لماذا تترقَّب الأمة رمضان؟

الرياض (معراج) –  أخي الحبيب.. ماذا أعددت لرمضان؟ وبأي حال ستلقى رمضان؟

من ترقب رمضان اقترب من ربّ رمضان.

إذا نظرت إلى حال الأمة اليوم لا تكاد تراها تتوحد على شيء مثلما تتوحد على ترقبها لرمضان، ولهفتها إليه، وشوقها الغامر إليه، وتطلعها إلى أن يغفر الله لها في رمضان – حتى وإن لم يعملوا له وفيه – ولكن حب رمضان قد امتلأت به القلوب، وغمرت به الأفئدة، واشتاقت إليه النفوس، وتاقت إليه وتلهفت عليه، وعظمته الضمائر ووقرته، حتى إنك تجد المذنبين في رمضان لا يطيقون ما يفعلون من هول تعظيمهم لرمضان وإن كانوا يفعلون!

لا شكَّ عندي في أن رمضان نفحة من نفحات الله، وإن كان الحديث به ضعف، إلا أن المعنى يستقيم، وليس به اعوجاج، فرمضان هو شهر الأمة، وشهر الحياة، وشهر القرب، وشهر الجنان، وشهر الفرح، وهو شهر التوبة، وشهر الرحمة، وشهر المغفرة، وشهر الحب في الله.

وهو شهر الصلاة، وشهر الصيام، وشهر القرآن، وشهر العمرة، وشهر الدعاء، وشهر الشفاعة، وشهر المناعة من الذنوب، وهو شهر الوجدان والمشاعر الفياضة والأحاسيس المشتعلة.

وهو شهر النظام، وشهر التغيير، وشهر الرقي، وشهر التفرد، وشهر التميز، وشهر التربية، وشهر الصحوة، وشهر اليقظة، وشهر النهضة، وشهر النصر، وإجمالاً فهو شهر لله وبالله وفي الله.

أخيراً هو شهر يعلو به المسلم ويرتقي ويتميز، ويقوم فيه بإصلاح نفسه، بما في شهر رمضان من خصائص أودعها الله إياه ولا توجد في يوم آخر مجتمعة.

رمضان شهر الأمة، فها هي الأمة تتقارب من بعضها البعض، وتتكاتف وتتوجه فيه إلى الله بالصوم في أيام معدودات، والصلاة والقيام في أوقات معلومات وتتصافى فيه القلوب ويتصالح فيه المتخاصمون، وتوصل به وفيه الأرحام ويبتهل الجميع فيه إلى الله أن يطهر قلوبهم من الغل والحسد والبغضاء والشحناء، وأن يرزقهم الله فيه الحسنى وزيادة، وأن يدخلهم الجنان، وأن يعتقهم من النيران، فهو شهر فتحت فيه أبواب الجنة للجميع، وأغلق فيه أبواب النار أيضاً عن الجميع، وسلسلت فيه مردة الشياطين كذلك، وأبعدت عن الجميع.

وهو شهر الحياة، فبه تحيا القلوب، وتتقد المشاعر، وتلتهب الأحاسيس، ويصبح المؤمن فيه في معية الله، والمذنب فيه قريب من رحمة الله، فبرمضان تحيا القلوب بالصلاة والصيام والذكر والدعاء، وتحرّي الحلال، والبعد عن الغضب، ويتحقق في المسلم فيه قوله تعالى: “أَوَمَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ”.

وهو شهر القرب حقاً، فالمسلم فيه قريب من الله، وقريب من أهله، وقريب من جيرانه، وقريب من أهله، وقريب من أمته، فهو قريب من الله بتقواه وعبادته وصلاحه واجتهاده وجهاده، وقد قال الله تعالى عن عباده أثناء قوله تعالى عن رمضان: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”.

وهو قريب من أهله، فهم يجتمعون حول الإفطار في وقت واحد، وليست هناك أوقات مختلفة لذلك، ثم يسارع إلى المسجد فيلتقي بجيرانه وأبناء بلده أو حيّه أو قريته، وهو يزور رحمه فيلتقي بالأهل والأحباب، ويتصالح المتخاصمون فيه فيتقارب الجميع، وها هي بركة رمضان تكون قد حلَّت عليهم ووجبت محبة الله لهم.

وهو شهر الجنان، ففيه تفتح أبواب الجنة لمن يريد ولمن يجتهد ويعرف الطريق إليها، وقد سلسل الله إحدى العقبات في طريقها ألا وهو الشيطان وبمقاومة النفس نقترب من الجنان، ومن رحمة الرحمن.

وهو شهر الفرحة، فنحن نفرح بدخول رمضان، ونفرح عند إفطارنا، ونفرح عند صلاتنا، وعند قيامنا لله ركعاً وسجداً، وعند اجتماعنا بالأهل والأصدقاء والأحباب، وكل من يؤدي طاعة في رمضان يجد الفرحة والبهجة والسرور في قلبه، وتظهر بذلك على وجهه فيصير المجتمع المسلم مجتمعاً فرحاً سعيداً مسروراً، أما من يموت في رمضان فهي فرحة أخرى له ولأهله الذين يستبشرون بموت حبيب لهم في هذا اليوم العظيم ويدعون الله أن يموتوا على ما مات عليه حبيبهم من طاعة، وصدق الله العظيم الذي يقول: “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون”، وأي فضل ورحمة أفضل من رمضان؟!

وهو شهر التوبة والمغفرة، فالله -عز وجل- يرضى فيه عن عباده ويحب لعباده التوبة، ولا يرضى لهم الكفر ولا العذاب، قال تعالى: “ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليماً”، فيحبب الله لهم رمضان، والطاعة في رمضان، والتوبة والأوبة والاستغفار؛ حتى يخرج المسلمون من رمضان أطهاراً أنقياء لا ذنب لهم، ولا أغلال تمنعهم من خلافة الله في أرضه، ولهذا شرع الله لنا العبادة في رمضان.

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث يقول في الحديث الذي رواه الطبراني عن عبادة بن الصامت وقد حضر رمضان: “أتاكم رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فيُنزل الرحمة، ويحطُّ الخطايا، ويستجيب الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأَرُوا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي مَن حُرم فيه رحمة الله عز وجل”.

وكالة معراج للأنباء الإسلامية

اقرأ أيضا  الفلسطينيون.. وعودة السلمون!
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.