تعزيز الأمن الغذائي عبر تنمية البستنة

جاكرتا(معراج)- كانت النقاشات حول السياسات الغذائية خلال السنوات الأربع الأخيرة في إندونيسيا محكومة بشكل جيد، خاصة فيما يتعلق بالأصول الغذائية الأساسية، حيث خصصت الحكومة أكثر من 23 تريليون روبية (1.58 مليار دولار) من ميزانية الدولة في عام 2018 لتعزيز إنتاج الأرز والذرة وفول الصويا، المعروف بالاسم المختصر الإندونيسي Pajale.

يبين هذا المقال أن اقتصاديات البستنة مهمة بنفس القدر، كما هو الحال في الأغذية الأساسية “التقليدية”، حيث زاد المستهلكون ذوو الدخل المتوسط وسكان المدن زيادة كبيرة.

ففي عام 2025، تشير التقديرات إلى أن عدد سكان المدن سيصل إلى 60 بالمائة من إجمالي عدد السكان البالغ 284 مليون نسمة. يشار إلى أنه ينفق الآن المستهلكون في المناطق الحضرية في إندونيسيا 16 في المائة من ميزانيتهم على الأرز، و 15 في المائة على الفواكه والخضروات، و 22 في المائة على البروتين الحيواني (اللحوم، الأسماك، البيض ومنتجات الألبان). وينفق المستهلكون في المناطق الريفية 24 في المائة على الأرز و17 في المائة على الفواكه والخضروات و20 في المائة على البروتين الحيواني.

في رأيي أن هناك على الأقل أربع سياسات إستراتيجية لازمة لتطوير البستنة.

أولاً، تعميم السياسة الاقتصادية للبستنة. حيث يتألف قطاع البستنة في إندونيسيا بشكل عام من الفواكه والخضراوات والزهور والنباتات الطبية، وقد ساهم بنحو 2 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر سبل العيش لنسبة 35 في المائة من المزارعين. وتتركز مراكز إنتاج البستنة في جافا، على الرغم من عدم وجود رسم خرائط شامل للعرض والطلب على البستنة في الوقت الحالي.

والبستنة الإندونيسية غير متساوية إلى حد ما، وتتفاوت بدرجة كبيرة من حيث قدرة المزارعين والجهات الفاعلة الأخرى، حيث أن الوصول إلى شبكات المعلومات، والسوق، والتكنولوجيا والتمويل، غير متساوية ومتفاوتة بشكل واضح. وتشمل زراعة الخضار صغار المزارعين، الذين لديهم مستويات منخفضة من التعليم، وعدم الكفاءة الاقتصادية، وتواجه صراعات سوق غير ودية. كما يعتمد القطاع الفرعي للفاكهة في الغالب على الفصول، ويجد صعوبة في تحقيق البيروقراطية الإدارية لمحلات السوبر ماركت وتجار التجزئة الحديثين.

تحتاج إندونيسيا إلى إعادة تركيز السياسة الغذائية المستقبلية، على استباق المستهلكين المتنامي، متوسطي الدخل، والذوي الدخل المنخفض، ومراقبة الزيادة السريعة في عدد سكان الحضر في السنوات الأخيرة، مما سيزيد الطلب على المنتجات البستانية.

وفي الوقت الحالي ، يبلغ متوسط استهلاك الفاكهة في إندونيسيا 40.35 كيلوغرام فقط للفرد، وهو ما يقل كثيراً عن توصية استهلاك الفاكهة القياسية لمنظمة الصحة العالمية والبالغة 91.25 كيلوغرام للفرد. ويبلغ متوسط استهلاك الخضروات 35 كجم فقط للفرد، أو أقل من نصف مستوى منظمة الصحة العالمية البالغ 73 كيلوجرام للفرد. ومن المتوقع أن ينمو استهلاك الفاكهة بسرعة مع نمو الاقتصاد، بينما تنمو مستويات الدخل بشكل مطرد ويزداد وعي الناس بنظام غذائي متوازن.

الثانية، الامتثال للممارسات الزراعية الجيدة، إن نظام إنتاج البستنة في إندونيسيا تقليدي، حيث يعتمد أقل من 20 في المائة من المزارعين على الممارسات الزراعية الجيدة، مما يؤدي إلى إنتاجية منخفضة، وعدم كفاية دخل المزارعين.

ويعمل في القطاع الفرعي للخضراوات على صغار المزارعين ذوي التعليم المنخفض وعدم الكفاءة الاقتصادية، الذي غالبا ما يتأثر سلبا بهياكل السوق غير الودية. وحيث أن القطاع الفرعي للفاكهة يعتمد في الغالب على الفصول، فإنه من الصعب، بدون تقنيات زراعة كافية، مواجهة إدارة محلات السوبر ماركت الحديثة وشركات البيع بالتجزئة. ونجد أن ما يقرب من 90 في المائة من مزارعي البستنة يضطرون إلى تسويق منتجاتهم، من خلال وسطاء في السوق، وتحمل التكاليف وأعباء أخرى بسبب عدم توازن القوى في هذا القطاع.

