الدين النصيحة

الجمعة16 ربيع الأول1438 الموافق16 ديسمبر/ كانون الأول 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.

عادل الغرياني

الدين النصيحة

الحديث:

عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة))، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم))؛ أخرجه البخاري برقم (57)، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ومسلم برقم (56)، باب بيان أن الدين النصيحة.

قالوا عن هذا الحديث:

  • قال النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم (2 /37): “هذا حديث عظيم الشأن، وعليه مدار الإسلام، وأما ما قاله جماعات من العلماء: إنه أحد أرباع الإسلام؛ أي: أحد الأحاديث الأربعة التي تجمع أمور الإسلام – فليس كما قالوه، بل المدار على هذا وحده”؛ اهـ.
  • والنصيحة فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي سقَط عن غيره، وهي لازمة على قدر الطاقة؛ شرح الأربعين النووية (1 /311).
  • قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فإن أصل الدِّين هو حسن النية، وإخلاص القصد؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث لا يَغِلُّ عليهن قلب مسلم؛ إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمور، ولزوم جماعة المسلمين؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم))؛ أي: هذه الخصال الثلاث لا يحقد عليها قلب مسلم، بل يحبها ويرضاها؛ اهـ مجموع الفتاوى (16 /58).

مجمل شرح الحديث:

النصيحة: قال الخطابي – رحمه الله – في المعالم: النصيحة: كلمة يعبر بها  عن جملة، هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يمكن أن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة يحصرها ويجمع معناها غيرها، وأصل النصيحة في اللغة: الخلوص، يقال: نصحت العسل إذا أخلصته من الشمع؛ عون المعبود.

أقسام النصيحة:

1- لله تعالى؛ فالنصيحة لله تتضمن أمرين:

الأول: إخلاص العبادة له.

الثاني: الشهادة له بالوحدانية في ربوبيته وألوهيته، وأسمائه وصفاته.

قال الخطابي وغيره من العلماء: النصيحة لله تعالى معناها منصرف إلى الإيمان به، ونفي الشرك عنه، وترك الإلحاد في صفاته، ووصفه بصفات الكمال والجلال كلها، وتنزيهه عن جميع النقائص، والقيام بطاعته واجتناب معصيته، والحب فيه، والبغض فيه، وجهاد من كفر به، والاعتراف بنعمته، والشكر عليها، والإخلاص في جميع الأمور، والدعاء إلى جميع الأوصاف المذكورة، والحث عليها، والتلطف بالناس، قال الخطابي: وحقيقة هذه الأوصاف راجعة إلى العبد في نصحه نفسه؛ فإن الله سبحانه غني عن نصح الناصح؛ اهـ شرح الأربعين النووية (1 /31).

لكتابه:

قال الخطابي رحمه الله: وأما النصيحة لكتابه سبحانه وتعالى:

1- فبالإيمان أن كلام الله تعالى وتنـزيله لا يشبهه شيء من كلام الناس،  ولا يقدر على مثله أحد من الخَلق.

2- ثم تعظيمه وتلاوته حق تلاوته، وتحسينها، والخشوع عندها، وإقامة  حروفه في التلاوة.

3- والذب عنه لتأويل المحرفين، والتصديق بما فيه.

4- والوقوف مع أحكامه، وتفهُّم علومه وأمثاله، والاعتبار بمواضعه.

5- والتفكر في عجائبه، والعمل بمحكَمه، والتسليم لمتشابهه، والبحث  عن عمومه، والدعاء إليه، وإلى ما ذكرنا من نصيحته؛ اهـ شرح الأربعين النووية (1 /31).

لرسوله:

قال الخطابي رحمه الله: وأما النصيحة لرسوله صلى الله عليه وسلم: فتصديقه على الرسالة، والإيمان بجميع ما جاء به، وطاعته في أمره ونهيه، ونصرته حيًّا وميتًا، ومعاداة من عاداه، وموالاة من والاه، وإعظام حقه، وتوقيره، وإحياء طريقته وسنته، وإجابة دعوته، ونشر سنته، ونفي التهمة عنها، واستئثار علومها، والتفقه في معانيها، والدعاء إليها، والتلطف في تعليمها، وإعظامها وإجلالها، والتأدب عند قراءتها، والإمساك عن الكلام فيها بغير علم، وإجلال أهلها؛ لانتسابهم إليها، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، ومحبة أهل بيته وأصحابه، ومجانبة مَن ابتدع في سنَّته، أو تعرَّض لأحد من أصحابه، ونحو ذلك؛ شرح الأربعين النووية (1 /311).

لأئمة المسلمين:

قال الإمام النووي رحمه الله في الأذكار: فيجب على الإنسان النصيحة والوعظ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكل صغير وكبير، إذا لم يغلِبْ على ظنه ترتُّبُ مفسدةٍ على وعظه؛ قال الله تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 1255]،  وأما الأحاديث بنحو ما ذكرنا فأكثر من أن تحصر، وأما ما يفعله كثير من الناس من إهمال ذلك في حقِّ كبار المراتب، وتوهمهم أن ذلك حياءٌ – فخطأ صريح، وجهل قبيح؛ فإن ذلك ليس بحياء، وإنما هو خَوَرٌ ومهانة، وضَعْف وعَجْز؛ فإن الحياء خير كله، والحياء لا يأتي إلا بخير، وهذا يأتي بشرٍّ؛ فليس بحياءٍ، وإنما الحياءُ عند العلماء الربانيين والأئمة المحققين: خُلُقٌ يبعَثُ على ترك القبيح، ويمنَعُ من التقصير في حقِّ ذي الحقِّ…

قال الخطابي رحمه الله: وأما النصيحة لأئمة المسلمين: فمعاونتهم على الحق، وطاعتهم، وأمرهم به، وتنبيههم وتذكيرهم برِفْقٍ ولُطف، وإعلامهم بما غفلوا عنه، وتبليغهم من حقوق المسلمين، وترك الخروج عليهم بالسيف، وتأليف قلوب الناس لطاعتهم، والصلاة خلفهم، والجهاد معهم، وأن يدعو لهم بالصلاح؛ اهـ شرح الأربعين النووية (1 /31).

راوي الحديث:

أبو رقية تميم بن أوس الداري، من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.

