التنظيمات الإرهابية نشأت أولاً في الغرب
الخميس 21 ذوالحجة 1435ه الموافق 16 أكتوبر/تشرين الأول وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
السعودية – الرياض
من السهل على وسائل الإعلام الحاشدة وعلى صناع الرأي العام حجب الحقائق الكبرى واخفاء المظالم الفظيعة إذا جاءت من الأقوياء وابراز الأحداث الصغيرة وتضخيمها إذا جاءت من الضعفاء وبهذه العملية المزدوجة من الاخفاء والابراز تنبني تصورات خاطئة وأحكام جائرة فتضيع الحقيقة ويصبع الظالم مظلوماً والمسحوق ارهابياً وهذا هو الذي حصل ويحصل في الإعلام الغربي بالنسبة لظاهرة الارهاب السياسي مما ألحق بالفلسطينيين خصوصاً وبالمسلمين عموماً غبنا مضاعفاً فبدلاً من ان يصوروا كما هو الواقع مظلومين وخائفين صورهم الإعلام الغربي المنحاز بأنهم ظالمون ومخيفون انه بتأثير القوى الصهيونية النافذة في الإعلام العالمي تم تركيز وتكثيف التغطيات الإعلامية للعمليات الفدائية الفلسطينية وابرزت هذه العمليات بوصفها اعمالاً ارهابية مخيفة لكل العالم مع أنها لا تستهدف إلا إسرائيل التي احتلت وطنهم وهدمت بيوتهم وقصفت المدنيين منهم في مساكنهم وأسواقهم ونفذت الكثير من المذابح الفظيعة فيهم ولكن الإعلام الموجه والمنحاز تجاهل كل ذلك وراح يشنع بالاعمال الفدائية الدفاعية ويهولها وكأنها عمل غير مسبوق كما حرص هذا الطوفان الإعلامي على اخفاء ان الارهاب السياسي ابتكار اوروبي وحاول أن يوهم العالم بأن الارهاب السياسي ابتكار فلسطيني مع ان الفلسطينيين اقتبسوه من الغرب ثم بعد أحداث نيويورك وواشنطن عام 2001وسع الإعلام دائرة التوصيف ليجعل الارهاب السياسي سمة اسلامية مع ان الاسلام دين السلام والرحمة والاخاء.
ومع أن المؤرخين والباحثين الغربيين قد نبهوا في كتاباتهم الموثقة الى خطأ هذا التصور وكرروا تذكير الناس بأن للارهاب السياسي تاريخا موغلا في القدم وبأن المحتجين في أوروبا والغرب عموماً هم الأسبق لانشاء التنظيمات الارهابية سواء في العصور القديمة او الحديثة وبأن ثوار الغرب في القرن العشرين هم الأقدم في تنظيم وممارسة الارهاب السياسي إلا ان الناس يتأثرون بالإعلام اليومي الجارف أما الكتابات العلمية الرصينة التي تكشف الحقائق المحجوبة فينحصر تأثيرها على المفكرين والعلماء والباحثين أما معظم الناس فهم لا يطلعون عليها ولا يتأثرون بها ودائماً تكون الحقيقة هي أول ضحايا الصراعات التي تحركها الأهواء لأن الصوت الأقوى هو المسموع وبذلك يتحقق للمغرضين التلاعب بالرأي العام وتوجيهه نحو ما يريدون وبهذا يمتد الظلم الى الناس الذين أوهموا بما يخالف الحقيقة وتعرضوا لتزييف الوعي كما يمتد الظلم الى الحقيقة التي حُجبت وأزهقت والى المظلومين الذين ألصقت بهم تهمة العدوان مع انهم معتدى عليهم!!..