وينبغي أن تشجع السياسة المستقبلية على الزراعة التعاقدية بين صغار المزارعين والقطاع الخاص أو المشترين، سواءً في الأسواق التقليدية أو في المتاجر الكبرى، لضمان تطبيق الممارسات الزراعية الجيدة على مستوى المزرعة. كما يجب أن توفر الحكومة القواعد واللوائح التي يمكن أن تشجع المنافع المتبادلة للشراكات وتزيد من اقتصاديات حجم أعمال البستنة ، وتتكامل مع التنمية الإقليمية.

ينبغي على الحكومات المركزية والمحلية العمل معاً، لتحسين إدارة العرض والطلب على زراعة البساتين على مدار العام ، بما في ذلك توفير الوصول الكافي إلى معلومات السوق والتكنولوجيا ورأس المال العامل.
يمكن أيضاً تحسين إنتاج وإنتاجية البستنة من خلال العمل بشكل أوثق مع ” كبار المزارعين” ، أو أولئك الذين يتقدمون في معرفة نظام إنتاج البستنة، من البذور إلى السوق، والذين يوجدون بسهولة في كل منطقة فرعية أو المنطقة الرئيسية المنتجة للبستنة.

ثالثًا، سلاسل قيمة البستنة كنظام. قد يكون الأداء الاقتصادي لقطاع المنتجات البستانية، أو خارج القطاع الزراعي مختلفاً بعض الشيء عن القطاعات في المزارع. فعلى سبيل المثال، لا يملك المزارعون أو التجار الصغار، إمكانية الوصول بسهولة إلى مرافق التخزين البارد لتحسين توازن التوزيع، وبالتالي تخلق تباينات في الأسعار.

أدت مشكلات اللوجستيات أو نقص وسائل المواصلات، إلى تفاقم التفاوتات في الأسعار بين مراكز المنتجين والمستهلكين. وقد صيغت تدابير حماية، من أجل سياسات استقرار الأسعار في البصل الأخضر، الكراث، والفلفل الحار المزيد من المضاربة في السوق، بدلا من الابتكار.

وبالإضافة إلى ذلك، عاقبت منظمة التجارة العالمية إندونيسيا بسبب قيود الاستيراد الكمي، وعليها مراجعة السياسات التجارية في مجال البستنة. وتحتاج إندونيسيا إلى تحسين أداء الأسواق التقليدية، حيث أن أغلبية منتجات البستنة (أكثر من 80 في المائة) تمر بالتعاون مع سوق الجملة الشهيرPasar Induk كمركز لجمع المنتجات وتوزيعها على المناطق المستهلكة في جميع أنحاء البلاد.

يجب على المدن الكبيرة والمتوسطة تنفيذ سياسات التخطيط المكاني لإدارة المنتجات من البداية إلى النهاية، في هذه الأسواق التقليدية للبستنة. كما ينبغي إقامة شراكة مع محلات السوبرماركت الكبيرة، لأن سلاسل محلات السوبرماركت قد وفرت بشكل عام خدمات أفضل في تمييز المنتجات البستانية، مثل سلامة الأغذية ونظافتها، وتصنيف وتبريد الفواكه والخضروات. وقد يكون لدى صغار المزارعين، بعض الأمور تفي بالمتطلبات التي تفرضها المتاجر الكبرى، لتكوين فرصة أفضل للحصول على دخل زراعي أعلى.

الرابعة، تطوير صناعة البذور من البستنة. فنجد أنها لم تسفر سياسة صناعة البستنة، التي تشمل الحكومة والقطاع الخاص والمزارعين والمربيين المحليين، عن تحسين أداء شركات البذور المحلية أو مربييها. بل تجد أنها تسيطر شركات أجنبية على أكثر من 70 في المائة من سوق البذور في إندونيسيا، مثل شركة PT East-West بنسبة ( 45) في المائة، أو شركة PT Bisi بنسبة ( 25) في المائة) ،أو شركة PT Benih Citra Asia بنسبة (7 ) في المائة، إلخ. يجب تعزيز استراتيجيات السياسة لحماية صناعات البذور المحلية عن طريق الحد من الواردات، وحصص الملكية في الشركات الأجنبية، كما هو منصوص عليه في القانون رقم 13/2010 ، لكي تنتزع جذور مشاكل البذور المحلية منخفضة الجودة.

ينبغي صياغة وتنفيذ سياسة أكثر ابتكارا في المستقبل القريب. ويشمل ذلك تسهيل الأدوار المحلية الخاصة لإمدادات البذور المحلية، والاستثمارات الجديدة لشركات البذور، وتعيين شركات خاصة مملوكة للدولة، والجامعات المحلية ووكالات البحث والتطوير التي كانت تقوم بتطوير أنواع جديدة من البذور عالية الجودة.

وكالة معراج للأنباء

اقرأ أيضا  الفيضانات تغمر سامبيت بمقاطعة مينتاوا بارو جراء الأمطار المتواصلة
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.