تميم بن أوس بن حارثة، وقيل: خارجة بن سود، وقيل: سواد بن جذيمة بن ذراع بن عدي بن الدار، أبو رقية الداري، مشهور في الصحابة، كان نصرانيًّا، وقدم المدينة فأسلم، وذكر للنبي صلى الله عليه وسلم قصة الجساسة والدجال، فحدث النبي صلى الله عليه وسلم عنه بذلك على المنبر، وعُدَّ ذلك من مناقبه.

1- الصحابي الذي روى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قصة  الجساسة.

2- أسلم سنة تسع هو وأخوه نعيم، ولهما صحبة.

3- قدم المدينة وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم.

4- كان راهب أهل فلسطين، وعابد أهل فلسطين.

5- أول من أسرج السراج في المسجد.

6- أول من قصَّ؛ وذلك في عهد عمرَ.

7- كان يسكن المدينة، ثم انتقل إلى الشام بعد قتل عثمان، وسكن  فلسطين.

8- وكان كثير التهجد، قام ليلةً بآية حتى أصبح، وهي: ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [الجاثية: 211]؛ رواه البغوي في الجعديات  بإسناد صحيح.

9- كان يصلي بالناس القيام.

عن السائب بن يزيد، أنه قال: أمر عمرُ بن الخطاب أُبَيَّ بن كعب وتميمًا الداري، أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعةً، قال: وقد كان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العِصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر.

10- أول من صنع منبرًا؛ عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بدن، قال له تميم الداري: ألاَ أتخذ لك منبرًا يا رسول الله، يجمع أو يحمل عظامك؟ قال: ((بلى))، فاتخذ له منبرًا مرقاتين.

11- كان واثقًا بكلام النبي صلى الله عليه وسلم.

وعن تميم الداري قال‏:‏ استقطعت النبي صلى الله عليه وسلم أرضًا بالشام قبل أن يفتح، فأعطانيها، ففتحها عمر في زمانه، فأتيته فقلت‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني أرضًا من كذا إلى كذا، فجعل عمر ثلثها لابن السبيل، وثلثًا لعمارتها، وثلثًا لنا‏؛ رواه الطبراني، ورجاله ثقات‏.

12- وهذا الحديث من أفراد مسلم، وليس لتميم الداري في صحيح  البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، ولا له في مسلم عنه غيرُ هذا الحديث.

13- سماهم المحسنين؛ قال الله عز وجل: ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 911].

معاني الكلمات:

النصيحة: كلمة يعبَّر بها عن إرادة الخير للمنصوح له.

قال المازري رحمه الله: النصيحة مشتقة من نصحت العسل، إذا صفيته، يقال: نصح الشيء إذا خلص، ونصح له القول إذا أخلصه له، أو مشتقة من النصح، وهي الخياطة المنصحة، وهي الإبرة، والمعنى: أنه يلُمُّ شعث أخيه بالنصح، كما تلُم المنصحة، ومنه: التوبة النصوح، كأن الذنب يمزق الدين، والتوبة تَخِيطه.

النصيحة تأليف بين القلوب.

قال المناوي – رحمه الله – في فيض القدير: قال بعض العارفين: النصاح الخيط، والمنصحة الإبرة، والناصح الخائط، والخائط هو الذي يؤلف أجزاء الثوب حتى يصير قميصًا أو نحوه، فينتفع به بتأليفه إياه، وما ألفه إلا لنصحه، والناصح في دين الله هو الذي يؤلف بين عباد الله وبين ما فيه سعادتهم عند الله وبين خلقه، وقال القاضي: الدِّين في الأصل: الطاعة والجزاء، والمراد به الشريعة، أطلق عليها؛ لِما فيها من الطاعة والانقياد.

أئمة المسلمين: حكامهم.

عامتهم: سائر المسلمين غير الحكام.

الفوائد:

1- أهمية النصيحة في ديننا الإسلامي.

قال ابن بطال رحمه الله في هذا الحديث: إن النصيحة تسمى دينًا وإسلامًا، وإن الدين يقع على العمل كما يقع على القول، قال: والنصيحة فرض يجزئ فيه من قام به، ويسقط عن الباقين، قال: والنصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يُقبَل نصحه، ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي على نفسه أذًى فهو في سَعة، والله أعلم.

2- فضيلة النصيحة وأنها الدين.

وللنصيحة فضائل:

أولًا: أنها مهمة الرسل.

قال تعالى إخبارًا عن نوح: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ ﴾ [الأعراف: 622].

ثانيًا: أن منزلتها عظيمة.

كما في حديث الباب.

ثالثًا: أنها من علامات كمال الإيمان.

كما قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدُكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).

رابعًا: أنها من حقوق المسلم على أخيه المسلم.

قال صلى الله عليه وسلم: ((للمؤمن على المؤمن ستُّ خصال: … وينصح له إذا غاب أو شهد)).

3- النصيحة تكون لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

فالنصيحة لله: تكون بالإيمان به، ونفي الشريك عنه، وترك الإلحاد في  صفاته، ووصفه بصفات الكمال والجلال كلها، وتنزيهه سبحانه وتعالى عن جميع النقائص، والقيام بطاعته، واجتناب معاصيه.

قال الحواريون لعيسى عليه السلام: يا روح الله، من الناصح لله؟ قال: الذي  يقدِّم حقَّ الله على حق الناس.

قال ابن بطال: وقال الحسن البصري: ما زال لله ناس ينصحون لله في  عباده، وينصحون لعباد الله في حق الله عليهم، ويعملون له في الأرض بالنصيحة، أولئك خلفاء الله في الأرض.

والنصيحة لرسوله: تكون بتصديق رسالته، والإيمان بجميع ما جاء به، وطاعته في أمره ونهيه، ونصرته حيًّا وميتًا، ومعاداة من عاداه، وموالاة من والاه، وإعظام حقه وتوقيره، وإحياء طريقته وسنَّته، وبث دعوته، ونشر شريعته.

اقرأ أيضا  اللجنة الطبيية لإنقاذ في حالات الطوارئ (MER-C):يجب إغلاق متحف ومعرض الهولوكوست في مينهاسا

وقال الآجري: والنصيحة لرسول الله على وجهين: فنصيحة مَن صاحَبَه  وشاهَدَه، ونصيحة من لم يرَه؛ فأما صحابتُه، فإن الله شرَط عليهم أن يعزروه ويوقروه وينصروه، ويعادوا فيه القريب والبعيد، وأن يسمعوا له ويطيعوا، وينصحوا كل مسلم، فوفَوْا بذلك، وأثنى الله عليهم به.

