الإسلام دعوة سلام لا حرب

الجمعة 14ربيع الثاني 1438 الموافق 13 يناير/ كانون الثاني 2017 وكالة معراج للأنباء الإسلامية .

المقالة

اعتاد كثير من الناس حين يكتبون عن الفقه المتعلق بالعلاقة بالغير في حالتي السلم والحرب أن يقولوا: فقه الحرب والسلام، بتقديم الحرب على السلام، والضبط الشرعي أن يقدم السلم على الحرب فيقال: ( فقه  السلام والحرب)، ذلك أن حكمة الإسلام في هذا الأمر قائمة على تقديم السلام على الحرب، لأن السلام أصل، والحرب استثناء، والسلام أمر كلي والحرب فرع جزئي، والسلام حياة والحرب موت، وأن الله تعالى لم يخلق الناس ليتقاتلوا فيما بينهم فيموتوا بحروبهم، وأنه إن جعل من أسمى الأعمال عنده الموت في سبيل الله، فعند التحقيق، فإن الحياة في سبيل الله قد لا تقل عن الموت في سبيل الله، وإنما فضل الشهيد لأنه آثر غيره بنفسه فقدمها ليحيا الآخرون.

وقد جاءت شريعة الإسلام عدلا وسطا في قضية السلام والحرب، جامعة بين الأمرين، بأحسن تشريع، وأشرف بيان، فهي قد جعلت السلام أصل المعاملة بين المسلمين وغيرهم، وجعلت الحرب صدا للعدوان وحفظا للأديان والأبدان والأنساب والأموال ، ويدل على ذلك عدة أمور، أعظمها أن الدين هو الإسلام، وبينه وبين السلام جذر واحد من حيث اللغة والمعنى، بل إن الله تعالى عبر في القرآن عن الإسلام بالسلم فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً } [البقرة: 208] أي  ادخلوا في الإسلام، وسمى سبيله أي دينه سبل السلام، كما في قوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ } [المائدة: 16]

وفي تفسير الطبري (10/ 145) عن السدي:”من اتبع رضوانه سبل السلام”، سبيل الله الذي شرعه لعباده ودعاهم إليه، وابتعث به رسله، وهو الإسلام الذي لا يقبل من أحد عملا إلا به، لا اليهودية، ولا النصرانية، ولا المجوسية.

كما أن الله تعالى جل في علاه تسمى باسم ( السلام)، كما في قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر: 23] وقد ورد في السنة:” اللهم أنت السلام ومنك السلام تبارك يا ذا الجلال والإكرام”، وسمى الله تعالى دار خلوده وجنته التي أعدها لعباده الصالحين بدار السلام، كما قال تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الأنعام: 127]، وقوله: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25]، كما جعل تحية المسلمين فيما بينهم أن يدعو المسلم لأخيه بقوله: السلام عليكم ورحمة الله، وحث النبي صلى الله عليه وسلم إفشاء السلام بين المسلمين فقال فيما أخرجه الترمذي:” أفشوا السلام بينكم”، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم المسلم بقوله فيما أخرجه الترمذي والنسائي:” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده”، فالسلام هو الرابطة الكبرى بين المسلمين.

الجهاد في التشريع يحمل أخلاقا والمجاهدون ملتزمون بمراقبة الله تعالى حتى في قتالهم مع غيرهم

كما جعل الله تعالى أصل العلاقة بين المسلمين وغيرهم السلام، ونهى المسلمين عن حرب غيرهم إلا أن يعتدوا، فوضع قاعدة ذهبية في التعامل مع الغير بقوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [الممتحنة: 8، 9].

المصدر : إسلام أون لاين نت

اقرأ أيضا  مظاهرات في مدن فرنسية دعما لـ مسيرات العودة الكبرى
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.