دوافع وأسباب رفع (الفيتو) عن المصالحة
حسام الدجني
أهم وأخطر خبر توقفت عنده خلال الأيام القليلة الماضية هو تصريح نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس د. موسى أبو مرزوق بأن “مسئولين غربيين أكدوا لحركة حماس أن الإدارة الأمريكية والكيان العبري رفعا (الفيتو) عن المصالحة الفلسطينية”، وهو ما أكدته أيضًا تقارير صحفية أمريكية، وهذا يعطي مساحة وفرصة للرئيس عباس للتقدم في هذا الملف دون تردد أو خوف من قطع المساعدات الأمريكية أو فرض عقوبات على السلطة.
حماس في السابق كانت تتهم الإدارة الأمريكية والكيان العبري بوضع (فيتو) على المصالحة الفلسطينية؛ فقد جاء على لسان موسى أبو مرزوق لصحيفة العربي الجديد بتاريخ 16/11/2016م: “إن (فيتو) أميركيًّا-إسرائيليًّا يعطل المصالحة الفلسطينية”.
وحتى لا أقع في شرك التصريحات من طرف واحد توجهت بالسؤال إلى أحد أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح عن صحة كلام موسى أبو مرزوق، فأكد لي صحتها.
يبقى السؤال الأهم: ما دوافع وأسباب رفع (الفيتو) عن المصالحة؟
ما الجديد يا ترى؟، ما الذي تغير في السياسة الأمريكية والصهيونية كي ترفع (الفيتو) عن انقسام طالما رآه كيان الاحتلال يحقق مصالحه؟، أسئلة نطرح إجاباتها، لكن ليس على قاعدة بث أجواء تشاؤمية وسط الأمواج الشعبية المتفائلة في إنهاء هذا الانقسام الأسود من تاريخ شعبنا.
ثلاثة سيناريوهات محتملة وراء رفع (الفيتو) الأمريكي والإسرائيلي عن المصالحة الفلسطينية، هي:
- تمرير صفقة سياسية، قطاع غزة جزء أصيل منها، وملامح هذه الصفقة أيًّا كانت تسميتها (صفقة القرن أو الحل الإقليمي أو السلام الاقتصادي) هي تمكين الاحتلال الصهيوني من السيطرة على (مناطق C) في الضفة الغربية، وبذلك يضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية إلى أراضي الـ(48)، والإبقاء على مناطق أشبه بـ”كنتونات” حكم ذاتي أو روابط قرى، وهذه المناطق ترتبط بكونفدرالية بالأردن، أما قطاع غزة فسيتعاطى معه المجتمع الدولي على قاعدة السلام الاقتصادي بعد هذا الحصار المشدد، وصولًا إلى كونفدرالية مع مصر، وقد يكون مطروحًا ملف توسعة قطاع غزة يمينًا أو شمالًا لترسيخ كيانية فلسطينية في غزة قابلة للحياة.
- 2. تبريد جبهة قطاع غزة للتفرغ لتوجيه ضربة إما إلى حزب الله وترسانته العسكرية في الجنوب اللبناني، أو التغيرات الجيو سياسية في سوريا، والنفوذ المتزايد لإيران وحزب الله في منطقة الحدود السورية الفلسطينية، ونجاح إيران في فتح منفذ بحري لها على المتوسط بعد السيطرة على الموصل في العراق.
- 3. إدراك كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية أن كسر حركة حماس بالقوة الخشنة فشل، وحان الآن موعد الاحتواء.
ما سبق أحاديث وتسريبات إعلامية، وجزء منها صادر عن شخصيات رفيعة مثل توني بلير، والوزير الليكودي أيوب قرا، وآخرين، ولكن ليس كل ما يطرح دقيقًا، أو ممكنًا تطبيقه.
