“تراب الأقصى”.. تهويد ممنهج وتزوير للتاريخ
الإثنين 12 ربيع الأول1438 الموافق 12 ديسمبر/ كانون الأول 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
غزة
منذ 12 عامًا، ولا تزال منظمات وشخصيات إسرائيلية متخصصة في علوم الآثار تواصل عمليات التنقيب الأثري وتنخيل تراب المسجد الأقصى المبارك، بدعوى البحث عن بقايا “للهيكل” المزعوم، وبهدف بناء رواية تلمودية جديدة، تثبت ادعائهم الباطل بوجودهم في القدس والأقصى.
ففي نهاية تسعينات القرن الماضي، أجرت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس والحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل بقيادة الشيخ رائد صلاح عمليات ترميم في المصلى المرواني بالأقصى، والبوابات العملاقة، وتم استخراج أطنان من الأتربة والحجارة والصخور وبقايا بناء، جرى وضعها في أحياء مقدسية ليست بعيدة عن الأقصى.
ولكن بعد مضي أربع سنوات، سيطرت سلطات الاحتلال على هذه الحجارة والأتربة، وتم نقلها تدريجيًا إلى منطقة تلة الصوانة في حي واد الجوز قريبًا من الجامعة العبرية، وهناك نصبت خيمة كبيرة، بحيث بدأ بعض المستوطنين بتفحص هذه الأتربة وبقايا الصخور، من خلال إجراء عمليات تنخيل للتراب.
وبعد فترة من عمليات التنقيب الأثري، أعلنت جمعية “إلعاد” الاستيطانية عن تبنيها ما يسمى بمشروع “تنخيل تراب جبل الهيكل”، ومنذ ذلك الحين وهي تواصل عمليات التنخيل على مدار اليوم بدعوى إجراء أبحاث علمية على التراب المستخرج من الأقصى، باعتقادهم أنه يحتوي على آثار مهمة من بقايا “الهيكل”.
تهويد وتزوير
وتجرى عمليات تنخيل التراب من قبل عشرات المستوطنين بواسطة علماء آثار إسرائيليين ذو توجهات أيديولوجية يمينية وتلمودية، بحيث لا يسمح بالدخول إلى منطقة “تلة الصوانة”، إلا لطواقم العمل الإسرائيليين، وأحيانًا يسمح لبعض الطواقم الإعلامية الإسرائيلية، باعتبارها منطقة أمنية مغلقة.
ويدعي القائمون على المشروع أنه تم الكشف عن 600 قطة أثرية هي أجزاء من بلاط فخم تم استعماله في البلاط الفخم للمسجد الأقصى، منها 100 قطعة من عهد “الهيكل الثاني”، إبان تجديد البناء الهيرودياني، وفق ادعائهم.
ومنذ احتلال القدس عام 1967، أجرت ما تسمى بـ “سلطة الآثار الإسرائيلية نحو 75 حفرية في محيط وأسفل المسجد الأقصى، بحجة التنقيب عن آثار ومكتشفات تتعلق بقضية “الهيكل”، بحسب الإعلامي المختص في شؤون القدس والأقصى محمود أبو عطا.
ويشير لوكالة “صفا” إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن قبل شهرين تمويل ودعم حكومته رسميًا لمشروع تنخيل تراب الأقصى، حيث تم بالفترة الأخيرة البدء بتسويق المشروع قطريًا وعالميًا، مدعين أنهم وجدوا بعض المكتشفات الأثرية التي استخدمت في بناء أرضية “الهيكل” القريبة من قبة الصخرة المشرفة.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قررت مؤخرًا، إجبار كل إسرائيلي على المشاركة في الحفريات أسفل الأقصى، ومحيطه، وداخل البلدة القديمة بالقدس، بهدف الحصول على “أدلة” تربط اليهود بالمكان.
وقال ما يسمى بـ “رئيس سلطة الآثار” يسرائيل حسون إن سلطته ستتعاون مع منظمة “إلعاد” المتطرفة التي تعكف على تنفيذ مشروع حفريات يقوم على نقل “غبار” من أسفل الأقصى، من أجل فحصه، في مسعى للعثور على ما يدلل على الرابط بين اليهود والمكان.
ادعاءات باطلة
ويهدف المشروع للبحث عن بقايا مدعاة “للهيكل”، خاصة أن الاحتلال لم يستطع العثور على بقايا آثار “للهيكل” في حفرياته المستمرة حول الأقصى وأسفله.
ولكن بحسب مختصين بشؤون الآثار ومراقبين عرب ومسلمين، رافقوا عمليات الترميم واستخراج التراب من الأقصى، فإن كل التراب والموجودات الأثرية تعود للفترات الإسلامية المتعاقبة بدءً من الفترة الأموية وحتى الفترة العثمانية، مما يفند ادعاءات الاحتلال الباطلة بالعثور على أي مكتشفات أثرية تعود “للهيكل”.
ويوضح أبو عطا أن الاحتلال يريد من خلال عمليات التنقيب، بناء رواية جديدة لقضية “الهيكل”، وعرض بعض المكتشفات الأثرية من الأواني الفخارية والأختام والنقود المسقولة، عبر ادعائه بوجودها، بالإضافة إلى تكثيف مساعيه لبناء المرويات التلمودية لإثبات وادعاء وجوده في القدس والأقصى.
وللمشروع التهويدي التضليلي مخاطر عدة، أولًا: السيطرة على التراب المستخرج من الأقصى، رغم أنه لا يحق لأحد التصرف فيه لغاية الترميم، سوى دائرة الأوقاف الإسلامية، ثانيًا: يحاول الاحتلال القول بأن المسلمين والأوقاف اعتدوا على الموجودات الأثرية وقاموا بهدم للآثار، مما يشكل خطرًا على حقيقة ومجريات الأمور بالأقصى.
ثالثًا: الاحتلال يريد من خلال التنقيب تزييف الحقيقة والتاريخ، وادعاء وجود شيء من الموجودات الأثرية بهدف نسج الروايات، وبالتالي تضليل الرأي العام.
وأخيرًا، يقول أبو عطا إن الاحتلال يحاول تجنيد آلاف الطلاب اليهود وحتى الأجانب لتعميق التواصل الروحي والجسدي والأيدولوجي مع قضية “الهيكل” من خلال المشاركة في عملية التنخيل.
المصدر:صفا