لذلك يكون من المهم التنبيه الى أن المؤرخين والباحثين الغربيين المهتمين بظاهرة الارهاب السياسي يؤكدون بوضوح وتكرار بأنه من الثابت تاريخياً أن التنظيمات الارهابية نشأت أولاً في الغرب ثم امتدت العدوى الى الأمم الاخرى عن طريق الاحتذاء والمحاكاة سواء التنظيمات الارهابية ذات الصبغة الاجرامية البحتة مثل المافيا او التنظيمات الارهابية السياسية مثل الالوية الحمراء في ايطاليا وحركة العمل المباشر في فرنسا والجيش الأحمر في المانيا والجيش الجمهوري الايرلندي والحركة الانفصالية للباسك في اسبانيا وجماعة بادر – ماينهوف الالمانية وحركات الاحتجاج العنيف التي عمت أوروبا وأمريكا عام 1968م وعن ذلك يقول اريك موريس وآلان هو في كتابهما عن (الارهاب): “ظهرت لأول مرة فكرة التنظيم الارهابي السياسي في الجمعيات السرية في ايطاليا واسبانيا ثم انتقلت فكرة هذه الجمعيات الى الالمان قبل ان يعرفها الروس واستخدم الفوضويون والثوريون الرسائل الملغمة والاجهزة المتفجرة ولم تنج عاصمة واحدة في أوروبا من هجماتهم ومن اللغو الظن بأن الجيش الأحمر الياباني وجماعة ايلول الأسود او جماعة الجهاد الاسلامي قد جاءوا بما لم يأت به الاواخر” ويقولان: “بينما كانت قوات الأمن تعمل على مواجهة هذا الارهاب بدأت بشائر الارهاب في الشرق الأوسط تتوافد على أوروبا” أي أن لجوء الفلسطينيين الى المقاومة المسلحة جاء متأخراً كثيراً سواء في الرد على الاحتلال والتشريد الذي حصل عام 1948م او بالنسبة لممارسة هذا النوع من الكفاح الذي نظمه ومارسه الأوروبيون قبلهم ويتكرر تأكيد هذه الحقيقة التاريخية عند كثير من الباحثين المهتمين بظاهرة الارهاب السياسي فيسخر أوليفيه روا في كتابه عن (تجربة الاسلام السياسي) مما يسميه الغرب (التهديد الاسلامي) فيقول: “… والحق أن الأضرار الارهابية كانت أقل من تلك التي ألحقتها مجموعة بادر – ماينهوف الالمانية او الالوية الحمراء الايطالية او جيش التحرير الايرلندي او منظمة الباسك الاسبانية التي شكلت اعمالها جزءاً من المشهد السياسي الأوروبي لفترة أطول مما شغلته أحزاب الله ومنظمات الجهاد الأخرى” ويؤكد أوليفيه أن الارهاب السياسي بأشكاله العديدة نتاج أوروبي ومن صميم الثقافة الغربية: “إن الحداثة نفسها هي التي تفرز أشكال الرفض الخاصة بها” ويستشهد لذلك بما هو معروف من أن قادة الحركات الاسلامية ليسوا من خريجي التعليم الديني: “إن هذه الحركات هي وليدة العالم الحديث إذ يندر ان نجد بين صفوف مناضليها رجال دين بل هم شبان أطلقهم النظام التعليمي الحديث ومن حظي منهم بتعليم جامعي يكون في الأغلب من خريجي الكليات العلمية وليست الأدبية ولم يتلقوا تربيتهم في المدارس الدينية وإنما في الحرم الجامعي ومعاهد التعليم العالي فالارهاب ليس ابتكاراً اسلامياً” وإنما هو ابتكار أوروبي فالتنظيمات الارهابية السياسية الأوروبية هي التي ابتكرت هذا النوع من الاحتجاج ليس بأمل الانتصار الذي يستحيل تحقيقه بأعمال فردية صغيرة أمام القوات الرسمية الساحقة المدججة بأعتى وأفتك وسائل القتل والتدمير فالهدف الذي يرمي اليه الارهابيون السياسيون هو لفت النظر الى شكواهم وابلاغ العالم بمظلمتهم واسماع صوتهم لمن لم يسبق أن سمع بهم ولا يمكن أن يتجاوز هذا الهدف المحدود لذلك فإن الارهاب السياسي يكون دائماً موجهاً للطغاة وللمحتلين او لمن يقفون معهم ويناصرونهم مناصرة حاسمة كما هي حال إسرائيل وأمريكا..
