فضيلة صيام الست من شوال
السبت 2 شوال 1436//18 يوليو/تموز 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
عَنْ أَبي أَيُّوبَ الأَنصَاريِّ – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالَ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهرِ))؛ رواه مسلم[1].
وعَنْ ثوبانَ – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ الله – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: ((صِيامُ رَمَضَانَ بِعَشرَةِ أَشْهُر، وصِيَامُ السِّتَّةِ أيَّامٍ بِشَهرَينِ فذَلك صِيَامُ السَّنَة)).
وفي رِوايةٍ: ((مَنْ صَامَ سِتَّةَ أيَّامٍ بَعْدَ الفِطْرِ كَانَ تَمامَ السَّنة ﴿ مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾))؛ رواهُ أحمدُ وابنُ ماجه[2].
الفوائد والأحكام:
الأوَّل: فَضِيلَةُ صِيامِ الستِّ من شَوَّال، وأنَّ مَنْ وَاظَبَ على صِيَامِها مَعَ رَمَضَانَ فكأَنَّهُ صَامَ عُمْرَه كُلَّه، وهَذا فضْلٌ عَظِيمٌ، وعَمَلٌ كَبِير.
الثاني: رَحْمةُ الله – تَعَالى – بِعِبادِهِ، ومُجَازَاتُهم على الأَعمَالِ القَلِيلَةِ ثَوَابًا كَثيرًا وأُجُورًا عَظِيمَة.
الثالث: اسْتِحبَابُ المُبادَرَةِ بِصِيامِ السِّتِّ؛ للأَمرِ بالمُسَابَقَةِ في الخَيرَات، ولِئلاَّ يَفُوتَ صِيامُهَا عَلَيه، أَو يَشْغَلَه عنهَا شَاغِل.
الرابع: جَوازُ صِيامِها في أَوَّلِ الشَّهرِ أَو وَسطِهِ أو آخِرِهِ، مُتَتَابِعَةً أو مُتَفَرِّقَةً، فكُلُّ ذلك مَشرُوعٌ، وأيًّا ما فَعَلَهُ المُكَلَّفُ فَجَائِزٌ، ويَستَحِقُّ الأَجْرَ المُرَتَّبَ عَلَيْهِ إِنْ قَبِلَ اللهُ تَعَالَى مِنه[3].
الخامس: أَنَّ مَنْ عَليهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ قَدَّمَ القَضَاءَ عَلى السِّتِّ ثُم صَامَهَا بعدَ ذَلك؛ لظَاهِرِ الحَدِيثِ فإنَّهُ – عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ – قَالَ: ((مَن صَامَ رَمَضَان))، يَعْني: كَاملاً، ومَنْ بَقِيَ علَيهِ أَيَّامٌ من رَمَضَانَ فَلا يَصْدُقُ عَلَيهِ أَنَّهُ صَامَ رَمَضَانَ حَتَّى يَقضِيَ تِلكَ الأيَّامَ التي علَيه منه[4]، ولأَنَّ إبرَاءَ الذِّمةِ من الوَاجِبِ أَولَى مِن فِعلِ المَندُوب.
السادس: أنَّ الشَّارِعَ الحَكِيمَ جَعلَ الفَرَائِضَ مَسبُوقَةً بِنَوافِلَ، كَما شَرَعَ نَوافِلَ عَقِبَهَا؛ كالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ في الصَّلَوَاتِ، ومَشرُوعِيَّةِ صِيَامِ شَعبَانَ، وصيَامِ سِتَّةٍ من شَوَّالَ، وبَينَهُما صِيَامُ الفَرضِ رَمَضَان.
السابع: أَنَّ هذه النَّوَافِلَ تُكَمِّلُ النَّقْصَ الحَاصِلَ في الفَرَائِض، ولا يَخلُو المُكَلَّفُ مِنْ ارْتِكَابِ ما يَنقُصُ أَجرَ صِيامِهِ ويُخَرِّقُه مِنْ فُضُولِ الكَلامِ والنَّظَرِ والطَعَامِ وغَيرِ ذَلك.
________________________________________
[1] رواه مسلم (1164).
[2] رواه أحمد (5/280)، والدرامي (1755)، وابن ماجه (1715)، والنسائي في الكبرى (2860)، وصححه ابن خزيمة (21154)، وابن حبان (3635).
[3] انظر: “المغني”، (4/440)، و”شرح النووي على مسلم”، (8/56).
[4] انظر: “الشرح الممتع”، (6/466).
المصدر: المنتقى للحديث في رمضان