نداء إلى الأخت المسلمة

الخميس 15 رمضان 1436//2 يوليو/تمور 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية”مينا”.
حماده إسماعيل فوده
مقدمة:
إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا * إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 71، 72].

أما بعد:
فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي نبينا محمد غ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فإن المسلم الغيور لو نظر إلى أحوال المسلمين والمسلمات اليوم -في غالب الأقطار الإسلامية-، فسوف يَنْدَى جبينه خجلًا، ويقشعر بدنه أسفًا وحزنًا، وينخلع قلبه كمدًا وغيظًا، يكفيك أن تخرج من بيتك إلى أقرب طريق، أو متجر، أو وظيفة، فترى بعينيك وتسمع بأذنيك، إِذَنْ:
لهالك الأمرُ واستهوتك أحزانُ ♦♦♦ فالعينُ باكية، والقلب يقظانُ
فتجري دماء الغيرة في عروقك، وتصرخ مع الصارخ:
لمثل هذا يذوب القلب من كَمَدٍ ♦♦♦ إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ
سوف ترى المرأة الكاسية العارية المتبرجة، هي وزوجها، وقد وضع ذراعه في ذراعها ومشى إلى جوارها في الطريق فرحًا بفضيحتها، فخورًا بعريها، مسرورًا بزينتها، مبهورًا بمساحيقها وألوانها.

اقرأ أيضا  أخرجوها من بيتها

وترى أباها قد أهمل تربيتها على كتاب ربها، وسنة نبيه غ ورأى حالها المُزْرِيَة، فغض عنها الطرف، وتركها سادرة في غَيِّها، تمرح وتلعب مع شيطانها، فلا يزجرها ولا ينهاها، متوهمًا أن هذا من حقها! وترى أمها بئست القدوة قد تبرجت مثلها، وأغرتها بالسفور، وحرضتها على التبرج والفجور، وزجرتها عن التستر والتحجب حتى يأتيها (نصيبُها) بفاسقٍ مثلها.

تراهم جميعًا، وقد نزعوا برقع الحياء نزعًا، وأجابوا واعظ الإيمان في قلوبهم قائلين: ﴿ قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ ﴾ [الشعراء: 136].

وبينما كانت الصحابيات – رضوان الله عليهن – يستزدن رسول الله غ في طول ثيابهن، ترى هؤلاء النسوة قد قصَّرن ثيابهن، وزين لهن الشيطان سوء عملهن فزعمن التبرج تقدمًا وتحررًا، وكلما ازداد تقلص الثوب عن بدن المتبرجة كانت أحرى بوصف التقدم والتحرر، وأبرأ من التخلف والرجعية[1].

كيف تقبل المرأة الشريفة العفيفة عرض جمالها في السوق سلعة رخيصة تتداولها الأعين؟! وكيف يرضى لها حياؤها أن تكون مبعث إثارة شهوة في نفس رجل يراها؟!

بل وكيف تطيق الشعور بأنه يصبو إليها ويتمناها؟!
إنها لو فكرت في ذلك الأمر برهة لاحمرت خجلًا، ولسترت جمالها وزينتها عن الأعين الشرهة الوقحة[2].

وهذه ورقات قليلة أقدمها إلى أختي المسلمة التي تفتخر بإسلامها، وتعتز بعفافها، لتكون نبراسًا مضيئًا، وجادةً واضحةً تسلكها.

تناولْتُ فيها هذا الموضوع الخطير”التبرج” أسبابه، وخطورته على الدين والدنيا، وبعض طرق علاجه، وبعض الشبهات التي تُثار حوله والرد عليها بأوجز العبارات.

فأسأل الله ﻷ أن أكون قد وُفِّقت في جمع هذه المادة، وأن يجزي فضيلة الشيخ أحمد جلال[3] خير الجزاء؛ لقاء إشارته عليّ بالكتابة في هذا الموضوع.

كما أسأله سبحانه أن يجعلني ومَن قرأهُ من عباده المخلصين، وأن يجمعنا في الجنة مع النبيِّ الأمين غ، وأن يرزقني وإياهم نصرة الدين بِخُلُقِ سيد المرسلين غ، وأن يثيب من اطَّلع عليه فَسَدَّ خللاً، أو أصلَحَ خطأً، أو ذَكَّرَ بمفيد.

