صفات الزوجة الصالحة

الإثنين 12 رمضان 1436//29 يونيو/حزيران 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
قال تعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التَّحريم: 5]، وقال – تعالى -: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ}[النساء: 34].
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: « الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة » [رواه مسلم].
ومن صفات هذه الزوجة الصالحة:
1) أنها ذات دين وخلق تقوم بما أوجب الله عليها من عبادته، فتمتثل أمره وتجتنب نهيه وتقف عند حدوده، وتقوم أيضاً بما أوجب الله عليها من حقوق لزوجها، تطيعه إذا أمرها، وتبره إذا أقسم عليها، وتحفظه في نفسها وماله إذا غاب عنها، وتربي أولاده على طاعة الله وطاعة رسوله والوالدين، وتقف معه في سرائه وضرائه، وتعينه على نوائب الدهر وعاديات الزمن.
هذه المرأة التي هذه صفاتها حث الإسلام على تزوجها والاقتران بها في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: « تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ».
وهذه المرأة لا يكرهها زوجها وإن رأى منها ما يكره؛ لأن دينها وطاعتها وأخلاقها تشفع لها عنده وتجعله يغض البصر عن أخطائها، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: « لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر » [رواه مسلم].
2) أنها تطيع زوجها في غير معصية الله؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وبطاعتها لزوجها تستقيم الحياة الزوجية بينهما، ويسعدان في حياتهما، وتقل المشاكل إن لم تختف البتة، وتدوم المودة وتحسن العشرة، ويعمر الزواج، ويحل التفاهم، فعن أبي أمامة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: « ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله – عز وجل – خيراً له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله » [رواه ابن ماجه].
3) محبتها لزوجها: وهذا الحب أحد الأسباب القوية في بقاء العلاقة الزوجية وديمومتها، وهو أمر فطري يجعله الله في قلبي الزوجين لجعل الحياة الزوجية سعيدة هانئة مستقرة قال – تعالى -: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الرُّوم: 21].
ومن علامة هذا الحب: تعلقها بزوجها، وتفضيل الحياة معه على غيره، وطاعته وطلب مرضاته، وتقديم هواه على هواها، واسترخاص بذل المال لأجله، ومن أغرب الأمثلة وأحسنها في هذا الباب قصة زينب بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رضي الله عنها – لما أُسر زوجها أبو العاص بن الربيع يوم بدر وهو مشرك، أرسلت من مكة بقلادتها -وكانت أهدتها لها أمها يوم زواجها- لفدائه من الأسر، فلما رآها النبي – صلى الله عليه وسلم – بكى وقال لأصحابه: «إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها فافعلوا » فأي وفاء وأي حب أعظم من هذا مع العلم أنها كانت حينئذ مسلمة وهو مشرك؟!
4) ومن صفة الزوجة الصالحة مسارعتها إلى طلب مرضاة زوجها إذا أغضبه شيء منها، فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: « ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: ودود ولود إذا غضبت أو أسيء إليها أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى » [رواه الطبراني].
وهي بصنيعها هذا تملك عليه قلبه وتستل سخيمته، وتعظم حظوتها عنده، فيزداد حبه وتقديره لها، ويعرف لها ذلك في مستقبل الحياة فيجازيها إحساناً على إحسانها، وعفواً على تقصيرها وعصيانها.
5) ومن صفتها: خدمة زوجها وخدمة ضيوفه في حدود المعروف، وقد كن أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – يخدمنه ويخدمن ضيوفه، وكذلك زوجات أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم -، رضوان الله عليهم أجمعين، بل هذه أحب الخلق إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بنته فاطمة طحنت بالرحى واستقت الماء حتى تقطعت يداها واخشوشنت مما جعلها تطلب من أبيها – صلى الله عليه وسلم – خادماً، فيدلها على أفضل من ذلك وهو الذكر عند النوم، والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
6) المحافظة على مال زوجها، فلا تنفق منه إلا بعلمه ولا تتصدق منه إلا بإذنه، إلا إذا كان بخيلاً فتأخذ من ماله بغير علمه بقدر حاجتها وحاجة أولادها، وفي الحديث الصحيح: « والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها ».
وفي حديث آخر رواه ابن ماجه وفيه: « وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله ».
7) رعاية أولاده وتربيتهم تربية صالحة، فتنشئهم على العبادات وسائر الأخلاق الفاضلة، وذلك لكون الأب مشغولاً في طلب الكسب فلا يتفرغ لتربية أبنائه، فتتولى هي هذه المهمة وواجب عليها أن تقوم بها حق القيام؛ لأنها مسئولة كما في الحديث الصحيح: « والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها » وإذا فرطت في ذلك فقد توعد الله كل من فرط فيما استرعاه عليه بالحرمان من دخول الجنة. ففي صحيح مسلم: « ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ».
8) صيانة عرضه في غيبته، فلا تتكلم فيه، ولا تحقره أمام النساء، ولا تقلل من قيمته ومكانته ورجولته، ولا تتخذه مهزأة تسخر منه وتضحك عليه النساء، ولا تفشي له سراً، وقد ورد في صحيح مسلم: « أن من شر الناس منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته والمرأة تفضي إلى زوجها ثم ينشر أحدهما سر صاحبه ». ولتتأمل كل امرأة بإمعان حديث أم زرع التي أثنت على زوجها في غيبته، وقول النبي – صلى الله عليه وسلم – لعائشة: « كنت لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلق ».
