الحرب على غزة حقيقة أم تهويل؟

حرب على غزة فلسطين - pls48.net -
حرب على غزة فلسطين – pls48.net –

عادل ياسين

الأربعاء 24 ربيع الثاني 1437//3 فبراير/شباط 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”

الحرب على غزة حقيقة أم تهويل؟، بين الحين والآخر يخرج علينا أحد الساسة الإسرائيليين إما مُهَدِدًا أو مُحذِرًا من حرب قد يشنها الاحتلال على غزة, وسرعان ما نجد لهذا التصريح تفاعلًا من قِبَل بعض الإعلاميين، دون أن يُكلفوا أنفسهم عناء البحث عن شخصية القائِل للتعرف إلى موقعه من صناعة القرار، أو تفاصيل الخبر ودقة ترجمته, وتتكرر هذه الحالة أيضًا حينما تعلن أنباء عن تدريبات أو نشر للقوات على الحدود، تأتي غالبًا في إطارها الطبيعي من استعدادات أو إعادة نشر للقوات لتنفيذ مهام اعتيادية.

وإذا افترضنا جدلًا أن حكومة نتنياهو الآيلة للسقوط وتسودها الخلافات والانقسامات من كل حدب وصوب ستتمكن من اتخاذ قرار الحرب؛ فما هي أهدافها؟، أو _بالأحرى_ ما هي الأهداف القابلة للتحقيق؟، لاسيما أنها شنت ثلاث حروب متتالية على غزة دون أن يُحقق جيشها الأسطورة وترسانتها العسكرية أي إنجاز يُذكر عدا الدمار والقتل, الأمر الذي يؤكده عاموس يدلين رئيس مركز أبحاث الأمن القومي حينما قال: “إن (إسرائيل) فشلت في تحقيق أبسط أهدافها، وفي المقابل نجحت المقاومة في الصمود أمام أكبر جيش في الشرق الأوسط أكثر من خمسين يومًا، بل إنها تمكنت من تنفيذ عمليات نوعية وواصلت إطلاق الصواريخ حتى اللحظة الأخيرة”.

اقرأ أيضا  الإفتاء: صلاة الجمعة لاتسقط بصلاة العيد

وهذا ما دفع رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال جادي آيزنكوت للقول: “إن نظرية الحسم قد ولت بلا رجعة، ولم يعد لها مكان أمام التنظيمات وإمكاناتها التي تتطور يومًا بعد يوم, وأشار إلى أن الاحتلال يسعى لزيادة الفرص التي تعزز استمرار الهدوء في غزة، وفي المقابل سيعمل على تدمير الأنفاق الهجومية، لكن دون الوصول إلى مرحلة التصعيد.

أضف إلى ذلك أن عجز الاحتلال وأجهزته الأمنية عن وضع حد للعمليات الفردية باعتراف وزير الحرب موشيه يعالون وقادة الأجهزة الأمنية يُكبل يده، لاسيما أنه يسعى لتهدئة الأوضاع لا تأجيجها لأنه يدرك أن الإقدام على هذه الخطوة سيُمثل تربة خصبة لاستمرار العمليات وزيادتها، والأخطر من ذلك هو انتقالها إلى المدن الفلسطينية داخل أراضي الـ48، وإمكانية تكرار عملية نشأت ملحم التي أشلت مدينة تل الربيع كلها.

اقرأ أيضا  غارة إسرائيلية تستهدف أرضًا زراعية شمالي غزة

وإن العملية العسكرية بحاجة لغطاء سياسي وشرعية دولية لتجنب الانتقادات والملاحقات القانونية كما حدث خلال حرب الفرقان، وهو ما لا يتوافر للكيان العبري في هذه المرحلة، لاسيما أنه يواجه حملة واسعة من الانتقادات الدولية بسبب سياسته القمعية والاستيطانية في مدن الضفة، وكان أبرز تجلياتها تصريحات الأمين العام لمجلس الأمن بان كي مون ووزيرة الخارجية السويدية، والأهم من ذلك سوء العلاقة بين حكومة نتنياهو والإدارة الأمريكية.

فضلًا عن ذلك إن الإقدام على هذه الخطوة يتعارض هو ورؤيته الاقتصادية، ولا يتناسب هو والميزانية العامة التي صدق عليها بصعوبة، لاسيما أنه سيضطر إلى تقليص ميزانيات الوزارات الأخرى لمصلحة وزارة الحرب لتغطية نفقات الحرب، وهو ما سيُشكل عبئًا على الإسرائيليين، ويعزز الهجرة العكسية كما حدث بعد الحرب الأخيرة التي كبدت الاقتصاد الإسرائيلي ما يقرب من 20 مليار دولار.

لكن ما ذكرناه آنفًا لا يعني عدم إمكانية انجرار المنطقة إلى حرب واسعة في إطار الفعل وردة الفعل، أو في حال إطلاق عدد كبير من الصواريخ تجاه مدن الـ(48) المحتلة، أو تنفيذ عملية تؤدى إلى وقوع قتلى أو أسرى إسرائيليين, لذلك يجب على المقاومة أن تكون على أهبة الاستعداد للرد على أي عدوان محتمل بالطريقة التي تناسبه لتُذكرهم بقتلاهم ومعاقيهم وصرخات جنودهم على أعتاب غزة.

اقرأ أيضا  (إسرائيل) تحتفل بعيد الأم؟!

ويجب أن نشير إلى أن مفهوم الحرب لا يقتصر على العمليات القتالية فحسب؛ فعلى مدار سنوات طويلة يشن الاحتلال حروبًا لا تقل فتكًا وإيلامًا كالحروب النفسية والإعلامية والاقتصادية والقانونية، وهو ما يفرض علينا أن نعمل بحكمة وعقلانية وبرؤية ثاقبة وشاملة لمواجهتها وإفشالها قدر الإمكان، دون الدخول في متاهات، أو الانسياق دون قصد وراء الدعاية الإسرائيلية التي تسعى إلى نشر البلبلة والخوف لترميم قوة ردع الاحتلال المتآكلة .

المصدر : فلسطين أون لاين