معضمية الشام على خطى مضايا: القتل جوعاً وبالبراميل

smo-sy.com
smo-sy.com

الأحد 7 ربيع الثاني 1437//17 يناير/كانون الثاني 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
دمشق
“أدرِكوا معضمية الشام قبل الكارثة”… كان هذا آخر نداء وجّهه ناشطو هذه المدينة السورية التي تقع غرب العاصمة دمشق، لإنقاذ آلاف المدنيين المحاصرين الذين حصد الموت حتى الآن أرواح 5 منهم منذ أيام، في ظلّ انشغال الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية بمأساة بلدة مضايا القريبة منها.
ارتفع عدد الوفيات في معضمية الشام جراء الجوع إلى خمسة خلال أيام معدودة، وسط وضع إنساني متدهور، خصوصاً على المستوى الصحي. وتوفي الرضيع يوسف سعدية (ثلاثة أشهر) بسبب سوء التغذية، الخميس. كما لقي، الجمعة، الفتى سعيد كربوج (15 عاماً) حتفه جوعاً، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة.
تبعد معضمية الشام عن دمشق غرباً مسافة خمسة كيلومترات. وكانت من أوائل المدن السورية التي لبّت نداء الثورة في منتصف آذار عام 2011. ومنذ ذلك الوقت، تتعرض المدينة للقصف والحصار. قُتل وأُصيب واعتُقل الآلاف من أبناء معضمية الشام التي تدفع أيضاً ثمن موقعها الاستراتيجي الهام. فهي ليست بعيدة عن مطار المزّة العسكري الذي يُعدّ من أهم المطارات العسكرية لجيش النظام السوري، جنوب البلاد.
كما جعل قرب معضمية الجغرافي من مدينة داريا (كبرى مدن غوطة دمشق الغربية)، هدفاً للنظام والمليشيات المساندة له، لفصل المدنيتَين، لا سيما أنّهما استعصتا على هذه القوات طوال سنوات، على الرغم من آلاف البراميل المتفجرة التي ألقاها طيران النظام عليهما، وتساوت غالبية أحيائهما مع الأرض.
وتشهد معضمية الشام التي تضم حوالي 45 ألف مدني، بينهم أكثر من 12 ألفاً نزحوا من مدينة داريا، منذ أيام عدة، اشتباكات ضارية، وخصوصاً في الأحياء الجنوبية منها، بين قوات النظام وفصائل “الجيش السوري الحر” المتمثلة، بألوية “الفجر”، و”سيف الشام”، و”الفتح” التابع للاتحاد الإسلامي لـ”أجناد الشام”.
وتؤكد مصادر ميدانية لـ”العربي الجديد” أنّ قوات النظام المهاجمة تتكبّد يومياً خسائر بالأرواح والمعدات، ما يدفعها إلى تشديد الحصار على المدنيين. ويشير الناشط الإعلامي داني قباني الموجود في المدينة، لـ”العربي الجديد”، إلى أنّ القصف على المنطقة الجنوبية من المدينة لم يتوقف منذ أواخر العام الماضي، وأنّ محاولات قوات النظام التي وصفها بـ”الفاشلة” لاقتحام المنطقة مستمرة، مؤكداً أن فصائل “الجيش السوري الحر” صامدة، وتصد جميع المحاولات.
وكانت قوات النظام قد حاصرت معضمية الشام عقب مجزرة الكيماوي في آب 2013 مع مدن في الغوطتَين الغربية والشرقية، ما تسبّب حينها بمقتل آلاف المدنيين، معظمهم من الأطفال. كما تسبب الحصار بمجاعة، واضطرت بعدها فصائل “الجيش الحر” إلى توقيع اتفاق هدنة في 25 كانون الأوّل من ذلك العام، نصّ على فك الحصار، وإطلاق سراح المعتقلين في سجون النظام، وإدخال المساعدات الغذائية والطبية، وعودة المهجرين إلى المدينة. لكن سرعان ما ضربت قوات النظام بالاتفاق عرض الحائط، وعاودت حصار المدينة بشكل جزئي. وشدّدت الحصار في أواخر العام 2015، بشكل مطبق.
