حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أصبح بعيد المنال بسبب انحياز واشنطن لاسرائيل
غزة (معراج)- يرى مراقبون فلسطينيون، أن حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي أصبح بعيد المنال على ضوء المواقف الأمريكية الأخيرة التي يعتبرونها منحازة ووصفة للفوضى، وزادت الأمور تعقيدا.
في المقابل استبعد المراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا))، اتخاذ قرارات فلسطينية دراماتيكية في مواجهة الإدارة الأمريكية والانسداد الحاصل في عملية السلام منذ توقف آخر مفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل عام 2014.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد في خطابه أمام اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك يوم الخميس الماضي، رفضه التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية كوسيط منفرد في مفاوضات السلام “لأنها منحازة لإسرائيل.
وهدد عباس باتخاذ إجراءات لإعادة النظر في الاتفاقات الموقعة مع الحكومة الإسرائيلية السياسية والاقتصادية والأمنية على حد سواء، وفي مستقبل السلطة الفلسطينية وتعليق الاعتراف بدولة إسرائيل إلى حين أن تعترف إسرائيل بالدولة الفلسطينية.
وجاء خطاب عباس بعد ساعات من إعلان من ترامب على هامش لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك إن إدارته ستكون قادرة على عرض خطة للسلام بين الجانبين في غضون “شهرين إلى أربعة أشهر”، متوقعا عودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات بنسبة 100 في المائة.
وأعلن ترامب للمرة الأولى تأييده حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس حل الدولتين، معتقدا أنه الخيار الأفضل لكنه لم يعلن أي إجراءات عملية للدفع باتجاه تنفيذ هذا الحل المدعوم دوليا على نطاق واسع.
في المقابل قال نتنياهو إنه لم يفاجأ بما قاله ترامب من تأييده حل الدولتين، مؤكدا إصراره على إبقاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية على الضفة الغربية في أي اتفاق سلام مستقبلي مع إسرائيل وهو ما رفضه الفلسطينيون بشدة.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت في رام الله غسان الخطيب، أن كافة المؤشرات تنبئ بمزيد من التعقيد في جهود حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خاصة بالنظر إلى الموقفين الأمريكي والإسرائيلي.
ويقول الخطيب إنه من المستبعد بشدة وجود أفق قريب لتحريك جدي لعملية السلام في ظل الرفض الفلسطيني لمواقف إدارة ترامب التي تعمل على فرض أمر واقع عبر تطبيق أفكارها بدلا من الإعلان عنها والتباحث بشأنها مع الأطراف ذات العلاقة كما درجت العادة للإدارة الأمريكية السابقة.
ويضيف أن سياسات إدارة ترامب وما تقوم به من إجراءات على أرض الواقع هي وصفة لتعقيد وإطالة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وليس حله وهو ما يضع المنطقة كلها أمام خيارات صعبة ويهددها بمزيد من عدم الاستقرار.
في الوقت ذاته يستبعد الخطيب اتخاذ قرارات دراماتيكية من الجانب الفلسطيني في مواجهة واشنطن وإسرائيل، متوقعا أن يقتصر التحرك على جانبين، الأول على المستوى السياسي والقانوني الدولي والثاني على المستوى الشعبي بتصعيد الاحتجاجات ضد الاحتلال.
ويفسر الخطيب ذلك بأن الإقدام على بدء تنفيذ القرارات التي هدد بها عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ستعني عمليا انهيار السلطة الفلسطينية وهو خيار لا يحظى بقبول فلسطيني فضلا عن المعارضة الدولية.
وتقاطع السلطة الفلسطينية الإدارة الأمريكية منذ إعلان ترامب في السادس من ديسمبر الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة اليها في 14 مايو الماضي.
اضافة إلى ذلك أغضب ترامب الفلسطينيين بوقف الدعم المالي عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والسلطة الفلسطينية وإغلاقه مكتب منظمة التحرير في واشنطن.
ويقول المحلل السياسي من رام الله هاني المصري إن ترامب ينفذ على أرض الواقع خطواته التي ترمي إلى تنفيذ الحل الإسرائيلي والذي لا يتسع لأي حق من الحقوق الفلسطينية وهو نوع من فرض الشروط والإملاءات على الفلسطينيين.
ويضيف المصري أن ترامب يمضي في مخططه بتنفيذ ما تسمى “صفقة القرن” على الأرض مثل الاعتراف بالقدس ووقف الدعم لأونروا وتشريع الاستيطان وتبني الرواية الصهيونية للصراع.
ويرى أن ذلك يعني أنه لا يوجد أي إمكانية فلسطينيا للرهان على واشنطن ما يفرض على الفلسطينيين بلورة رؤية واستراتيجية جديدة وعدم الاكتفاء برفض صفقة القرن بل توفير متطلبات إحباطها لأنها تعني تصفية القضية الفلسطينية.
ويشدد المصري على أنه “لا يمكن القبول فلسطينيا بمنطق ترامب بالاعتراف بالأمر الواقع لأن إسرائيل دولة استعمار استيطاني تخالف القانون الدولي والسلم والاستقرار في المنطقة والقبول بسياساتها يهدد المنطقة بالفوضى “.
وكان ترامب تعهد في بداية ولايته في البيت الأبيض قبل نحو عامين، بالعمل على حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لكنه قال إن واشنطن ستحترم ما يتوصل إليه الطرفان في طاولة المفاوضات.
ولاحقا تحدث مسؤولون أمريكيون عن صفقة قرن يجرى إعدادها في أروقة البيت الأبيض من دون أن يحددوا موعدا لطرحها رسميا وفي ظل تسريبات إعلامية متضاربة بشأن ذلك.
ولم يعلن المسؤولون الأمريكيون أي تفاصيل رسمية بشأن مضمون صفقة القرن، لكن تقارير إسرائيلية تحدثت مرارا أنها ستتضمن عرض إعلان قرية “أبو ديس” شرقي القدس باعتبارها العاصمة الفلسطينية، مقابل انسحاب إسرائيلي من 3 أو 5 من القرى الفلسطينية المحيطة بالقدس.
وحسب التقارير الإسرائيلية لن تتضمن الصفقة أي اقتراحات بانسحاب إسرائيلي من المستوطنات القائمة أو من الكتل الاستيطانية الكبيرة وإبقاء منطقة الأغوار الفلسطينية تحت السيطرة الإسرائيلية مع إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح ومن دون جيش أو أسلحة ثقيلة.
وتستوجب سياسات إدارة ترامب موقفا عربيا مشتركا لمقاطعتها وحشد الدعم الدولي لعزلها سياسيا في مواجهة خطر التصفية الذي يهدد القضية الفلسطينية، بحسب ما يرى المحلل السياسي من غزة محمد ياغي.
ويشير ياغي إلى أن ترامب لم يترك منبرا سياسيا يفلت منه إلا وأظهر موقفا عدائيا من القضية الفلسطينية والدول العربية وكان أخر ذلك ما أعلنه في الأمم المتحدة بضرورة القبول بأن القدس عاصمة لإسرائيل والتخلي عما وصفه الخطاب الديني الذي يجعل من القدس مسألة لا يمكن لأحد في العالمين العربي والإسلامي التنازل عنها.
ويشدد ياغي على أن هذا الموقف من ترامب يجابه برفض عربي وإسلامي ودولي في ظل اتفاق شبه كلي بأن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل يمثل تكريسا للصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل وليس مقدمة لحله وهو ما يتطلب ترجمة عملية بحشد جبهة عالمية للضغط عليه حتى يتراجع عن سياساته الحالية.
وكالة معراج للأنباء