصر أثر هذا الصمود على الداخل فحسب، بل امتدّ إلى الساحة الدولية. فقد كشفت التقارير العالمية أن الرأي العام بدأ يتجه نحو دعم حقوق الشعب الفلسطيني، كما تصاعدت الضغوط الدبلوماسية على الاحتلال الإسرائيلي. وكلّ ذلك يشكّل دليلاً واضحًا على الانتصار الأخلاقي والدبلوماسي لأهل غزة، الذين استطاعوا أن يفتحوا أعين العالم على جرائم الإبادة والاحتلال التي يتعرضون لها.

قراءة المزيد: الأسلحة النووية: بين الأضرار والمنافع في ضوء القرآن الكريم

نور الإسلام في غزة

أصبحت غزة إحدى الساحات الحيّة لتجلّي الآيات الكونية، أي الأحداث الاجتماعية التي تثبت صدق ما ورد في الآية: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ﴾ (سورة الصف: 8). وتتمثل هذه الآيات في محاولات الصهاينة اليهود وحلفائهم إخماد نور الله في أرض فلسطين عبر الدعاية، والاحتلال، والحصار، وحتى أعمال الإبادة الجماعية. غير أنّ كل محاولة من هذه المحاولات تزيد هذا “النور” إشراقا من غزة.

يتجلى فضل الله تعالى في صبر وإصرار أهل غزة، حيث تتجاوز طاقتهم حدود القدرة البشرية، ويظهر شجاعتها بما يفوق إدراك المنطق البشري، وفشل الصهاينة في كسر إرادة مقاومة الشعب الفلسطيني في غزة.

وقد أظهرت سلسلة الهجمات الوحشية للصهاينة، التي هدفت إلى إبادة أهل غزة، ومسح ثقافتهم وهويتهم، وتدمير مقاتليهم، أنها لم تحقق هدفها.

قراءة المزيد: إسرائيل على حافة الزوال

فقد اقتصرت هذه الهجمات على إزهاق أرواح الأبرياء وتدمير المباني والبنية التحتية، لكنها لم تقدر على إخماد روح الحياة ولا على إضعاف حماسة المقاومة لدى مجتمع غزة

من بين أنقاض المباني المهدّمة، يبرز أطفال يحفظون القرآن الكريم. ومن بين أطلال المدارس المتناثرة، ينهض المجاهدون الذين لا يهابون مواجهة الاحتلال. ومن بين المستشفيات المدمّرة، يولد روح الإنسانية التي تهزّ ضمائر العالم، فتستيقظ القلوب وتتخذ إجراءات فعلية تضامنًا مع القضية الفلسطينية.

يؤدّون صلواتهم ويستمرون في الشكر والحمد وسط كل الصعاب. ومن خيم اللاجئين المضيئة بشموع بسيطة، يرفعون الدعاء ليظلّوا صامدين في الحفاظ على كرامتهم وأرضهم. وفي ظلّ دوي القنابل وسماء تغشاها الأدخنة، يواصلون تعليم أطفالهم الصبر، والتوكل، وحب القرآن الكريم

إن هذا الصمود هو ما يجعل الشعب الفلسطيني ليس مجرد رمز للنضال، بل قدوة في الثبات، ودليلا حيّا على صدق الآية السابقة. فعندما يصمت قادة العالم أمام معاناتهم، يزداد نور الإيمان وشجاعة أهل غزة إشراقا، مضيئا قلوب البشر في كل أصقاع العالم.

قراءة المزيد: اليهود يعادون البشرية جمعاء

ولم تعد مدينة غزة مجرد منطقة مقاومة، بل أصبحت تجسيدا حيًّا لآيات الله تعالى في العصر الحديث. هناك نرى كيف ينصر الله الصابرين والمثابرين مهما اشتدت المحن وظروف الحياة

أكد الشيخ أحمد ياسين رحمه الله أن كفاح الشعب الفلسطيني سيستمر حتى يتحقق النصر أو يستشهد أبطاله.

وقد انتقلت روح إلهام الشيخ أحمد ياسين رحمه الله إلى تلميذه الشهيد إسماعيل هنية. ففي إحدى خطاباته الشهيرة، قال: نحن لا نحمي الأرض فحسب، بل نحمي العقيدة. لذلك لا نخشى القنابل، بل نخشى الله الذي بيده كل الأمور.”

حتى بعض الشخصيات غير المسلمة اعترفت بصمود أهل غزة. فقد قال الزعيم المناهض للفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ديسموند توتو:

قراءة المزيد: وحشية الصهاينة الإسرائيليين في شهر رمضان

ما تفعله إسرائيل بشعب غزة أكثر قسوة مما فعله نظام الفصل العنصري بنا. ومع ذلك، أرى في غزة شيئا لا يمكن تدميره، وهو روحهموإيمانهم.”

إن ثبات أهل غزة لم يولد في فراغ، بل نما من إيمان عميق بأن كفاحهم تحت تدبير الله تعالى. وتشكّل القيم الروحية لديهم طاقة تساندهم على الصمود المستمر. وأكثر من ذلك، فهم واثقون أن محاولات الصهاينة لإطفاء نور الله تعالى محكوم عليها بالفشل.

والله أعلم بالصواب.

قراءة المزيد: التاريخ اليهودي هو تاريخ الهزائم

توصيات لك