إن تاريخ العمليات الارهابية ذات الطابع السياسي في هذا العصر يؤكد بوضوح شديد بأن الارهاب لا يوجه عشوائياً ولا يستهدف الأبرياء وإنما يختار أهدافه بعناية تامة ترمي الى ارغام المعتدين والمحتلين ومن يناصرونهم على الاصغاء لمظالمهم وتدل أدبياتهم على أنهم لا يريدون ايذاء أحد لم يؤذهم إلا بشكل ضمني اضطراري حين يتواجد هذا البريء في مكان الهدف المحدد فيكون ضحية غير مقصودة لذلك فإنه رغم عنف وبشاعة ولا أخلاقية الارهاب السياسي اذا آذى الأبرياء بأي شكل من أشكال الايذاء فإن ضحاياه قلة قليلة جداً في العالم ولا يتناسب عدد الضحايا مع حجم التضخيم الإعلامي الهائل الذي يرافقه إذا قيس بأية معضلة من المعضلات الانسانية الكبرى التي يتضرر منها مئات الملايين في مختلف القارات ولا تجد الاهتمام الذي تستحقه..
ولكن لما كانت أحداث العنف السياسي مثل خطف الطائرات واحتجاز الرهائن وتفجير المنشآت ومضايقة الكبار مادة شديدة الاثارة لذلك استغلت وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة هذه الأحداث وراحت تتفنن في الاثارة والتكرار والتهويل ثم ضاعفت الاثارة والتضخيم عندما بدأت المقاومة الفلسطينية تستخدم هذا النوع من المقاومة للفت نظر العالم الى مأساة شعب مطرود من أرضه ومشرد عن وطنه ويعيش الشتات بتعاسة لم يعشها شعب قبله دون ان يأبه به أحد فالإعلام الغربي بدافع الاثارة وبدافع الانحياز بالغ في التركيز والتكثيف والتهويل والتضخيم والاعادة وزودت كما يقول موريس وزميله: “هذه الأحداث الصحافة ومختلف وسائل الإعلام بمادة حافلة بالمثيرات وأول نتائج ذلك هي أن الرأي العام قد أصبح ينظر الى الارهاب كشيء مستحدث” فالطوفان الإعلامي المنحاز والمنتشي بهذه المادة المثيرة قد أوهم الناس بأن الارهاب السياسي ظاهرة اسلامية جديدة على الحياة البشرية وبأنه يمثل المعضلة الأولى للعالم وبأنه يجب اعلان الاستنفار في كل الدنيا من أجل محاربته ومع عدم التقليل من سوء العمل الارهابي وضرورة محاربته إلا انه يجب التذكير بأن التنظيمات الارهابية نشأت اولاً في الغرب طبقاً لما يؤكده بوضوح لا لبس فيه المؤرخون والباحثون الغربيون كما انه يجب أيضاً التذكير بأن أي تقييم موضوعي للمشكلات الانسانية سوف يكشف بأن الارهاب السياسي بالدرجة الأولى هو مشكلة المحتلين والدكتاتوريين والأقوياء الذين يستنكفون من أي شيء يعتبرونه انتقاصاً لكبريائهم أما مئات الملايين من الناس التعساء في كل مكان فهم غارقون بمشاكل أفظع وأدوم وأوسع مثل الفقر والأمراض والظلم الاجتماعي والطغيان السياسي والتفرقة العنصرية والطبقية الصارخة والحروب الأهلية والنزاعات العرقية والطائفية والحدودية والفيضانات المدمرة والجفاف المتكرر وعدم امتلاك المال لبناء السدود واقامة الحواجز وتنظيم الري وغير ذلك من المعضلات الكبرى المزمنة التي يعاني منها الكثير من الشعوب معاناة ثقيلة ومستمرة وليست مجرد اقلاق عابر..
