لمـاذا تخـاف ( إسرائيـل ) مـن الصـورة ؟
د. وليد القططي
الأحد 11 جمادى الثانية 1437// 20 مارس/آذار 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”
بناءً على قرارات الحكومة الإسرائيلية المصغّرة ( الكابينيت ) قام الجيش الإسرائيلي بإغلاق مكتب فضائية (فلسطين اليوم ) في البيرة واعتقال مديره وأثنين من الصحفيين العاملين فيه . وقبل ذلك أوقفت شركة (يوتل سات ) الفرنسية بث قناة ( الأقصى ) الفضائية استجابة لضغوط إسرائيلية , وسبق ذلك إغلاق عدة قنوات إذاعية فلسطينية محلية والضغط على موقعي الفيس بوك ويوتيوب لإغلاق بعض الصفحات وحذف العديد من الفيديوهات وهذا يُضاف إلى المضايقات والانتهاكات المتكررة بحق الصحفيين والإعلاميين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وأخطرها اعتقالهم وإطلاق النار عليهم أحياناً … والسؤال الذي سنحاول الإجابة عليه في هذا المقال هو لماذا هذا الاستهداف المنهجي للإعلام الفلسطيني المقاوم لاسيما الإعلام المرئي منه ؟ وبمعنى آخر لماذا تخاف ( اسرائيل ) من الصورة ؟
هذا الخوف الإسرائيلي من الإعلام الفلسطيني المقاوم الذي ينقل الحقيقة بالصورة التلفزيونية الحية وأحياناً المباشرة , فيظهر الصورة كما هي في الواقع حقيقة واضحة كالشمس المشرقة .. الجندي والمستوطن في وضعية الجلاد القاتل المدجج بالسلاح يمارس ساديته بطريقة إجرامية لا تقبل التأويل أمام صورة الشعب الفلسطيني الضحية لهذا الاحتلال ممثلا في الجيش والمستوطنين وأدوات القمع الإسرائيلية الأخرى . وهذه الصورة تناقض الصورة الوهمية الكاذبة التي طالما حاول الإعلام الإسرائيلي والصهيوني ترسيخها في عقول وقلوب العالم الغربي بأنه الضحية المجني عليها من النازية أولاً ثم من العرب بعد ذلك و( الإرهاب الفلسطيني ) الآن وسابقاً . فصورة الضحية التي أدمنها اليهود في كيانهم الصهيوني وخارجه صناعة مزيفة تجلب لهم التعاطف والمال من الغرب الأمريكي والأوروبي , وتمنحهم الشرعية السياسية لهذا الكيان , وتعطيهم المبرر لممارسة الاعتداءات والإرهاب ضد العرب والفلسطينيين . ولذلك فإن انقلاب الصورة الآن إلى وضعها الأصلي باعتبارهم المجرم وليس الضحية والجاني وليس المجني عليه يبطل روايتهم الكاذبة من الأساس ويهدم فكرتهم الخادعة من الجذور .
والخوف الإسرائيلي من الصورة التي ينقلها الإعلام الفلسطيني المقاوم للعالم أجمع له سبب آخر هو أن هذه الصورة التي تنقل أحداث انتفاضة القدس بطريقة حية وبالصوت والصورة والحركة تبطل فرضية خاطئة تحاول ( اسرائيل ) بقادتها ونخبتها وإعلامها اثباتها بشتى الطرق وهي أن سبب الانتفاضة والمقاومة التي يسموها ( موجة الإرهاب الفلسطيني ) هو التحريض الإعلامي والسياسي والديني الفلسطيني , وإنه في حال توّقف هذا التحريض فإن أعمال العنف والإرهاب – بزعمهم – ستتوقف . في تجاهل واضح ومتعمد لدور الاحتلال – جيشاً ومستوطنين – وجرائمه في انطلاقة انتفاضة القدس الحالية , واذا كان التحريض هو المتهم فإن الاحتلال هو أكبر محرّض على المقاومة والثورة .
وهذا الخوف من الإعلام المقاوم الذي ينقل الصورة المرئية والمسموعة والمكتوبة التي تصور القمع الإسرائيلي ناتج أيضاً من إدراك الكيان الصهيوني لدور الإعلام المقاوم في إسناد انتفاضة القدس معنوياً ودعمها إعلامياً , وإدراكه لأهمية الصورة والكلمة والخوف منهما كما يخاف من الطلقة والصاروخ , فدور الكلمة المقاومة لا يقل عن دور الطلقة الموجهة لصدر العدو , ودور الصورة الحية لا يقل عن دور الصاروخ الموجه لعمق العدو , فكل منها يدعم مشروع التحرير ونهج المقاومة وانتفاضة القدس وصمود الشعب , ولذلك يحارب العدو الصهيوني الإعلام الوطني المقاوم كما يحارب حركات المقاومة المسلحة على حدٍ سواء .
واستهداف فضائية اليوم هو استهداف للقيم التي تمثلها هذه القناة الملتزمة بالخط الوطني الوحدوي ونهج المقاومة الثوري ومشروع التحرير الكامل بعيداً عن الإعلام الحزبي الضيق الأُفق , وبعيداً عن المناكفات السياسية القصيرة الرؤية , وهي إلى جانب ذلك تُمثل الكل الفلسطيني وقريبة من نبض الشارع وملتصقة بقضايا الجماهير . وما نحتاج إليه في إعلامنا الفلسطيني الوطني أيضا هو تبني سياسة إعلامية موحدة داعمة للانتفاضة , وتوحيد المصطلحات الإعلامية المستخدمة في تغطية انتفاضة القدس , وتبني رؤية واضحة لتفنيد الرواية الإسرائيلية للانتفاضة , وإبراز الجانب الإنساني في مقاومة الشعب الفلسطيني بذكر القصص الإنسانية الحية بعيداً عن الأرقام المجردة والإحصاءات الجامدة .
المصدر : وكالة فلسطين اليوم الإخبارية