المحادثات السورية في أستانة لا تزال مصدرا للأمل في تحقيق وقف إطلاق نار مستدام

السبت 8 ربيع الثاني 1438 الموافق 7 يناير/ كانون الثاني 2017 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”.

دمشق

يؤكد مراقبون ومحللون سياسيون في سوريا أن المحادثات المزمع إجراؤها في العاصمة القازاقستانية، أستانة، ما تزال تشكل مصدرا للأمل لدى بعض الأطراف السورية والدولية من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار مستدام، الأمر الذي سيساهم لاحقا في تشكيل أرضية صلبة لبدء محادثات سياسية تفضي إلى حل سياسي للأزمة السورية، على الرغم من صدور بعض المواقف التي تعمل على عرقلة انعقاد هذا الاجتماع

ويرى مراقبون سياسيون أنه عندما تم التوصل إلى الوقف الحالي لإطلاق النار بين تركيا وروسيا خلال الأسبوع الماضي، بدأت تلوح في الأفق فسحة من الأمل في هذا البلد، الذي مزقته الحرب على مدى ست سنوات، فيما يتعلق بعودة عربة الحل السياسي إلى سكتها، مع وجود الضامنين التركي والروسي.

ويؤكد المراقبون السياسيون أن معدل العنف في سوريا انخفض بشكل كبير في جميع أنحاء البلاد ، منذ بدء سريان وقف إطلاق النار الشامل يوم الجمعة الماضية، باستثناء المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش ) وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا).

ويعتبر وقف إطلاق النار خطوة أولى في الصفقة الروسية-التركية، إلى جانب محادثات السلام المزمعة، التي ستعقد في أستانة في وقت لاحق من هذا الشهر.

وأكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، خلال لقائه يوم الخميس مع وفد من قازاقستان، أن بلاده مهتمة بإنجاح المفاوضات المرتقبة في العاصمة القازاقية أستانة، داعيا تركيا إلى الوفاء بتعهداتها كضامن للتنظيمات المسلحة.

ومن جانبه، أعرب ستيفان دي ميستورا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا عن أمله في نجاح محادثات أستانة القادمة حول الأزمة السورية، مشيرا إلى أن الاستعدادات لها جارية وتقودها روسيا وتركيا وبدعم من إيران.

وقال دي ميستورا في مؤتمر صحفي بجنيف يوم الخميس إن الأمم المتحدة ترحب بكل الجهود التي من شأنها وقف الاعتداءات في سوريا، لافتا إلى أن محادثات أستانة ستمثل دعما ودفعا لمفاوضات جنيف المنتظرة في شهر فبراير القادم وأن الفريق الأممي سيعمل على الاستفادة من نتائج أستانة.

وتوقع علاء عرفات، وهو عضو في “جبهة التغيير والتحرير” المعارضة، التزام الأطراف بوقف إطلاق النار الحالي، على الرغم من الخروقات التي يتبادل الطرفان الاتهامات حولها.

وأشار عرفات إلى أن الاتفاق الأخير جرى بين روسيا وتركيا فقط ولم يشمل الولايات المتحدة أو لاعبين إقليميين آخرين، ما يعني أن روسيا وتركيا هما من الدول الأكثر تأثيرا على الأطراف في الصراع.

ومن الجدير بالذكر أيضا أنه بموجب الاتفاق، فإن روسيا وتركيا هما البلدان “الضامنان” لوقف إطلاق النار، إذ تعهد كل من الطرفين بمراقبة الاتفاق ومنع أي اختراق محتمل، وساهم ذلك في إعطاء مصداقية قوية لتطبيق الاتفاق على الأرض لدى كل من الحكومة وقوات المعارضة، كما أنهما سيكونان معنيين برعاية الخطوة القادمة ألا وهي محادثات أستانة.

وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم الأسبوع الماضي أن وقف إطلاق النار يمكن أن يكون نقطة انطلاق لعملية سياسية، متحدثا عن وجود فرص عالية للنجاح، وذلك بسبب ما أسماه وجود “ضمانات قوية” من قبل موسكو.

ونفس الحال مع مقاتلي المعارضة، الذين لديهم أيضا ثقة كبيرة في أنقرة، إذ أن الدعم التركي للمسلحين في سوريا يعتبر عوامل هامة لاستمرارهم في القتال.

