إنسانية المرأة وإيجابيتها في حضارتنا الإسلامية
الثلاثاء 6 رمضان 1436//23 يونيو/حزيران 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
أ. د. عبدالحليم عويس
اهتمَّ الرسول – صلى الله عليه وسلم – بتعليمِ المرأة وإتاحة فرص العمل لها، بعد أن كانتْ محرومة من أبسط حقوقها الإنسانية، وحسْبُها أنها كانت تُوءَد مخافةَ العار.
وكان من نتائجِ هذه التربية الإسلامية للمرأة، أن حَرَصت المرأة المسلمة على منافسةِ الرجل في طلب العلم، وفي مزاولة الأعمال الجديرة بها المناسِبة.
وقد طلب النساء من النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يُلقِي عليهن دروسًا خاصة، وأن يُفرِد لهن يومًا؛ لأن الرجال قد غلبوا عليهن في ذلك، فاستجاب النبي – صلى الله عليه وسلم – لهن؛ (كما أورد البخاري).
ومما لا شك فيه أن الاهتمامَ النبويَّ بتعليم المرأة كان له أثرُه الكبيرُ، فتخرَّج في مدرسةِ النبوَّة عالِماتٌ داعيات كنَّ قد ملأن سمع الدنيا وبصرَها، فهذه هي السيدة (عائشة) – رضي الله عنها – يَصِفُها الإمام علي – رضي الله عنه – بقوله: “لو كانت امرأة خليفةً، لكانت عائشة”.
وهذه هي (الشفاء بنت عبدالله) انتدبها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لتعليم زوجته حفصة بنت عمر الكتابة.
وقد أورد القَلْقَشَنْدي: أن جماعة من النساء كن يكتبن.
ومن العلوم التي برع فيها النساء في صدر النبوة حفظُ القرآن، وكان من أشهر الصحابيات الحافظات (أم ورقة بنت عبدالله بن الحارث) الأنصارية.
وكانت (أم ورقة) من الحافظات المتميزات؛ ولذلك أرادت أن تشيع قراءة القرآن، وأن تعلِّم بنات جنسها، فطلبت من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن تقيم مسجدًا وتؤمَّ في بيتها، فأَذِن لها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بذلك، واختار لها مؤذنًا شيخًا كبيرًا، وكانتْ قراءتها تُسمَع خارج البيت من قبل المارِّين بقرب دارها.
ومن المشهورات بحفظ القرآن وتلاوته (أم يعقوب)، التي كانتْ عارفة بالتلاوة وأحكامها، وبعلم الفقه.
ومن أهم المهن التي برعتْ فيها المرأة في المجتمع الإسلامي الحرفُ التالية:
1- الغَزْل (الحياكة): وهو تجهيز المادة الأولية من خيوط الصوف أو الشَّعر؛ لتستعمل في إنتاج الملابس، أو الأردية والأغطية، أو الحبال لاستعمالها في الإسعافات الأولية وغيرها وقت الغزوات.
2- حياكة الحُصُر: من خوص النخيل وغيره؛ لاستعمالها في فرش البيوت، أو المساجد، أو غيرها.
3- دَبْغ الجلود وتصنيعُها: وقد برع في هذا التخصص زوجات النبي – صلى الله عليه وسلم – وعلى رأسهن السيدةُ (زينب بنت جحش)؛ حيث كانتْ صَناع اليدينِ، فكانت تدبغ، وتتصدَّق بعد تصنيع الجلود وبيعها، وكذلك السيدة (سَوْدَة بنت زَمْعَة)، كانت بارعة في دباغة الجلود الطائفية، وهي الجلود القادمة من مدينة الطائف، ومن المتخصصات البارعات في الدباغة الصحابيةُ الجليلة (أسماءُ بنت عُمَيس) زوجةُ (جعفر بن أبي طالب).
وهكذا قدَّمت حضارتنا صورًا من تفعيل دور المرأة الاجتماعي والاقتصادي لم تَعرِفه حضاراتٌ من قبل الإسلام، وقد تتبَّع هذه الصور كثيرون، من بينهم: (د/ ليث جاسم) في كتابه عن المؤسسات الاجتماعية في الحضارة الإسلامية، فجزاهم الله خيرًا.
وهذا في وقت كان يسمَّى (العصور الوسطى)؛ أي: عصور الظلام في أوروبا، ومن الإسلام أخذتْ أوروبا تفعيل دور المرأة، إلا أنها حادتْ بهذا التفعيل عن طريقه الصحيح، بينما حافظ الإسلام على إنسانية المرأة وكرامتها ودورها الحضاري في سياق واحد.
-الألوكة-