أيهما أخطر؟!

أ.د. رزقة

الخميس، 7 صفر 1437 ه // 19 نوفمبر 2015 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”

بعد سنوات من الجدال والنقاش، والحصار، والتهديد، تمكنت إيران وأميركا والدول المشاركة الأخرى من إنجاز اتفاق مشترك يرفع الحصار عن إيران، ويعالج المسألة النووية الإيرانية. يبدو أن المسألة الإيرانية أيسر وأسهل من مسألة معبر رفح البري بين غزة ومصر ؟!. معبر رفح يبدو في نظر مؤيدي الحصار على غزة أخطر من القنبلة النووية الإيرانية، لذا هو عندهم ملف أمني للأسف؟!

لقد وجدت إيران وأميركا حلًّا مقبولا للطرفين، عدا إسرائيل التي تفردت برفضه. إيران التي تهتف صباح مساء ( الموت لأميركا)، وأميركا التي تعادي إيران وتحاصرها، وجدتا قناة للتفاهم. الأعداء تفاهموا، وتوافقوا أخيرا. غزة تصف مصر يوميا بـ (الشقيقة مصر) وهي كذلك، وتبدي احترامها وتقديرها لدورها. وفي الوقت نفسه تفتخر مصر دائما بدورها في الدفاع عن القضية الفلسطينية تاريخيا. (جيد جدا) .

اقرأ أيضا  تحذير فلسطيني من تفجير الاستيطان الإسرائيلي للأوضاع بالخليل

وهذا يعني أن المصريين والغزيين أشقاء، وهم أشقاء حقا وصدقا، أشقاء في الدين والعروبة واللغة.. إلى آخره. ولكن للأسف ( الأشقاء) فشلوا في أن يجدوا حتى الآن قناة للتفاهم، أو التوافق على فتح معبر رفح، وما زال معبر رفح مغلقا؟!

كيف تفاهم الأعداء؟! وكيف فشل الأشقاء؟! ثمة خلل في المعادلة. هل نحن أمام الأشقاء الأعداء ، والأعداء الأشقاء؟! أم أن هذا حكم السياسة؟! والسياسة لا تعرف دينا ولا شقيقا ؟! هب أن الأمر سياسة، فهل معبر رفح أخطر من ملف إيران النووي مثلا؟!

هب أن إسرائيل ترفض فتح معبر رفح، فهل امتنعت أميركا عن توقيع اتفاقها مع إيران لأن إسرائيل ترفض الاتفاق؟! أميركا عزلت مصالحها عن موقف إسرائيل ، فكان الاتفاق رغم أنف نتنياهو. ويمكن لمصر أن تحذو حذو أميركا في خدمة مصالحها وتفتح معبر رفح رغم أنف إسرائيل.

اقرأ أيضا  ألمانيا تحذر إسرائيل من عقوبات أوروبية حال ضم المستوطنات

بالأمس صرّح عزام الأحمد أن اتفاقا تمّ التفاهم عليه بين مصر والسلطة ، بموجبه سيتم فتح معبر رفح أمام المسافرين، والطلاب، والمرضى، وأصحاب الإقامات في الخارج، وأمام رجال الأعمال والتجارة. كلام جيد، ولكن ما هي مضامين الاتفاق ؟ ومتى سيتم التنفيذ؟ وما آليات وإجراءات العمل المطلوبة من المواطنين؟ لا شيء واضح حتى الآن. وحماس لا تعلم شيئا عن مضامين الاتفاق، ولكنها أبدت أنها ستتعاون مع أي اتفاق جيد يخدم المواطنين.

إن الغموض والإبهام اللذين يلفّان اتفاق عزام، إن صحت التسمية، يؤكدان لسكان غزة أن معبر رفح أخطر من ملف إيران النووي، لذا لا أحد حتى الساعة يعرف جوهر الاتفاق، وهل سيفتح المعبر قريبا أم لا ؟ وهل سيكون الفتح دائما، أم لثلاثة أيام؟!

اقرأ أيضا  حملة إلكترونية تطالب بحماية سفينتي "زيتونة" و"أمل" المبحرتين إلى غزة

المشكلة ليست في المفارقة بين المعبر وملف إيران النووي. ولا المشكلة في المفارقة بين الأعداء والأشقاء. المشكلة في إرادة الحلّ ، وإرادة المعالجة. حين توفرت إرادة المعالجة عند أميركا وإيران حدث الاتفاق. وحين غابت إرادة المعالجة تعطل الحلّ على معبر رفح. وقديما قالوا: أعطنا إرادة، نعطِك حلا. اللهم اهدِ الأشقاء للاقتداء بالأعداء.

المصدر ك فلسطين أون لاين

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.