نازحو جمهورية أفريقيا الوسطى بحاجة ماسة إلى التعليم

16

السبت،9 شعبان 1435الموافق7 حزيران/يونيو2014 وكالة معراج للأنباءالإسلامية”مينا”.
افريقيا الوسطى – نجامينا
لا يزال حوالي 40,900 طفل وآلاف الشباب الذين نزحوا جراء العنف المتفشي في جمهورية أفريقيا الوسطى عالقين في مخيمات العبور في جنوب تشاد بلا مدارس رسمية يمكنهم الالتحاق بها، ومن دون فرص تدريب تذكر أو حتى وظائف، مما يجعلهم يواجهون مستقبلاً غامضاً.
وقال إبراهيم عمر البالغ من العمر 25 عاماً في مخيم عبور دويابا بالقرب من بلدة سرح، التي يشكل العائدون التشاديون من جمهورية أفريقيا الوسطى غالبية سكانها، وقد ولد الكثير منهم في جمهورية أفريقيا الوسطى: “لا يوجد شيء يمكننا القيام به هنا. إننا لا نفعل شيئاً طوال اليوم”. وأضاف عمر، الذي درس المالية في الكلية: “سأقبل أي عمل يمكنني القيام به. وذات يوم سأعود [إلى بانغي] لاستكمال دراستي”.
وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال عبد العزيز طارق، الذي يبلغ من العمر 17 عاماً وهو من بانغي، عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى: “إذا حصلت على تعليم يمكنك أن تفعل شيئاً، ولكن من دونه لن تتمكن من تحقيق أي شيء”.
وقد أقام المعلمون النازحون مدارس غير رسمية في بعض المواقع، فعلى سبيل المثال، أقاموا مدرسة في مخيم عبور دويابا التحق بها 3,200 طفل في المرحلة الابتدائية ومرحلة ما قبل المدرسة، ولكن لا توجد مدارس تلبي احتياجات طلاب المدارس الثانوية. وتم نقل حوالي 4,000 طفل نازح إلى مدارس قائمة، ولكن حتى الآن لم يتلق أي طفل تعليماً رسمياً في المخيمات، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
وتجدر الإشارة إلى أن نحو 97,000 لاجئ وعائد قد فروا من جمهورية أفريقيا الوسطى خلال عامي 2013 و2014 بحثاً عن الأمان في تشاد، بحسب التقارير الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
المساعدة في علاج الصدمة
وقال العديد من الأطفال والشباب الذين تحدثت إليهم شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) في مخيم دويابا أنهم شهدوا فظائع رهيبة، بما في ذلك رؤية بعض أفراد أسرهم يتعرضون للحرق أو تمزيق الأوصال أو قطع الرأس. وقال سليمان أدرامان، عضو لجنة الشكاوى في دويابا، أن “المدارس من شأنها أن تساعد على إشغال وقت الأطفال، ومنحهم شيئاً آخر يفكرون فيه. نريد مساعدة من الجهات المانحة، ولكننا نتحدث ونتحدث ولا يستمع إلينا أحد”.
وفي جميع أنحاء دويابا، التي تعد موطناً لنحو17,100 عائد ولاجئ، يتجول الشباب بحثاً عن أشياء يمكن القيام بها. وإذا أسعد الحظ بعضهم بالعثور على مساحة كافية وكرة، فإنهم يلعبون كرة القدم.
عاد علي بوري حجازي الذي يبلغ من العمر 19 عاماً، من المدرسة إلى الحي الذي يقيم به في بانغي فوجد كل من حوله يُقتلون، بما في ذلك والدته. وقد قطعت الميليشيات ساقي حجازي، وأصبح الآن يسير على عكازين مكسورين. وكان حجازي يقف بجانب ملعب لكرة القدم ويشاهد أصدقاءه يلعبون، عندما تحدثت إليه شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) حيث قال: “لا أستطيع أن أدرس الآن – لا أستطيع حتى الوصول إلى المدرسة. كنت في السنة الرابعة [في المدرسة الثانوية] وكنت أرغب في دراسة علوم الكمبيوتر… وعندما أشاهد أصدقائي يلعبون كرة القدم، أجهش بالبكاء”.
من جانبه، أفاد سيد صالح، رئيس قسم الأمن في دويابا، أن بعض الشباب هناك يتاجرون في الأمفيتامينات ويتعاطونها أثناء الليل. وحذر في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) من أن “ترك الشباب بلا عمل يشكل تهديداً أمنياً،” إذ يتسكع هؤلاء الشباب بجوار مراحيض المخيم ليلاً، ويهجمون على النساء إذا اقتربن منها، بحسب ما ذكره صالح والعديد من الشهود. وأكد صالح أن “الوضع تدهور بسرعة كبيرة، لكننا نضيق الخناق عليهم، ونستهدف [مخيم] التجار شيئاً فشيئاً”.
وتقود جميلة محمد 32 من معلمي المدارس الابتدائية المتطوعين في دويابا. وأخبرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلة: “انقلب كل شيء في حياتي رأساً على عقب بين عشية وضحاها. كان علينا أن نفعل شيئاً لهؤلاء الأطفال عندما وصلنا إلى هنا. لا يمكن أن نترك الأطفال يفقدون العام الدراسي بأكمله”.