وأضاف عرفات أن “محادثات أستانة ستكون فرصة تاريخية لإنهاء الأزمة وينبغي أن تكون ناجحة”، مشيرا إلى أنه في المحادثات السابقة في جنيف، كانت هناك العديد من العقبات، ولاسيما تلك التي وضعتها بعض جماعات المعارضة، حيث طالبت برحيل الرئيس بشار الأسد كشرط مسبق لأية مفاوضات، الأمر الذي رفضته الحكومة السورية.

من جانبه، قال حسام شعيب وهو محلل سياسي سوري آخر إن “محادثات أستانة أصبحت تحصيل حاصل في إيجاد الحل السياسي، بمعنى أن التفاهمات قد بدأت فعلا واتفق عليها بين روسيا وتركيا وإيران”، مؤكدا أن الأهم في هذا الاتفاق فعلا هو “وجود تركيا لقناعة تركيا بخطورة الإرهاب على بلادها “.

وأضاف شعيب في تصريحات لوكالة ((شينخوا)) بدمشق “نحن الآن أمام تحول جذري وحقيقي في المشهد السياسي سواء الإقليمي أو الدولي أو المحلي”، مشيرا إلى أن غالبية التنظيمات المسلحة التزمت بوقف إطلاق النار وهذا دليل ومؤشر على أن تركيا تريد تثبيت وقف إطلاق النار.

وأشار الى أن هذا الحرص من كل الفرقاء على وقف إطلاق النار سينعكس إيجابا في محادثات أستانة، مؤكدا أن أستانة ستكون ورقة سياسية قبل محادثات جنيف.

ولكن على الرغم من كل ذلك فان بعض الفصائل المسلحة قامت مؤخرا بتجميد مشاركتها في محادثات أستانة كرد فعل على التصعيد الحاصل في منطقة وادي بردى بريف دمشق الشمالي الغربي من قبل الجيش السوري على خلفية قطع المسلحين مياه الشرب عن العاصمة دمشق ، لمدة تزيد عن 15 يوميا.

وتعتبر الحكومة السورية المعارك في تلك المنطقة غير مشمولة بالاتفاق، كون المسلحين في وادي بردى ينتمون لتنظيم “جبهة النصرة”، المستبعد بالفعل من الاتفاق.

وانتقدت تركيا الهجوم الذي تشنه القوات الحكومية على وادي بردى .

وذهب محللون إلى احتمال أن يدفع هذا الوضع تركيا والمتمردين الذين تدعمهم إلى التصعيد باتجاه إلغاء كامل التفاهم مع موسكو، رغم ضعف الترجيحات المتعلقة بذلك.

وقال ماهر إحسان، وهو صحفي ومحلل سياسي سوري، إن المناخ لعقد محادثات أستانة، المزمع إجراؤها في 23 الشهر الجاري، ليس ناضجا بما فيه الكفاية.

وأضاف “على الرغم من أن اجتماع أستانة يبدو أكثر جدية من ما سبقه، ولكن أعتقد أن الأجواء السياسية والميدانية ما زالت غير ناضجة بما فيه الكفاية”، وقال “أعتقد أن المحادثات في أستانة لن تكون سوى خطوة ما قبل الخطوة النهائية التي قد تحدث العام المقبل”.

جدير بالذكر أنه تم التوصل يوم الجمعة إلى هدنة جديدة لوقف إطلاق النار في منطقة وادي بردى بريف دمشق الشمالي الغربي تبدأ في الساعة 9 من صباح يوم السبت، إضافةً لإدخال فريق صيانة إلى نبع الفيجة ليتم بعدها استكمال المفاوضات في المنطقة بحسب مصدر عسكري سوري.

ومنذ سريان وقف إطلاق النار منتصف ليل الخميس الجمعة الماضية في سوريا بموجب اتفاق تم التوصل إليه برعاية روسية وتركية، يجري الإعداد لإجراء مفاوضات بين الحكومة والمعارضة في سوريا في يناير الجاري في أستانة بقازاقستان في محاولة لإنهاء النزاع الدموي الدائر في البلاد منذ 2011، وفق برناما.

وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.

اقرأ أيضا  التمييز ضد زيت النخيل الإندونيسي يعيق المصالح الوطنية للبلاد
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.