غزة، مينا – يخاطر صيادون فلسطينيون بحياتهم بعد توقف حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، للحصول على رزقهم في ظل استمرار حظر تل أبيب دخولهم إلى البحر، وتدميرها مئات المراكب، وحرمانهم من مصدر عيشهم الوحيد.
وعلى أطراف ميناء مدينة غزة الذي اكتست أرضيته بالركام نتيجة التدمير الإسرائيلي ورائحة الملح والرماد، يمضي الصياد الفلسطيني رشاد الهسي بخطوات متعبة بين القوارب المحترقة والشباك الممزقة.
وبأسى، يشير الهسي إلى قارب متفحم كان في يوم من الأيام مصدر رزق لعائلته.
**بين الركام والبحر
قراءة المزيد: الصحة العالمية: ملايين السوريين يعانون من أجل الوصول إلى العلاج
وقال الهسي وهو يتابع بعض زملائه الصيادين وهم يعبرون بحذر بقوارب بالية وأخرى بدائية نحو أطراف البحرونقلته”مينا”: “كانت حياتنا جيدة قبل الحرب، كنا نعيش من رزق البحر، ونكسب قوت يومنا بكرامة، لكن اليوم تغيّر كل شيء. القوارب دُمّرت، والمعدات احترقت، وحتى البحر لم يعد مكانا آمنا لنا”.
وأضاف: “إسرائيل لا تحاربنا عسكريا فقط، بل اقتصاديا أيضًا، لقد دمّرت مصدر رزقنا ومنعتنا من دخول البحر”.
وأردف: “كنا نمتلك أربعة قوارب لي ولإخوتي، أحدها كان يقدر ثمنه بـ200 ألف دولار، وآخر بـ150 ألفا، وجميعها دمرت في الحرب”.
**رزق محفوف بالخطر
قراءة المزيد: ممداني يعلن فوزه بمنصب عمدة نيويورك في سابقة تاريخية للمسلمين بالولايات المتحدة
ورغم اتفاق وقف إطلاق النار بين “حماس” وإسرائيل والذي دخلت مرحلته الأولى حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلا أن إسرائيل ما تزال تحظر الصيد في القطاع منذ بدئها حرب الإبادة في أكتوبر 2023.
وتعمد إسرائيل إلى ملاحقة الصيادين واعتقالهم، مانعة عنهم مصدر رزقهم الوحيد في ظل أوضاع اقتصادية كارثية.
إلا أن بعض الصيادين يخاطرون بحياتهم من أجل توفير قوت عائلاتهم، في ظل انعدام مصادر الدخل وفرص العمل وتزامنا مع حالة الانهيار الاقتصادي التي تعيشها العائلات بغزة.
وينظر الهسي إلى البحر حزينا ويقول: “نحن لا نعرف مهنة غير الصيد، حياتنا كلها مرتبطة بالبحر”.
قراءة المزيد: عقب تهديدات نتنياهو.. قبائل موالية للحوثيين تنظم عرضا عسكريا بصنعاء
ورغم أدوات الصيد المدمرة والبالية وعدم توفر الجديد منها، تمنى الهسي أن تسمح إسرائيل بالصيد ولو لمسافات بسيطة.
وأضاف: “حتى لو سُمح لنا بالإبحار لمسافة 3 أميال فقط، المهم أن نعيش بكرامة ونطعم أبناءنا.”
وتابع وهو يتجوّل بين القوارب المحترقة نتيجة القصف الإسرائيلي: “البحر بالنسبة لنا ليس مجرد عمل، إنه الحياة نفسها، ورغم الخوف والمخاطر سنعود إليه ما استطعنا، لأنه لا خيار لنا سواه”.
**اعتقال الصيادين
قراءة المزيد: انطلاق القمة العالمية للتنمية الاجتماعية بالدوحة
وفي 25 أكتوبر الماضي، اعتقلت البحرية الإسرائيلية 3 صيادين ودمرت قاربين من نوع “حسكة” (قارب مسطح صغير) كانوا على متنهما وأتلفت المعدات بداخلهما، وفق ما ذكر مسؤول لجان الصيادين في اتحاد لجان العمل الزراعي (غير حكومي) زكريا بكر للأناضول.
