انتفاضة القدس إرادة شعب
محمد مصطفى شاهين
السبت 18 محرم 1437//31 أكتوبر/تشرين أول 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية
1- بعد تزايد الاعتداءات الصهيونية على القدس من اقتحامات متكررة للمسجد الأقصى وحالة الفشل في إيجاد أي حل سياسي مع القيادة السياسية الإسرائيلية, جعلت المواطن الفلسطيني يفكر في إيجاد حلول جديدة في ظل التهديدات الإسرائيلية لمدينة القدس وزيادة قمع سلطة الاحتلال للسكان المقدسيين بشتى الأشكال من هدم للبيوت واعتقالات ومصادرة أملاك؛ مما جعل هذه الفترة من تاريخ القضية الفلسطينية مرحلة مهمة وضرورية لإحداث تغيرات من خلال التحركات الشعبية النضالية، بدأت ملامح انتفاضة القدس بالظهور نتيجة استمرار حالة التهويد والاقتحامات المستمرة للمسجد الأقصى فكانت الهبة الجماهيرية للتصدي لذلك العدوان الإسرائيلي المخطط له لنهب حقوقنا الوطنية الفلسطينية.
انطلقت انتفاضة القدس بقيام الشهيد مهند الحلبي يوم 3/10 بعمليته البطولية ليفجر انتفاضة السكاكين, فكانت بداية لسلسلة مواجهات قادها الشباب الفلسطيني فأحدثت مفاجآت للمنظومة الأمنية الإسرائيلية.
هذه الانتفاضة أظهرت قصر نظر الأمن وأجهزته ووهم الدولة، عناصر الانتفاضة هم عدد كبير من الشباب المنتفض المشارك في أعمال الانتفاضة في طابع شعبي ملموس بالتزامن مع التأييد السياسي لهذه الانتفاضة الشعبية ومباركتها من التنظيمات السياسية الفلسطينية مع أن القيادة الفعلية للانتفاضة هم من القيادات الشابة العاملة على الأرض وضمن فعاليات هذا الحراك الشعبي.
2- تنوعت وسائل النضال في الانتفاضة ما بين الحجر والسكين والأسلحة النارية, فكان للسكين مكانة كبيرة, فمعظم العمليات التي حدثت هي عمليات طعن لليهود المغتصبين ولجنود الاحتلال الإسرائيلي, والغالب على الأحداث هو الطابع الجماهيري ومشاركة جميع فئات وألوان الطيف الفلسطيني والوطني في فعاليات الانتفاضة, منذ أوائل أيام انتفاضة القدس شعرت المؤسسة العسكرية بانعدام الرؤية لوقف الأحداث وما أجمع عليه المحللون أن هذه العمليات ذات التخطيط الفردي صعبة الإحباط أو التصدي لها قبل حدوثها؛ مما جعل شوارع (إسرائيل) شبه فارغة من البشر؛ مما انعكس سلبًا وأثر على الاقتصاد بخسائر فادحة في شتى مفاصل الحياة التجارية, وعلى صعيد الخسائر البشرية فقد لقي ثلاثة عشر إسرائيليًّا مصرعهم وأصيب المئات منهم منذ بداية انتفاضة القدس.
أما عند الحديث عن شهداء الانتفاضة فقد ارتقى 62 شهيدًا فلسطينيًّا في جميع مناطق الوطن, وعلى الرغم من قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي باستدعاء أعداد كبيرة من جنوده للعمل في منطقة القدس والضفة الغربية لم تقف الانتفاضة, وكذلك برزت هشاشة الأمن الداخلي في الكيان الإسرائيلي وضعف الجبهة الداخلية لديه, حيث زاد الإقبال على شراء السلاح إلى ما يزيد على سبعة أضعاف كمية الشراء الطبيعية, وعلى صعيد متصل دعت بعض المجالس المحلية في المدن سكانها إلى اصطحاب سلاحهم الشخصي معهم أثناء تنقلهم إلا أن ذلك لم يحقق لهم الأمن المنشود، إنما زاد من إصرار الشباب الفلسطيني على المقاومة والنضال، كما لا يمكننا نسيان الدور الجوهري الذي لعبه الإعلام في إظهار عدالة ومظلومية القضية الوطنية وانتفاضة القدس, فكان لقناة الجزيرة وقناة الأقصى دور رائد في إبراز حقيقة الانتفاضة, وكان للإعلام الجديد مكانة كبيرة في هذا الحراك المبارك, فعدد كبير من المشاركين في الانتفاضة وشهدائها شاركوا في مواقع التواصل الاجتماعي لفضح الرواية الكاذبة للأجهزة الإعلامية الإسرائيلية, فأصبحت مواقع التواصل بابًا من أبواب المقاومة من خلال إظهار المقاطع التي توثق اعتداءات الجنود الإسرائيليين ضد المدنيين وإيضاح حقيقة الأحداث وحث الشباب على المشاركة في فعاليات الانتفاضة.
3- أما على الصعيد الدولي, فقد قام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بزيارة للمنطقة التقى خلالها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو, كل على حدة, جاءت هذه الزيارة من باب المخاوف من تطورات انتفاضة القدس التي قد تحدث تحولات وتهديدات لـ(إسرائيل), ورغبة المجتمع الدولي في إجهاض انتفاضة القدس, ومن جهة أخرى فهناك تحرك فرنسي لإصدار قرار في مجلس الأمن الدولي بإرسال مراقبين دوليين للمسجد الأقصى, وهنا جاء الرد من (إسرائيل) والولايات المتحدة والأردن برفض هذا المقترح الفرنسي, وضمن سيناريو الزيارات الدولية المكوكية لإجهاض انتفاضة القدس جاءت زيارة جون كيري وزير الخارجية الأمريكي للأردن للالتقاء بالملك عبدالله الثاني باعتبار الأردن صاحبة الوصاية على المقدسات الإسلامية ولترسيخ تفاهمات بين (إسرائيل) والأردن والسلطة الفلسطينية والتي حضر رئيسها محمود عباس للاجتماع, وجاءت زيارة كيري تحمل سيناريوهات وأفكارًا وإجراءات للعمل على احتواء الانتفاضة.
4- لعل أهم ما في انتفاضة القدس أن الشباب هم جوهر الانتفاضة, فبعد فشل الاحتلال الإسرائيلي في عملية كي الوعي للشباب الفلسطيني لإبعاده عن حقوقه الوطنية بنيل استقلاله وتحرير أرضه, من هنا أعلن الشباب الفلسطيني كفره بكل اتفاقيات السلام الوهمي, فهذا هو الجيل الذي رأى الفشل المدوي لاتفاقية أوسلو وأخواتها لأنها لم تعطِ للفلسطينيين سوى السراب والوهم، انتفاضة القدس باقية وصامدة بصمود أبنائها وبإيمان عميق بعدالة قضيتنا الوطنية, فإننا نخطو بخطى ثابتة لنيل حقوقنا المشروعة.
المصدر : فلسطين أون لاين