وأما نصيحة من لم يرَه: فأن يحفظوا سنَّته على أمته، وينقلوها، ويعلموا  الناس شريعته ودِينه، ويأمروهم بالمعروف وينهَوْهم عن المنكر، فإذا فعلوا ذلك، فهم ورَثة الأنبياء.

والنصيحة لأئمة المسلمين: تكون بمعاونتهم على الحق، وطاعتهم فيه،  وأمرهم به، وتذكيرهم برفق ولطف، وإعلامهم بما غفلوا عنه، وترك الخروج عليهم، وتألف قلوب الناس لطاعتهم، وأن يدعى لهم بالصلاح.

قال البيهقي في الشعب: قال أبو عثمان: فانصح للسلطان، وأكثِرْ له من  الدعاء بالصلاح والرشاد بالقول والعمل والحكم؛ فإنهم إذا صلحوا صلح العباد بصلاحهم، وإياك أن تدعو عليهم باللعنة فيزدادوا شرًّا، ويزداد البلاء على المسلمين، ولكن ادعُ لهم بالتوبة؛ فيتركوا الشر، فيرتفع البلاء عن المؤمنين، وإياك أن تأتيهم أو تتصنع لإتيانهم، أو تحب أن يأتوك، واهرب منهم – ما استطعت – ما داموا مقيمين على الشر، فإن تابوا وتركوا الشر من القول والعمل والحكم، وأخذوا الدنيا من وجهها، فهناك فاحذر العز بهم، لتكون بعيدًا منهم قريبًا بالرحمة لهم والنصيحة إن شاء الله.

  • واحذر الدخول على الملوك.
  • قال الفضيل بن عياض: ربما دخل العالم على الملك ومعه شيء من دينه، فيخرج وليس معه شيء، قيل له: وكيف ذلك؟ قال: يصدقه في كذبه، ويمدحه في وجهه.
  • وكان ينصح د: محمد بديع طلبة العلم في مؤتمر بقاعة الأزهر قائلاً:  الملوك لا تغشوهم، ولا تخشَوْهم.

والنصيحة لعامة المسلمين: تكون بإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم، وكف الأذى عنهم، وتعليم ما يجهلونه من دينهم، ويعينهم عليه بالقول والفعل، وستر عوراتهم، وسد خَلاَّتهم، ودفع المضار عنهم، وجلب المنافع لهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص، والشفقة عليهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير، ويكره لهم ما يكره لنفسه من المكروه.

  • قال ابن بطال: فواجب على البائع أن ينصح للمشتري فيما يبيعه، وعلى الوكيل والشريك والخازن أن ينصح لأخيه، ولا يحب له إلا ما يحب لنفسه.
  • وروى ابن عجلان عن عون بن عبدالله، قال: كان جرير إذا أقام السلعة بصره عيوبها، ثم خيره، فقال: إن شئت فاشترِ، وإن شئت فاترك، فقيل له: إذا فعلتَ هذا لم ينفُذْ لك بيعٌ، فقال: إنا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم.

وقال المهلب في قول جرير: تمت عليكم بالسكينة والوقار – دليل أنه يجب على العالم إذا رأى أمرًا يخشى منه الفتنة على الناس، أن يعظهم في ذلك، ويرغبهم في الألفة وترك الفُرقة، وقوله: تمت حتى يأتيكم أمير – يعني: ليقوم بأمركم، وينظر في مصالحكم.

وقوله: “استعفوا لأميركم؛ فإنه كان يحب العفو” جعل الوسيلة له إلى عفو الله بالدعاء بأغلب خلال الخير عليه، وما كان يحبه في حياته من العفو عمن أذنب إليه، وكذلك يجزى كل أحد يوم القيامة بأحسن خُلقه وعمله في الدنيا.

4- ينبغي أن تسود النصيحة بين المسلمين؛ فإنها من أعظم مكملات  الإيمان.

  • سئل ابن المبارك: أي الأعمال أفضل؟ قال: النصح لله.
  • وقال الفضيل: “المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير”.
  • وقال أيضًا: “ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام، وإنما أدرك عندنا بسَخاء الأنفس، وسلامة الصدور، والنصح للأمة”.
  • قال أبو بكر المزني: “ما فاق أبو بكر أصحاب رسول الله بصوم ولا بصلاة، ولكن بشيء كان في قلبه.. قال ابن علية: الذي كان في قلبه الحب لله عز وجل، والنصيحة في خلقه”.

وقال أبو الدرداء: “إن شئتم لأنصحن لكم: إن أحب عباد الله إلى الله، الذين يحببون الله تعالى إلى عباده، ويعملون في الأرض نصحًا”.

وقال حكيم: “وَدَّك مَن نصَحك”.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “فإن المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى”.

5- لقد طبق الصحابة رضوان الله عليهم هذا الحديث وعملوا به.

ذكر النووي في شرح مسلم: “أن جريرًا أمر مولاه أن يشتري له فرسًا، فاشترى له فرسًا بثلاثمائة درهم، وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن، فقال جرير لصاحب الفرس: فرسك خير من ثلاثمائة درهم، أتبيعه بأربعمائة درهم؟ قال: ذلك إليك يا أبا عبدالله، فقال: فرسك خير من ذلك، أتبيعه بخمسمائة درهم؟ ثم لم يزَلْ يزيد مائة فمائة وصاحبه يرضى، وجرير يقول: فرسك خير، إلى أن بلغ ثمانمائة درهم، فاشتراه بها، فقيل له في ذلك، فقال: إني بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم”.

هكذا يفعل صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم في النصح للمسلمين في أمور دينهم ودنياهم، ولنا فيهم أسوة؛ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الممتحنة: 66].

6- ومن أعظم النصح أن ينصح لمن استشاره في أمره.

كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه)).

