إمام وخطيب المسجد الحرام يوصي بطاعة الرسول الكريم ويحذر من الابتداع في الدين والتلبيس على العوام

السبت 5 صفر 1438 الموافق 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 وكالة معراج للأنباء الإسلامية “مينا”.

مكة المكرمة – خالد الجمعي:

أوصى امام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته في جميع جوانب الحياة بما فيها محبة رسوله صلى الله عليه وسلم واجتناب نواهيه.

وقال فضيلته في خطبة الجمعة يوم امس بالمسجد الحرام بأن الله خص رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالمقامات العالية والكرامات السامية واناله من الكمالات البشرية اعلاها فقد كان صلى الله عليه وسلم على غاية من كمال الخلقة وجمال الصورة وقوة العقل وكمال الحواس واعتدال الطبع وشرف النسب والحسب وكذا الكمال في الآداب والاخلاق من الدين والعلم والحلم والصبر والشكر والمروءة والزهد والتواضع والحياء والرحمة والوقار والمهابة وحسن العشرة ويكفيه قول ربه عز وجل {وانك لعلى خلق عظيم}. كما اختصه الله للنبوة والرسالة. وكل هذا للمنزلة العظيمة والمهمة الجسيمة التي خلقه الله تعالى لها. الا وهي الرسالة والبلاغ عن رب العالمين فهو صلى الله عليه وسلم يدعو الى الله لا الى نفسه كما قال الله سبحانه {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً الى الله بإذنه وسراجاً منيراً}.

وأضاف امام وخطيب المسجد الحرام ان الله جعل لنبيه حقوقاً على هذه الامة يجب عليهم القيام بها ومقصد هذه الحقوق هو تحقيق العبادة لله رب العالمين وحده لا شريك له.

كما ان من هذه الحقوق ما سبق وجوده كالميثاق الذي اخذه الله على الانبياء ان يؤمنوا به وان يتبعوه ان هم ادركوه.

كما ان من أعظم حقوق النبي صلى الله عليه وسلم الايمان به وتصديقه ولا يكون مسلم من لم يقر به جازماً غير متردد او شاك. لقوله صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده لا يسمع بي رجل من هذه الامة لا يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بي إلا كان من اهل النار».

اقرأ أيضا  رمضان .. شهر العبادة لا شهر الفرجة

وأشار فضيلته بأن الايمان والتصديق يندرج تحته كل ما يقتضيه من تمام الطاعة والاتباع والقبول والتصديق المقتضي للعمل والا فإن دعاوى اللسان لابد لها من برهان وهو عمل الاركان.

كما ان من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم طاعته والتي هي من خصائصه أي الطاعة المطلقة وليست لاحد من البشر سوى النبي صلى الله عليه وسلم. ولقد قرن الله تعالى طاعته بطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم في آيات كثيرة كقوله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله ورسوله} وقوله {من يطع الرسول فقد أطاع الله}. ومنه ينبثق حق آخر وهو كمال الاتباع بل هو مقتضى شهادته ان محمدا رسول الله أي طاعته فيما امر وتصديقه فيما اخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر وان لا يعبد الله إلا بما شرع فما لم يشرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغاً عن ربه فلا نتعبد الله به بل هو مردود كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أحدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد» أي مردود غير مقبول بل يعتبر بدعة لقوله ان خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الامور محدثاتها وكل بدعة ضلالة».

وأكد امام وخطيب المسجد الحرام ان اتباع النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي الالتزام الشرعي والتزام هديه وسنته والاكتفاء بهديه وشريعته ولا يبتغي الفلاح إلا من طريقه لقوله تعالى {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون}.

وأشار فضيلته ان ضلال الذين يخلطون آراءهم بأداء الفلاسفة ويتخوضون الدين بالهوى والعاطفة ويكيفون الدين والشرع على المصالح المتوهمة ومسايرة الغالب ولو كان باطلاً. مشيراً ان الاتباع الحقيقي للنبي صلى الله عليه وسلم وتربية النفس على لزوم السنة واتباعها والرجوع الى الحق واخلاص القصد وصلاح النية وصدق الاخلاص والتجرد لله رب العالمين. موضحاً فضيلته ان صاحب السنة محمي وموفق. كما ان من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم محبته لقوله صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى اكون احب اليه من والده وولده والناس أجمعين». وقوله صلى الله عليه وسلم «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما… الحديث».

اقرأ أيضا  الصين.. 600 عامل صيني يشهرون إسلامهم بمكة المكرمة

وأضاف امام وخطيب المسجد الحرام بأن الصحابة رضي الله عنهم اشد الناس حباً له فعظموه ووقروه وكان ملء اسماعهم وابصارهم وخالط حبه شفاف قلوبهم وقدموه على انفسهم واهليهم وفدوه بأرواحهم وقدموا صدورهم درعاً حامياً له صلى الله عليه وسلم وفي احدى الغزوات ينحني أحدهم على النبي صلى الله عليه وسلم حامياً له حتى يكون ظهره كالقنفذ من وقع السهام ويرد الآخر النبل وضربات السيوف بيده حتى شلت. ولذا لم تكن محبته محبة عشق ووجد كما يضن المخرفون بل هي محبة مودة وولاء واتباع وطاعة ولقد كانت محبة سماوية طاهرة أثمرت اتباع السنة والطاعة وكمال الايمان وتقديم أمر الله ورسوله على شهوات النفس وحظوظها وهي تطبيق لقول الله عز وجل {قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم، قل اطيعوا الله ورسوله فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين}.

وحذر فضيلته من المتاجرة بهذه المحبة ليبتدع في دين الله باسم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنتشر البدع ويلبس على العوام باسم المحبة كمن يتاجر بمحبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم كان الدين انحصر في هذه المحبة فيقع الشرك وتنتهك المحارم وتضيع الشرائع ولا يبقى من الدين إلا هذه المحبة المزعومة ولو كانت حقاً وصدقاً لأثمرت الطاعة والاتباع.

اقرأ أيضا  اجتنبوا أم الخبائث

كما ان من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم تعظيمه وتعظيم امره وتوقيره ومنه عدم التقدم بين يديه وعدم رفع الصوت فوق صوته قال الله عز وجل {انا ارسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه}.

واضاف فضيلته ان الصحابة رضي الله عنهم كانوا يجلونه صلى الله عليه وسلم ويعظمونه ولقد كانوا يخفظون ابصارهم من الادب ولم يكونوا يحدون اليه النظر حتى قال بعضهم ما ملئت عيني من رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك مهابة له واجلالاً واحتراما وحياء. ومع احترام واجلال النبي صلى الله عليه وسلم عند الصحابة لم يعطه أحد منهم صفة الالوهية فلم يدعوه ولم يستغيثوا به حياً ولا ميتاً ولم ينسبوا له علم الغيب ولا شيئاً من خصائص الرب سبحانه وتعالى.

وأشار امام وخطيب المسجد الحرام انه يحرم مناداته باسمه المجرد بقوله سبحانه وتعالى {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً} أي لا تقولوا يا محمد وانما قولوا يا رسول الله ويا نبي الله.

مشيراً انه اذا ما كان مجرد رفع الصوت قد يحبط العمل فما بالنا بالاستهزاء بسنته والاستخفاف بشريعته وتقديم الآراء على قوله.

المصدر: الرياض

Comments: 0

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.