كما اعتقلت قوات من البحرية الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، 5 صيادين فلسطينيين أثناء عملهم في البحر قبالة مدينة غزة، بعد مهاجمة مراكبهم وإطلاق النار عليهم، بحسب المصدر ذاته.
وبذلك يرتفع عدد الصيادين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال عملهم في بحر غزة بحثا عن قوت عائلاتهم إلى 12، وفق بكر، وذلك منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي ذلك الوقت، نشر الجيش الإسرائيلي بيانا أنذر فيه من “خطر ممارسة الصيد في المنطقة البحرية على طول القطاع، ودخول البحر بغرض السباحة والغوص، وذلك بناء على الاتفاق”.
قراءة المزيد: المسجد العمري” بغزة.. منارة تاريخية حولها الاحتلال أطلالا (تقرير)
وانتهكت إسرائيل اتفاق وقف النار، وقتلت خلال تلك الخروقات 211 فلسطينيا وأصابت 597 آخرين، وفق وزارة الصحة بغزة.
ولا يملك الصيادون في غزة خيارا سوى المجازفة، إذ يغادرون إلى البحر فجرا حاملين معهم أملا هشا بصيد بضع كيلوجرامات من الأسماك لبيعها لاحقا وسد رمق عائلاتهم.
وكبقية القطاعات العمالية بغزة، يعاني الصيادون من ظروف اقتصادية صعبة للغاية جراء انعدام قدرة غالبيتهم على دخول البحر وتوفير قوت يومهم.
وتحرك الهسي برفقة مصور الأناضول وسط ركام الميناء المدمر، مشيرًا إلى غرف كانت يوما مراكز للصيادين وأماكن لحفظ معداتهم قبل أن تتحول إلى أطلال.
قراءة المزيد: الضفة.. مواجهات بين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي
وقال بصوت يغلبه الأسى، ونقلته”مينا”: “هنا كانت حياتنا، كنا نبدأ يومنا من هذه الغرف، ونعود آخر النهار نحمل الرزق لبيعه”.
وأضاف: “لكن اليوم لم يتبق سوى الركام، بعدما كان هذا الميناء (ميناء غزة) يعج بالحياة”.
**شاهد على الخسارة
وتعرضت قوارب ومعدات الصيادين الفلسطينيين لأضرار بالغة خلال حرب الإبادة التي بدأتها إسرائيل بدعم أمريكي في 8 أكتوبر 2023. مما حول حياتهم إلى مأساة يومية بعد فقدانهم مصدر رزقهم الوحيد.
قراءة المزيد: عاجل | قوات الاحتلال تقمع المزارعين وتعتدي عليهم بالغاز والصوت غرب الخليل
كما يمنعهم الحصار الإسرائيلي من إدخال المعدات وقطع الغيار لإصلاح القوارب، الأمر الذي فاقم معاناتهم وأبقى مئات العائلات بلا دخل أو أمل بالعودة إلى البحر.
ووفق بيانات سابقة للبنك الدولي، فإن حرب الإبادة الجماعية حولت جميع الفلسطينيين بغزة إلى فقراء، فيما يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الإنسانية الواصلة للقطاع.
ومع انعدام الوقود، وندرة معدات الصيد، واستمرار الحصار الإسرائيلي البحري والجوي والبري، يواجه الصيادون في غزة معركة يومية قاسية من أجل البقاء.
وفي 26 أكتوبر الماضي، قال نقيب الصيادين في قطاع غزة نزار عياش في تصريحات صحفية، إن الخسائر التي لحقت بقطاع الصيد البحري في القطاع نتيجة الحرب الإسرائيلية تجاوزت 75 مليون دولار”.
قراءة المزيد: سفيران سودانيان يتوعدان بطرد “الدعم السريع” من الفاشر
ورغم انتهاء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة ما يزال أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون وسط دمار شامل ونقص حاد في الغذاء والمياه والعمل.
وخلّفت هذه الإبادة 68 ألفا و872 قتيلا فلسطينيا، و170 ألفا و677 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية، مع تكلفة إعادة إعمار قدرتها الأمم المتحدة بنحو 70 مليار دولار.
وكالة مينا للأنباء
قراءة المزيد: زلزال يضرب شمال أفغانستان ويودي بحياة 20 شخصًا على الأقل













Mina Indonesia
Mina Arabic