لماذا يريدون تحويل وجه كارتيني الأصيل

جاكرتا(معراج)- نحن نشهد جهودا كاسحة لتحويل الحركة النسوية الوطنية إلى إسلامية متشددة. إلى ماذا تشير هذه الجهود؟، وكيف تتقاطع مع أهداف الإسلام السياسي المعتدل؟

في الثاني من مايو عام 1964، أعلن الرئيس سوكارنو أن السيدة كارتيني هي بطلة الاستقلال وأن عيد ميلادها ، 21 أبريل ، أطلق عليه اسم “يوم كارتيني” ، وهو اليوم الوطني لتحرير المرأة. ونحن نعرف أن هذه الحركة النسائية فكرة اندونيسية أصيلة، وليست فكرة جلبتها البلاد من الخارج، وليست من بنيات أفكار المستعمرين الهولنديين أيضا.

ساهم هذا الإجراء بشكل كبير في جهود بناء الدولة. لإظهار الاندونيسيين للعالم بأننا البلد العظيم الذي لديه موارد ثقافية “متأصلة” ولديه القدرة “المحلية” لتحرير وتمكين المرأة.

استخدم الرئيس الثاني سوهارتو يوم كارتيني كرمز لتمكين المرأة، ولتشجيع المرأة الإندونيسية على المشاركة بنشاط في برامج التنمية الوطنية.

تم عرض هؤلاء النساء على أنهن “المرأة الإندونيسية المثالية” التي تقف وراء برامج الحكومة بينما تحافظ على أدوارها التقليدية المتمثلة في الأنوثة.

خلال فترة ما بعد سوهارتو، ازداد النقاش العام حول من ساهم إلى حد كبير في تحسين حقوق المرأة وتمكينها.

إلى جانب صعود الإسلام السياسي وعزم زعمائه على تبني تفسيرهم للشريعة في قوانين الدولة وفي الممارسة اليومية، حيث تقوم جماعات مثل حزب التحرير الإندونيسي، وأنصار حزب العدالة والازدهار ذي التوجه الإسلامي المتشدد ( جماعة الإخوان الإندونيسية ) وغيرهم، بحملات من أجل الاعتراف الرسمي بالإسلام كقانون لحكم الدولة. وكانوا يبذلون من أجل ذلك مساهمة قوية في حركة حقوق المرأة.

تشير “الأسلمة غير المشروعة” هنا إلى جزء من أجندة الإسلاميين السياسيين الذين يحاولون الاستعاضة عن أفكار “علمانية” و “ليبرالية” بمواد أكثر هيمنة حول حقوق المرأة وادعاء للمساواة بين الجنسين مع معايير اجتهادية “إسلامية”.

تنظر مثل هذه المجموعات إلى يوم  كارتيني باعتبارها بطلة الحركة القومية وتحرير المرأة، كمناورة سياسية لإلقاء الضوء على القومية العلمانية التي تخلت عن “القومية الإسلامية” ويعادون الاحتفاء بها.

في الحقيقة، جاءت  كارتيني من عائلة أرستقراطية غير دينية، في حين كان يعتقد أن أفكارها حول تحرير المرأة تتأثر بشكل كبير بصداقتها الوثيقة مع شخصيات هولندية مثل جيه إتش أبيندونون. لهذا فإن هذه الجماعات المتشددة تعتقد أن يوم كارتيني يعتبر غربيًا وعلمانيًا، وليس إسلاميًا “أصليًا”.

لاستبدال الصورة المهيمنة لكارتيني كرمز لحركة التحرر الوطني، حاولت هذه الجماعات الإسلامية المتشددة القيام بحملات من أجل شخصيات “إسلامية” أكثر مثل أحمد دحلان وروهانا قدوس وراسونا سعيد وتشوت نيا دين.

حتى إعادة التأويل التاريخي يحاولون باستماتة أسلمة يوم كارتيني. في الواقع أنه من الواضح أنها درست الإسلام تحت حكم كياي صالح دارات ، وهو رجل دين مسلم مولود في مسقط رأسها ، بل أنها بنت وجهة نظر نقدية، حول أوضاع المرأة في إطار إسلامي من دراساتها الإسلامية.

هذه الادعاءات لا يمكن فصلها عن النضال المستمر للجماعات الإسلامية لزيادة هيمنة المسلمين في الحياة الاجتماعية والسياسية في إندونيسيا. إنهم يسعون إلى ضمان استنباط المعايير العنصرية ونبذ العدالة بين الجنسين ولا نعتقد أن هذا من التفسير الحقيقي للإسلام.

إنهم ينظرون إلى المعايير المتعلقة بالجنسين بأنها معايير تخص العلمانية والمبادئ الغربية وبأنها متناقضة مع الإسلام، ولا يمكن تطبيقها في إندونيسيا، وهي أكبر بلد يعيش فيه غالبية من المسلمين.

في آتشيه، على سبيل المثال، تقول بعض المجموعات إن كارتيني لا ينبغي أن تكون نموذجًا يحتذى به لـ “الإندونيسي الجيدين” أو “أتشيهيون جيدون”. ومن ثم، فإن هناك قضية رئيسية في أسلمة الحركة النسائية الوطنية هي فصل للمواطنين لقسمين هم “الطيبين” و “السيئين”.

ويعني هذا التصنيف أن التفسير المتشدد المحدد والمحافظ للذكور فقط هو أمر صحيح. مثل هذه الحملات تعني أيضًا أن مجموعة أو مجموعات إسلامية معينة فقط هي التي تملك السلطة المطلقة لتحديد من هو جيد أو سيئ من حيث التمييز العنصري.

للرد على هذا “الأسلمة الجائرة” للحركة النسوية في إندونيسيا، يجب أن تستمر المجموعات النسائية في تسليط الضوء على كيفية توافق النسوية مع رسالة الإسلام الأساسية للبشرية. هناك حاجة لمزيد من الدراسات لشخصيات إناث مسلمات وأفكارهن في التحرر، بالإشارة إلى الآراء النقدية حولهن.

فريد متقين

الكاتب طالب دكتوراه في الأنثروبولوجيا في جامعة ولاية نيويورك. وهو يعد ورقة بحثية عن الأصولية الإسلامية وسياسة النوع الاجتماعي في إندونيسيا المعاصرة.

وكالة معراج للأنباء