يبناويات صغيرات لم ينسين حين رحل الكبار

ياسمين عنبر – مراسلة وكالة معراج للأنباء في قطاع غزة 

قال أحدهم ذات وجع” حتى لو أراد أحدُنا أن ينسى أصله وحقه، فالاحتلال بنفسه سيذكره، الحرب لم تنتهِ ولا الزمن وما زلنا هنا”.

في تجاعيد جدِّهن اليبناوي لطالما فطنت الصغيرات لهذه العبارة، كن ليطفأن شوق جدهن يجلسن حلقة حوله يستمعن عن بلدتهن المنسية، تشتم كل منهن رائحة الليمون من ثياب جدهن، ثم يسرحن معه في صورته حين كان شاباً يزرع الليمون في بلادٍ هجر منها  في قريته يبنا، يلحقنه حين كان شاباً يذهب للرملة مشياً من قريته ثم يعود.

كانت الصغيرات يرين حبه لوطنه في التهامه للأرض مهما بلغت مسافتها، لا الاحتلال كان موجودًا ولا الحدود، القدس لم تكن حلمًا آنذاك، ولا حقول البرتقال في يافا، ولا رائحة الميناء في حيفا.

اقرأ أيضا  الاتحاد الأوروبي يعرب عن قلقه إزاء التصعيد في قطاع غزة

فيبنا هي قرية فلسطينية احتلت في الرابع من يونيو عام 1948، تقع في محافظة الرملة، وتعد هذه القرية من أكبر قرى قضاء الرملة وهي أقرب ما تكون للبلدة منها للقرية.

“ورد، روز، رونزة، رفاه، ود” هن يبناويات صغيرات كن يتحلقن بجدهن يتأكدن منه كلمات أنشودة “يا يما في دقة عبابنا” جيداً، يقول لهن قصة الأنشودة والشاب الذي دق باب منزله واستقبلته أمه ببارودته فقبلتها قبله.

قبل فترة رحل الجدٌّ “أبو رضوان” الذي عاش في مدينة “يبنا” 17 عامًا، بعد أن غرس حب البلاد في قلوب أبنائه، يقول ابنه الدكتور إبراهيم اليمني: “نحاول بكل ما أتينا من جهد ألا ينسى الصغار وطنهم وأن يبقى دائمًا أمام أعينهم بعَلَمه وقصصه وأناشيده الثورية”.

هو ابن مخيم النصر للاجئين في الأردن، ترعرع فيه بعد أن انتقل إليه والده من مخيم الغربي الذي هجر إليه عام النكبة، يؤمن بمقولة: “الكبار يموتون والصغار لا ينسون”.

اقرأ أيضا  الاحتلال يفرض إغلاقا شاملا على الضفة وغزة

في “كندا” يقطن “اليمني” برفقة عائلته منذ عامين، فما ترك مناسبة فلسطينية إلا واصطحب طفلاته معه، مرتديات الثوب الفلسطيني والكوفية على أكتافهن، مرددات: “هدي يا بحر هدي، ولنا في غيبتنا”.

كانت آخر المناسبات التي شاركت فيها الفتيات، يوم الواحد والثلاثين من شهر مارس، ذاك اليوم الذي يحيي فيه الفلسطينيون ذكرى شهداء الأرض عام 1976 في سخنين وعرابة البطوف ودير كنا ومخيم نور شمس.

حيث أقيم في مدينة “ميسيساغا” البازار الفلسطيني، الذي ضمَّت زواياه مطرزات فلسطينية من أثواب وحقائب وكوفيات، عدا عن زوايا رسم علم فلسطين على وجوه الأطفال، إضافة إلى الدبكة الشعبية وأغاني الموروثات الوطنية.

يرى “اليمني” كما قال لـ”وكالة معراج الأندونيسية”، أن مشاركة طفلاته في المناسبات الفلسطينية تبقي فلسطين حاضرة في قلوبهن وذاكرتهن، وفيه تفنيد لمقولة جولدا مائير ذات يوم: “الكبار يموتون، والصغار ينسون”.

اقرأ أيضا  سكان اسدود يخشون ضياع العيد باطلاق صواريخ من غزة‎

ستبقى الطفلات يتذكرن قرية جدهن، يحلمن بأن يعدن ليرين حكاويه أمام نواظرهن، بعد أن تركها لهن في مقطع فيديو لثماني ساعات تقريبًا في موسوعة التأريخ الشفوي قبل رحيله.

وكالة معراج للأنباء

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.