ونختم المقال بالإجابة عن التساؤل التالي: لما كان رفع (الفيتو) الأمريكي الإسرائيلي عن المصالحة تهديدًا إستراتيجيًّا للقضية الفلسطينية، والمصالحة هي أولى خطوات مواجهة هذا التهديد، فكيف من الممكن تحويل التهديد إلى فرصة؟، الإجابة عن السؤال: بتبني خطوات متعددة، لعل أهمها:
- أن تجتمع العقول الفلسطينية للتفكير والتفاكر فيما سبق، ووضع الرؤى والإستراتيجيات للتعاطي معه وفق قواعد المصلحة الوطنية.
- تجاوز القضايا الصغيرة، ما يخدم مواجهة التحديات الكبرى التي تقف في طريق مشروعنا الوطني التحرري.
- أن يدرك المواطن الفلسطيني مخاطر المرحلة؛ فتعزيز الثقافة الوطنية مسألة بالغة الأهمية في تحصين جبهتنا الداخلية.
- توقيع الجميع ميثاق شرف لتأكيد حرمة الدم الفلسطيني وعدم تكرار مآسي الماضي، والتفكير بالمستقبل.
- ضبط الخطاب الإعلامي، وشرعنة قوانين متوافق عليها لمنع التوتير وإثارة النعرات والتكفير والتخوين، من أجل تعزيز ثقافة مدنية لدى الجيل، لترسيخ وتعزيز مبادئ الديمقراطية والشراكة، والتداول السلمي للسلطة، وسيادة القانون.
- إفشال كل نظريات المؤامرة بسحب صاعق التفجير من جيوب الجميع، ووضعه في حيازة الوطن، وهذا يتطلب رؤية لضبط العلاقة بين الأمن وفصائل المقاومة، فيصبح كل طرف مكمّلًا للطرف الآخر وخادمًا له، فما أخشاه أن تتدفق شحنات السلاح إلى الجميع، ويتحكم الاحتلال بصاعق تفجير الأوضاع لنعود إلى دائرة الصراع الداخلي من جديد.
- نعم، ما حصل بالقاهرة فرصة لتوحيد الوطن والتفكير في سبل النهوض بالمشروع الوطني، فينبغي استثمارها والعمل على تحصينها من أيدي العابثين.
المصدر : فلسطين أون لاين
حسام الدجني
أهم وأخطر خبر توقفت عنده خلال الأيام القليلة الماضية هو تصريح نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس د. موسى أبو مرزوق بأن “مسئولين غربيين أكدوا لحركة حماس أن الإدارة الأمريكية والكيان العبري رفعا (الفيتو) عن المصالحة الفلسطينية”، وهو ما أكدته أيضًا تقارير صحفية أمريكية، وهذا يعطي مساحة وفرصة للرئيس عباس للتقدم في هذا الملف دون تردد أو خوف من قطع المساعدات الأمريكية أو فرض عقوبات على السلطة.
حماس في السابق كانت تتهم الإدارة الأمريكية والكيان العبري بوضع (فيتو) على المصالحة الفلسطينية؛ فقد جاء على لسان موسى أبو مرزوق لصحيفة العربي الجديد بتاريخ 16/11/2016م: “إن (فيتو) أميركيًّا-إسرائيليًّا يعطل المصالحة الفلسطينية”.
وحتى لا أقع في شرك التصريحات من طرف واحد توجهت بالسؤال إلى أحد أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح عن صحة كلام موسى أبو مرزوق، فأكد لي صحتها.
يبقى السؤال الأهم: ما دوافع وأسباب رفع (الفيتو) عن المصالحة؟
ما الجديد يا ترى؟، ما الذي تغير في السياسة الأمريكية والصهيونية كي ترفع (الفيتو) عن انقسام طالما رآه كيان الاحتلال يحقق مصالحه؟، أسئلة نطرح إجاباتها، لكن ليس على قاعدة بث أجواء تشاؤمية وسط الأمواج الشعبية المتفائلة في إنهاء هذا الانقسام الأسود من تاريخ شعبنا.