يحاول المعلمون مساعدة الأطفال الذين فروا معهم على الرغم من افتقارهم إلى المواد الرسمية، فيما عدا أدلة المناهج الدراسية التي تقدمها وزارة التعليم في تشاد، وبعض الدفاتر التي توفرها منظمة اليونيسف.
وقد قدمت اليونيسف أيضاً الحصير والسبورات، ويضطر طفلان من كل فصل إلى تثبيت السبورة حتى لا تتقاذفها الرياح القوية. وتقوم المنظمة حالياً ببناء 12 فصلاً دراسياً مؤقتاً في دويابا – وهي مؤقتة لأن معظم العائدين سيتم نقلهم في نهاية المطاف إلى مرافق أكثر ديمومة، لأن دويابا عبارة عن قاعدة عسكرية نشطة – وتقوم أيضاً ببناء 24 مكاناً للتعلم في دانامادجا، وهو مخيم طويل الأجل إلى الغرب من دويابا سيستوعب سكان المخيمات المحيطة، بما في ذلك غوري.
والجدير بالذكر أن العديد من الطلاب يختفون في منتصف الصباح للبحث عن طعام لأنهم يعانون من الجوع – ويمكن رؤية العشرات منهم يحتشدون حول أشجار المانجو ويستخدمون العصي في محاولة لإسقاط ثمرات الفاكهة. وقال نائب مدير المدرسة يوسف حسام أن المعلمين أيضاً يشعرون بالجوع. وأضاف في حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): “نحن نعمل لمدة خمس ساعات متواصلة كل يوم ونتناول كمية قليلة جداً من الطعام. إننا متعبون وجائعون”.
كما تختفي الفتيات الأكبر سناً في كثير من الأحيان لعدة أيام في كل مرة في المدن والقرى للبحث عن سبل لكسب المال، كما أشار المعلمون والآباء والأمهات، الذين لم يرغبوا في ذكر تفاصيل ما تقوم به الفتيات.
في الوقت نفسه، يعاني الأطفال في موقع عبور سيدو، وهو موطن لحوالي 10,000 لاجئ وعائد على الحدود مع جمهورية أفريقيا الوسطى، من عدم وجود مدارس على الإطلاق. وقد عاش سليمان عبد الله، البالغ من العمر 12 عاماً، في سيدو لمدة ثلاثة أشهر، وقال: “لا توجد مدرسة، ولا يمكننا عمل أي شيء”.
وقد أجرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) مقابلات مع 36 طفلاً في مخيمين، وذكر 30 منهم أن الشيء الذي يريدونه أكثر من غيره – بخلاف العثور على آبائهم وأمهاتهم إذا كانوا قد انفصلوا عنهم – هو العودة إلى المدرسة.
وفي سياق متصل، يجري الآن التخطيط لبناء مخيم جديد بالقرب من مارو، التي تبعد 80 كيلومتراً عن سرح، وسوف تقام به مجموعة من المدارس الابتدائية في نهاية المطاف. كما تقوم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ببناء مدارس في بيلوم بالقرب مارو، وهو مخيم لاجئين غالبية سكانه من اللاجئين على المدى الطويل من جمهورية أفريقيا الوسطى، ولكنه يضم أيضاً بعض الوافدين الجدد.
لا يوجد مال
وقال برونو مايس، رئيس مكتب اليونيسف في تشاد، أن استهداف أطفال المرحلة الثانوية هو الأصعب. وأضاف أن إدماجهم في المدارس المحلية ممكن، ولكن معظمها مكتظة بالفعل، ويصل عدد التلاميذ في الصف الواحد إلى 120 طفلاً.
ولم تحصل اليونيسف حتى الآن سوى على 535,000 دولار من أصل 5.6 مليون دولار تحتاج إليها لبناء المدارس وتوفير المواد الدراسية وتوظيف المعلمين ودفع رواتبهم.
“إننا لا نملك الوسائل لتوسيع نطاق التعليم الآن، ولكننا نريد أن نفعل ذلك،” كما أفاد مايس، وأضاف: “إننا نريد أن نبني فصولاً دراسية. تستطيع المدارس أن تحقق الاستقرار للأطفال في جميع المخيمات”.
وقال مسؤولون أنه يمكن توجيه بعض المال من الصندوق الذي أسسه الاتحاد الأوروبي بمبلغ 16.3 مليون دولار لتعزيز التماسك الاجتماعي لتمويل الأنشطة التدريبية للأطفال والشباب في سن المدرسة الثانوية. يستخدم الاتحاد الأوروبي هذا الصندوق لتعزيز بناء السلام والتماسك الاجتماعي بين المجتمعات المتضررة من النزاع وتمكين الشباب من المضي قدماً في حياتهم.
من جانبه، يرى أباكار محمد البالغ من العمر 29 عاماً في مخيم سيدو أن العودة إلى الخطر أفضل من عدم القيام بأي شيء. وقد اشتكى قائلاً: “لا يوجد تلفزيون هنا، ولا موسيقى، ولا توجد مساحة للعب كرة القدم، ولا أي شيء… سوف أعود إلى وطني [إلى بانغي] على الرغم من الخطر، إذا لم أتمكن من العثور على شيء يمكنني القيام به”.

اقرأ أيضا  الاسلام دعا للتكافل والتعاون بين الناس الدكتور اللولو: رفع الأسعار عمل غير إنساني وغير أخلاقي ويجب ملاحقة المستغلين

المصدر: arabic.irinnews

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.