باحثون: المصالحة خطوة هامة لترتيب البيت الفلسطيني
غزة (معراج) – اتفق باحثون سياسيون وممثلون عن الفصائل والقوى الفلسطينية على أهمية المصالحة الفلسطينية كخطوة هامة لترتيب البيت الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية بين الضفة المحتلة وقطاع غزة.
وشدد هؤلاء على ضرورة المضي في طريق المصالحة الوطنية للاتفاق على استراتيجية وطنية جامعة للكل الفلسطيني، والعمل على إعادة بناء منظمة التحرير؛ لمواجهة التحديات الإسرائيلية المحدقة بالقضية الفلسطينية.
جاء ذلك خلال ورشة عمل حول “المصالحة الفلسطينية من منظور الباحثين السياسيين” نظمتها الشبكة العربية للثقافة والرأي والإعلام بالتعاون مع مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية بمدينة غزة اليوم الثلاثاء (14/11).
المشروع الوطني
وقالت مديرة الدائرة السياسية بالشبكة العربية للثقافة والرأي والإعلام عبير ثابت إن ورشة العمل تأتي للتباحث بين الباحثين السياسيين مع ممثلون عن الفصائل الفلسطينية للاطلاع على معالم الطريق التي تسلكه المصالحة الفلسطينية.
وشددت ثابت على ضرورة أن يأخذ الباحثين والمفكرين الشباب الفلسطيني دورهم بالحديث حول المصالحة الوطنية خاصة وأنها ترسم المشروع الوطني الفلسطيني.
وشارك بورشة العمل باحثون وأكاديميون من جامعات الوطن بالضفة المحتلة وقطاع غزة والقدس، وممثلون عن الفصائل الفلسطينية وشخصيات اعتبارية من مؤسسات المجتمع المدني.
من جانبه، أوضح مدير مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية عمر شعبان أن مشروع مؤسسته يكمن بالتعريف بالهوية الفلسطينية، وتعزيز الوحدة الوطنية بين الضفة المحتلة وقطاع غزة لتحقيق المصالحة الفلسطينية.
وذكر شعبان أن المؤسسة نجحت عبر السنوات الماضية بتنظيم عدة لقاءات وورش عمل وجها لوجه بين أكاديميين وناشطين سياسيين من الضفة في غزة للتباحث حول المصالحة وتقريب وجهات النظر.
وشدد أن هدف المؤسسة الرئيسي يهدف لتعزيز اللحمة الوطنية وأن يلتقي شبان من ببيت لحم والقدس ونابلس بنظرائهم بغزة للعمل على تعزيز المصالحة الوطنية.
البيت الفلسطيني
وأكد الباحث السياسي من الجامعة الإسلامية أحمد بريكة على أهمية العمل على استثمار المصالحة الوطنية في ترتيب البيت الفلسطيني من جديد بما يشمل منظمة التحرير؛ لتكون جامعة للكل الوطني.
وأوضح بريكة أن صورة الفلسطيني بالمجتمعات الأوروبية باتت مهزوزة جراء ما أسماه بالماكنة الإعلامية الإسرائيلية؛ التي لعبت على قلب الحقائق وتمرير مخططات لكسب التعاطف الأوروبي، وإظهار المجتمع الإسرائيلي أنه ضحية.
وأكد على أهمية بناء عمل فلسطيني منظم لقلب الطاولة على الاحتلال؛ “وذلك يكون عبر المصالحة الفلسطينية التي آمل ان تتحقق لتعمل على ترميم البيت الفلسطيني للنهوض بمشروعنا الوطني”.
وتابع حديثه “المشروع الوطني الفلسطيني يحفه الكثير من المخاطر؛ لذا يجب ألاّ يكون الغاية من المصالحة تحسين الأوضاع الإنسانية في غزة فحسب؛ بل الاهتمام بالبيت الفلسطيني، وإعادة بناء منظمة التحرير لتستوعب الكل الوطني، دون إقصاء أي أحد”.
من جانبه، قال المختص بالشأن الإسرائيلي محمود مرداوي إن المصالحة الفلسطينية باتت خيارا مطروحا بقوة في ظل ترهل وضعف الحالة الفلسطينية؛ جراء انسداد افق حل الصراع والتسوية مع الاحتلال وتفاقم الأوضاع الإنسانية بغزة.
وشدد مرداوي أنه دون وحدة فلسطينية لا يمكن مواجه المشروع الإسرائيلي، قائلاً “الموقف الأمريكي يتغذى على الانقسام الفلسطيني والتشظي في الوضع العربي”.
ودعا الكل الوطني بمختلف أطيافه ومؤسسات المجتمع المدني والشعب الفلسطيني للضغط على الفصائل الفلسطينية لإنجاح حوار القاهرة، الذي من المقرر عقده في 21 من الشهر الجاري.
من جانبه، بيّن القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب أن المصالحة هي مطلب وطني بامتياز والكل يريد ذلك، مؤكداً أنها توفّرت نتيجة أمرين وهما وجود النية الصادقة، وجهد يبذل لتحقيق المصالحة.
وأكد حبيب وجود إرادات إقليمية ودولية تلاقت مع الإرادة الفلسطينية في تحقيق المصالحة وسمحت لها بالمضي قدماً؛ وهذا الأمر يخوّفنا، لأن المصالحة لم تكن نابعة من إرادة حقيقية من شعبنا”.
وشدد على أهمية أن تكون المصالحة خطوة على طريق ترتيب البيت الفلسطيني، “الذي ترهل وأصابه عطل كبير خلال السنوات الماضية”، داعياً لإعادة تفعيل وبناء منظمة التحرير لتكون بيتا لكل الفلسطينيين على قاعدة الشراكة الوطنية.
