صفقة القرن: الأوطان لا تباع؟!
أ.د يوسف رزقة
قال ترامب خمسين مليار دولار ستغير الحياة الفلسطينية، وتحسن الاقتصاد، وتفتح سوق العمل، وتخفض البطالة في فلسطين إلى 10%، وأطال كوشنر بعده في تفاصيل المتغير الاقتصادي في المنطقة، ومن يستمع لشرحه يشعر أنه أمام شخصية عالمية تحنو على الفلسطينيين وتعمل لصالحهم؟!
وهنا أود أن أطرح على كوشنر سؤالًا ماليًّا يقول: كم ثمن واشنطن؟! وبكم تبيعون لندن، أو باريس؟! وهو السؤال نفسه أطرحه على الممولين المحتملين: بكم تبيعون الرياض، أو أبوظبي؟! إن كانت إجابتكم المتوقعة أنه لا ثمن للعواصم والأوطان، فإنا نقول لكم إن بيت المقدس والقدس وما حولها من الأرض المباركة أثمن عندنا، وعند الله، من العواصم آنفة الذكر. نحن الفلسطينيين لا نبيعها بالخمسين المذكورة، ولا بأضعافها، مضاعفة.
الوطن لا يباع، ولا ثمن يكافئ الوطن، والبائع خاسر، والمشتري رابح عادة، وأرض الأنبياء ليست كغيرها، وحق الدفاع عنها، والتضحية من أجلها هو في الإسلام واجب شرعي ينتفي معه الثمن المالي والاقتصادي. وقديمًا قالت العرب تموت الحرة ولا تأكل بثدييها، فكيف تريدون للفلسطينيين دياثة وقبحًا، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟!
يمكن لنا في فلسطين أن نجوع، وأن نعرى، وأن نصبر على الجوع والعري، ولكن لا يمكن لنا أن نصبر على خائن يبيع دونمًا من فلسطين، فكيف بكم تريدون منا بيع المسجد الأقصى، وكنسية القيامة، وبقية الأرض المباركة ليهود. أما علمتم أن الفاروق الفاتح رضي الله عنه قد أوصانا بمنع يهود من سكنى القدس؟!
حين عقد ترامب صفقة حماية وتعاون مع المملكة حصل على 450 مليار دولار، وهذا يعني أن الوطن عند السعوديين أغلى من المال وإن كثر المال؟! إن كانت الأوطان تباع وتشترى فنحن نشتري وطننا من المحتل بمئات المليارات من الدولارات، ولأن هذا غير قابل للتحقق واقعيًّا، فإننا نشتري وطننا بالدماء والشهداء، وسنصبر على الامتحان حتى يعود لنا وطننا كاملًا غير منقوص؟! أما علمتم من عطاء التاريخ أن السلطان عبد الحميد الخليفة المسلم رفض بيع بعض فلسطين بـ(٥٠) مليون ذهبية عثمانية في وقت كانت بلاده في حاجة لها، وقال لأن يقطع المبضع جزءًا من جسدي أهون علي من بيع فلسطين. فلسطين أرض الإسلام، ومسرى النبي، وعش الأنبياء، تدفعون (٥٠) مليار دولار الآن ثمنًا لبيعها ليهود، والله هذا لن يكون، وسنرفض هذا كما رفضه عبد الحميد، ولن نسمح لأهل التجارة الخاسرة في الخليج وغيره أن يفسدوا وطننا فلسطين بأموالهم، وعارهم. ثمن فلسطين الدماء والشهداء. والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
المصدر : فلسطين أون لاين