إن الارهاب السياسي يقلق المحتلين والمتسلطين والطغاة فقط أما مئات الملايين من البشر في مختلف الأقطار فإن هذه المشكلة لا تعنيهم كثيراً بل إن الاجراءات الكثيرة التي صاحبت الحرب على الارهاب قد قيدت حركتهم وسلبت كثيراً من حرياتهم وسببت لهم الكثير من المضايقات والرهبة اكثر مما سببه او ما يمكن أن يسببه لهم الارهاب ذاته فالارهاب السياسي ليس معضلة بشرية عامة وإنما هي مشكلة تخص الكبار فقط أما المعضلة الحقيقية فهي الارهاب بشتى أشكاله وليس حصراً بالارهاب السياسي الفردي إن أمريكا تحصر الاشكال بما يقلقها هي فقط وفي هذا الحصر تضليل شديد وظلم فادح ويكفي للتدليل على ذلك أن نراجع احصاءات من يقتلون كل عام بالحروب او بحوادث السيارات او بحوادث العنف الاجرامي او ملايين الاطفال الذين يموتون لسوء التغذية او لعدم توفر العلاج وكذلك قتلى الامراض المستوطنة في البلدان الفقيرة او قتلى الفياضانات من الفقراء الذين لا يجدون ما يحمون به أنفسهم ونقارن ذلك بجميع من لقوا حتفهم بالارهاب السياسي خلال نصف قرن مضى لنعرف ان هذا الغليان اللجوج ليس له أي مبرر موضوعي وإنما القضية برمتها مفتعلة لأنها تهم الكبار أما الاذى الكثير الذي يصيب مئات الملايين من البشر في كل مكان فلا يلقى الاهتمام الذي يستحقه لذلك فإن الواجب يقتضي اصلاح هذا الخلل وترتيب المعضلات بما يتناسب مع عدد المتضررين من الناس فتكون محاربة الارهاب السياسي ضمن السياق العام للمعضلات الانسانية ولا تستأثر بهذا التركيز الجارف المربك ولا بهذه الاولوية المطلقة التي اربكت الحياة الانسانية وخلقت الكثير من التوتر والرهبة والاضطراب والشلل في كل أنحاء العالم..
وإذا كان الإعلام الغربي عموماً والإعلام الأمريكي خصوصاً قد شوه حقيقة الكفاح الفلسطيني ووصمه بالارهاب مع انه كان دفاعاً عن النفس والأرض والعرض فإنه يتجاهل أن التنظيمات السياسية الارهابية الاوروبية تكونت ليس لأسباب موضوعية تستوجب ذلك كما هي حال الفلسطينيين المطرودين من وطنهم وإنما لمجرد الاحتجاج على بعض سياسات حكوماتهم الديمقراطية وكما يقول اريك موريس وآلان هو في كتابهما عن الارهاب: “في سنة 1968قبض على أندرياس بادر عندما كان يُشعل النيران في أحد المخازن بفرنكفورت ودافع عن نفسه في المحكمة بالقول بأن اشعال النار كان أمراً ضرورياً لايقاظ الجموع البشرية وتنشيطها وهكذا ظهر اسم عصابة (بادر – ماينهوف) وظهر ارهابيون شنوا الحرب على الجمهورية الاتحادية لألمانيا الغربية وكانوا من أصحاب الحسب والنسب ومن مُلاك السيارات الفارهة وانضمت الى (بادر – ماينهوف) جماعة اخرى مثلت الجناح المتصلب في الجيش الأحمر وهي حركة ارهابية تعتمد على قاعدة عريضة وتتلقى العون من الساخطين من أبناء الطبقة المتوسطة ولهم نظراء في ايطاليا بجناحيها اليميني واليساري أشهرهم: الالوية الحمراء وما كانت هذه الجماعات (الارهابية) لتنجح لولا وجود شبكة كبيرة من المتعاطفين وأكثر أساتذة الجامعات والصحفيين وغيرهم من المثقفين نعم لقد زودت الجامعات بالبنية الأساسية التفريخية للارهابيين الجدد وقد نجحوا نجاحاً ملحوظاً في فترة ما” أجل لم يكن قادة التنظيمات الارهابية الاوروبية والمنظرون لها من الرعاع وإنما كانوا من رجال الفكر وأساتذة الجامعات والمثقفين والصحفيين ومن أفراد الطبقة الوسطى!!
