“السلام ولا شيء غير السلام”..مطلب الأقلية المسلمة من الحكومة الجديدة في إفريقيا الوسطى
الخميس 28رجب 1437/ 5 ماي/آيار 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
بانغي
بعد تشكيل الحكومة الجديدة في إفريقيا الوسطى أول أمس الاثنين، تتطلع الأقلية المسلمة في العاصمة بانغي، إلى عودة السلام من خلال إرساء المصالحة الوطنية بين الفرقاء السياسيين، في هذا البلد الذي عصفت بأركانه أزمة طائفية طاحنة لسنوات عديدة.
مطلب جماعي التف حوله السكان المسلمون وقادة تحالف “السيليكا” السابق وناشطي المجتمع المدني في البلاد في تصريحات خاصة لمراسل الاناضول.
الجنرال محمد موسى دافان، رئيس الفصيل السياسي الجديد لتحالف “السيليكا”، قال في تصريح للأناضول “نريد السلام ولا شيء غير السلام ونطالب بعودة النازحين واللاجئين، المسيحيين والمسلمين على حد سواء، إلى ديارهم، في كنف الأمن، ليباشروا حياتهم العادية، من جديد، ويشاركوا في إعادة بناء وطنهم. وفي هذا الاتجاه، أعرب عن استعدادي للعمل مع الحكومة من أجل تحقيق هذه الأهداف”.
حزب دافان انشق عن تحالف الـ “سيليكا” المسلح (أغلبية مسلمة)، المتورط مع ميليشيا الـ “أنتي بالاكا” (المسيحية) في الأزمة الطائفية التي شهدتها إفريقيا الوسطى في موفى عام 2013، بعد أن أطاح مسلحو مجموعة الـ “سيليكا”، بالرئيس فرانسوا بوزيزيه، وهو مسيحي جاء إلى السلطة عبر انقلاب في عام 2003، ونَصَّب بدلاً منه المسلم “ميشيل دجوتويا” كرئيس مؤقت للبلاد.
أزمة سرعان ما تراجعت حدتها، شيئا فشيئا، بفضل جهود السلطات الانتقالية، التي أرسيت عام 2014، بهدف اخراج البلاد من نفق الأزمة. وتمكنت البلاد من تنظيم انتخابات عامة، في الأشهر الماضية، لتعود، من جديد، إلى النظام الدستوري.
وعين الرئيس فوستن أرشنج تواديرا، الذي انتخب في فبراير/شباط الماضي، أول أمس الاثنين، أعضاء حكومته، باقتراح من رئيس الوزراء الجديد سامبليس سارندجي. ويضم الفريق الحكومي الجديد 4 مسلمين من بين 23 وزيرا.
يوسو نامغينا، إمام أحد مساجد بانغي، أعرب في هذا الشأن للأناضول أن “القضية، بالنسبة لنا، ليست مسيحيين ومسلمين، بل المهم تعيين الأشخاص بناءا على عامل الكفاءة”.
في الاتجاه ذاته، أوضح أحمد إبراهيم، أحد سكان حي الـ “بي كا 5” معقل المسلمين في بانغي، للأناضول أن: “مسالة التمثيل في الحكومة ليست مهمة، لأننا لا نريد تجزئة حقائب الدولة على أسس طائفية”، مستطردا “في كل الحالات، بخصوص نسبة الـ 10% من المسلمين في البلاد، نعتبر أن تعيين 4 وزراء من بيننا تخطى مبدأ نظام المحاصصة الطائفية المفترضة”.
ومن جانبه، يرى بلال، شقيق أحمد إبراهيم، أن المسلمين يصرون على عودة اعتبارهم “وهذا يمر عبر المصالحة الوطنية التي تعد الطريق الوحيد للسلام”، على حد تعبيره.
واضطر 470 ألف شخص، معظمهم مسلمون، إلى مغادرة إفريقيا الوسطى خلال العامين الماضيين، باتجاه الكاميرون وتشاد والكونغو برازافيل والكونغو الديمقراطية، وفق أرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة.
علاوة على ذلك، نزح عشرات الآلاف من السكان نحو المناطق الداخلية. وفي بانغي، مازال مخيم مبوكو يستقبل، إلى اليوم، نحو 28 ألف شخص، وفق مصادر أممية، في حين قدر النازحون في كامل تراب البلاد بـ 300 ألف شخص، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفق مفوضية شؤون اللاجئين.
مسلمو بانغي الذين أنهكتهم الأزمة يعتبرون أن المصالحة تمر عبر المؤسسات، بشكل أساسي. توصيات منتدى بانغي الذي أقيم العام الماضي لإيجاد مخرج للأزمة السياسية والأمنية التي تعيش على وقعها البلاد، كانت قد خططت لضرورة تبني الهياكل المناسبة ومنها: “لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة المدعومة” من “اللجان المحلية للسلام والمصالحة”.
إضافة إلى ما تقدم، أوضح إبراهيم الناشط في المجال الجمعياتي، للأناضول أن السكان في حاجة لـ “تجل ملموس للسلام والمصالحة”، وتابع قائلا “بالنسبة للساسة، تتمثل المصالحة الوطنية في الجلوس على الطاولة نفسها والتباحث من أجل القاء خطاب منمق. أما نحن فنحتاج لخطوات عملية، مثل إعادة بناء المساجد المهدمة من قبل حكومة سامبليس سارندجي”.
ووفق أرقام منظمة الأمم المتحدة، هدمت الميليشيات المسلحة 417 مسجدا من أصل 436 في البلاد، خلال السنوات الآخيرة، فيما لم يتم إعادة بناء سوى عدد قليل منها.
ومن جانبه، خلص مصطفى يونس، منسق “منظمة الشباب المسلم في إفريقيا الوسطى إلى أن الحكومة يجب أن تدمج الشباب في جهود وديناميكية السلم والمصالحة”، مضيفا “ننتظر أن تنكب الحكومة من أجل إقامة السلام والمصالحة الحقيقيين، بين بنات وأبناء البلاد. ونرجو أن ينخرط الشباب،فعليا، في العملية السياسية، لأنهم كانوا فاعلين، وكذلك، من ضحايا الأزمة التي عشناها”، بحسب الأناضول.
وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.