مرحلة الشباب في الإسلام

الأربعاء 22 محرم 1437//4 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
د. سمير مثنى علي الأبارة
مرحلة الشباب في الإسلام
هذه المرحلة هي مرحلة بلوغ الأشد، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ﴾ [الأنعام: 152] [1] فإن “الأشُدّ” جمع “شَدٍّ” و”الشد” القوة، وهو استحكام قوة شبابه وسنه، كما “شَدُّ النهار” ارتفاعه وامتداده. يقال: “أتيته شدَّ النهار ومدَّ النهار”، وذلك حين امتداده وارتفاعه فقال بعضهم: يقال ذلك له إذا بلغ الحُلُم، وقال آخرون: إنما يقال ذلك له، إذا بلغ ثلاثين سنة[2] وهي المرحلة التي يبلغ فيها الفرد النضج الجسمي بحيث يكون قادرًا على تكوين أسـرة. يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ﴾ [الأحقاف: 15] [3] أي: قوي وشب وارتجل ﴿ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ﴾ [الأحقاف: 15] أي: تناهى عقله وكمل فهمه وحلمه. ويقال: إنه لا يتغير غالبا عما يكون عليه ابن الأربعين[4].

في هذه المرحلة يتم نضج الفرد الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي، ويكون عطاؤه في ذروته من حيث القوة البدنية, ومن حيث القدرة على التفكير ومن حيث الاستقرار الانفعالي.

ويأتي بعد ذلك مرحلة النضج ونقدرها بين السنوات “40 – 60” على وجه التقريب، وهذه هي المرحلة التي تلقى محمد صلى الله عليه وسلم الرسالة في بدايتها، وتتلو مرحلة الشيخوخة هذه المرحلة، وتأتي فيما بعد الستين، وقد أشار الحق تبارك وتعالى إلى هذه المرحلة في قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [غافر: 67][5]، هو الله الذي خلق أباكم آدم من تراب، ثم أوجدكم من المنيِّ بقدرته، وبعد ذلك تنتقلون إلى طور الدم الغليظ الأحمر، ثم تجري عليكم أطوار متعددة في الأرحام، إلى أن تولدوا أطفالا صغارًا، ثم تقوى بِنْيَتُكم إلى أن تصيروا شيوخًا، ومنكم من يموت قبل ذلك، ولتبلغوا بهذه الأطوار المقدَّرة أجلاً مسمًّى تنتهي عنده أعماركم، ولعلكم تعقلون حجج الله عليكم بذلك، وتتدبرون آياته، فتعرفون أنه لا إله غيره يفعل ذلك، وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا له[6].

اقرأ أيضا  قرار ترمب.. بداية النهاية للمشروع الأميركي الإسرائيلي بالمنطقة

وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ [النحل: 70][7]، يخبر تعالى عن تصرفه في عباده، وأنه هو الذي أنشأهم من العدم، ثم بعد ذلك يتوفاهم، ومنهم من يتركه حتى يدركه الهرم. وقد روي عن علي رضي الله عنه ﴿ أَرْذَلِ الْعُمُرِ ﴾ [النحل: 70]: خمس وسبعون سنة. وفي هذا السن يحصل له ضعف القوى والخرف وسوء الحفظ وقلة العلم، ولهذا قال: ﴿ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ﴾ [النحل: 70] أي بعد ما كان عالما أصبح لا يدري شيئا من الفند والخرف، ولهذا روى البخاري عند تفسير هذه الآية عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو: ((أعوذ بك من البخل والكسل والهرم وأرذل العمر وعذاب القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات)) [8].

الصحة الجسمية:
قال أهل الحكمة: ” إن العقل السليم في الجسم السليم ” إن الإسلام ينظر لجسم الإنسان على أنه وعاء الروح فالإنسان من خلال الأتي: النظافة , ممارسة الرياضة , تزكية النفس , الاعتدال في الطعام والشراب , الوقاية من الأمراض ومسارعة التداوي.

أ – النظافة: دعى الإسلام إلى النظافة من الأوساخ والقذارة وهي أمة الطهارة حيث يتوضأ أفراد الأمة خمس مرات في اليوم ويغتسلون كل أسبوع وينظفون المكان والثوب والبدن كما قال أهل الحكمة:” النظافة من الإيمان والوسخ من الشيطان “.

اقرأ أيضا  استثمار رمضان في العبادة - خطبة

ب – ممارسة الرياضة: أرشد الإسلام ضرورة تنمية قوة الجسم بصورة منتظمة واعتبر ذلك من الأمور الواجبة تعليمها للكبار والصغار قال الخليفة الثاني عمر بن الخطاب[9] رضي الله عنه:” علموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل “.

ج – تزكية النفس: إن تقوية الجانب النفسي ضرورة في الصحة الجسمية لأن النفس عندما تتعرض للمشاكل كالوسواس والهواجس والأمراض النفسية المختلفة يتعب الإنسان معها بالضرورة وقد يصل ذلك إلى هلاكه كما في حالات الانتحار والإدمان والكآبة.

د- الاعتدال في الطعام الشراب والأكل والنوم: إن هذه الأمة هي أمة الوسط والتوسط في كل شيء تقريبا , فلا ينبغي أن يطغى فيها جانب عن جانب آخر فالطعام والشراب الأكل والنوم ضروريات للجسم والروح ولكن المبالغة فيه أو التقليل منها يعرض الإنسان إلى أي الجسد والروح إلى الخطر قال الله تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ﴾ [الأعراف: 31][10].

هـ – الوقاية من الأمراض: وهذا يقتضي تجنب أسبابها الموضوعية من النجاسات كالخمر والمخدرات والزنا والعدوى وعدم الدخول أرض بها أو الخروج منها.

ر – المسارعة إلى التداوي: عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ((أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً، فَتَدَاوَوْا، وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ))[11].

________________________________________
[1] سورة الأنعام:152
[2] جامع البيان في تأويل القرآن للطبري (ج 12 – ص 222).
[3] سورة الأحقاف:15
[4] تفسير القرآن العظيم لابن كثير (ج7 – ص 280).
[5] سورة غافر:67
[6] التفسير الميسر (ج1 – ص475).
[7] سورة النحل:70
[8] تفسير بن كثير (ج2 – ص338)، والحديث في صحيح البخاري (باب وقوله “ومنكم مي يرد إلى أرذل العمر ج6 – ص82).
[9] عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبدالله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك أبو حفص العدوى وأم عمر حنتمة بنت هشام بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم أخت أبى جهل وكان قد استخلفه أبو بكر الصديق في حياته بعهد كتب له في علته التي توفى فيها فقام عمر بن الخطاب رضه الله عنه يذب عن دين الله ويبالغ المجهود في إظهار سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر الصديق رضه عنه إلى أن فتح الله عليه الامصار وجبى إليه الاموال من غير ان لوث نفسه بشيء من حطام هذه الفانية الزائلة إلى ان حلت به المنية قتله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة بخنجر وجاءه يوم الاربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة عند قيامة إلى صلاة الفجر طعنه ثلاث طعنات في ثنته وتوفى عمر رضه وله خمس وخمسون سنة وكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال ودفن بجنب أبى بكر الصديق ودخل قبره عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر. ( أسد الغابة 3 / 642 والاصابة 2 / 518 رقم 5736 ).
[10] سورة الأعراف:31
[11] صحيح دون ما بين القوسين: تخريج المشكاة (4538) ثم صحيح بتمامه: السلسلة الصحيحة (1633)).
الألوكة

اقرأ أيضا  فضل العشر الأواخر
Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.