البطش: انتفاضة الأقصى وضعت حداً لتطلعات الكيان الإسرائيلي وطموحه بدولته الكبرى
غزة (معراج)- يصادف اليوم الذكرى الـ 20 لاندلاع انتفاضة الأقصى، التي اندلعت في ظل معطيات على الأرض تشابه إلى حد كبير الظروف الحالية من انسداد في الأفق، وغطرسة الاحتلال الإسرائيلي، وتوغله على الحقوق الفلسطينية والمقدسات، وهو ما يؤسس لمرحلة جديدة قد تقود لانتفاضة ثالثة، في ظل قناعة الكل الفلسطيني أن اتفاق التسوية وصل إلى طريق مسدود وأصحاب هذا الفريق أصبحوا مقتنعين بذلك، خاصة بعد الانبطاح العربي الذي تمثل في توقيع اتفاقات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي رسمياً، وترحيب أنظمة أخرى على الطريق، بينما الشعوب لازالت حية ترفض هذا الكيان وتؤكد دعمها للقضية المركزية وهي قضية فلسطين.
قناة الميادين ناقشت في برنامج المسائية مع عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الاسلامي خالد البطش، ونائب الأمين العام للجبهة الشعبية أبو أحمد فؤاد، الواقع الذي تعيشه القضية الفلسطينية، وإمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة، بقيادة فلسطينية موحدة، وفق فلسطين اليوم.
القيادي البطش، أكد أن انتفاضة الأقصى التي اندلعت جراء اقتحام رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي أرئيل شارون المسجد الأقصى المبارك، استطاعت أن تطرد العدو الصهيوني من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، بعد أن كان يقول شارون أن الانسحاب من قطاع غزة كالانسحاب من حيفا، وأسست لمشروع وضع حد لتطلعات الكيان الإسرائيلي وطموحه بدولته الكبرى.
وأشار إلى أن العدو في تلك المرحلة، ذهب للعالم ليكونوا في غزة يوم الانسحاب لتأمين جنوده من المقاومة، وبالانسحاب الاسرائيلي الكامل من غزة حقق الشعب الفلسطيني انتصاراً على هذا العدو، من قلب فلسطين المحتلة، بعد أن كانت المعارك معه في الخارج.
وعزا القيادي البطش سبب هذا الانتصار، إلى الاستعداد للتضحية واستغلال الامكانات البسيطة المتوفرة، وامتلاك قرار المواجهة. موضحاً أن الظروف الحالية هي أفضل من الظروف السابقة التي حققت ذلك الانتصار، خاصة أن فريق التسوية المتمثل في حركة فتح وصل إلى قناعة بأنه وصل إلى طريق مسدود، ولديه شبه اتفاق على قيادة موحدة للعمل الشعبي، وكل ما نحتاجه اليوم لاندلاع انتفاضة ثالثة، هو لمقدرات وقرار بالمواجهة واستعداد للتضحية.
وأوضح، أن ما تحقق من اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في الثالث من سبتمبر الجاري، هو باكورة العمل المشترك بين الفصائل الفلسطينية، وتلاها لقاءات ثنائية بين حركتي فتح وحماس أثمرت عن التوصل لاتفاق على تجاوز المرحلة السابقة (المتمثلة في الانقسام الفلسطيني). وسيعقبه لقاء للامناء العامين في بداية أكتوبر لمواصلة العمل والطريق للعمل سوياً في مواجهة المؤامرة.
في ذات السياق، قال نائب الأمين العام للجبهة الشعبية أبو أحمد فؤاد، ان الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) هي امتداد للانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة عام 1987)، التي أبدع فيها الشعب الفلسطيني على مختلف الصعد، والذاكرة لازالت حية لدى جميع من يتابع الشأن الفلسطيني، خاصة أن الانتفاضة الأولى أسس فيها شعبنا لنضال طويل جدا بالإمكانات المتوفرة في ذلك الوقت، مشيراً إلى أنه في ذلك الوقت كان هناك وحدة وطنية وقيادة موحدة تقود الشعب باتجاه مقاومة الاحتلال. وقال:” كان يفترض أن تؤتي تلك الانتفاضة (انتفاضة الحجارة) بمكاسب كبيرة نحو الحرية والاستقلال، لكن مع الأسف جاءت باتفاق أوسلو الذي أضر بمصالح شعبنا ووحدتنا، إلى أن جاءت الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى عام 2000)، التي أبدع فيها الشعب الفلسطيني، واستخدم فيها اشكال مختلف من أدوات النضال في الصراع مع العدو. لافتاً إلى أن الرئيس الراحل ياسر عرفات قدم الإمكانات اللازمة لتطور الانتفاضة والنتائج التي وصلت إليها من خلال ما دفعه العدو من ثمن في الميدان.
وأكد فؤاد أن الشعب الفلسطيني لديه مخزون، وإذا توفرت له الشروط يمكن أن يؤدي لانتفاضة ثالثة، مؤكداً أن الوضع هو على أبواب هذه الانتفاضة الثالثة بغض النظر عن المصابين بالإحباط والتردد. مشدداً على أن الوحدة بمرجعية واحدة يمكن أن تصنع هذه الانتفاضة، وحينها سنتمكن أن نمنع التطاول على قضيتنا من قبل الرجعيات العربية.
وحول الخيار أمام محور المقاومة في ظل حالة الانبطاح من بعض الانظمة مع العدو الصهيوني، شدد القيادي البطش أن الوحدة العربية هي صمام الأمان، مشيراً إلى أن الوحدة بين مصر والشام، حققت النصر للأمة، وهي بوابة انتصار الأمة، مؤكداً أن المعارك التي دارت في ظل الوحدة يكون النصر حليف الأمة.