وقامت قوات النظام في 29 كانون الأول الماضي، بإغلاق المعبر الذي كان المتنفس الوحيد للمدينة. كما وضعت سواتر ترابية، مع انتشار كثيف لعناصر الفرقة الرابعة التي يقودها شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، ماهر الأسد، وتقع مقراتها العسكرية بالقرب من معضمية الشام، وتعد من أعنف الفرق، وتُتهم بارتكاب مجازر في عموم سورية منذ بدء الثورة أوائل عام 2011.
ويوضح قباني أنّ “النظام خيّر أهل المدينة بين الاستسلام أو الاقتحام، مطالباً بتسليم سلاح الجيش الحر بالكامل، أو إخلاء المدينة من أهلها، وإلّا فإن الحرب ستكون مفتوحة”. ويشير الناشط الإعلامي إلى أنّ “اللجنة المُكلّفة، والتي تشمل مندوبين عن التشكيلات العسكرية في المدينة، وآخر عن المجلس المحلي، رفضت تسليم السلاح والخروج من المدينة”.
ويؤكد المركز الإعلامي في معضمية الشام أنّ محتويات المحال الغذائية والاستهلاكية نفدت بالكامل نتيجة الحصار. واضطر عدد كبير من المحاصرين للبحث في حاويات القمامة عن طعام يسدّ رمقهم، في ظل تحذيرات من مصير مشابه لمصير آلاف المدنيين في بلدة مضايا. ويشير الناشط الإعلامي ذاته إلى أنّ “الكارثة التي لطالما حذّرنا منها بدأت بالفعل إثر وفاة خمسة أشخاص، منهم أطفال، جوعاً خلال عشرين يوماً”، مطالبا بـ”تحرك عاجل من قبل منظمات دولية لكسر الحصار المفروض، وإدخال مساعدات غذائية، وإلّا فالحكم على 45 ألف مدني بالهلاك جوعاً وبرداً وقصفاً”.
ويوضح قباني أنّ المحاصرين يعيشون حالة من الخوف الشديد، بسبب خشيتهم من فقدان أطفالهم، وهم يرونهم يموتون أمام أعينهم، وليس بإمكانهم فعل أي شيء لهم. ويؤكد الطبيب في المستشفى الميداني في مدينة معضمية الشام، عمر حكيم لـ”العربي الجديد”، أنّ المستشفى لم يعد قادراً على تقديم أي مساعدة للحالات التي ترد يومياً بسبب نقص التغذية، أو الذين هم بحاجة لعلاج بسبب انعدام الأدوية. ويضيف الطبيب، أنّنا “لم نعد قادرين سوى على تقديم إسعافات أولية”، مناشداً المنظمات الدولية التحرك لإنقاذ آلاف المدنيين المحاصرين الذين بدأ الجوع والبرد يفتك بأجسادهم. ويشير حكيم إلى فقدان المدينة لحليب الأطفال بشكل كامل، مؤكداً أن قوات النظام تمنع إخراج المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة بسبب الجوع الشديد، والمهدّدين بالموت في أية لحظة.
وأطلق ناشطون سوريون حملات عدّة على مواقع التواصل الاجتماعي، أخيراً، للفت أنظار المجتمع الدولي إلى ما يحدث في معضمية الشام من حصار أدّى إلى مجاعة تهدّد بتكرار سيناريو مضايا بشكل أكثر قسوة، إذ يجتمع الجوع والبرد والقصف المتواصل بالبراميل المتفجرة وقذائف الهاون في مدينة لم تستطع قوات النظام اقتحامها بالقوة، فقررت الانتقام. وبات حصار التجويع سلاح النظام المفضل، وفق تأكيد منظمات دولية. وأكّد “الائتلاف السوري المعارض” قبل يومين، أنّ ما يحصل في مدينة معضمية الشام مشابه لما يحصل في مضايا، مبيّناً أن موت الناس تجويعاً وحصاراً لا يشير إلى ثمة إرادة دولية للانتقال نحو نظام سياسي جديد عنوانه العدالة والمساواة.
المصدر: المركز الصحفي السوري

اقرأ أيضا  السعودية: 46 ألف وافد يدخلون الإسلام خلال العام الماضي