وكذلك النصح في الدين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قالت له فاطمة بنت قيس: قد خطبني أبو جهم ومعاوية، فقال لها: أما أبو جهم فرجل ضرَّاب للنساء، وأما معاوية فصعلوكٌ لا مال له، فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم حال الخاطبين للمرأة؛ فإن النصح في الدين أعظم من النصح في الدنيا، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نصح المرأة في دنياها، فالنصيحة في الدين أعظم”.

7- ينبغي أن تكون النصيحة برفق، وأن تكون سرًّا.

قال الشافعي: “من وعظ أخاه سرًّا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه”.

قال الشاعر:

تغمَّدْني بنصحك في انفرادي ** وجنِّبْني النصيحة في الجماعَهْ

فإن النصح بين الناس نوعٌ ** من التوبيخ لا أرضى استماعَهْ

8- أحب عباد الله، وقال الحسن: إنك لن تبلغ حق نصيحتك لأخيك حتى  تأمره بما يعجز عنه، قال الحسن: وقال بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، إن شئتم لأقسمن لكم بالله، إن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده، ويحببون عباد الله إلى الله، ويسعون في الأرض بالنصيحة.

  • وقال فرقد السبخي: قرأت في بعض الكتب: المحب لله عز وجل أمير مؤمر على الأمراء، زمرته أول الزمر يوم القيامة، ومجلسه أقرب المجالس فيما هناك، والمحبة فيما هناك، والمحبة منتهى القربة والاجتهاد، ولن يسأم المحبون من طول اجتهادهم لله عز وجل، ويحبونه ويحبون ذكره، ويحببونه إلى خلقه، يمشون بين خلقه بالنصائح، ويخافون عليهم من أعمالهم يوم تبدو الفضائح، أولئك أولياء الله وأحباؤه وصفوته، أولئك الذين لا راحة لهم دون لقائه.

9- كيف تنصح؟

1- تنصح نفسك أولاً:

قال أبو بكر الآجري: ولا يكون ناصحًا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم إلا من بدأ بالنصيحة لنفسه، واجتهد في طلب العلم والفقه، ليعرف به ما يجب عليه، ويعلم عداوة الشيطان له، وكيف الحذر منه، ويعلم قبيح ما تميل إليه النفس حتى يخالفها بعلم.

قال الشاعر:

يا أيها الرجل المعلم غيره  ** هلاَّ لنفسك كان ذا التعليمُ

فابدأ بنفسك فانْهَهَا عن غيها  ** فإذا انتهَتْ عنه فأنت حكيم

تصِفُ الدواء لذي السقام وذي الضنى ** كيما يصحَّ به وأنت سقيم

2- السر والسترة وعدم نشر القبيحة حتى لا تأتي الفضيحة.

  • وقال معمَر: كان يقال: أنصح الناس لك من خاف الله فيك، وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سرًّا، حتى قال بعضهم: من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبَّخه.
  • وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويعير.
  • وقال عبدالعزيز بن أبي رواد: كان من كان قبلكم إذا رأى الرجل من أخيه شيئًا يأمره في رفق، فيؤجر في أمره ونهيه، وإن أحد هؤلاء يخرق بصاحبه فيستغضب أخاه ويهتك ستره…
  • وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر، فقال: إن كنتَ فاعلاً ولا بد ففيما بينك وبينه.

وقال الإمام الشافعي: من وعظ أخاه سرًّا، فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه.

3- تنصح مَن يَقبَل: ﴿ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ﴾ [الأعلى: 9].

قال ابن بطال:

والنصيحة فرض يجزئ فيه من قام به، ويسقط عن الباقين، والنصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يُقبَل نصحه، ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه، وأما إن خشي الأذى فهو في سَعةٍ منها.

4- الرفق واللين؛ فلقد حرم على النار كل هين لين، سهل قريب من  الناس.

  • وحُكي أن رجلاً وعظ المأمون، وأغلظ عليه، فقال له: خير منك وعَظ من هو شر مني.. فإن موسى وهارون على نبينا وعليهما أفضل الصلاة والسلام لما أرسلهما الله تعالى إلى فرعون، قال لهما: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 444]؛ أي: ارفُقا به.

10- النصح خوف قلبي على جميع المسلمين، وحماية بالبدن لجميع المسلمين، وتحب لهم ما تحب لنفسك، قال المناوي في فيض القدير:

قال بعض العارفين: أوصيك بالنصح، نصح الكلب لأهله؛ فإنهم يُجيعونه ويطردونه ويأبى إلا أن يحوطَهم ويحفظهم، وظاهر الخبر وجوب النصح، وإن علِم أنه لا يفيد في المنصوح، ومن قبِل النصيحة أمن الفضيحة، ومن أبى فلا يلومن إلا نفسه.

11- ومن أعظم أنواع النصح: أن ينصح لمن استشاره في أمره؛ كما قال  صلى الله عليه وسلم: ((إذا استنصح أحدكم أخاه، فلينصح له))، وفي بعض الأحاديث: ((إن من حق المسلم على المسلم أن ينصح له إذا غاب))، ومعنى ذلك: أنه إذا ذكر في غِيبة بالسوء، أن ينصره ويرد عنه، وإذا رأى من يريد أذاه في غيبته، كفَّه عن ذلك؛ فإن النصح في الغيب يدل على صدق الناصح؛ فإنه قد يظهر النصح في حضوره تملقًا، ويغشه في غَيبته.

12- الشورى عمود النصيحة:

أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 1599].

قال ابن عطية: والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام؛ من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب، هذا ما لا خلاف فيه، وقد مدح الله المؤمنين بقوله: ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾ [الشورى: 388]، قال أعرابي:  ما غبنت قط حتى يغبن قومي، قيل: وكيف ذلك؟ قال: لا أفعل شيئًا حتى أشاورهم، وقال ابن خويز منداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وفيما أشكل عليهم من أمور الدِّين، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكتَّاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها، وكان يقال: ما ندم من استشار، وكان يقال: مَن أُعجِبَ برأيه ضلَّ.

اقرأ أيضا  من أخلاق النبوة

قوله تعالى: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159]: يدل على جواز  الاجتهاد في الأمور، والأخذ بالظنون مع إمكان الوحي؛ فإن الله أذِن لرسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك، واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أمر اللهُ نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشاور فيه أصحابه، فقالت طائفة: ذلك في مكائد الحروب، وعند لقاء العدو، وتطييبًا لنفوسهم، ورفعًا لأقدارهم، وتألُّفًا على دِينهم، وإن كان الله تعالى قد أغناه عن رأيِهم بوحيه.

