(٣٨) مليار دولار مساعدات عسكرية؟!

أ.د يوسف رزقة

الأربعاء 19 ذو الحجة 1437/ 21 سبتمبر/ أيلول 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”

بعد مباحثات طويلة وسرية أعلنت واشنطن أنه تمّ الاتفاق رسميا مع إسرائيل على حصولها على منحة مالية للسنوات العشر القادمة تقدر بحوال (٣٨) مليار دولار أميركي. ويُعتبر هذا المبلغ من أكبر المبالغ الذي تلقّته الدولة العبريّة من واشنطن منذ إقامتها في عام 1948.

تعدّ دولة العدو الإسرائيلي أكبر متلقٍ خارجي للمساعدات المالية العسكرية الأميركية منذ عام ١٩٤٨م، فقد تلقت ما مجموعه (١٢١) مليار دولار وكلها تقريبا في شكل مساعدات عسكرية، تستهدف توفير كل تقدم عسكري إسرائيلي على الدول العربية مجتمعة.

ربما تكون المساعدات المالية والعسكرية الأميركية لدولة العدو من الأخبار المعتادة، التي لا تثير غرابة، ولا تستوقف كثيرا من الناس، ولكن ما استوقفني هذه المرة أن الاتفاق على هذه المنحة الأكبر في تاريخ العلاقة بين الدولتين جاءت في عهد الرئيس أوباما للسنوات العشر القادمة، مع ما يقال ويشاع أن هناك خلافا بين أوباما ونتنياهو. إذا كانت هذه المنحة الكبيرة في ظل ما يسمونه ( الخلاف والجفاء)، فكيف سيكون الأمر لو لم يكن هناك جفاء وخلاف ؟!

اقرأ أيضا  أمريكا تزود "إسرائيل" بطائرات F15 وقنابل ذكية

الأرقام المالية، بغرض المساعدات العسكرية، هي أقوى الحقائق والأدلة التي يجب على النظام العربي مقاربتها، لكي يتعامل مع الدولتين بوعي يخدم قضايانا العربية. إن الأرقام تدل على أن اللوبي الصهيوني يحتل الكونجرس الأميركي، وأن المشرع الأميركي يعمل كل ما يستطيع لإرضاء قادة العدو، وحماية مصالح الدولة الصهيونية داخل الولايات المتحدة وخارجها، حتى مع وجود خلاف بين القيادات التنفيذية في البلدين .

إنك إذا تأملت هذه الأرقام، مع ما يوجد داخل دولة العدو من مخازن أسلحة أميركية معدة للاستخدام في حالة الطوارئ، مع قوانين تجيز لدولة العدو استخدام هذا المخزون عند الضرورة تدرك جدوى السؤال القائل: هل يحكم اليهود دولة أميركا العظمى؟!

عقود طويلة من الزمن والمملكة والخليج يخدمان الولايات المتحدة الأميركية من خلال البترول، والاستثمارات، والتحالفات المختلفة، دون أن تحصل المملكة والخليج على ما يطمئنهم من الحليف الأميركي في العلاقة مع إيران مثلا، بينما تحصل ( إسرائيل) على ما تريد ، وعلى فوق ما تريد من المال والمساعدات العسكرية؟!

اقرأ أيضا  محاضير يدين انتهاكات ميانمار بحق أقلية الروهينغيا

لقد نشرت بعض المصادر والوكالات تفاصيل كثيرة ووافية عن هذه المساعدات منذ عام ١٩٤٨ وحتى تاريخه، ويمكن لكل مهتم أن يعود إليها، وهي أرقام مذهلة، ولكنها ليست لنا بغرض في هذا المقال الصغير، ولكن ما يهمنا هو السؤال القائل: لماذا لا يقرأ العرب هذه الأرقام؟! لماذا لا يستخلص النظام العربي منها الدرس والعبرة؟! لماذا تعتمد السلطة الفلسطينية على الرعاية الأميركية في المفاوضات، بينما إستراتيجية واشنطن تقوم على ضمان تفوق دولة العدو عسكريا على جميع الدول العربية، وبما يضمن لها تدفق إمدادات السلاح، وما هو مخزون منه في المخازن داخل فلسطين المحتلة يدمر الشرق الأوسط برمته، بينما تشارك أميركا في تمزيق البلاد العربية، وتعمل مع الأنظمة المستبدة ضد ثورات الشعوب.

اقرأ أيضا  مقررة أممية: إسرائيل استغلت قضية الأسرى لإضفاء شرعية على المجازر

أنا لا أبحث عن الأرقام في هذا المقال، لأنها معلومة ومنشورة في المواقع، وهناك تحليلات علمية لها، ولكني أبحث عن الدروس والعبر المستخلصة، أو التي يجدر بالعرب استخلاصها من هذه الأرقام في مواجهتنا مع دولة العدو الصهيوني ، التي تزداد غطرسة وتكبرا مع هذه الزيادات المالية و المساعدات العسكرية على مدى السنوات العشر القادمة، حتى رأى بعض اليسار الصهيوني أن هذه الأسلحة هي عبء على دولتهم ومجتمعهم ؟! .

المصدر : فلسطين أون لاين

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.