ثلاثة سيناريوهات محتملة وراء رفع (الفيتو) الأمريكي والإسرائيلي عن المصالحة الفلسطينية، هي:
- تمرير صفقة سياسية، قطاع غزة جزء أصيل منها، وملامح هذه الصفقة أيًّا كانت تسميتها (صفقة القرن أو الحل الإقليمي أو السلام الاقتصادي) هي تمكين الاحتلال الصهيوني من السيطرة على (مناطق C) في الضفة الغربية، وبذلك يضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية إلى أراضي الـ(48)، والإبقاء على مناطق أشبه بـ”كنتونات” حكم ذاتي أو روابط قرى، وهذه المناطق ترتبط بكونفدرالية بالأردن، أما قطاع غزة فسيتعاطى معه المجتمع الدولي على قاعدة السلام الاقتصادي بعد هذا الحصار المشدد، وصولًا إلى كونفدرالية مع مصر، وقد يكون مطروحًا ملف توسعة قطاع غزة يمينًا أو شمالًا لترسيخ كيانية فلسطينية في غزة قابلة للحياة.
- 2. تبريد جبهة قطاع غزة للتفرغ لتوجيه ضربة إما إلى حزب الله وترسانته العسكرية في الجنوب اللبناني، أو التغيرات الجيو سياسية في سوريا، والنفوذ المتزايد لإيران وحزب الله في منطقة الحدود السورية الفلسطينية، ونجاح إيران في فتح منفذ بحري لها على المتوسط بعد السيطرة على الموصل في العراق.
- 3. إدراك كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية أن كسر حركة حماس بالقوة الخشنة فشل، وحان الآن موعد الاحتواء.
ما سبق أحاديث وتسريبات إعلامية، وجزء منها صادر عن شخصيات رفيعة مثل توني بلير، والوزير الليكودي أيوب قرا، وآخرين، ولكن ليس كل ما يطرح دقيقًا، أو ممكنًا تطبيقه.
ونختم المقال بالإجابة عن التساؤل التالي: لما كان رفع (الفيتو) الأمريكي الإسرائيلي عن المصالحة تهديدًا إستراتيجيًّا للقضية الفلسطينية، والمصالحة هي أولى خطوات مواجهة هذا التهديد، فكيف من الممكن تحويل التهديد إلى فرصة؟، الإجابة عن السؤال: بتبني خطوات متعددة، لعل أهمها:
- أن تجتمع العقول الفلسطينية للتفكير والتفاكر فيما سبق، ووضع الرؤى والإستراتيجيات للتعاطي معه وفق قواعد المصلحة الوطنية.
- تجاوز القضايا الصغيرة، ما يخدم مواجهة التحديات الكبرى التي تقف في طريق مشروعنا الوطني التحرري.
- أن يدرك المواطن الفلسطيني مخاطر المرحلة؛ فتعزيز الثقافة الوطنية مسألة بالغة الأهمية في تحصين جبهتنا الداخلية.
- توقيع الجميع ميثاق شرف لتأكيد حرمة الدم الفلسطيني وعدم تكرار مآسي الماضي، والتفكير بالمستقبل.
- ضبط الخطاب الإعلامي، وشرعنة قوانين متوافق عليها لمنع التوتير وإثارة النعرات والتكفير والتخوين، من أجل تعزيز ثقافة مدنية لدى الجيل، لترسيخ وتعزيز مبادئ الديمقراطية والشراكة، والتداول السلمي للسلطة، وسيادة القانون.
- إفشال كل نظريات المؤامرة بسحب صاعق التفجير من جيوب الجميع، ووضعه في حيازة الوطن، وهذا يتطلب رؤية لضبط العلاقة بين الأمن وفصائل المقاومة، فيصبح كل طرف مكمّلًا للطرف الآخر وخادمًا له، فما أخشاه أن تتدفق شحنات السلاح إلى الجميع، ويتحكم الاحتلال بصاعق تفجير الأوضاع لنعود إلى دائرة الصراع الداخلي من جديد.
- نعم، ما حصل بالقاهرة فرصة لتوحيد الوطن والتفكير في سبل النهوض بالمشروع الوطني، فينبغي استثمارها والعمل على تحصينها من أيدي العابثين.
المصدر : فلسطين أون لاين