وتابع حديثه “نريد مصالحة تحافظ على حق شعبنا بالمقاومة؛ لأننا محتلون لذا يجب ألاّ نناقش سلاح المقاومة، نريد مصالحة لحل القضايا الإنسانية بغزة وهذا التلكؤ بعدم الاستجابة ورفع الإجراءات من الرئاسة الفلسطينية الذي لا مبرر له”.
وأكد حبيب على أهمية أن يتخذ الرئيس محمود عباس خطوات حقيقية وسريعة برفع العقوبات عن قطاع غزة؛ “حتى تتفاءل بها الناس”.
تفاؤل حذر
وأعرب الباحث السياسي من جامعة الأزهر رامز المغني عن تفاؤله بإتمام المصالحة الفلسطينية وأن تصل بالشعب الفلسطيني إلى بر الأمان.
وقال المغني “أنا متفاءل بالمصالحة الفلسطينية لأنها لم تكن شأن فلسطيني بحت؛ بل شأن عربي واقليمي ودولي، وهناك عوامل داخلية دفعت لتحقيق المصالحة”
وتابع حديثه ” إن فشل خيار حل الدولتين للرئيس محمود عباس، بالإضافة لفشل تجربة حركة حماس بعد 10 سنوات من الحكم تعرضت خلالها لحصار إسرائيلي؛ دفع الجميع للمصالحة”.
وبيّن المغني أن مخاوف الاحتلال الإسرائيلي بانفجار الوضع الميداني مع قطاع غزة؛ كان سبباً للمضي قدما بالمصالحة الفلسطينية، بالإضافة إلى إعادة تشكيل التكتلات العربية من جديد، وكذلك المطلب الدولي الذي يريد موقف فلسطيني موحد للوصول الى حد نهائي مع الاحتلال.
وأضاف ” هناك وعي من الفصائل بالسير قدما نحو المصالحة، وأرى أن طريق التحرير يحتاج إلى الاتفاق على استراتيجية وطنية واضحة يجمع عليها الجميع”.
بدوره، حذّر الباحث السياسي حسن فهمي من مخاوف حقيقية تهدد المصالحة الفلسطينية بعد تجديد الاحتلال لاشتراطات من شأنها ان تعرقل اتفاقية المصالحة والمضي قدما بها إلى الأمام.
ورأى فهمي أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين ناتنياهو يرفض أي عملية تسوية مع الرئيس محمود عباس؛ الأمر الذي دفع الأخير للتوجّه نحو المصالحة الفلسطينية لمناورة الاحتلال وكسب الوقت لصالحه.
وأعرب عن تخوّفه من ذهاب الرئيس عباس للمفاوضات على عقلية المصالحة للحسم دون ما أسماه وجود شراكة حقيقة.
مخاوف على المصالحة
وعبّرت الباحثة بجامعة بيرزيت داليا المالكي في مداخلة لها عبر “الفيديو كونفرانس” عن أسفها أن المصالحة الفلسطينية ليست من الداخل الفلسطيني ولا تحظى باهتمام الشباب الفلسطيني، كونه مغيّب عن صنع القرار فيها.
وأضافت “للأسف المصالحة لم تكن مطلب شعبي أو شبابي؛ بل كانت توجه اضطراري من حماس ومن فتح لتجنب أزماتهم الداخلية”.
وأوضحت المالكي أن المصالحة الفلسطينية ليست إلا مصالحة سياسية بعيدة عن الاهتمام بالصعيد الاجتماعي للشعب الفلسطيني، قائلة “قبل الاهتمام بالمصالحة والحديث عن اتفاق سياسي؛ ربما من الأهم هو التساؤل كيفية استعادة قاعدة شعبية، وترميم الحياة السياسية للنظام الفلسطيني”.
واتفق معها الباحث السياسي أحمد غواني من الضفة المحتلة في مداخلة له عبر “الفيديو كونفرانس” أنه لا يمكن التعويل على المصالحة الفلسطينية؛ لأنها مسألة سياسية بامتياز، دون أن تكون نابعة من الحرص الوطني.
وأرجع غواني ذلك إلى أنه لا يوجد تعريف واضح للمصالحة الفلسطينية والمشروع الوطني، بالإضافة إلى عدم وجود تمثيل فلسطيني حقيقي للكل الفلسطيني بالعالم.
لا دور للمرأة
وترى الباحثة من جامعة القدس شادية الغول أن اتفاقيات المصالحة الفلسطينية التي وقعت في القاهرة عامي 2009 و2011 تغفل البعد الاجتماعي وخاصة الاهتمام بالمرأة؛ إذ كانت مغيبة، متسائلةً “لماذا يتم إقصاؤها؟”
وبيّنت الغول أن هناك الكثير من الاتفاقيات والوثائق صدرت عن المصالحة الفلسطينية كانت فوقية من طرفي الانقسام، ولم تأت من تحت القاعدة المجتمعية، موضحةً أنها اهتمت بالبعد السياسي دون الاجتماعي.
وأضافت “المرأة من أكثر القطاعات التي تضررت بفعل الانقسام، وهذا ما أكدته الدراسات والأبحاث السياسية، والتي تؤكد أن النساء تعرضن لقمع في حرية التعبير والتعبير”.
وأكدت على أهمية أن تقدم المرأة اجندات وبرامج وطنية تعمل على توحيد رؤيتها السياسية والاجتماعية؛ لإعادة النظر لدور في دورها بالمصالحة المجتمعية واستثمار قدراتها في لملمة النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
المصدر : وكالة صفا