ولقد أحسن القائل:

شاوِرْ صديقك في الخفي المشكل  ** واقبَلْ نصيحةَ ناصح متفضِّلِ

فالله قد أوصى بذاك نبيَّه ** في قوله: ﴿ شَاوِرْهُمْ ﴾ و﴿ تَوَكَّلِ ﴾

13- الشورى طلب النصيحة من الآخرين:

والشورى بركة، وقال بعضهم: شاوِر من جرب الأمور؛ فإنه يعطيك من رأيه ما وقع عليه غاليًا، وأنت تأخذه مجانًا، وقد جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة – وهي أعظم النوازل – شورى.

قال البخاريُّ: وكانت الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها.

وقال سفيان الثوري: ليكن أهل مشورتك أهل التقوى والأمانة، ومن يخشى الله تعالى.

وقال الحسن: والله ما تشاور قوم بينهم إلا هداهم الله لأفضل ما يحضر بهم.

  • والشورى مبنية على اختلاف الآراء، والمستشير ينظر في ذلك الخلاف، وينظر أقربها قولاً إلى الكتاب والسنَّة إن أمكنه، فإذا أرشده الله تعالى إلى ما شاء منه، عزم عليه، وأنفذه متوكلاً عليه؛ إذ هذه غاية الاجتهاد المطلوب، وبهذا أمر الله تعالى نبيه في هذه الآية.

قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 159]، قال قتادة:  أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم إذا عزم على أمر أن يمضي فيه، ويتوكل على الله، لا على مشاورتهم.

نماذج من أقوال السلف:

  • قال الحسن البصري – رحمه الله -: (ما زال لله تعالى نصحاء، ينصحون لله في عباده، وينصحون لعباد الله في حق الله، ويعملون لله تعالى في الأرض بالنصيحة، أولئك خلفاء الله في الأرض)؛ بصائر ذوي التمييز (5/ 67، 68).
  • قال عمر بن عبدالعزيز – رحمه الله تعالى – يوصي ابنه عبدالملك بعدما تولى الخلافة: (أما بعد: فإن أحق من تعاهدت بالوصية والنصيحة بعد نفسي أنت، وإن أحق من رعى ذلك وحفظه عني أنت، وإن الله -تعالى- له الحمد قد أحسن إلينا إحسانًا كثيرًا بالغًا في لطيف أمرنا وعامته،… إلى أن قال له: وإني لأعظك بهذا، وإني لكثير الإسراف على نفسي، غير محكِم لكثير من أمري، ولو أن المرء لم يعظ أخاه حتى يُحكِم نفسه، ويكمل في الذي خلق له لعبادة ربه، إذًا تواكل الناس الخير، وإذًا يرفع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستحلت المحارم، وقل الواعظون والساعون لله بالنصيحة في الأرض، فلله الحمد رب السموات والأرض رب العالمين، وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم)؛ حلية الأولياء (5/ 275 – 277).
  • قال مسعر بن كدام – رحمه الله تعالى -: (رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي في سر بيني وبينه؛ فإن النصيحة في الملأ تقريع)؛ الآداب الشرعية، لابن مفلح (1/ 290).
  • قال الفضيل بن عياض – رحمه الله تعالى -: (الحب أفضل من الخوف، ألا ترى إذا كان لك عبدان، أحدهما يحبك والآخر يخافك، فالذي يحبك ينصحك، شاهدًا كنت أو غائبًا؛ لحبه إياك، والذي يخافك عسى أن ينصحَك إذا شهدت؛ لِما يخافك، ويغشك إذا غبتَ ولا ينصحك)، وقال أيضًا: (المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير)؛ جامع العلوم والحكم (68 – 71).
  • قال الآجري – رحمه الله تعالى -: (لا يكون ناصحًا لله تعالى ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم إلا من بدأ بالنصيحة لنفسه، واجتهد في طلب العلم والفقه؛ ليعرف به ما يجب عليه، ويعلم عداوة الشيطان له، وكيف الحذر منه، ويعلم قبيح ما تميل إليه النفس حتى يخالفها بعلم)؛ بصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي (5/ 67).

  • قال ابن عبدالبر – رحمه الله تعالى -: (محِّض أخاك النصيحة وإن كانت عنده فضيحة)؛ المرجع السابق (3/ 6055).

  • قال أبو زكريا (النووي) – رحمه الله تعالى -: (قالوا: مدار الدِّين على أربعة أحاديث، وأنا أقول: بل مداره على حديث: “الدين النصيحة”)؛ بصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي (5/ 64).

  • قال ابن رجب – رحمه الله تعالى -: (الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له، سواءٌ كان ذلك في موافقته أو مخالفته، وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودِينه، وأئمة المسلمين وعامتهم، وذلك هو الدين، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم)؛ الفرق بين النصيحةوالتعيير (32 – 33).

11- قصص من حياة الناصحين:

بهلول المجنون:

قيل: إنه لما تولى هارون الرشيد جلس للناس مجلسًا عامًّا، فدخل عليه بهلول المجنون فقال له: يا أمير المؤمنين، احذر جلساء السوء، واعتمد جليسًا صالحًا يذكرك بمصالح خلقه إذا غفلت، والنظر فيهم إذا لهوت؛ فإن هذا أنفع لك وللناس، وأكثر في الأجر مما تأتي به من صوم وصلاة وقراءة وحج… إن الرجل كان يلقي الكلمة عند ذي السلطان فيعمل بها فيملأ الأرض فسادًا… وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالًا، فيهوي بها في النار سبعين خريفًا…))، ولا تكن يا أمير المؤمنين كمن قال الله تعالى في حقه: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة: 2066]…، فقال له:  زدني، فقال: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قد أقاد لك الناس، وجعل أمرك فيهم مطاعًا، وكلمتك فيهم نافذة، وأمرك فيهم ماضيًا، وما ذلك إلا لتحملهم على الإتيان بما أمر الله به، والانتهاء عما نهى الله عنه..، وتعطي من هذا المال الأرملة واليتيم، والشيخ الكبير، وابن السبيل… يا أمير المؤمنين، أخبرني فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا كان يوم القيامة، وجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، أحضر الملوك وغيرهم من ولاة أمور الناس، فيقول لهم: ألم أمكنكم من بلادي، وأُطِعْ لكم عبادي، لا لجمع الأموال، وحشد الرجال، بل لتجمعوهم على طاعتي، وتنفذوا فيهم أمري ونهيي، وتعزوا أوليائي، وتذلوا أعدائي، وتنصروا المظلومين من الظالمين؟!… يا هارون، تفكر كيف يكون جوابك عما تسأل عنه من أمور العباد في ذلك الموقف إذا حضرت ويداك مغلولتان إلى عنقك، وجهنم بين يديك، والزبانية محيطة بك تنظر ما يؤمر بك… قال: فبكى هارون بكاءً شديدًا، فقال له بعض الحاضرين: كدَّرت على أمير المؤمنين مجلسه، فقال لهم هارون: قاتَلكم الله؛ إن المغرور من غررتموه، والسعيد من بعُدتم عنه، ثم خرج من عنده.