9) إعانته على فعل الخير من بر وصدقة وإحسان ودعوة ومشورة ونحو ذلك، وخير مثال على ذلك أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم -، وفي مقدمتهن خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها – حيث وقفت معه بنفسها ومالها وآزرته ونصرته وآمنت به وقالت له أول ما جاءها بخبر الوحي: “كلا والله لا يخزيك الله، إنك لتصل الرحم، وتكسب المعدوم، وتحمل الكل، وتقرئ الضيف، وتعين على نوائب الحق”.
وهذه أم سلمة دخل عليها النبي – صلى الله عليه وسلم – يوم الحديبية فذكر لها ما لقي من الناس -أي كونهم لم يطيعوه لما أمرهم أن ينحروا ويحلقوا- فقالت: يا رسول الله! أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، ففعل، فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا.
وهكذا الزوجة الصالحة يجد الزوج عندها الرأي الحسن والمشورة الحسنة، فتخفف من آلامه وهمومه، وقد يجد ضالته عندها فلا تحتقر نفسها في بذل النصيحة ولا في إبداء الرأي.
وهذه سعدى زوجة طلحة بن عبيدالله قالت: دخلت يوماً على طلحة بن عبيدالله فرأيت منه ثقلاً فقلت له: ما لك لعله رابك منا شيء فنعتبك؟ قال: لا، ولنعم حليلة المرء المسلم أنت، ولكن اجتمع عندي مال ولا أدري كيف أصنع به؟ قالت: وما يغمك منه ادع قومك فاقسمه بينهم، فقال: يا غلام! علي بقومي فسألت الخازن كم قسم؟ قال: أربعمائة ألف. الترغيب (2/52 -53).
10) ومن صفات الزوجة الصالحة إذا كانت موسرة وزوجها فقير أن تنفق عليه من غير منّ ولا استعلاء، بل بكل حب وطيب نفس، وينبغي عليها أن لا تشعره بفضلها عليه، حتى لا يتأفف من الأخذ منها.
وقد روى البخاري ومسلم عن زينب الثقفية امرأة عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: « تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن قالت: فرجعت إلى عبدالله بن مسعود فقلت: إنك رجل خفيف ذات اليد وإن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد أمرنا بالصدقة فأته فاسأله فإن كان ذلك يجزئ عني وإلا صرفتها إلى غيركم؟ فقال عبدالله: بل ائته أنتِ. فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حاجتها حاجتي، وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد ألقيت عليه المهابة فخرج علينا بلال – رضي الله عنه – فقلنا له: ائت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأخبره أن امرأتين بالباب يسألانك أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ولا تخبره من نحن قالت: فدخل بلال على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فسأله فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: من هما؟ فقال: امرأة من الأنصار وزينب، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: أي الزيانب؟ قال: امرأة عبدالله بن مسعود فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: لهما أجران، أجر القرابة، وأجر الصدقة».
بل هذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كانت زوجه خديجة – رضي الله عنها – تنفق عليه وعلى دعوته حتى توفيت – رضي الله عنها -.
11) الصبر على شظف الحياة معه، فهذا هو الاختبار الحقيقي للمرأة، هل تتحمل وتصبر حتى يأتي الله بالفرج من عنده، أم أنها تضيق ذرعاً بذلك فتطلب الفراق ويكونا كما قال الله – تعالى -: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 130] فإذا كانت صالحة تقية، عرفت ماذا يجب عليها تجاه زوجها في مثل هذا الحال فتواسيه وتعينه وتصبره وتثبت معه إلى أن يأذن الله بالفرج، وأما إذا كانت غير صالحة فستجر إليه المشاكل، وسيظهر عليها الضجر والتذمر، وستنادي على نفسها بالويل والثبور، وستضرب الخد وتشق الجيب وتقول: ياليتها كانت القاضية، وفي الحديث تقول المرأة التي من هذا الصنف: أطعمني أو طلقني ولو علمت أن السعادة لا تكمن في ملئ البطن ولا في حسن الملبس ولا في تزيين البيت لما أقدمت على الفراق ولصبرت وضحت وعلمت أن مع العسر يسراً ومع الكرب فرجاً، ولن يغلب عسر يسرين.
12) ومن صفة الزوجة الصالحة تزينها وتجملها لزوجها بحيث تجتهد أن لا تقع عيناه على ما يكره منها في نفسها؛ لأنه هو المقصود الأول فهو أولى من يتزين له، وكثير من النساء لا تتجمل إلا إذا أرادت الخروج أو جاءها نساء يزرنها، فإذا لم تخرج أو لم يأتها أحد لم تتزين، وهذا خطأ كبير، قد تكون له عواقب وخيمة، لأنه لو حصل انحراف للزوج عن الطريق المستقيم فبسببها هي، حيث لم تجدد له شبابها، بل إن كثيراً من انحرافات الأزواج سببها زوجاتهم، حيث لا يرونهن إلا في ثياب الخدمة معطرات ومبخرات برائحة الثوم والبصل مما يضطرهم إلى النفور وطلب البديل.
-قصة الإسلام-

اقرأ أيضا  المرأة بين التأثر والتأثير
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.