اللاجئون الفلسطينيون تحت مقصلة ترامب
مصطفى أبو السعود
تستمر جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تنفيذ صفقة القرن، حيث وصلت إلى عصب القضية الفلسطينية من خلال البدء بتقليص مساهمة بلاده في ميزانية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الدولية “أونروا”، لأن بلاده كما قال ترامب في تغريداته على تويتر “دفعت للفلسطينيين مئات الملايين من الدولارات سنويًا ولم تحصل على تقدير أو احترام”، وهذا يعتبر بمثابة إيعاز للدول الأخرى -خاصة العربية- بأن تحذو حذوها على اعتبار أن ما تفعله أمريكا هو الحق، ويجب على الآخرين فعله.
بداية الأزمات تبدأ دوما بتقليص الخدمة ثم قياس رد فعل الآخر، فإن اقتصر رد الفعل على الخطب والشعارات الرنانة، فالتقدم في التقليص هو سيد الموقف، لتبدأ رحلة جديدة من خلق وقائع جديدة على أرض الواقع وفي عالم السياسة.
وقد تهدف الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الإجراءات ليس تقليص موازنتها بشكلٍ أساسي، بل إنها تلوح بذلك من أجل الحصول على مكاسب أخرى، فتكون فكرة تقليص الموازنة هي وسيلة وليست غاية.
إن وكالة الغوث تقدم الدعم للاجئين الفلسطينيين والمقدر عددهم حوالي 9 ملايين لاجئ في مجالات عديدة، والموزعين على الضفة والقدس وغزة والأردن ولبنان وسوريا، وغيرها، وتوقف هذا الدعم والمساهمة يعني دخول اللاجئ الفلسطيني في مرحلة معيشية صعبة خاصة في ظل وجود قوانين عربية تمنع الفلسطيني من العمل في الكثير من الوظائف العامة والخاصة وتمنعه من التملك، وفي ظل الحصار الخانق الذي يتعرض له قطاع غزة باعتبار أن يحوي أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، كما أن التقليص لن يقتصر على المعونات والعلاج بل سيصل إلى رواتب الموظفين العاملين في مؤسسات الوكالة على امتداد أماكن تواجدها، ورفض تمديد لمن أوشك على التقاعد، ووقف مئات العمال الذين يعملون على بند “المياومة”.
إن تعرض “أونروا” لأي اهتزازات يعني نقص في كافة الخدمات التي يتلقاها اللاجئ، وهذا ما أكده المفوض العام لـ”أونروا”، بيير كرينبول، بأن “حصول 525000 طالب وطالبة في 700 مدرسة أونروا على التعليم ومستقبلهم يواجه خطرًا، ويدخل في دائرة الخطر أيضًا كرامة وأمان الملايين من اللاجئين الفلسطينيين، والذين هم بحاجةٍ للمساعدات الغذائية الطارئة وأشكال الدعم الأخرى، في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة، عدا المخاطر المتعلقة بحصول اللاجئين على الرعاية الصحية الأولية، بما في ذلك الرعاية لما قبل الولادة والخدمات الأخرى المنقذة للحياة، وإن حقوق وكرامة مجتمع بأكمله في خطر.
ليس ذلك فحسب بل شدد كرينبول على أن “هذه المساهمة المقلصة ستؤثر في الأمن الإقليمي، في وقت يشهد العديد من المخاطر والتهديدات في المنطقة”، كما دعا جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف والانضمام للوكالة في رسالتها للاجئين الفلسطينيين بأن “حقوقهم ومستقبلهم تحظى بقدر كبير من الأهمية، داعيا دول العالم والإقليم إلى تقديم مساعداتهم للوكالة.)
إن الالتفاف على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” وإخراجها من كونها منظمة إنسانية وتحويلها لأداةٍ سياسية هو خرقٌ للقانون الدولي الذي يؤكد ضرورة تحييد المنظمات الإغاثية الإنسانية من الصراع والحروب، وعلى الدول العربية والإسلامية زيادة موازنتها لوكالة الغوث الدولية كي تساعد اللاجئ الفلسطيني على الصمود في وجه المؤامرات التي تحل ضد فلسطين القضية والشعب.
المصدر : فلسطين أون لاين