طفلان يحسنان النصيحة:

حكي أن الحسن والحسين رضي الله عنهما أقبلا على شيخ يتوضأ وضوءًا باطلاً، فقال أحدهما للآخر: تعالَ نرشد هذا الشيخ، فقال أحدهما: يا شيخ، إنا نريد أن نتوضأ بين يديك حتى تنظر إلينا وتعلم من منا يحسن الوضوء ومن لا يحسنه، ففعلا ذلك، فلما فرغا من وضوئهما، قال الشيخ: أنا – والله – الذي لا أحسن الوضوء، وأما أنتما فكل واحد منكما يحسن وضوءه، فانتفع بذلك منهما من غير تعنيف ولا توبيخ.

رجل وزوجته:

رجل فقير تزوج من امرأة وأنجبا طفلاً، فقرر الرجل السفر لطلب العيش، فاتفق مع امرأته على عشرين عامًا من السفر، وإذا زادوا يومًا واحدًا فإن المرأة حرة طليقة تفعل ما تشاء، ووعدته زوجته بذلك، وسافر وترك امرأته وولده الذي لم يبلغ شهرًا واحدًا، سافر إلى إحدى البلدان حيث عمل في طاحونة قمح عند رجل جيد، وسُر منه صاحب الطاحونة لنشاطه، وبعد عشرين عامًا قال لصاحب الطاحونة: لقد قررت العودة إلى البيت؛ لأن امرأتي وعدتني بأن تنتظرني عشرين عامًا، وأريد أن أرى ما الذي يجري هناك، قال له صاحب الطاحونة: اشتغل عندي عامًا آخر أرجوك، لقد تعودت عليك كما يتعود الأب على ابنه، قال الرجل: لا أستطيع، لقد طلبت الدار أهلها، وحان الوقت كي أعود؛ فقد مضى على غيابي عشرون سنة،  وإذا لم أعد إلى البيت هذا العام فإن زوجتي ستتركه، فأعطاه صاحب الطاحونة ثلاث قطع ذهبية وقال له: هذا كل ما أملك، خذها؛ فإنها ليست بكثيرة عليك، أخذ الرجل القطع الذهبية الثلاث واتجه نحو قريته، وفي طريقه إلى القرية لحق به ثلاثة من المارة، كان اثنان من الشباب والثالث رجل عجوز، تعارفوا وبدؤوا بالحديث، بينما الرجل العجوز لم يتكلم ولو بكلمة، بل كان ينظر إلى العصافير ويضحك، فسأل الرجل: مَن هذا الرجل العجوز؟ أجاب الشابان: إنه والدنا، قال الرجل: لماذا يضحك هكذا؟ أجاب الشابان: إنه يعرف لغة الطيور وينصت إلى نقاشها المسلي والمرح، قال الرجل: لماذا لا يتكلم أبدًا؟

أجاب الشابان: لأن كل كلمة من كلامه لها قيمة نقدية، قال الرجل: وكم يأخذ؟ أجاب الشابان: على كل جملة يأخذ قطعة ذهبية، قال الرجل في نفسه: إنني إنسان فقير، هل سأصبح فقيرًا أكثر إذا ما أعطيت هذا العجوز أبا اللحية قطعة ذهبية واحدة، كفاني أسمع ما يقول، وأخرج من جيبه قطعة ذهبية ومدها إلى العجوز، فقال العجوز: لا تدخل في النهر العاصف، وصمت، وتابعوا مسيرتهم، قال الرجل في نفسه: عجوز فظيع، يعرف لغة الطيور، ومقابل كلمتين أو ثلاثة يأخذ قطعة ذهبية، يا ترى ماذا سيقول لي لو أعطيته القطعة الثانية؟! ومرة ثانية، تسللت يده إلى جيبه وأخرج القطعة الذهبية الثانية وأعطاها للعجوز، قال العجوز: في الوقت الذي ترى فيه نسورًا تحوم، اذهب واعرف ما الذي يجري، وصمت، وتابعوا مسيرتهم، وقال الرجل في نفسه: اسمعوا إلى ماذا يقول! كم من مرة رأيت نسورًا تحوم ولم أتوقف ولو لمرة لأعرف ما المشكلة، سأعطي هذا العجوز القطعة الثالثة، بهذه القطعة وبدونها ستسير الأحوال، وللمرة الثالثة تتسلل يده إلى جيبه، وألقى القبض على القطعة الأخيرة  وأعطاها للعجوز، أخذ العجوز القطعة الذهبية وقال: قبل أن تقدم على فعل أي شيء عُد في عقلك حتى خمسة وعشرين، وصمت، وتابعوا الجميع المسير، ثم ودعوا بعضهم، وافترقوا، وعاد العامل إلى قريته.