وقال:” نراهن على وحدة الجيش المصري والسوري والعراقي والجزائري والفلسطيني (..) لتحقيق النصر على هذا العدو، مشيراً إلى أنه عندما أدرك الجميع أن إفشال الوحدة المصرية السورية في عهد الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، يعني قبول “إسرائيل” في المنطقة، غير مستبعدً أن تصبح عضو في جامعة الدول العربية بعد التحالفات الجديدة، في إشارة إلى التطبيع الاماراتي البحريني مع “إسرائيل” ودعم أنظمة أخرى لهذه الاتفاقات.
وأوضح البطش، أن المرحلة الحالية هي مرحلة تمييز الخبيث من الطيب، وأن الانتصار لن يتحقق في ظل وجود شوائب وخبث، لأنهم يضعفون الصف، مشدداً على أن محور المقاومة هو البديل الموضوعي اليوم عن حالة الترهل العربي، ويشكل أملاً للأحرار في المنطقة العربية، وهناك من يشكل هذا المحور في الأمة، ويقدم له الدعم والإسناد بالمال والسلاح، لذلك أصبح من الضروري تعزيز هذا المحور، بالمال والسلاح، ثم نلتقي جميعا على تشكيل آليات وهيكل وأدوات حتى نصارع المحتل الإسرائيلي.
ووجه القيادي البطش الشكر للشعوب العربية الحية، التي ترفض التطبيع، مشيراً إلى أن الشعب المصري والأردني والبحريني والإماراتي يرفضون التطبيع مع العدو، رغم اتفاقات التطبيع. مشيراً إلى أن جرائم سياسية كبرى ارتكبت بحق القضية الفلسطينية؛ ولكن الشعوب العربية لم تغير قناعاتها ضمن قناعات زعامات ربطت مصيرها بالاستعمار.
وأوضح القيادي البطش، أنه في الوقت الذي غاب فيه قادة حقيقيون كالرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، ظهر قاسم سليماني، وأحمد الجعبري، وبهاء أبو العطا وغيرهم الكثير، وهو دليل على أن هذه الأمة حية لا تموت، لأنها صاحبة قضية وأرض، مشدداً على أن هذا الكيان الإسرائيلي لا مستقبل له.
التطبيع هدفه تأمين حدود “إسرائيل”
وعن الاستراتيجية في ظل مسار التطبيع والخيانة لفلسطين، شدد البطش على أن الحراك في المنطقة العربية هدفها تمزيق الأمة، لتحقيق هدف استراتيجي وهو تأمين حدود “إسرائيل” ليكون كياناً طبيعياً في المنطقة، ومن ثم إشعال المنطقة بحرف مسارها وإدخالها في صراعات داخلية.
وأضاف، أن معظم الأنظمة العربية اليوم، وصلت لنهاية المطاف، ووجدت من أجل مهمات محددة لها، وهي تأمين نفط وحمايته وتأمين “إسرائيل”، وأن تحول هذه الأنظمة بين شعوبها وفلسطين.
وأكد أن الاستراتيجية لمواجهة ما يجري، هو أن لا يتم استعداء الشعوب العربية، لأنها مع فلسطين، والمعركة يجب أن تنطلق من فلسطين، باستعادة الوحدة الوطنية، معرباً عن أمله أن يتم المراكمة على نتائج اللقاءات التي جرت مؤخراً في اجتماع الامناء العامون للفصائل بين رام الله وبيروت، واللقاءات بين الأشقاء فتح وحماس. مؤكداً أن الأمة لن تترك فلسطين كما لم تتركها سابقاً ولن تتركها في المستقبل.
وشدد على أننا بحاجة لوحدة وطنية ومرجعية واحدة ينخرط الكل الفلسطيني فيها، معززة بقرار فلسطيني من قبل منظمة التحرير بسحب الاعتراف بإسرائيل، لنقول للعرب لم يعد لديكم أسباب للتطبيع مع الكيان الصهيوني. مشيداً بلغة رئيس السلطة محمود عباس التي كانت نبرته عالية وتم الترحيب بها وبهذه المسؤولية.
لا نستبعد قصف الطائرات الاماراتية غزة
وأوضح أبو فؤاد أن ما جرى من اتفاقات بين الامارات والبحرين واسرائيل، ليس تطبيعاً، وإنما تحالفاً، ولم يستبعد في ظل هذا التحالف أن نجد الطائرات الإماراتية تقصف الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إلى جانب الطائرات الإسرائيلية، وطائرات سعودية تقصف حزب الله في لبنان.
وقال:” هذه المرحلة هي مرحلة سقوط غالبية النظام العربي الرسمي، مضيفاً أن الرهان هو على الشعب العربي الذي يشهد أن جامعة الدول العربية لم تعد جامعة بل هي مسؤولة عن التفتت في الوطن العربي، لافتاً إلى تصريحات الأمين العام لهذه الجامعة أحمد أبو الغيظ الذي أشاد باتفاقات التطبيع الأخيرة.
وطالب أبو فؤاد مصر باستعادة دورها الريادي في دعم القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن الدولة المصرية تاريخيا كانت دائما إلى جانب فلسطين بغض النظر عما فعله السادات، بتوقيع اتفاق كامب ديفيد مع “إسرائيل” عام 1979.
وقال: نطالب مصر أن تعود إلى مكانها التي كانت فيه مرجعية للشعب الفلسطيني، وخياراتها الداعمة والمساندة للشعب والحقوق الفلسطينية، وأنها تستطيع أن تمنع الانهيار في النظام الرسمي العربي ، وتتخذ موقفاً حازماً من ما يجري.
وكالة معراج للأنباء