الربا ( أقسامه وخطره والفرق بين البيع والربا )
الجمعة،23ذوالحجة1435ه الموافق17أكتوبر/تشرين الأول وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
أ. د. الحسين بن محمد شواط و د. عبدالحق حميش
الربا(أقسامه وخطره والفرق بين البيع والربا)
تعريفه:
لغة: هو مصدر ربا يربو إذا زاد ونما، فهو بمعنى الفضل والزيادة والنماء، ومنه قوله – تعالى -: ﴿ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ﴾ [الحج: 5]، أي ارتفعت وزادت عما كانت عليه قبل نزول الماء، وقال – تعالى -: ﴿ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ ﴾ [النحل: 92]، أي أكثر عددًا وقوة، وقال سبحانه: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [البقرة: 276]، أي يضاعفها ويباركها.
اصطلاحًا:
عرف بتعاريف مختلفة:
• قال الحنفية: هو الفضل الخالي عن العوض بمعيار شرعي بشروط لأحد المتعاقدين في المعاوضة[1].
• وقال المالكية والشافعية في تعريف الربا: هو عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع التأخير في البدلين أو أحدهما[2].
• وقال الحنابلة: هو الزيادة في أشياء مخصوصة[3].
حكمه:
الربا محرم في جميع الأديان السماوية، وجاء تحريمه في الإسلام بأدلة قاطعة من القرآن والسنة والإجماع.
• فمن القرآن: قوله – تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 130]، وقال – تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278-279]، فظاهر ارتباط النهي في هذه الآيات بالتحذير والوعيد الشديد والإعلام بالحرب من الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – على المرابين دليل قاطع على حرمة الربا، وعلى عظم مفاسده، ومضاره على الناس من الناحية الاجتماعية والاقتصادية.
• ومن السنة أحاديث كثيرة نختار منها:
((اجتنبوا السبع الموبقات -وعدّ منها: أكل الربا)) متفق عليه.
((لعن الله آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه)) متفق عليه.
وروى الدارقطني عن عبد الله بن حنظلة أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((لدرهم ربا أشد عند الله – تعالى – من ست وثلاثين زنية في الخطيئة)).
ولقد أجمعت الأمة على أن الربا محرم، وقال الماوردي: “حتى قيل: إنه لم يحل في شريعة قط”؛ لقوله – تعالى -: ﴿ وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ ﴾ [النساء: 161]، يعني في الكتب السابقة[4].
أقسام الربا وحكم كل نوع منها:
الربا قسمان:
1- ربا النسيئة (ويعرف بربا الديون).
2- ربا الفضل (ويعرف بربا البيوع).
وزاد الشافعية قسمًا ثالثًا سموه (ربا اليد).
وسوف نفصل الكلام في كل نوع من هذه الأنواع مع الأنواع الأخرى المستجدة والمتعلقة بالبنوك وغيرها من المعاملات المفضية للربا…
خطورة الربا[5]:
لقد حرم الإسلام ومعه كل الشرائع السماوية الربا؛ لما فيه من الأضرار الاجتماعية والاقتصادية، وسنتحدث عنهما بشيء من الإيجاز.
فالأضرار الاقتصادية تكمن في أن الربا وسيلة غير سليمة للكسب لما يلي:
أ- الفائدة التي يحصل عليها المرابي لا تأتي نتيجة عمل إنتاجي؛ بل استقطاع من مال الفرد، أو من ثروة الأمة دون أن ينتج ما يقابله.
ب- الفائدة تدفع فئة من الأمة إلى الكسل والبطالة، وتمكنهم من زيادة ثروتهم بدون جهد وعناء.
ج- الربا يؤدي إلى ظاهرة التضخم في المجتمع.
د- إثقال كاهل المقترضين عند العجز عن التسديد لتضاعف سعر الفائدة المحرمة شرعًا.
الأضرار من الناحية الاجتماعية:
أ- الربا يستغل حاجة المحتاجين ويلحق بهم الكثير من الأضرار دون اختيار منهم.
ب- ينمي الضغائن والأحقاد بين الناس لعدم اقتناع المقترض بما أخذ منه مهما كانت حاجته ورغبته فيه.
ج- يلغي معاني الفضيلة والتعاون على البر والتقوى.
د- الربا ظلم، والله – تعالى – حرم الظلم.
والخلاصة:
أن الربا له أضرار جسيمة وآثار قبيحة ويكفي أنه مضاد لمنهج الله – تعالى – لبيان خطورته.
الفرق بين البيع والربا:
لقد حاول المرابون – قديمًا وحديثًا – أن يوهموا غيرهم وربما أنفسهم بأن البيع مثل الربا، فكان رد القرآن عليهم حاسمًا وجازمًا، قال – تعالى -: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، فالفرق بينهما شاسع.
• الفرق بين الحلال الطيب الذي يؤجر صاحبه، وبين الحرام الخبيث الذي يؤزر صاحبه.
• البيع مبادلة عين بثمن، أما الربا فهو الزيادة على الثمن عند حلول الأجل وتعذر التسديد.
• البيع تبادل المنافع برضا الطرفين، أما الربا فهو استغلال الغني لحاجة الفقير وعجزه عن الوفاء.
• الربح في البيع مقابل الجهد والتعب في التجارة، أما في الربا فهو مقابل الزمن فليس له حينئذ عوض معتبر شرعًا، ولا تعب ولا جهد.
• البائع والتاجر قد يربح وقد يخسر، أما المرابي فربحه مؤكد مضمون وقد يزيد مع الزمن.
• البيع عام يتناول كل السلع، أما الربا فهو في هذا الزمان يتعلق أساسًا بالنقود فقط، ويقوم على توليد النقد من النقد، وهذا خلاف المقصود من النقود وهي ثمن المبيعات.
• البيع يسد حاجات الناس، والربا يستغلهم؛ بل إن المرابين قد يرتبون لاحتياج الناس ثم يستغلونهم.
• إن البيع يؤدي إلى الإثراء والإنعاش الاقتصادي، بينما يؤدي الربا إلى تخريب الاقتصاد.
• الربا يؤدي إلى النزاع والحقد والحسد والشقاق بين الناس، وليس شيء من ذلك في البيع؛ لأن الأصل في البيع التبادل بين الناس، واشترط في البيع المساواة والعدل بين القيمة والسلعة – قدر الإمكان.
وإلى غير ذلك من الفروق الجلية بين البيع والربا والتي تدل على أن الأول حلال طيب، وأن الثاني خبيث ومحرم.
________________________________________
[1] حاشية ابن عابدين (4/184).
[2] القوانين الفقهية (164)، مغني المحتاج (2/21).
[3] كشاف القناع (3/251).
[4] انظر: المهذب (1/270)، المغني (4/1).
[5] انظر: الربا وأثره على المجتمع الإنساني (93).
• أضرار الربا وآثاره في ضوء الكتاب والسنة لسعيد القحطاني (52-55).
• الربا ودوره في استغلال موارد الشعوب.
المصدر :الالوكة