اقرأ أيضا  التقوى في آيات الحج

وفي الطريق وصل إلى حافة نهر، وكان النهر يعصف ويجر في تياره الأغصان والأشجار، وتذكر الرجل أول نصيحة أعطاها العجوز له، ولم يحاول دخول النهر، جلس على ضفة النهر وأخرج من حقيبته خبزًا وبدأ يأكل، وفي هذه اللحظات سمع صوتًا، وما التفت حتى رأى فارسًا وحصانًا أبيض، قال الفارس: لماذا لا تعبر النهر؟ قال الرجل: لا أستطيع أن أعبر هذا النهر الهائج، فقال له الفارس: انظر إليَّ كيف سأعبر هذا النهر البسيط، وما إن دخل الحصان النهر حتى جرفه التيار مع فارسه، كانت الدوامات تدور بهم، وغرق الفارس، أما الحصان فقد تابع السباحة من حيث نزل، وكانت أرجله تسكب ماء، أمسك الرجل الحصان وركبه، وبدأ البحث عن جسر للعبور، ولما وجده عبر إلى الضفة المقابلة، ثم اتجه نحو قريته، ولما كان يمر بالقرب من شجيرات كثيفة، رأى ثلاثة نسور كبيرة تحوم، قال الرجل في نفسه: سأرى ماذا هناك، نزل عن الحصان واختفى بين الأشجار، وهناك رأى ثلاث جثث هامدة، وبالقرب من الجثث حقيبة من الجلد، ولما فتحها كانت مليئة بالقطع الذهبية، كانت الجثث قطاع طرق سرقوا في أثناء الليل أحد المارة، ثم جاؤوا إلى هنا ليتقاسموا الغنيمة فيما بينهم، ولكنهم اختلفوا في الأمر، وقتلوا بعضهم بعضًا بالمسدسات، أخذ الرجل النقود، ووضع على جنبه أحد المسدسات، وتابع سيره، وفي المساء وصل إلى بيته، فتح الباب الخارجي، ووصل إلى ساحة الدار
وقال في نفسه: سأنظر من الشباك لأرى ماذا تفعل زوجتي، كان الشباك مفتوحًا، والغرفة مضاءة، نظر من الشباك، فرأى طاولة وسط الغرفة وقد غطتها المأكولات، وجلس إليها اثنان الزوجة ورجل لم يعرفه، وكان ظهره للشباك، فارتعد من هول المفاجأة وقال في نفسه: أيتها الخائنة، لقد أقسمت لي بألا تتزوجي غيري، وتنتظريني حتى أعود، والآن تعيشين في بيتي وتخونيني مع رجل آخر؟!

أمسك على قبضة مسدسه، وصوب داخل البيت، ولكنه تذكر نصيحة العجوز الثالثة: أن يعد حتى خمسة وعشرين، قال الرجل في نفسه: سأعد حتى خمسة وعشرين، وبعد ذلك سأطلق النار، وبدأ بالعد واحد… اثنان… ثلاثة… أربعة… في هذه الأثناء كان الفتى يتحدث مع الزوجة ويقول: يا والدتي، سأذهب غدًا في هذا العالم الواسع لأبحث عن والدي، كم من الصعوبة أن أعيش بدونه يا أمي، ثم سأل: كم سنةً مرت على ذهابه؟ قالت الأم: عشرون سنة يا ولدي، ثم أضافت: عندما سافر أبوك كان عمرك شهرًا واحدًا فقط، ندم الرجل وقال في نفسه: لو لم أعد حتى خمسة وعشرين، لعملت مصيبة تعذبت عليها أبد الدهر، وصاح من الشباك: يا ولدي، يا زوجتي، اخرجوا واستقبلوا الضيف الذي طالما
انتظرتموه.

قصة الملك ووزيره، و نصيحة العجوز:

يحكى أن أحد الملوك قد خرج ذات يوم مع وزيره متنكرين، يطوفان أرجاء المدينة، ليروا أحوال الرعية، فقادتهم الخطى إلى منزل في ظاهر المدينة، فقصدا إليه، ولما قرعا الباب، خرج لهما رجل عجوز دعاهما إلى ضيافته، فأكرمهما، وقبل أن يغادراه، قال له الملك: لقد وجدنا عندك الحكمة والوقار، فنرجو أن تزودنا بنصيحة، فقال الرجل العجوز: لا تأمن للملوك ولو توَّجوك، فأعطاه الملك وأجزل العطاء، ثم طلب نصيحة أخرى، فقال العجوز: لا تأمن للنساء ولو عبدوك، فأعطاه الملك ثانية، ثم طلب منه نصيحة ثالثة، فقال العجوز: أهلك هم أهلك، ولو صِرْتَ على المهلك، فأعطاه الملك ثم خرج والوزير، وفي طريق العودة إلى القصر أبدى الملك استياءه من كلام العجوز، وأنكر كل تلك الحِكم، وأخذ يسخر منها، وأراد الوزير أن يؤكد للملك صحة ما قاله العجوز، فنزل إلى حديقة القصر، وسرق بلبلًا كان الملك يحبه كثيرًا، ثم أسرع إلى زوجته يطلب منها أن تخبئ البلبل عندها، ولا تخبر به أحدًا، وبعد عدة أيام طلب الوزير من زوجته أن تعطيه العقد الذي في عنقها كي يضيف إليه بضع حبات كبيرة من اللؤلؤ، فسُرَّت بذلك، وأعطته العقد، ومرت الأيام، ولم يعُد الوزير إلى زوجته بالعقد، فسألته عنه، فتشاغل عنها، ولم يجبها، فثار غضبها، واتهمته بأنه قدم العقد إلى امرأة أخرى، فلم يجب بشيء، مما زاد في نقمتها عليه، ثم أسرعت زوجة الوزير إلى الملك، لتعطيه البلبل، وتخبره بأن زوجها هو الذي كان قد سرقه، فغضب الملك غضبًا شديدًا، وأصدر أمرًا بإعدام الوزير، ونصبت في وسط المدينة منصة الإعدام، وسيق الوزير مكبلًا بالأغلال إلى حيث سيشهد الملك إعدام وزيره، وفي الطريق مر الوزير بمنزل أبيه وإخوته، فدهشوا لِما رأوه، وأعلن والده عن استعداده لافتداء ابنه بكل ما يملك من أموال، بل أكد أمام الملك أنه مستعد ليفديه بنفسه، وأصر الملك على تنفيذ الحكم بالوزير، وقبل أن يرفع الجلاد سيفه، طلب أن يؤذَنَ له بكلمة يقولها للملك، فأذن له، فأخرج العقد من جيبه، وقال للملك: ألا تتذكر قول الحكيم: ‏لا تأمن للملوك ولو توَّجوك، ولا للنساء ولو عبدوك، وأهلك هم أهلك ولو صرت على المهلك، وعندئذ أدرك الملك أن الوزير قد فعل ما فعل ليؤكد له صِدقَ تلك الحِكم، فعفا عنه، وأعاده إلى مملكته وزيرًا مقربًا.