هكذا كان الساخطون الأوروبيون ينشئون التنظيمات الارهابية ويمارسون الارهاب رغم عدم وجود أي مبرر واضح فقد كان زعماء هذه التنظيمات من ذوي الثراء والمكانة وكذلك أتباعهم فلم يكونوا واقعين تحت احتلال عنصري متسلط ولا هم يعانون من حكم دكتاتوري يخنق العقول والأنفاس ولا هم يكابدون الفقر وإنما كانوا يعيشون في مجتمعات مفتوحة وفي ظل حكومات ديمقراطية وينعمون بالرخاء ويستطيعون التعبير عن آرائهم وأفكارهم بمنتهى الحرية دون خوف من أي شيء ومع ذلك لجأوا الى انشاء التنظيمات الارهابية لمجرد الرغبة في تغيير ما ارتضته غالبية المجتمعات الاوروبية الديمقراطية فهو نوع من الترف السياسي ولو أمعن الأوروبيون والأمريكيون النظر بهذه الحقيقة لوجدوا أن الفلسطينيين والمتعاطفين معهم من الاسلاميين لم يلجأوا للمقاومة العنيفة إلا بعد أن انسدت أمامهم كل السبل الاخرى فلقد بقوا فترة طويلة دون اية مقاومة بانتظار أن ينصفهم العالم ويخفف من معاناتهم المريرة وينهي تشريدهم الغارق بالمهانة والاذلال ولكن العالم بقي أكثر من عقدين غير مكترث بما يعانونه من بؤس وتشريد واذلال ومن طول انتظار وقد مضى الآن على نكبتهم وتشريدهم أكثر من نصف قرن وما زالوا ينتظرون الانصاف من العالم فلو نظر الأمريكيون والأوروبيون الى المأساة الفلسطينية بعيون محايدة لتوصلوا الى رؤية موضوعية عادلة في تقييم النضال الفلسطيني ضد التشريد والتهجير والتسلط والقهر والاحتلال الإسرائيلي..
فرغم الظلم الفادح الذي تعرض له الفلسطينيون بشكل خاص والعرب والمسلمون بشكل عام من إسرائيل والغرب منذ نكبة عام 1948فقد بقوا مسالمين يحاولون شرح مظالمهم بالوسائل السلمية حتى حصل الاذلال الساحق في حزيران عام 1967م وكما يقول موريس وزميله: “في سنة 1970م استهلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عهد الارهاب الفلسطيني” أي أن الفلسطينيين بعد نكبتهم الفظيعة عام 1947م بقوا ثلاثة وعشرين عاماً وهم ينتظرون الفرج بالوسائل السلمية او بالطرق التقليدية لحل مأساتهم ولكن بعد كل هذا التجاهل العالمي المرير باغتت إسرائيل العرب عام 1967م بشن تلك الحرب المدمرة على مصر وهي غافلة ودمرت سلاحها الجوي وطائراتها وهي رابضة على الأرض وكذلك فعلت بسوريا والاردن واحتلت ما بقي من فلسطين بل احتلت أيضاً مساحات شاسعة من الاراضي المصرية والسورية والاردنية أي انه بعد كل هذا الاحتلال ثم التوسع والبطش والغطرسة والاذلال من إسرائيل وبعد انسداد كل الآفاق أمام حل ينصفهم أصيب الفلسطينيون باليأس فلجأوا الى المقاومة المسلحة حيث لم يعد أمامهم سواها وإذا قارنا هذه المسالمة الطويلة وهذا الانتظار الممض بما كان يحصل من التنظيمات السياسية الاوروبية ضد حكوماتها او ضد حلف الناتو او ضد الولايات المتحدة الأمريكية فسوف نجد الفرق الهائل فالمحتجون الاوروبيون الذين عبروا بالعنف عن احتجاجهم واستيائهم من حكوماتهم الديمقراطية وواصلوا الاعمال الارهابية لم يكونوا قد تعرضوا للقمع ولا للاذلال ولا للتشريد ولا للارهاب ولا للتجويع ولا لسلب الأوطان وهدم البيوت ومصادرة الأموال والاستيلاء على المزارع والأملاك ولا للمذابح الجماعية ومع ذلك فقد عبروا عن معارضتهم لبعض السياسات ليس بالفكر والقول والنقاش العقلاني وبشتى صور التعبير المتاحة في أوروبا الغربية وإنما شكلوا تنظيمات سياسية تمارس الارهاب من أجل تحقيق أهدافهم السياسية..
المصدر : الرياض