اقرأ أيضا  الحجاب لماذا ؟؟

وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

نداء إلى الأخت المسلمة:
أختي المسلمة…
أنت أيتها الأمل: القلب يشقى ويحزن ويتألم عندما يراك ألعوبة تتأرجح، وسلعة رخيصة، وفتاة لعوبًا لا هَمَّ لها سوى اللذات والشهوات.

ويسعد القلب ويفرح، ويعقد الآمال وأنت تصارعين طوفان الفساد، وتصرخين في وجه الرذيلة: أنا مسلمة مستقيمة، وبنت أصيلة، أعرف أن لمكر الشيطان ألف صورة وحيلة، فاقرئي هذه الكلمات بعيدًا عن اتباع الهوى والشهوات، فربما رق القلب فانقلب بعواطفه وأشجانه، وربما صحا الضمير فيحس بآلامه وآماله، وربما تنبه العقل ليتحرر بأفكاره وآرائه، إنها إشراقة لتشرقي في سمائنا يا شروق!! وهي الحنان من نبع لا يجف يا حنان!! إنها الأمل الذي نرجوه يا أمل!! فهل أنت أمل فنعقد عليك الآمال؟ أم أنت ألم فتزيدين الآلام آلاما.

أختاه ما لي أرى جسدك معروضًا في سوق الشيطان يغوي قلوب العباد، أتفرحين بنظرة فاجر تكاد عيناه أن تقفز من رأسه ليلتهم ما يرى من جسدك الظاهر، وشعرك النافر، وصدرك السافر؟!! أتفرحين بالغواية والبعد عن طريق الهداية؟! أتسعدين بملابسك الضيقة القصيرة الشفافة المعطرة التي جعلتك من الكاسيات العاريات المائلات المميلات المحرومات من الجنات؟!!
ما أغلاك عندنا!!

نعم.. لأنك عندنا غالية، فقد أوصَى الله بك أباك، فقال غ فيما رواه مسلم: “مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ”[4] وَضَمَّ أَصَابِعَهُ، وأوصَى بك أولادك، فقال غ كما في الصحيحين للرجل الذي سأله فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: “أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ”[5]، بل أوصى النبي غ بالمرأة زوجها، وذم من غاضب زوجته أو أساء إليها، فعند مسلم والترمذي أن النبي غ قام في حجة الوداع، فإذا بين يديه مائة ألف حاج، فيهم الأسود والأبيض والكبير والصغير، والغني والفقير. صاح غ بهؤلاء جميعًا وقال لهم: “أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا “[6]، ورَوَى أبو داود وغيره أنه في يوم من الأيام طاف بأزواج رسول الله غ نساء كثير يشتكين أزواجهن، فلما علم النبي غ بذلك قام وقال للناس: “لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ” [7]، وصح عند ابن ماجه والترمذي أن النبي غ قال: “خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي “[8]ا.هـ [9].

اقرأ أيضا  جامعة ألمانية تتبرأ من سلوك أستاذ أهان طالبة مسلمة

أبعد هذا كله نراك متبرجة سافرة؟! أهذا شكر النعمة التي أنعم الله بها عليك؟! أهيب بك – أختي المسلمة – أن تقفي مع نفسك وقفة صدق ومحاسبة، قولي لها: أما آن لي أن أرتدي اللباس الذي ارتضاه الله لي؟! أما آن لي أن أخلع ثوب التبرج وأكون على مراد الله؟! هيا أختي المسلمة… هيا…!!

وإليك حقيقة التبرج، أسبابه، خطورته، علاجه، وشبهات حوله والرد عليها.

________________________________________
[1] أدلة الحجاب؛ للمُقدَّم (ص:177-188).
[2] التبرج؛ لنعمت صدقي (ص:27).
[3] إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية.
[4] رواه مسلم (2631).
[5] رواه البخاري (5971)، ومسلم (2548) واللفظ له.
[6] رواه مسلم (1218) بلفظ:«فاتقوا الله في النساء»، والترمذي (1163) واللفظ له.
[7] رواه أبو داود (2146).
[8] رواه ابن ماجه (1977)، والترمذي (3895).
[9]إنها ملكة (ص:70).
-الألوكة-

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.