كيف تفكر الحكومة اليمنية؟

أحمد الصباحي

الأربعاء 13 رجب 1437/ 20 أبريل/نيسان 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”

من لا يعرف الدكتور أحمد عبيد بن دغر، فهو السياسي اليمني المعتق، والذي عاش حياة مليئة بالتحولات السياسية منذ بداية حياته وحتى الآن، بعد أن أصبح يمثل الحكومة اليمنية عندما اختاره الرئيس هادي رئيساً للوزراء خلفاً لخالد بحاح.

قبل أيام شرفتُ وعددٌ من الزملاء الصحفيين في لقاء خاص مع رئيس الحكومة اليمنية الدكتور أحمد عبيد بن دغر بفندق “موفنبيك” الرياض، كان اللقاء مخصصاً لمناقشة واقع الإعلام المؤيد للشرعية والتحالف العربي والمناهض للحوثيين، إلا أنه تجاوز كل ذلك واحتوى كثيراً من الأحداث التي تتعلق بالحرب والسياسة والمفاوضات والإعلام.

كان من أبرز ما تحدث عنه الدكتور أحمد بن دغر، أن الحكومة اليمنية لن تقبل بأنصاف الحلول ولن تعيد تجارب الماضي في التفاوض مع الميليشيات الحوثية بدون محددات واضحة تقضي بعودة الشرعية وتسليم السلاح للدولة وإيجاد حل سياسي عادل يكفل بمشاركة جميع القوى السياسية في العملية السياسية.

واستعرض بن دغر خلال حديثه سلسلة خروقات الحوثيين وتمددهم السهل حتى الوصول إلى العاصمة صنعاء وبعدها إلى المحافظات الجنوبية، وقال إن ذلك لم يكن ليحدث لولا الدعم المالي والعسكري واللوجستي الذي تلقوه من علي عبدالله صالح، وقال إنه يمتلك كثيراً من الوثائق والمعلومات سيأتي الوقت المناسب لكشفها.

اقرأ أيضا  مظاهرة يمنية أمام البيت البيض دعماً لعملية إعادة الأمل باليمن

“دماج صمدت أربعة أشهر، وحاشد كذلك صمدت كثيراً، ولو نصرنا حاشد ما استطاع الانقلابيون الوصول إلى صنعاء” قالها بن دغر وأكد أن “حاشد قدمت الكثير الكثير في سبيل الثورة والجمهورية والوحدة الوطنية، وأظن أن هذا الحديث سيزعج الكثير نظراً لحجم الدعاية الإعلامية التي وجهت ضد قبيلة حاشد ورموزها.

كنت ومثلي كثير من الزملاء الذين حضروا اللقاء مع رئيس الوزراء نبحث عن إجابات كثيرة لأسئلة كثيرة تدور في رؤوسنا: إلى متى ستسمر الحرب؟ وماذا بعد الحرب؟ ولماذا نحارب الحوثي وحلفاءه؟ وماذا يدور في عقل الحكومة والرئاسة اليمنية؟ وكانت أعيننا أيضاً على الكويت حيث يكون الوفد الحكومي قد وصل إلى هناك لخوض مفاوضات جديدة مع الانقلابيين الحوثيين وحليفهم “الشيطان” علي عبدالله صالح بحسب وصف الدكتور بن دغر نفسه.

قال لنا بن دغر إن هناك كثيراً من الصعوبات التي تواجه الحكومة اليمنية على كافة المستويات، لكن ذلك لا يدفعها لليأس والوقوف، بل ستواصل الدفاع عن شرعيتها وشرعية الجمهورية والوحدة فهي تملك كل المبررات القانونية والشرعية والدستورية لذلك الأمر.

تحدث بن دغر عن تعز التي صنعت التاريخ وهي تقف صامدة أمام مشروع الانقلابيين الحوثيين التمددي. قال أيضاً “إذا لم نتمكن من النصر على الحوثي في تعز، فلن ننتصر في صنعاء، وهي المعركة الأهم” وإن ذلك الصمود لن يذهب سدىً في سياق التغيرات السياسية التي قد تحدث لاحقاً، واستعرض كثيراً حول مفهوم الوحدة والدولة الاتحادية، ورغم أن الرجل ينتمي إلى محافظة حضرموت الجنوبية إلا أنه بدا متمسكاً بالوحدة أكثر من غيره، لكنه قال إن الوحدة بمفهومها الحالي يجب أن تتغير عبر نظام الأقاليم المتفق عليه في مؤتمر الحوار الوطني.

اقرأ أيضا  التحالف العربي يعلن إنهاء الهدنة في اليمن

وكان من أبرز ما تحدث عنه بن دغر، هو كيف يدير الانقلابيون الحوثيين وحليفهم صالح الحرب، وكيف يمولونها، وكانت الصاعقة الكبرى أنهم سحبوا ما يزيد عن 3 مليار دولار من الاحتياطي النقدي في البنك المركزي رغم الاتفاقات الدولية بضرورة إبقاء البنك المركزي محايداً حتى لا تنهار العملية الاقتصادية.

والأغرب من ذلك أن بن دغر كان صريحاً بقوله إن جميع الموارد للحكومة اليمنية حتى في المناطق الخاضعة للشرعية تصل إلى البنك المركزي في صنعاء، بسبب الضغوط الدولية منعاً لانهيار النظام المالي، وتوقف رواتب الموظفين، لكنه قال إن الطرف الآخر يستخدم تلك الأموال في تمويل الحرب ويستقطع أموالاً باهظة لذلك الأمر ويسحب من الاحتياطي النقدي وعندها ستكون الكارثة.

ولا أخفيكم أن كثيراً من الإعلاميين الذين حضروا هذا اللقاء، كان اليأس قد دب في قلوبهم بسبب كثير من الأمور التي تتعلق بالحرب والسياسة والمفاوضات والأوضاع الإنسانية التي تعيشها البلاد في الداخل، وأوضاعهم كذلك في بلاد النزوح، لكن بن دغر قدم لهم ملخصاً هاماً أعطى لهم دفعة كبيرة وخرجوا ولديهم جرعة من الأمل والتفاؤل بعد التأكيدات على أن الشرعية لن تتنازل عن حقوقها وأن السلاح لن يبقى في يد الميليشيات وأن الحكومة وبدعم من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية تقدم يد السلام والحوار لإنهاء هذه الحرب وعودة الشرعية، فإن لم ينفع الحوار فإنها عازمة على النصر والعودة إلى العاصمة صنعاء عبر دبابات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.

اقرأ أيضا  هل تطور وعينا تجاه القضية الفلسطينية

ربما كثيرون قد أصابهم الملل من هذا الخطاب العمومي في حين الأوضاع الإنسانية في الداخل تتطلب السرعة الجادة في الحل السياسي العادل، أو النصر المؤزر للجيش والمقاومة الشعبية ولكن بالطريقة السريعة التي تكفل عودة الدولة وهزيمة الانقلابيين وسحب السلاح من أيديهم حتى لا تبقى اليمن ساحة عنف مستمرة تقلق المواطن في الداخل، وتهدد دول الجوار.. لكن دعونا نتفاءل هذه المرة، وسيكون لنا حديث آخر بعد مفاوضات جنيف.

المصدر : موقع مجلة البيان

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.