نصائح:

نصيحة عربي لابنه:

بني، لكي تكون ملكًا مهابًا بين الناس، إياك أن تتكلم في الأشياء إلا بعد أن تتأكد من صحة المصدر، وإذا جاءك أحد بنبأ فتبين قبل أن تتهور، وإياك والشائعة، لا تصدق كل ما يقال، ولا نصفَ ما تبصر، وإذا ابتلاك الله بعدو، قاومه بالإحسان إليه، ادفع بالتي هي أحسن؛ فإن العداوة تنقلب حبًّا.

إذا أردت أن تكتشف صديقًا، سافر معه، في السفر ينكشف الإنسان، يذوب المظهر، وينكشف المخبر! ولماذا سمي السفر سفرًا إلا لأنه عن الأخلاق والطبائع يسفر؟!

وإذا هاجمك الناس وأنت على حق، أو قذعوك بالنقد، فافرح، إنهم يقولون لك: أنت ناجح ومؤثر؛ فالكلب الميت، لا يركل! ولا يرمى إلا الشجر المثمر!

بني، عندما تنتقد أحدًا، فبعين النحل تعوَّد أن تبصر، ولا تنظر للناس بعين ذباب، فتقعَ على ما هو مستقذر!

نَمْ باكرًا يا بني؛ فالبركة في الرزق صباحًا، وأخاف أن يفوتك رزق الرحمن؛ لأنك تسهر!

وسأحكي لك قصة المعزة والذئب حتى لا تأمن من يمكر!

وحينما يثق بك أحد، فإياك ثم إياك أن تغدر!

سأذهب بك إلى عرين الأسد، وسأعلمك أن الأسد لم يصبح ملكًا للغابة لأنه يزأر! ولكن لأنه عزيز النفس، لا يقع على فريسة غيره مهما كان جائعًا، يتضوَّر، لا تسرق جهد غيرك، فتجور!

سأذهب بك للحرباء، حتى تشاهد بنفسك حيلتها؛ فهي تلون جلدها بلون المكان؛ لتعلم أن مثلها نسخ تتكرر، وأن هناك منافقين، وهناك أناسًا بكل لباس تتدثر، وبدعوى الخير تتستر!

تعود يا بني أن تشكر، اشكر الله، يكفي أنك تمشي، وتسمع، وتبصر، اشكر الله، ثم اشكر الناس؛ فالله يزيد الشاكرين!

والناس تحب الشخص الذي عندما تُبذَل له، يقدر!

اكتشفت يا بني أن أعظم فضيلة في الحياة الصدق، وأن الكذب وإن نجَّى، فالصدق أخلقُ بمن كان مثلك!

بُنيَّ، وفِّر لنفسك بديلًا لكل شيء، استعد لأي أمر؛ حتى لا تتوسل لنذل، يذل ويحقر!

واستفد من كل الفرص؛ لأن الفرصَ التي تأتي الآن قد لا تتكرر.

لا تتشكَّ، ولا تتذمر، أريدك متفائلًا، مقبلًا على الحياة، اهرب من اليائسين والمتشائمين، وإياك أن تجلسَ مع رجل يتطير.

لا تشمَتْ، ولا تفرح بمصيبة غيرك، وإياك أن تسخر من شكل أحد؛ فالمرء لم يخلُقْ نفسه، في سخريتك، أنت في الحقيقة تسخر من صُنع الذي أبدَعَ وخَلَق وصوَّر!

لا تفضح عيوب الناس، فيفضحك الله في دارك، فالله الستير، يحب من يستر!

ولا تظلم أحدًا، وإذا دَعَتْك قدرتُك على ظلم الناس، فتذكر أن الله هو الأقدر!

وإذا شعَرت بالقسوة يومًا، فامسح على رأس يتيم، ولسوف تدهش، كيف للمسح أن يمسح القسوة من القلب، فيتفطر!

لا تُجادل، في الجدل كلا الطرفين يخسر، فإذا انهزمنا فقد خسرنا كبرياءنا نحن، وإذا فُزنا فلقد خسرنا الشخص الآخر.

لقد انهزمنا كلنا، الذي انتصر، والذي ظن أنه لم ينصر!

لا تكُنْ أحاديَّ الرأي؛ فمن الجميل أن تؤثر وتتأثر.

لكن إياك أن تذوب في رأي الآخرين، وإذا شعرت بأن رأيك مع الحقِّ، فاثبُتْ عليه ولا تتأثَّر!

تستطيع يا بني أن تغير قناعات الناس، وأن تستحوذ على قلوب الناس وهي لا تشعر، ليس بالسحر ولا بالشعوذة؛ فبابتسامتك وعذوبة لفظك تستطيع بهما أن تسحر!

ابتسم، فسبحان من جعل الابتسامة في ديننا (عبادة)، وعليها نؤجر!

في الصين، إن لم تبتسم لن يسمحوا لك أن تفتح متجر، إن لم تجد من يبتسم لك، ابتسم له أنت، فإذا كان ثغرك بالبسمة، بسرعة، تتفتح لك القلوب لتعبر!

وحينما يقع في قلب الناس نحوك شك، دافع عن نفسك، وضح، برر!

لا تكن فضوليًّا تدس أنفك في كل أمر، تقف مع من وقف إذا الجمهور تجمهر! بني، ترفَّع عن هذا؛ إنه يسوءني هذا المنظر!

لا تحزن يا بني على ما في الحياة، فما خُلقنا فيها إلا لنمتحن ونبتلى، حتى يرانا الله، هل نصبر؟!

لذلك، هون عليك،، ولا تتكدر! وتأكد بأن الفرج قريب، فإذا اشتد سواد السحب، فعما قليل ستمطر!

لا تبكِ على الماضي، فيكفي أنه مضى، فمن العبث أن نمسك نشارة الخشب، وننشر!
انظر للغد، استعد، شمر! كن عزيزًا، وبنفسك افخر!
فكما ترى نفسك سيراك الآخرون؛ فإياك لنفسك يومًا أن تحقر!
فأنت تكبر حينما تريد أن تكبر، وأنت فقط من يقرر أن يصغر!

الألوكة

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.